أنشطة المركز / فعاليات

من فعاليات أسبوع الأقصى الثانى - الكويت- اللقاء المفتوح

اللقاء المفتوح

الشيخ محمد حسان

 

أولاً : كلمة قصيرة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،

   الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، اللهم صلِّ وسلم وزِدْ وبارك عليه ، وعلى آله وأصحابه ، ومن اهتدى بهديه واستن بسنته ، واقتفى أثرَه إلى يوم الدين، أما بعد

    فحياكم الله جميعاً أيها الإخوة الفضلاء الأعزاء ، وطبتم وطاب ممشاكم وتبوأتم جميعاً من الجنة منازلاً ، وأسأل الله جل وعلا الذي جمعني مع حضراتكم في هذا المكان الحبيب إلى قلبي مع حضراتكم على طاعته أن يجمعنا في الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى في جنته ودار مقامه إنه وَلِيُّ ذلك والقادر عليه .

   أريد أيها الأحبة أن تكون كلمتي الأخيرة في نقاط سريعة محددة ، أسأل الله عز وجل أن ينفع بها ، وأستهل هذه الكلمة بشكر وتقدير وعرفان لهذه الجمعية الأم المباركة الميمونة التي تحركتُ في بعض أَفرُعِها في هذه الزيارة ووقفتُ على بعض أنشطتها في أنحاء المعمورة ، فزاد الأمل ، وزاد الرجاء ووجدت جهداً رائعاً مباركاً ، أسال الله عز وجل أن يزكيه ، وأن ينميه ، وأن يباركه ، وأن يتقبل جهاد الإخوة جميعاً ، وجهادهم وجهدهم ، وأن يبارك فيهم وفي سعيهم ، وأن يجعل سعيهم مشكوراً ، وأن يجزي كل أخٍ مسلم ، وكل أخت مسلمة مَدَّتْ يدَ العون لهذه الجمعيةِ المباركةِ لِيَصِلَ هذا الخيرُ العظيم إلى كل هذه البقاع ، إنه وليُّ ذلك ، والقادر عليه .

ثانياً : أود أن أُذَكِّرَ بما ذَكَّرْتُ به إخوانكم أمس في مخيم فرع الجهراء أننا في أمس الحاجة الآن إلى أصحاب الهمم العالية ، الذين يمزق قلوبهم هذا الواقع المر الأليم .

   فيتحركون لتغييره لا بالكلمات دون العمل ، فإن القول إن خالف العمل بذر بذور النفاق في القلوب ، قال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا لِمَ تقولون ما لا تفعلون " والناس يا أخوة متفاوتون في همومهم على قدر تفاوتهم في الهِمَم ، والهِمَّةُ رزقٌ من الله سبحانه وتعالى.

 

على قدرِ أهلِ العَزْمِ تأتِي العزائِمُ            وتأتي على قَدْرِ الكرامِ المكارِمُ

وتَعْظُمُ في عينِ الصغيرِ صِغارُها             وتَصْغُرُ في عينِ العَظيمِ العَظَائِمُ

  

 قال ابن القيم رحمه الله تعالى : اعلمْ أن العبد إنما يقطعُ منازلَ السيرِ إلى الله تبارك وتعالى بقلبِه وهمته لا ببدنه ، والتقوى في الحقيقة هي تقوى القلوب لا تقوى الجوارح ، قال تعالى : " ذلك ومن يُعَظِّمْ شعائِرَ الله فإنها من تقوى القلوب " وقال تعالى : " لن ينالَ اللهَ لحومُها ولا دماؤُها ولكن ينالُه التقوى منكم " وأشار النبي صلى الله عليه وسلم يوماً إلى صدرِه الشريف ، وقال : " التقوى ها هُنا التقوى ها هنا "

    والقلوب جَوَّالَة فإما أن تَجول حول السماء ، وإما أن تجول حول الخَلاء .

   فنحن الآن نريد أصحاب الهِمَم العالية ممن يحرك قلوبَهم هذا الواقعُ المرُّ الأليمُ ، فيتحركون على أرض الواقع ليحولوا هذا المنهج الرباني والنبوي إلى واقع عملي ومنهج حياة ، فيتحركون بالدعوة إلى الله سبحانه ، بالأمر بالمعروف بمعروف ، بالنهي عن المنكر من غير منكر ، يتحركون بين الناس ليغيروا هذا الواقع ، لأن الاكتفاء بإصدار الأحكام على الأمة دون أن نتحرك بهمة عالية لتغيير هذا الواقع لن يغير من الواقع شيئاً على الإطلاق ، فَهَيَّا لنتحرك جميعاً ، لنتحرك رجالاً ونساءً بل وأطفالاً وصبياناً ، كلٌّ على قدر استطاعته ، وبحسب إمكانياته وقدراته ، نحن لا نريدُ أن تتحول الأمة كلها إلى دُعاة على المنابر ، وإنما نريد أن تتحول الأمة كلها إلى دعاة لدين الله عز وجل بتطبيقهم لهذا القرآن والسنة بفهم سلف الأمة الأبرار إلى واقع عملي ومنهج حياة ، إن عجزتَ أنت أن تتحركَ للدعوة الآن بلسانِك فبتخصيصِ جزءٍ من مالك لطبع كتاب ، لنسخ شريط ، لكفالَة داعية ، لتحفيظ ابنٍ من أبناء المسلمين القرآنَ الكريم ، بتربيتك لأولادك علىالقرآن والسنة بفهم السلف الصالح .

   كل هذا جهد على الطريق ، يثمر الثمار التي نرجوها جميعاً بإذن الله تبارك وتعالَى .

