أنشطة المركز / فعاليات
من فعاليات أسبوع الأقصى الثانى - الكويت- القدس وشهادة التاريخ
القدس وشهادة التاريخ
الشيخ محمد صفوت نور الدين
المقدم : فضيلة الشيخ السلام عليكم
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
نحن الآن في محاضرة الليلة والإخوة على استعداد للسماع لكم ، فضيلةَ الشيخ في هذه الليلة المباركة في اليوم الثاني في ضمن فعاليات أسبوع الأقصى، وموضوع الحديث في هذه الليلة ( القدس وشهادة التاريخ )
فنستمع لكم فضيلة الشيخ فَلْتَتَفَضَّلْ مشكوراً .
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه ومَن اهتدى بهديه واستَنَ بسنته ، وسار على طريقته ، وانتهج نهجه إلى يوم الدين أما بعد .
فأيها الأحباب الكرام ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبدأ أولاً فأعتذر أَنَّنِي لم أستطع أن أكونَ بينكم في هذه الليلة ، وكلي شوق في أن نجلس سَوِّياً في هذه المحاضرة ، وأن يكون لقاؤُنا مباشراً لا عن طريق الهاتف ، ولكني أسأل الله عز وجل أن يجمعَنا وإياكم دوماً على الخيِر ، وفي مجالس الخير والحق ، إنه لما شاء قدير .
وموضوعنا حول القدس وشهادة التاريخ ينبغي أولاً أن نعلم أن رب العزة سبحانه وتعالى فَضَّلَ بعضاً من أرضه ؛ فجعل أرض فلسطين أرض الخيرات والبركات ، فهي تقع بين القدس وسيناء ، أما القدس فسماها الله عز وجل الأرض التي باركنا فيها ، وجعل فيها بيتاً اختاره قِبْلَةً لأنبيائه ورسله السابقين ، بل جعلها قِبلةً أُولى لهذا النبي الخاتم ، وجعلها ربُّ العِزَّةِ سبحانه وتعالى مَسرًى لنبيه في رحلته السماوية العُظْمَى التي رأى فيها من آياتِ ربه الكُبْرَى فقال سبحانه : ( سبحان الذي أَسْرَى بعبدِهِ ليلاً من المسجدِ الحرامِ إلى المسجدِ الأقصى الذي بارَكْنا حولَه )
وأما سيناء ففيها البقعة المباركة ، والوادي المقدس طُوَى ، وهي طور سيناء حيث كَلَّم الله عز وجل موسى تكليماً .
وكانت له فيه آيات عُظْمَى ، في هذه الأرض التي يقع فيها اليوم أحداث جسيمة استمرت منذ أوقاتٍ طويلة ، وهي محطُّ أنظار الصليبين واليهود . ورب العزة سبحانه وتعالى جعلها أرضاً مباركة ، وينبغي أولاً أن نعرف أولاً أن اليهود الذين دَنَّسُوا هذه الأرض هم قوم بُهت والغدر والخيانة ، أما تسميتهم قوم بُهت فقد سماهم بذلك عبد الله بنَ سَلَّام الحبرُ اليهودي الذي أسلم لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، فجاءَ فسأله عن أسئلة يعلم من كتبهم أنه لا يعلمُها إلا نبي ، ثم قال له يا رسول الله ، إن اليهود ، قوم بُهت ، إنْ عَلِموا بإسلامي قبل أن تسألهم بهتوني عندك فجاءت اليهود ، وأدخل النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن سلام إلى البيت ، فواره عنهم ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لليهود : أي رجلٍ فيكم عبدُ اللهِ بنُ سلام " قالوا : هو أعلَمُنا ، وهو خيرنا ، وابن خيرنا ، وأعلمنا ، وابن أعلمنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أفرأيتم إن أسلمَ عبدُ الله بن سلام " قالوا أعاذه الله من ذلك . فكررها عليهم مراراً . ثم قال : "اخرج عليهم يا بن سلام " . فخرج إليهم فقال أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً رسول الله : فقالوا : شرنا وابن شرنا ، ووقعوا فيه فقال يا رسول الله : هذا والله الذي خِفته لو أخبرتَهم بإسلامي قبل أن تسألهم عني .
