القدس والأقصى / معالم
مكتبات العلم في المسجد الأقصى.
مكتبات العلم في المسجد الأقصى
خزائن المسجد الأقصى :
إن أهم دور الكتب الإسلامية في القدس هي "خزانة أو خزائن المسجد الأقصى" ، فقد كان المسجد الأقصى كغيره من المساجد الكبير في الأقطار الإسلامية مركزا للحياة العلمية ومدرسة لتدريس العلوم الشرعية ، وبعض العلوم الأخرى ، ولا يمكن ان تنتعش الحياة الفكرية التي كان مركزها المسجد ، دون وجود الكتب والمخطوطات التي تضم بوجه خاص الكتب الامهات وفي طليعتها القرآن الكريم وكتب التفسير والحديث والفقه ، والتي منها استمد العلماء علمهم وعلموه الناس .
وكانت خزائن المسجد الأقصى تضم آلاف الكتب التي تبحث في علوم الشريعة والعربية والتاريخ والحساب والميقات ومنها مؤلفات المدرسين الذين عملوا في المسجد على مدى العصور ، ويظهر أن خزائن الكتب كانت موزعة بين المسجد الأقصى ، ومسجد قبة والصخرة، وكانت لهذه الكتب خزنة وأمناء مخصوصون يقومون عليها .
ويذكر السخاوي من بين هؤلاء شمس الدين محمد بن أحمد بن حبيب الغانمي المقدسي الذي كان خازن الكتب بالأقصى في أواسط القرن التاسع (4) . وممن تولى أمانة الكتب في الصخرة المشرفة في القرن الحادي عشر – وكانت الوظيفة تعرف نصاً بهذا الاسم – الشيخ بشير الخليلي وبعد وفاته تولى هذه الوظيفة ولده الشيخ إبراهيم والشيخ عبد الرحمن سوية بينهما ، بما لذلك من المعلوم وقدره في كل يوم اربعة عثمانية . واذن لهما الحاكم الشرعي بالقدس بمباشرة الوظيفة في 5 صفر سنة ستين وألف(5) .
وأهم الكتب التي تضمنتها خزائن المسجد الاقصى وأقدمها بالطبع هي النسخ العديدة من القرآن الكريم التي كان الحاكم والمتدينون بوقفونها في الأقصى تقربا الى الله تعالى .
خزائن المدارس :
ومن هذا يفهم أن خزائن القرآن الكريم والكتب والمخطوطات بصفة عامة كانت موزعة بين الصخرة والمسجد الاقصى . ولكنها كانت بالطبع في اماكن أخرى من الحرم وخاصة في المدارس الواقعة في ساحة الحرم وحولها والتي كانت تشكل مع المسجد الأقصى وحدة واحدة . وكانت للمدارس مكتبات خاصة بها . وكانت هذه المكتبات تتراوح بين الكبر و الصغر تبعا لمكانة المدرسة كما كان للمكتبات امناء أو خزنة بشرفون عليها .
وكان من مكتبات المدارس الكبيرة في ساحة الحرم مكتبة المدرسة (الخانقاه) الفخرية التي وقفها القاضي فخر الدين محمد بن فضل الله المتوفي سنة 732 هـ . كانت هذه المكتبة غنية بمخطوطاتها الدينية والفلكية . وكان عدد مجلداتها يقدر بنحو عشرة آلاف مجلد غير ان افراد اسرة ابي السعود ، اصحاب الخانقاه ، اقتسموا هذه المصنفات بينهم فبعثرت(15) .
وكان في المدرسة الاشرفية السلطانية أيضا خزائن للكتب فقد اوردت الوقفية الخاصة بالمدرسة انه يوجد في الحائط الشمالي للمدرسة ثلاث خزائن معدة للكتب . وكان يقوم على هذه الخزائن موظف خاص يوزع الربعة الشريفة . وقد وقف السلطان قايتباي مصحفا شريفا بالمدرسة . ومن الزوايا التي ماتزال بها مكتبة حتى اليوم البخارية النقشبندية .