   قال صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري من حديث عبد الله بن عمرو: " بَلِّغُوا عني ولو آية " وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة : " مَنْ دَعَا إلى هدى كان له من الأجرِ مثلُ أجورِ من تَبِعَه لا ينقُصُ ذلك من أجورِهم شيئاً ، ومَن دعا إلى ضلالة كان عليه من الوِزْرِ مثلُ آثامِ من تبعه لا ينقصُ ذلك من آثامِهم شيئاً .

   وقال صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم من حديث ابن مسعود : " ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا وكان له من أمته حواريون وأصحاب ، يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ، ثم إنه تخلف من بعده خلوف يقولون ما لا يفعلون ، ويفعلون ما لا يؤمرون ، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ، وليس وراء ذلك من الإيمان حَبَّةُ خَرْدل " .

رابعاً : أود أن يعلم إخواني وأخواتي أننا لن نحرر القدس ، ولن نغيرَ هذا الواقع المر الأليم بالمظاهرات الصاخبة الرنانة ، ولا بحرق الأعلام والمكتات ، ولو ظَلَلْنَا نصيحُ ونخطب ألف سنة ، بل آلاف السنين دون أن نحول المنهج الرباني والنبوي إلى واقع عملي ، أو منهج حياة ، فلن نغيرَ من الواقع شيئاً على الإطلاق ، فلنبدأ جميعاً بتصحيح العقيدة ، وتصحيح العبادة ، وتحكيم الشريعة ، وتقويم ما اعوَجَّ وفسد من أخلاقنا ، وبتربيتنا وتربية أبنائِنا على هذا المنهج الرباني والنبوي .

خامساً : أُذَكِّرُ نفسي وإخواني ممن يتحركون الآن على ساحة الدعوة إلى الله عز وجل أن يعلموا يقيناً أن المنهج الدَّعَوِيَّ توقيفي ، ليس من حق أحدٍ أن يختاره ، وإنما هو منهج تَوقِيفِيٌّ حَدَّدَ القرآنُ الكريم ضوابطه وأصوله ومعالمه ، فيجب علينا أن نتحرك على هذا الطريق وعلى هذا الدرب بين الناس بأصول وضوابط هذا المنهج لأننا لا نتعامل مع ملائكة بَرَرَة ، ولا مع شياطينَ مَرَدَة ، ولا مع أحجارٍ صلَدة ، وإنما نتعامل مع نفوسٍ بشرية ، فيها الإقبال والإحجام ، فيها الخير والشر ، فيها الحلال والحرام ، فيها الطاعة والمعصية .

   فلا بد أن يتعرفَ الأخ السالكُ لهذا الدَّرْبِ على مفاتيحِ النفسِ البشريةِ ليستطيعَ أن يَصْبُرَ أغوارَها ، وأن يدخلَ وأن يتغلغل إلى أعماقِها ، وذلك بالدعوةِ إلى اللهِ بالحكمةِ البالغة ، والموعظةِ الحسنةِ والكلمة الرقيقة الرَّقْرَاقة ، قال تعالى : " ادعُ إلى سبيلِ رَبِّكَ بالحكمةِ والموعظةِ الحسنةِ " ، قال تعالى : " فبِما رحمةٍ من اللهِ لِنْتَ لهم ولو كُنتَ فظّاً غليظَ القلبِ لانفَضُّوا من حولك"

 قال تعالى : " اذهبا إلى فرعون إنه طغا فقولا له قولاً ليناً لعلَّه يتذكرُ أو يَخْشى "

النقطة السادسة بإيجاز : أُوصِي نفس وإخواني أن يهتموا بطلب العلم الشرعي من العلماء المتحققين بالعلم الشرعي ، إن الأمر دينٌ ، فابحث عمَّن تأخذُ ، فابحث ممن تأخذ دينك ، إن الأمر دينٌ ، فَنَقِّبْ على مَن تَتَلَقَّى ، فإن الكلَّ يَزعُمُ أنه على الحق ، فابحث عن الحق ، واعلم بأن الحق لا يُعْرَفُ بالرجالِ ، ولكن الرجالَ هم الذين يُعْرَفون بالحق ، وأنا لا أظن أَنَّ إنساناً على وجه الأرض ، أَنَّ مسلماً على وجه الأرض يغضب إذا قلتَ له تعالَ معي لنفهم القرآن والسنة بفهم أبي بكر وعمرَ وعثمان وعلي وعبد الله بن مسعود : " من كان مُسْتَنّاً فَلْيَسْتَنَّ بمَنْ قد مات ، فإنَّ الحي لا تُؤْمَنُ عليه الفِتْنَةُ ، أولئك أصحابُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، كانوا أفضلَ هذه الأمةِ أَبَرَّها قُلوباً وأعمقَها عِلماً ، وأقلَّها تَكَلُّفاً ، اختارهُمُ اللهُ لصحبة نبيه ، ولإقامةِ دينِه ، فاعرفوا لهم فضلهم ، واتبعوهم على آثارهم ، وتمسكوا بما استطعتُم من أخلاقِهم وسِيَرِهِم ؛ فإنهم كانوا على الهُدى المستقيم ".