فاليهود أيضاً أهل غدر وخيانة ، فإن العرب واليهود كانوا يسكنون المدينة قبل الهجرة ، وكانت تحدث بينهم بعض المناوشات ، فإذا حدث بينهم خِلاف وشَرٌّ قالت اليهود لقد أَظَلَّنا زمانُ نبيٍّ يُبْعَثُ ونقتلُكم قتلَ عادٍ وإرَم ، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم حقدوا عليه ، وكذَّبوه ونبذوه العَدَاء ، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى قُبَاءَ ، وهذه شهادة من امرأةٍ هي من خير نساء المسلمين ، لكنها كانت من أواسط نساء اليهود ، وهي صفية بنت حُيَي بنِ أخطبَ زَوجِ النبي صلى الله عليه وسلم فتقول : ما كان أحدٌ أحبَّ إلى أبي وعمِّي مني ، فكنت لا ألقاهما قط إلا أخَذَانِي دونَ أبنائِهِما ، فلما قَدِمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، ونزل قباء في بني عَمرِو بن عوف غدَا عليه حُيَي بنُ أخطب ، وأبو ياسر بنُ أخْطَب ثم رجعا من عنده مع غروب الشمس ، قالت : فَأَتَيَا كالَّيْن ساقِطَينِ يمشيان الهُوَيْنَى قالت : فهَشَشْتُ للقائِهما كما كنتُ أصنع ، فـو الله ما ألتفت إلىَّ واحد منهما ، ومع ما بهما من الغَمِّ ، قالت : وسمعتُ عمي أبا ياسر يقول لأبي حيي بن أخطب ، أَهُوَ هُوَ ؟ قال : نعم والله ، قال : أتعرفه وتثبته ؟ قال نعم إنهُ لَهُوَ، قال : فما في نفسك ؟ قال عداوته ، والله ما بَقِيتُ أو قال الحقد . فهذا حقد اليهود الذي تَسَلَّطَ فامتلأت به قلوبُهم لَمَّا هاجر النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة ، ثم لَمَّا تَمَكَّنَ المسلمون من المدينة ، أرسلَتْ قريشٌ إلى اليهود ، وقالوا لهم : أنتم أهلُ الحلَقَةِ والحُصُون ، وإنكم إما أنْ تقاتلوا صاحبنا ، أو لَنَفْعَلَنَّ بكم كذا وكذا ، ولا يكون بيننا وبين نسائكم شيء ، فلما بلغَ ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى اليهود وكلَّمَهم وعاهدَهم وكتب بينَهم وبينَه عهداً أَلَّا يغدروا ، ولكن اليهود أهل غدر ، فلما كانت غزوة بدر ، ونصر الله عز وجل المسلمين فيها ، وأظهر الحق ، وجعله يومَ الفُرقان ، وجاء النبي صلى الله عليه وسلم بعد الغزو إلى يهود بني قينقاع ، ودعاهم إلى الله ، وأمرهم أن يدخلوا في دينه ، قالوا : يا محمد ، لا يَغُرَّنَّكَ أنك لقيت أقواماً لا عِلْمَ لهم بحرب ، والله لو لَقِيتَنا لَعَلِمْتَ أنا نحنُ الناس ، فَبَدَا من أقوالهم أنهم يُهَدِّدون ويَتَوَعَّدون ودخلت امرأة من المسلمين يوماً إلى سوق بني قينقاع ، وكانت تبيع إليهم حليباً ، فجلست إلى صائغ فراودَها عن كشف وجهها ، فأبت عليه ، فأرسل الصائغ سفيهاً من سُفهائِهم ، فربط طرفَ ثَوبِها ، وعقدَهُ إلى ظهرِها ، فلما قامَتْ انكشفَتْ سَوَءتُها ؛ فضحك الناس منها ؛ فصاحت المرأة ؛ فوثب رجل من المسلمين على اليهودي الصائغ فقتلَه ؛ فاجتمعت اليهودُ على هذا المسلم فقتلوه ، فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود ؛ فوقعت فتنةٌ عظيمة ، فحاصرهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وأجلاهم حتى نزلوا على حكمه ؛ فأخرجَهم من المدينة .