إن مابقي من الكتب والمخطوطات التي كانت في خزائن المسجد الأقصى وما حوله من مدارس هو نزر يسير مما كان في أيام ازدهار المدارس والتدريس . وقصة هذه الكتب والمخطوطات قصة محزنة مثيرة للاسى العميق فقد ضاع قسم كبير منها وتلف قسم كبير آخر وسرق أيضا قسم كبير أو بيع بأبخس الاثمان .
والى هذا الوضع أشار الشيخ الخليلي في وقفيته المؤرخة في سنة 1139 هـ حيث قال : (( إن الكتب قد قل وجودها بها ( أي في الديار المقدسه ) ونقلها غير أهلها من محلها وباعوها بأبخس الاثمان . وما ذاك الا لقلة اشتغالهم بالعلوم ، وعدم معرفتهم بالمنطوق والمفهوم 0000 )) وفي موضع آخر قال الشيخ الخليلي : (( بيت المقدس كان فيها كتب كثيرة موقوفة من السلاطين والاعيان والاكابر ، وقد استولى عليها اناس وتصرفوا فيها بالبيع والهدية للأعيان 000 )) .
ويضاف إلى هذا كله ما أخذه الغربيون من بلادنا من كتب ومخطوطات كانوا يشترونها بأبخس الاثمان ، في وقت لم يكن فيه اهالي البلاد يعرفون قيمتها فدفعهم الجهل والفقر معا الى بيعها للاجانب 00 وعلى هذا النحو تسرب كثير من كتب التراث الى اوروبا وامريكا . وهناك على سبيل المثال (( صناديق مليئة بالمخطوطات في جامعة هيدلبرج في المانيا عليها ختم المسجد الاقصى )) .
وبعد الاحتلال الاسرائيلي للقدس سنة 1967 تسرب كثير من الكتب الى مكتبة الجامعة العبرية وغيرها من مكتبات مراكز الابحاث في اسرائيل .
دار كتب المسجد الاقصى :
عندما شكل المجلس الاسلامي الأعلى في فلسطين سنة 1921 تنبه لهذه المأساة واولي عناية هذا الأمر فجمع كثير من المخطوطات الباقية ، وأنشأ دار للكتب في المسجد الاقصى وضع فيها ما أمكن جمعه من الأسفار المخطوطة والمطبوعة ، مما نجا من الاهمال وسوء التصرف .
افتتحت هذه المكتبة في 12 ربيع الاول سنة 1341 هـ ( 1922) في القبة النحوية التي كانت مدرسة للنحو والادب وانشأها الملك المعظم .
وكثير من كتب هذه المكتبة محفوظة في صناديق وغير مفهرسة . فضلاً عن أن كثير من كتبهما قد ضاع . وعلى سبيل المثال فإن مكتبة الشيخ الخالدي التي كان مجموع مافيها حسب حجة الوقفية 3480 كتابا و500 مخطوط لم يبق منها الآن سوى 759 كتابا و 100 محطوط ! .
المتحف الإسلامي :
في سنة 1923 أسس المجلس الاسلامي الأعلى المتحف الاسلامي وقد
أسس المتحف في بادئ الأمر في الرباط المنصوري الذي أنشأه المنصور قلاوون 681هـ / 1282م . وفي عام 1929 نقل الى مقره الحالي وهو جامع المغاربه القديم قرب جامع النساء في الجزء الجنوبي الغربي من الحرم القدسي ، وقد ضم المتحف أيضا قسما من جامع النساء فضلا عن جامع المغاربه كله .
وفي المتحف الآن مخطوطات نادرة من بينها مجموعة لا تثمن من المصاحف يقدر عددها بحوالي 650 مصحفا مخطوطا كتب معظمها بين القرن الثالث والقرن الثاني عشر للهجرة أي ان منها ما يرجع للعصر العباسي الاول .