   فلا بد من طلب العلم الشرعي ، وأُوصي نفسي وأحبابي من طلبة العلم أنه لا بد من الفهم في العلم ، لا تتعجل ، لا تتعجل الفَتْوَى لمجرد أنك طلبت العلم فقرأت مجموعة من الكتب ، بل لا بد من العلم ، قال البخاري في باب له في كتاب العلم ، باب العلم قبل القول والعمل ، وترجم باباً آخر في غاية الفقه فقال: باب الفهم في العلم ، وروى فيه حديث معاوية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مَن يُرِدِ اللهُ به خيراً يفقهه في الدين " قال الحافظ ابن حجر أي يفهمه ، قال ابن القيم : وهل أوقعَ القدرية والمرجئة والخوارج والمعتزلة والروافض وسائِرَ طوائف أهل البدع فيما وقعوا فيه إلا سوء الفهمِ عن اللهِ ورسولِه.

   فلا بد من العلم ، ولا بد من الفهم في العلم ، ثم قال الشاطبي :

   إن كل علمٍ لا يفيدُ عَمَلاً ليس في الشرع البتة ما يدل على استحسانه ، فلا بد أن نحول هذا العلم إلى عمل ، قال تعالى : " أتأمرونَ الناسَ بالِبِّر وتَنْسَوْنَ أنفسَكم وأنتم تَتَلونَ الكتاب أفلا تَعقلون " نسأل الله أن يرزقني وإياكم الصدق .

سابعاً : لا أنسى أن أُوَجِّهَ كلمةً لأختي المسلمة الفاضلة ، وأقول لها : أيتها المسلمة، إن الواقع الآن يحتم عليكِ أن تكوني على بصيرةٍ تامة ، وعلى وعيٍ كاملٍ بحجمِ المؤامرة التي تُحاكُ لكِ في الليل ، والنهار لأن أعداءنا يعلمون قدرَ المرأة المسلمة، ويعلمون أنها العمود الفقري لهذه الأمة ، ويعلمون أنها يوم تربعت على عرش حيائها وتمسكت بدينها زلزلت عروش الكفر ، وأنجبت للأمة على طول التاريخ الأطهار من العلماء ، والمجاهدين فأقول لك : أيتها الأخت المسلمة الفاضلة، لا بد أن تكوني على وعي كامل بحجم هذه المؤامرة ، وأن لا تُسْقِطِي أبداً عن وجهك حجابَ العِفَّةِ والمروءة والشرف ، وأن تبذلي ما تملكين الآن لهذا الدين ، وذلك بتربيتِك لأولادك تربيةً كريمةً طيبةً لتكوني خيرَ عونٍ للزوج ، فإن المركبَ الآن تحتاجُ إلى عونٍ صادقٍ من هذين الشريكينِ لهذه الحياة ، وأخيراً أُذَكِّرُ نفسي وإخواني بإن الدنيا مهما طالت فهي قصيرة ، ومهما عَظُمَتْ فهي حقيرة ، لأن الليل مهما طال لا بُدَّ من طلوعِ الفجرِ ، ولأن العمرَ مهما طالَ لا بُدَّ من دخولِ القبر .

 

أَيَا عبدُ كم يراكَ اللهُ عاصِيــا              حَريصاً على الدنيا وللموتِ نَاسِيا

أنسيتَ لقاءَ اللهِ واللحدَ والثَّـرَى            ويَوماً عبوساً تَشيبُ فيـه النَّواصِيا

لو أن المرء لم يلبَس ثياباً من التُّقَى            تَجَـرَّدَ عرياناً ولـو كان كَاسِيـا

ولـو أنَّ الدنيـا تدومُ لأهلِهـا             لكان رسـولُ الله حَيَّـاً وباقِيـاً

ولكنَّهـا تَفْنَـى ويَفْنَى نَعيمُهـا            وتَبْقَى الذنوبُ والمعاصِي كَمَا هِيَا

 

    فالبدارَ البدارَ بالتوبة إلى العزيز الغفار ، واللهَ أسأل أن يختم لنا ولكم بالتوحيد والإيمان ، وأن يتقبلَ منا ومنكم صالح الأعمال ، وأقول قولي هذا ، وأستغفر الله لي ولكم ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

 

الأسئلة :

 

بداية الكل يبتدئون بحبهم لفضيلة الشيخ محمد حسان

- هل يجوز دفع زكاة أموالنا للانتفاضة ، وإعانة إخواننا في فلسطين ؟ ثم هل يجوز أن نحددها في رسم محدد ككفالة الأيتام أو إطعام الطعام وغير ذلك ؟

   الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ، أحبَّكم اللهُ الذي أحببتمونا فيه ، وأسأل الله أن يجمعنا جميعاً مع المتحابين بجلاله في ظل عرشه يومَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّه ، أما بالنسبة للجواب على سؤال السائل الكريم : فالجواب :

   نعم ، يجوز أن يخرج المسلم زكاة ماله الآن لإخوانه في فلسطين ، أو في أي مكان من هذه الأماكن الممزقة الأشلاء ، وهذا بَنْدٌ من بنود الزكاة المعروفة ، ألا وهو قول الله تعالى : " وفي سبيلِ الله " وقد فَسَّرَ هذه الآية شيخ الإسلام ابن تيمية - طيب الله ثراه - بأنه الجهاد ، ومنهم من فَسَّرَها أيضاً بأنه طلبُ العِلم ، وقد أفتى بذلك شيخنا الشيخ عبد العزيز رحمه الله تعالى رحمة واسعة ، ولا مانع إن أراد المتصدقُ أو الباذل لزكاته أن يخصصها في جزء من الأجزاء ، أو في بند من البنود ، كأن تكون للأيتام ، أو أن تكون للفقراء ، فلا حرج في ذلك ، فهذه أيضاً من بنود الزكاة من باب قوله تعالى : " للفقراء والمساكين " والله تعالى أعلم .