ولما كانت عزوة أحد ، ووقعت في المسلمين جراح ، وعاد رجل من المسلمين ، فرأى رجلين من بني عامر لا يعرفُ أنَّ بينَهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم عهداً فقتلهما انتقاماً لِما وقع للمسلمين ، فلما عَلِمَ النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، قال له : " قَتَلْتِ قَتِيلَيْن لأَدِيَنَّهُما " وجَدَّ النبي صلى الله عليه وسلم في جمع الدية لهم ، وكان بينه وبين بني النضير حِلفٌ ، فذهبَ يستعينهم على دفع دِيَةِ القَتِيلَيْنِ ، فأظهروا له الترحيب والمشاركة ، ولكن أمروا واحداً منهم أن يصعد فوقَ بيته ليرمي النبي صلى الله عليه وسلم بحجرٍ ليقتلَه ، فجاء الوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فخرج من بينهم مسرعاً ، أفشلَ اللهُ خِطَّتَهُم ، ثم عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم يحاصِرُهم حتى أجلاهم .
ولما كانت غزوة الأحزاب ، وجاءت جحافل الشرك من مكة ، ومَن حالَفَهم وحاصروا المسلمين ، ظنَّت بنو قريظة وهي طائفة اليهود الباقية الوحيدة في ذلك الوقت في المدينة ظنوا أن الدائرة قد دارت على المسلمين ، وأنه لم يبقَ لهم من باقية، فأرادوا قتلَهم ، فاجتمعوا على نقضِ عهدِهم ، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليهم سعد بن معاذ لينظرَ حالهم ، وهل ما وصلَه من خبر نقضِ العهدِ صحيح ؟ فجاءَه سعد بن معاذ يخبره أن القوم قد نقضوا العهد ، ولكن سرعان ما أظهر الله سبحانه وتعالى نصره ونصر عبده، وأَعزَّ جُنده ، وهزم الأحزابَ وحدَه ، وحقَّقَ وعدَه ، فجاء جبريلُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وأمره بِحصارِ بني قُريظة ؛ فذهب النبي صلى الله عليه وسلم فحاصرهم حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ ؛ فقتل رجالهم ، وسبى نساءَهم وأطفالهم .
ولما كان فتح خيبر ، وفتحها الله عز وجل على النبي صلى الله عليه وسلم ، دعت امرأة من اليهود رسول الله e إلى طعامٍ وأعَدَّتْ له شاةً ، وسألت ما أحَبُّ الشاة إليه ؟ فلما علمت أنه الذراع ، دَسَّتْ فيه السم ، وزادت السم فيه ، فلما لاكه النبي صلى الله عليه وسلم في فمه ، قال : " إن هذه الشاة تخبرني أنها مسمومة " ولفظَ ما في فمه ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم فجمعَ من اليهود جماعة ، وسألهم : " من أبوكم " قالوا : أبونا فلان قال : " كذبتُم بل أبوكم فلان " .
فقالوا : نعم ، صدقتَ يا أبا القاسم ، فقال : " إني سائِلُكم فَهَلْ أنتم صادِقي قالوا : نعم ، قال : مَنْ أهل النار ، قالوا : نكونُ فيها يسيراً ثم تَخلفونا فيها ، قال النبي صلى الله عليه وسلم اخسَئُوا ، والله لا نخلفكم أبداً، ثم قال : " هل أنتم صادقي عن شيء إن سألتُكم عنه ؟ قالوا : نعم يا أبا القاسم ، قال : هل جعلتُم في هذه الشاةِ سُمّاً ؟ قالوا : نعم ، قال : ما حملَكم على ذلك ؟ قالوا : أردنا إنْ كُنْتَ كاذباً أنْ نستريحَ ، وإن كنتَ نبياً لم يَضُرَّك .