 

سائل يسأل : يقول فضيلة الشيخ :

-       كيف نُقيم الجهاد في نفوسِنا نحن ، ونشعرُ بقهر الرجال ولا نستطيع في الحقيقة أن نؤدي هذه الفريضة في هذه الأيام ؟( في الحقيقة أكثر من خمسين سؤالاً متعلق في هذا السؤال )

   قال صلى الله عليه وسلم : " والمجاهد من جاهد نفسَه في سبيل الله" ، فالجهاد مراتب أيها الأحبة ، الجهاد مراتب ، ولا يستطيع المؤمن أن يجاهد بالسيف إلا إن جاهد نفسه ابتداءً فحقق الإيمان ، ولذا نَلْحَظُ هذا الملحظَ الجميل في قولِ الله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا هل أَدُلُّكم على تجارةٍ تُنجيكم من عذابٍ أليمٍ * تؤمنون باللهِ ورسولِه وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسِكم ذلكم خيرٌ لكم إن كنتُم تعلمون "

    لاحظ أيها الحبيب الفاضل أن الله جل وعلا قد صَدَّرَ الآية بإثبات عقدِ الإيمان لهم ابتداءً ، فقال : " يا أيها الذين آمنوا " هذه واحدة ، ومع ذلك أمر الله سبحانه وتعالى هذه الفئة المؤمنة التي أثبت لها عقد الإيمان في صدر الآية بتحقيق الإيمان لتصبح هذه الفئة مؤهلة لرفع راية الجهاد في سبيل الله ، فقال سبحانه : " تؤمنون بالله ورسوله " والإيمانُ يا إخوة ليس كلمة تقال باللسان فحسب ، ولكن الإيمان قول باللسان ، وتصديق بالجَنان ، وعمل بالجوارح والأركان ، ولذلك ما رُفِعَتِ النُّصْرة والعزة والاستخلاف والتمكين إلَّا لَمَّا ضاع الإيمان ، فلا بد من تحقيقِ الإيمان ، لا بد أن يُوجَدَ المؤمن الذين يستطيعُ أن يرفعَ رايةَ الجهاد في سبيل الله .

   كنا لما أفتى شيخنا أبو عبد الرحمن الشيخ ناصر رحمه الله تعالى يوم أن بدأ الجهاد الأفغاني ، وأفتى ، وقال كلمة يعني كثير من طلاب العلم تَنَدَّرَ على الشيخ ، وشتان شتان بين العالم الرباني الذي فهم القرآن والسنة ، وفهم السنن الربانية لله في الكون، وبين شباب متحمس فقط ، دون أن ينطلق من هذه الضوابط الشرعية الصحيحة وأفتى الشيخ يومها بقولته : أخشى أن يُصَوِّبَ هؤلاء الأخوة السلاحَ بعد ذلك إلى صدور بعضِهم البعض ، لأنهم لم يتربوا على المنهج الصحيح ، وقد كان ، وقع ما قاله الشيخ تماماً ، فينبغي أيها الإخوة أن نَنْطَلِقَ من خلال الحماس الفارغ ، وفقط ولا حتى من خلال الإخلاص وفقط ، بل لا يجوز لأي فصيل من فصائل الدعوة سواء أكان هذا الفصيل منهجياً أو حَرَكِياً ، لا يجوز له البتة أن يخطو خطوة واحدة على طريق العمل لدين الله عز وجل إلا وفق الضوابط الشرعية من كتاب الله ، ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بفهم سلفِنا رضوان الله عليهم ، وإلا لاستشهد كل واحد بالدليل في غير موضعِه ، وهذا هو سبب من أسباب التَّشَرْذُمِ ، والتهارج الذي نراه الآن على الساحة ، فلا بد يا إخوة من أن نحقق الإيمان ، لا بُدَّ من أن نربي أنفسَنا على كتاب الله ، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لنكون أهلاً لرفع راية الجهاد في سبيل الله تبارك وتعالى ، لنكون أهلاً لتصحيح النية التي بها يصح جهادنا ، التي بها يصح جهادنا ، كم من دماءٍ سُفِكَتْ من أجل الوطنيات ، وكم من دماءٍ سُفِكَتْ من أجل القوميات ، وكم من دماء سُفِكَتْ من أجل الاشتراكيات ، وكم من دماءٍ سُفِكَتْ من أجل البعثيات ، فلا بد من أن تتربى الأمة على العقيدة تربية صحيحة لتكون مؤهلة بعد ذلك بعد نجاحها في جهادنا مع النفس ومع الشيطان ومع الهوى لتكون مؤهلة بعد  ذلك للجهاد في سبيل الله جهاداً صحيحاً منضبطاً بالضوابط الشرعية لِنستطيع أن نقول بأن مَن مات تحت هذه الراية وفي هذه الساحة ، فإن شاء الله تعالى يُرْجَى أن يكون عند الله من الشهداء ، نسألُ الله عز وجل أن يُبَصِّرَ الأمة ، وأن يردها إلى الحق رداً جميلاً ، إنه ولي ذلك ومولاه .

 

-   يسأل سائل يقول : فضيلة الشيخ : نقرأ كثيراً عن أهل الكتاب وعداوتهم الفاضحة مع أهل الإيمان ، ومن ذلك قوله تبارك وتعالى : " وَدَّ كثيرٌ من أهلِ الكتابِ لو يَرُدُّونكم من بعد إيمانِكم كُفاراً حسداً من عند أنفسِهم من بعد ما تبينَ لهم الحقُّ فاعفُوا واصفحوا حتى يأتِيَ الله بأمرِه إن اللهَ على كل شيء قدير " ما هو تفسير هذه الآية ؟ ولماذا الله تبارك وتعالى يخبرنا عن أهل الكتاب ؟ وهل أهل الكتاب لا يتوبون إلى الله تبارك وتعالى؟ وهل أهل الكتاب في السابق علاقتهم مع أهل الإيمان مستمرة بهذه العداوة والبغضاء إلى يوم الدين ؟ أم ماذا أفيدونا؟ بارك الله فيكم وفي علمكم؟

    أهل الكتاب هم اليهود والنصارى ، وقد بَيَّنَ الله تبارك وتعالى لنا عداوة أهل الكتاب في أكثر من موضع من القرآن الكريم بل ربنا سبحانه وتعالى في كثير من الآيات يبين لنا كثيراً مما تخبئه صدور القوم ، من بين هذه الآيات الكريمة هذه الآية " ودَّ كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حَسداً من عند أنفسِهم " - هذه العلة علة الحسد - ، "حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمرِه إن الله على كل شيء قدير " فالعداوة يا إخوة قائمة من لحظة أن هاجر النبي e الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة ، وكان أهل الكتاب من اليهود على وجه التحديد يمتنون على الأوس والخزرج ببعثة هذا النبي المنتظر الذي بشرت به كتبهم ، فلما بُعِثَ النبي صلى الله عليه وسلم من العرب ناصبوه العداء من أول لحظة ، وتفننوا في إيذائه حتى خَطَّطُوا لقتله ، وأنتم تعلمون قصة الشاة المسمومة  الشهيرة في خيبر ؛ فالعداء قائم ، ولن يزول هذا العداءُ أبداً إلا بشرط واحدٍ ، أو إلا في حالةٍ واحدةٍ بنص القرآن ، قال تعالى : " ولن تَرْضَى عنك اليهودُ ولا النصارى حتى تتبعَ مِلَّتَهُم " وقال الله تعالى : " ولا يزالون يقاتلونكم حتى يَرُدُّوكم عن دينِكُمُ إن استطاعوا " ومن ثَمَّ يُحَذِّرُ الله عز وجل من موالاة أهل الكتاب ، فيقول سبحانه : " يا أيها الذين آمنوا لا تَتَّخِذُوا اليهودَ والنصارى أولياءَ بعضُهم أولياءُ بعضٍ ومَن يَتَوَلَّهُم منكم فإنَّه منهم " قال حذيفةُ بن اليمان رضي الله عنه فَلْيَحْذَرْ أحدُكم أن يكونَ يهودياً أو نَصرانياً وهو لا يدري ! لقوله تعالى : " ومَن يَتَوَلَّهُم منكم فإنَّه منهم " وقال شيوخُنا شيوخُ التوحيد رحمهم الله تعالى في ديار التوحيد في الجزيرة :

 

أَتُحِبُّ أعداءَ الحبيـبِ  وتَدَّعِي            حُبّاً لَهُ ما ذاكَ في الإمكانِ

وكذا تُعـادِي جاهِداً أحبابَـه            أينَ المحبةُ يا أَخَ الشيطانِ ؟!

إن المحبـةَ أَنْ تُوافِــقَ    مَنْ            تُحِبُّ على مَحبَّتِهِ بلا نُقصانِ

فإنِ ادعيتَ له المحبـــةَ مَعْ           خِلافِكَ ما يُحِبُّ فأنتَ ذُو بُهتَانِ

 

ومنهم من قال :

لـو صدقتَ اللهَ فيمـا زَعَمْتَـهُ                 لَعادَيْتَ مَن باللهِ وَيْحَكَ يَكْفُرُ

وواليتَ أهلَ الحقِّ سِـرّاً وجَهْرَةً               وَلِمْ تُعادِيِهم ولِلْكُفْرِ     تَنْصُـرُ

فما كُلُّ مَن قد قالَ ما قلتَ مُسْلِمٌ              ولكنْ بأشـراطٍ هنالِكَ تُذْكَـرُ

مُبَايَنَـةُ الكفـارِ في كلِّ مَوْطِـٍن              بذا جاءَنا النَّصُّ الصحيحُ  المُقرَّرُ

وتَصْدَعُ بالتوحيدِ بينَ ظُهورِهِـم              وتَدْعُوهُمُ سِرّاً لِذاكَ    وتَجْهَـرُ

هَذا هو الدينُ الحنيفيُّ والهُـدَى               ومِلَّةُ إبراهيــمَ  لو كُنتَ تَشْعُرُ

  

فالعداء دائم وقائم ، ولن يزول هذا العداء أبداً إلا إذا تخلت الأمة عن دينها كما قال ربنا جل وعلا ، وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "والذي نفسِي بيدِه لا يسمعُ بي أحدٌ من هذه الأمةِ يهوديٌّ أو نصرانيٌّ ثم يموتُ ولم يؤمنْ بالذي أُرْسِلْتُ به إلا كان من أصحابِ النار "

   فنسأل الله أن يرد الأمة إلى عقيدة الولاء والبراء رداً جميلاً ؛ لأننا نرى الآن واقعاً مؤلماً مُزْرِياً ، فنرى كثيراً من المسلمين يُقَلِّدون أهل الكتاب من اليهود والنصارى تقليداً أَعْمى ، لو قَدَّمْتَ الآن استمارة استبيان لعينة عشوائية من شباب المسلمين في بلد مسلم ، ولعينة عشوائية شباب الغرب في بلد من بلاد الكفر ، لستُ مبالغاً إنْ قلتُ لحضراتِكم بأن الإجاباتِ ستكونُ متطابقةً إلى حد كبير .