وكذلك مما يدل على غدر اليهود ، وما في طَوِيَّتهم من حقد ما وقع من بعضهم من يهودي اسمه ( شاس بن قيس ) وكان شديد الكفر والضِّغن على المسلمين ، شديد الحسد لهم ، فقد غاظه ما وجده من أُلْفَةِ الأوس والخزرج واجتماع رؤسائهم وساداتهم ، وصاروا صفاً واحداً ، فأرسل فتىً من اليهود يجلس في مجلسٍ فيه من الأوس والخزرج ، وأخذ ينشدهم أشعاراً من أشعار يوم بعاث ، يوم الحرب التي كانت في الجاهلية ، فأخذ القوم يتناشدون الأشعار ، ثم أخذ يذكرُهم مَن الذي يغلب ، ومَن الذي يفعل كذا حتى وقع بين القوم شرٌّ ؛ فقام رجلان من الأوس والخزرج فتواثبا فقال أحدهما للآخر : إن شئتم رَدَْناها الآن جَذَعةً – أي أعدنا الحرب مرةً أخرى فغضب الفريقان جميعاً ، وقالوا : قد فعلنا ، فبلغ ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخرج إليهم ، ومعه أصحابه من المهاجرين ، فقال لهم : " يا معشرَ المسلمين ، الله الله أبدَعوى الجاهليةِ وأنا بين أَظْهُرِكم بعد أن هداكم اللهُ للإسلامِ " فَثَبَّتَهُمُ النبي صلى الله عليه وسلم ، وأرجعَهم فَبَكَوْا وعانق بعضُهم بعضاً ، وأطفأ الله عز وجل عنهم كيدَ اليهود .
هذه اللمحات التي ينبغي أن نعرفَها عن أمر اليهود ، وأنهم قد تَجَمَّعوا في فلسطين يريدون أن يُدَنِّسوها كما دَنَّسُوا سائر البلاد من قبل لكن الله جَلَّت قُدرَتُه جعل بفضله ورحمته وعنايته تلك البلاد محميةً بالإيمان ، فينبغي علينا أن نعرف أن رب العزة سبحانه وتعالى ينصرُ جُنْدَه ، وينصرُ المؤمنين من عباده ، ونتذكر أن رسول الله صلى الله عيه وسلم قال :" لا تقومُ الساعة حتى يقاتِلَ المسلمون اليهود ، فيقتلهم المسلمون ، حتى يختبِئَ اليهودي وراء الحجر والشجر ، فيقول الحجر والشجر : يا مسلم ، يا عبد الله ، هذا يهودي خلفي ، فتعالَ فاقتلْه إلا الغَرْقدَ فإنه من شجرِ اليهودِ " .
وتدبر قول النبي صلى الله عليه وسلم : "يا مسلم ، يا عبد الله " لتعلم أن الشرط في التمكين والنصر هو تحقيقُ الإسلام ، وتحقيق العبودية لله رب العالمين ، وأن النصر والتمكين آتٍ لا محالة ، وأنه إذا حَقَّقْنا الإسلام ، وحققنا العبوديةَ فإنه لا يتأخَّرُ ، أما إذا انشغلنا عن أمرِ ديننا بإعراضِ الدنيا ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا تبايعتُم بالعِيَنة ورَضِيتُم بالزرعِ ، وتَبِعْتُم أذنابَ البقرِ سَلَّطَ اللهُ عليكم ذُلاً لا يَنزعُه عنكم حتى تَرجِعوا إلى دينِكم ".
فتدبر أخ الإسلام رب العزة سبحانه وتعالى نصر نبيه ، وكان وحده ، وقال للمسلمين : ( إِلَّا تَنْصُروه فقد نَصَرَهُ اللهُ إذْ أخرجَهُ الذين كفروا ثانِيَ اثنينِ إذْ هُما في الغار "
وعلى إحكام خُطَطِهم ، لكن الله عز وجل نصرَه ، ثم لما جاء إلى المدينة ، نصرَه الله عز وجل في بدر ، ونصره في سائر المواقع ، نصره مرة بسلاحهم ، ومرة بريحٍ وجنود لم تروها ، وعَذَّبَ الذين كفروا ، وهزم اليهود ، وجعلهم يتركون المدينة فتتسع المدينة لهجرة المسلمين الذين يَفِدُون إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، بل وطردَهم من المدينة ثم عاد إليهم في خيبر يفتحها الله عز وجل بالمؤمنين ، ويجعل أموالَهم غنيمةً للمسلمين .
فلوا أننا تَدَبَّرْنا وعلمنا أن رب العزة سبحانه وتعالى ينصر جنده ورأينا أننا نحن أهلَ الإيمان أهلَ الإسلام ينبغي علينا أن نعمل بطاعة الله رب العالَمين ، وأن ننتظر النصر إن أطعنا ؛ فنخافُ من معاصينا إن وقعنا فيها ، فإن الله عز وجل يجعل ذلك يضيعُ منا . ينبغي علينا إخوة الإسلام أن نعلم أن الناصر هو الله ، وأن الله عز وجل قال : ( إنْ تَنْصُروا الله يَنصرْكم ويُثَبِّتْ أقدامَكم ) ونعلم أن ما وقع لنا اليوم ، وما يقع لنا وقع له مثيل ونظير في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، لكنهم اتخذوا الحل في طاعة الله ، واتخذوا الحل في الالتفاف حول رسول الله ، واتخذوا الحل في إقامة شرع الله ، ولو أنك تَدَبَّرْتَ يومَ الحديبية لَمَّا جاء أبو جندل بنُ سهيل بنِ عمرو يَرسُفُ في قيوده ، يقول للمسلمين أنقذوني ، والرسول صلى الله عليه وسلم يكلم سهيل بن عمرو دع لنا هذا ، فيأبى سهيل ويتمسك ويتصلب في ذلك فيقول له النبي صلى الله عليه وسلم : ارجع فسيجعل الله عز وجل لك ولأصحابك فرجاً ومخرجاً " ، فلما كان القوم على الإيمان زلزل الله عز وجل الكافرين ونصر المؤمنين حتى إن رب العزة جلت قدرته يُنْزِلُ نصرَه على المسلمين ، ويجعل قائد الكفر في ذلك الوقت سهيل بن عمرو ، والذي كان معه أبو سفيان بن حر ب ، أولَ الناس وأكثرَ الناس دِفاعاً عن الإسلام ، ودفاعاً عن بلادِ المسلمين .
إخوة الإسلام ، ينبغي علينا أن نعلم أن القدس أمانة ، أمانة ، وأنَّ الله عز وجل جعلها أرضاً مقدسة ، وجعلها أرضاً مباركة ، واختار فيها بيتاً ، وجعل الأرض من حوله مُنْبِتَةً مباركة ، وجعل البقاعَ المباركة من حولها كثيرة ، وأنها مَسْرَى النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنها دَيْنٌ في أعناقنا ، وأن الدماء التي تُرَاقُ هناك نحن عنها مسئولون إنْ لم نُدافعْ عنها ، وإنَّ أولَ ذلك أن تُحَقِّقَ في أنفسِنا شرطَ النصر ، وهو الإيمان : " إنْ تَنْصُروا اللهَ ينصرْكم ويثبتْ أقدامَكم "
إخوة الإسلام ، ينبغي أن نكثر من الدعاء ، وأن نرفع أَكُفَّ الضَّراعَةِ إلى الله رب العالمين حتى يثبت أهل الإيمان ، والتقوى ، حتى يثبتنا على الإيمان والتقوى ، وأن يعيد إلينا هذه البلاد العزيزة ، وأن يُرْجِعَنا إلى ديننا ، وأن لا يجعلَنا مُتَمَسِّكين بالدنيا الزائلة بالأرض بالمتاع إنما علينا أن نعلم أن العبد إنما يموت في أجله وأن من نصر الله نصره الله رب العالمين .
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يرد إلينا هذه البلاد رداً عزيزاً ، وأن يردنا إلى ديننا رداً جميلاً ، وأن يرد العصاة إلى الطاعة ، وأن يردَّنا إلى التوحيد والإيمان والتُّقَى .