   كنتُ أذكرُ لإخوانكم الآن في المحاضرة التي كنتُ فيها الآن - لا أحفظ أسماء المساجد - أنني كنتُ في طريقي في سَفْرَةٍ لأمريكا ، وداخل على الصالة التي سنركب منها على الطائرة مباشرة ، فهذه الصالة النهائية ، فوجدتُ شاباً من شبابنا يجلسُ والهيدفون على رأسه ( عَمَّال يَسْمَع وبَعْدِين لفت نظري قُصَّةُ شعره وزِيُّهُ فاقتربت منه مَسَّيْتُ عليه ، ولم أُلقِ عليه السلام ، ثم قلتُ له : إلى أينَ ؟ مسافرٌ معنا ؟ قال : نعم ، قال : وأنت مسافر معنا يا شيخ ؟ قلت له : نعم ، إن شاء الله ، فنظر إليّ طبعاً لابس الغترة والثوب ، وشكلي كِدَه مِشْ بِتاع أمريكا أبداً، والحمد لله نحن لا نُغَيِّرُ هذا الزي في أي مكان في الأرض ، في أي سفر ، إخواننا يقولون يا شيخ غَيَّرْ حِتَّة بدلة بِبْيونة وَلَّا حاجة )[1][1] أبداً والزي هذا في ذاته ، أنا أعتقد أنه دعوة لأنه تُعطي صورة للمسلم في المطارات ،  أو في هذه الأماكن التي لا يعرفك أحد ، يقبل عليك المسلم سعيدًا جداً يقبل عليك ويلقي عليك السلام في غاية الفرح . واليهود يعتزون بهويتهم وزيِّهم ولباسهم حتى البوذي يعتز بِزِيِّه حتى السيخي يعتز بزيه ، حتى الصليبي يعتز بالصليب على صدره، فلماذا لا نعتز بهويتنا ؟ لماذا لا نرفع رؤوسنا ؟ المهم : قلتُ والله فرصة ، نعمل عملاً طيباً ، نتكلم قليلاً : ما اسمك ؟ قال : أحمد ، قلت له : أحمد ، إنت أحمد ‍قال : نعم أحمد ، فقلت : طيب يا أحمد ممكن نتناقش مع بعض ؟ قال : OK ماشي فهو الذي بدأ يُشَكِّلُني ( إخواننا بتوع التبليغ ) ، هو الذي بدأ يُشَكِّلُني أنا ، قال لي : شاهدت المتش ؟ متش إيه ده ؟ قلت له : لا ، قال : مَتْش عالمي لفريقين أجنبيين ، قلت : لا ، قال : إنت بتعرف اللاعبَ الفلاني ؟ قلت : لا والله ، ما بعرفه ، قال : فلان يا شيخ دَدَهْ أغلى لاعب في العالَم ، قلت : والله يا أخي ما أعرفه " إن البقرَ تشابَهَ علينا " قلت له : طيب أنا أسأل : بتعرف محمد بن مسلمة؟ قال : إيه ، قلت له : محمد بن مسلمة قال : ده بيلعب في أي فريق ده قلت له ده فريق سبق فريق المفلحين السابق .

    الشاهد يا إخوة إنه من خلال الحوار ، والله الذي لا إله غيره ، أحمد خريج كلية التجارة ، وحاصل على البكالوريوس ، والله لا يحفظ التشهد .. هذا هو الواقع المر ، أحمد هذا نموذج متكرر في كثير من شبابنا ، تَرَى الشبابَ الآنَ في كثيرٍ من المواطن يُمَزِّقُ القلب الحي.

    ربما يردد الشاب بكل استعلاء مع هذا المتسكع التائه الضائع الذي يقول:

جِئْــتُ    لا    أعلَمُ مـِن أيـنَ ولِكنّــِي   أَتيــتْ

ولقدْ  أبصـرتُ     قُـــدَّامي    طريقــاً   فَمَشـَيْتْ

وســأمضِي في  طريقِي شِــئْتُ    هذا    أَمْ      أَبَيْتْ

كيفَ جئتُ كيفَ أبصرتُ طريقِي قدامي طريقاً لستُ أَدرِي؟

  

فنرى الآن يا أخوة مسخاً لعقيدة الوَلاء والبَرَاء ، فنسأل الله عز وجل أن يَرُدَّ الأمة إلى عقيدة الولاء والبراء رَدّاً جميلاً ، وآن الأوانُ مع هذا الواقع الأليم آنَ أوانُ الفرقانِ آن أوان الفرقان ، نريد أن نخرج من حالة الغَبَش التي تحياها الأمة الآن ، لا بد من التمييز ، لا بد من أن نستبين سبيلَ المؤمنين من سبيل المجرمين ، ليعلمَ كل مسلم مَن يوالي ومَن يعادي ، لا بد من الموالاة لله ولرسوله وللمؤمنين بوضوح ، ولا بد من إعلان المعاداة للشرك والمشركين بوضوح ، وسامحوني قد أطلت الجواب لأنه واقع .

    روى الطبري بسند صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نادى عبد الله بن عبد الله  بن أُبَيّ بن سلول فقال النبي صلى الله عليه وسلم - لعبد الله : أو ما سمعتَ ما قالَه أبوك ؟ قال عبد الله : وماذا قال أبي بأبي أنت وأمي يا رسول الله ؟ قال يقول : " لَئِنْ رجعنا إلى المدينة لَيُخْرِجَنَّ الأعَزُّ منها الَأَذَلَّ فقال عبد الله : صدقَ واللهِ أبي ، فأنتَ الأَعَزُّ وهو الأَذَلُّ .