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الأسئلة :
سؤال : هل يُوجَدُ ما يُؤَيِّدُ حقَّ اليهودِ في القدسِ ؟
إن الله عز وجل أرسل رسلَه ، وأنزل كُتُبَه ، وكانت رُسلُه تنسخ الرسالات السابقة فموسى نبي الإسلام لما جاء المسيح نسخَ الرسالة التي كانت قبلها ، فلا ينبغي لأحد إلا وأن يتبع المسيح عليه السلام ، فلما جاءت الرسالة الخاتَمة لمحمد صلى الله عليه وسلم ، وجب على كل الخَلْقِ أن يتبعوا هذه الرسالة ، هذا أولاً .
ثانياً : مسألةُ أنَّ اليهودَ لهم حقٌّ في القدس .
إنما تَسَلَّمَ عمرُ بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - البيتَ المقدسَ من نصارى ، لا من يهود .
ثالثاً : إن الله عز وجل فتح قلوب هؤلاء للإسلام فمَن فتح الله عز وجل قلبه للإسلام ، لا يترك البيتَ الذي مَلَكَه ، إنما هو موروثٌ له ، موروث له به ، ليس لأحد غيره ، كما ينبغي أن نعلم أن هؤلاء اليهود ليسوا من سُلالَةِ بني إسرائيل ، إنما أشكالُهم ودماؤُهم وأفعالُهم تدلُّ على أنهم اختلطوا ، وزالت جِنْسياتُهم في سائر الأُمم ، فليس لهم من حق لا في أرض خاصة ، ولا في بيتِ المقدسِ ، ولا غيره ، والله أعلم .
جزاكم الله خيراً .
سؤال : هل نجح اليهود في إقامة دولتهم اليوم في فلسطين بمفهوم الدولة الحديث ؟
اليهود ، كل يهودي في فلسطين يحتفظُ لنفسه بجنسية بلدٍ غير إسرائيل ، وينتمي إليها ، لأنهم يعلمون أن الأرض إن لم تكن شديدةَ الأَمْنِ عليهم أسرعوا بالفرار إلى البلد التي يحتفظون بجنسيتها ، وهذا يدل على أنهم لا ينتمون إلى هذه البلد ، وهذا ما ينبغي أن يعرفه المسلمون .
ولذلك فإن خططهم تقوم على المبادرة وعلى أنه إذا قُتِلَ منهم واحد قتلوا عشرة في مقابله ، وإذا رأوا خطراً بادروا بالضرب حتى يُشْعِروا الجالسين فيها بالأمن لأنه إذا وقع الفَزَعُ ولو بنسبةٍ ضئيلةٍ فَرُّوا إلى بلادِهم التي ينتمون إليها ؛ فهم لم يُكَوِّنُوا دولةً بالمعنى الذي يمكن أن يُنْظَرَ إليه والله أعلم .
السؤال الأخير :
كيف تستعيدُ الأمةُ عافِيتها ومجدَها الغابر ؟
هذه هي المسألةُ التي يَتَرَبَّى فيها الأبناء والرجال والنساء بين الأسرة والمسجد ،
أسرة أُسِّسَتْ على تقوى الله عز وجل ، وعلى دينه ، ومسجد يُضيء للبيوت التي حوله ، هذا التأسيس يُصَحَّحُ في الاعتقاد ؛ فيعلمون أنَّ كل شيء عندَ الله بمقدار ، أما الصدقات التي يُخرجونها لا تُنْقِصُ من أرزاقِهم ، وأنَّ الجهاد الذي يجاهدون فيه لا يُنْقِصُ من أعمارهم ولا يُقرِّبُ آجالَهم ، فإذا عَلِموا ذلك مَكَّنَ الله عز وجل لهم ، وأعاد لهم عِزَّهم ومجدهم ، والله أعلم.
نشكر الله تعالى لكم فضيلة الشيخ على هذا اللقاء الطيب في هذه الليلة المباركة ونأمل من الله عز وجل أن يتجدد اللقاء بكم مرة أُخرى ، وجزاكم الله خيراً ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
.