    يا سلام شوف الولاء " لا تجدُ قوماً يؤمنون باللهِ واليومِ الآخرِ يُوَادُّونَ مَن حادَّ الله ورسولَه ولو كانوا آباءهم أو أبناءَهم أو إخوانهم أو عشيرتهم " صدق والله أبي صدق ، فأنت الأعز وهو الأذل ، ثم قال عبد الله : يا رسول الله ، والله لقد أتيتَ المدينةَ ولا يُوجَدُ بها أحدٌ هو أَبَرُّ بأبيه مني ، أَوَ قَدْ قال ما قال ؟ فَلَتَسْمَعَنَّ ما تَقَرُّ به عينُك إن شاء الله ، وخرج عبد الله فوقف لأبيه في الطريق ، وحال بينه وبين أن يدخلَ أبوه إلى بيته ، فصرخ رأسُ النفاق : ( يا لَلْخَزْرَج يا لَلْخَزْرَج ) ابني يمنعنُي بيتي فقال له ابنه : أأنت القائل " لَئِن رَجَعْنا إلى المدينة لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ منها الأَذَلَّ " والله ، لا يُؤْويكَ ظِلُّها ، ولا تَبيتن الليلة في دارِك إلا بإذنٍ من رسولِ اللهِ لِتَعلمَ مَن الأَعَزُّ ومن الأَذَلُّ . هذا هو الولاء هذا هو البراء ، إنما شوية مع المسلمين ، إن كان مع المسلمين تكلم قال الله قال الرسول ، والله الالتزام كويس ، والدشداشة القصيرة حلوة ، وإن كان مع المنافقين والكافرين والمجرمين يتكلم بلسانهم وبمعتقدهم ، لا بد من الخروج من حالة الغبش هذه ، وحالة النفاق . " مُذَبْذَبِينَ بينَ ذلِكَ لا إِلى هؤلاءِ ولا إلى هؤلاءِ " قطاعٌ عريضٌ في الأمة ، وهذه الحالة لا تنصرُ ديناً ولا عقيدة أبداً ، لا بد من إقامة الفرقان الإسلامي الآن لا سيما ونحن نرى في كل عام من احتفالات أعياد ميلادهم نرى صوراً تخلع القلب من صورِ هدمِ عقيدةِ الولاءِ والبَراءِ أسألُ الله أن يردنا إلى العقيدة رداً جميلاً .

 

فضيلة الشيخ يقول : الادعاءات اليهودية في أحقيتهم في القدس وعن حائط المبكى وضريح سليمان كما يدَّعون . نرجو التكرم بتوضيح ، والرد على هذه الادعاءات حتى عندما يناقشنا بعض العِلمانيين نعرف كيف نرد عليهم ؟

    أظن أن إخواننا ولله الحمد في فعاليات الأسبوع ، أسبوع الأقصى ، قد وضحوا هذا تاريخياً ، وقد أشرت إلى ذلك أيضاً في محاضرتي تاريخياً ، وأنا أتحدث عن تاريخ القدس .

   وذكر أخونا الدكتور وليد جزاه الله خيراً ، وغيره من الإخوة الأفاضل هذه الحقائق المثبتة ، بل ستعجبون إذا علمتم بأن غير المسلمين من الهيئات والمنظمات التي نَقَّبَتْ وبحثت أثبتت هذه الحقيقة ، ألا وهي أن القدس أرضٌ عربية ، وأرض إسلامية ، وليس لليهود حق فيها أبداً كما يزعمون ، أو كما يدعون ، فحائط المبكى كما يزعم اليهود يعني ستضحكون بملءِ أفواهكم هذا الحائط  الذي يسمونه بحائط البراق أو حائط المبكَى ، كما وضح إخواننا هنا جزاهم الله خيراً في هذا المعرض الرائع ، في هذا المعرض الرائع الذي استطاع وبحق أن يُجَسِّدَ لنا القضية لنراها بأعيننا ، ثم لنسمعها بآذاننا عبر الشريط الذي والله أنصح كل مسلم أن يكون هذا الشريط في بيته ولأولاده ليتعلم الأولاد حقيقة الأمر .

   فهذا الحائط يا إخوة تقريباً بطول خمسين متراً بارتفاع عشرين متراً ما كان لليهود إطلاقاً صلة وارتباط بهذا الحائط ، من فترة ما كانوا يعرفونه أبداً ، يعني كانوا لا يَتَعَبَّدون عند هذا الحائط من فترة ليست بعيدة ولا يعرفونه أصلاً ، وفجأة ظهروا بهذه الأُكذوبة التي يُغْنِي بُطلانُها عن إبطالها .

   فالمسجد كله هذا هو الجزء الغربي أو الجنوب الغربي المسجد كله بكل أجزائه إنما هو أرض مسلمة ، لا حق لليهود فيها على الإطلاق تاريخياً ، بل ومن خلال الحفريات التي قامت بها بعض المنظمات والهيئات غير المسلمة لم تثبت حقاً لليهود، لم تثبت أنقاضاً للهيكل المزعوم تحت أي جدار من جدران الأقصى ، وهذه حقائق معلومة ، لكن اليهود كما ذكر إخواني وذكرتُ متخصصون في التضليل ، متخصصون في التضليل ، ومتخصصون في لَيِّ أعناقِ الحقائق ، ولِمَ لا ؟ وقد قال ربنا ذلك ، الله تبارك وتعالى يقول : " الذين آتيناهُمُ  الكتابَ يعرفونَه كما يعرفونَ أبناءَهم وإنَّ فريقاً منهم لَيَكْتُمونَ الحقَّ وهم يَعْلَمون " ( وهم يعلمون ) فهم يعلمون أنه لا حقَّ لهم لكنهم يهود ‍‍فالحقيقة ثابتة يا إخواننا وواضحة وجلية جداً ، لا تحتاج إلى مزيد نَفَسٍ في التأكيد .

   بل بكل أسف لقد نجح اليهودُ لتكرارهم وعدم مللهم من الطَّرْح أن يُشَوِّشُوا هذه الحقائق الثابتة في كثير من العقول والقلوب المسلمة ولا حول ولا قوة إلا بالله، فاليهود متخصصون في التضليل ، ولا حق لهم في هذه الأرض أبداً ، ويكفي يا إخواننا أن نقرأ قول الله تبارك وتعالى : " سبحان الذي أسرى بعبدِه ليلاً من المسجدِ الحرامِ إلى المسجدِ الأقصى " ما قال إلى الهيكل الأقصى ، ولم يقل إلى الكنيسة القُصْوَى وإنما قال : " إلى المسجد الأقصى " هل نصدقُ الله عز وجل ، مسجد مسجد للمسلمين ، فسماه الله مسجداً ، ويوم أن بُنِىَ قبل أن يَطَأَ يهوديٌّ واحدٌ هذه الأرض كان يُسَمَّى مسجداً .

   ففي الصحيحين من حديث أبي ذر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئِل : يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أولاً ؟ قال : " المسجدُ الحرام " قيل أو قلتُ ثم أي ؟ القائل أبو ذر قلت : ثم أي ؟ قال : " المسجد الأقصى " منذ زمن بعيد المسجد الأقصى قلت كم بينهما ؟ قال : أربعون سنة . قلت ثم أي ؟ قال : ثم حيثُ أدركَتْكَ الصلاةُ فَصَلِّ فالأرضُ لكَ مسجدٌ "

   وإخواننا وضَّحوا في مجلتهم الغراء الممتعة ( القدس لنا ) أوضحوا لنا بأسلوب جميل شيق جذاب خلالها أقوال أهل العلم في أول مَن بنى الأقصى فمن أهل العلم من قال : بأن أول مَن بنى المسجد الحرام هم الملائكة ، المسجد الحرام ، ومنهم من يقول : إن أول من بنى المسجد الحرام هو آدم عليه السلام ، ومختلف في هذا ، ولكن المتفق عليه بين العلماء قاطبة أن القواعد للبيت الحرام قديمة وأن الذي رفعها إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام قال تعالى : " وإذ يرفعُ إبراهيمُ القواعِدَ من البيتِ وإسماعيلُ " الآية .

   ثم ذكر العلماء أيضاً مَن هو أولُ من بنى المسجد الأقصى ؟ فقال بعض أهل العلم : إن أولَ مَن بنى الأقصى هو آدم عليه السلام ، ومنهم من قال : إنَّ أول مَن بَنى المسجدَ الأقصى هو إبراهيمُ عليه السلام ، وهذا قولُ شيخِ الإسلامِ ابن تيمية رحمه الله في المجموع في المجلد رقم 17 مجموع الفتاوى.

   قال شيخ الإسلام : المسجدُ الأقصى كان من عهدِ إبراهيم ، وجاء سليمانُ فبناه بناءً عظيماً ، هو مسجد قبل أن يُولَدَ يهودي ، فمن أين تَحَوَّلَ هذا المسجد في أي جزء من الأجزاء إلى هيكل ؟ هو مسجد قبل أن يُولَدَ سليمانُ ، هو مسجد قبل أن يُولَد سليمان بنص حديث النبي ، قال : كما بينهما ؟ قال : " أربعون سنة " . لم يكن سليمان قد وجد ، وقد رزق إبراهيم بإسحاق بعد إسماعيل ب 14 سنة على الراجح ، 14 سنة بإسحاق ، ثم بعد ذلك يعقوب ، وبعد ذلك رَزَقَ الله عز وجل يعقوب بالأولاد ، ثم جاءَ نبي الله داود أو نبي الله سليمان ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول جواب كم بينهما ؟ قال : " أربعون سنة " .

   فإذن هو مسجد منذ القدم ، وهذه الأرض كما ذكر العلماء أرض عربية المذاق، إسلامية الهوية ، منذ أن بناها العرب اليبوسيون والكنعانيون قبل الميلاد ب 3000 عام ، يا إخواننا الواحد مما يزيده اسى وحزناً أنَّ اليهود نجحوا بالفعل ، إنهم يخلخلون ويؤثرون في فكر بعض المسلمين ، حتى شك بعض المسلمين في أن هذه الأرض فعلاً فيها حق لليهود ، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 

د. بسام الشطي :


في الحقيقة أَوَدُّ أَنْ أُذَكِّرَ الجميع باستخدام دعاء عظيم جداً كان يستخدمُه النبي صلى الله عليه وسلم ندعو الله به في صلاتنا لإخواننا المسلمين هناك ، فيقول صَلَّى الله عليه وسلم :

اللهم مُنْزِلَ الكتابِ ، ومُجْرِيَ السحاب ، وسريعَ الحِساب ، وهازِمَ الأحزاب ، اللهم اهزمْ اليهودَ شرَّ هزيمة ، اللهم عليك بالمفسدين في الأرض ، اللهم عليك باليهود المعتدين الغاصبين ، اللهم خُذْهُم أَخْذَ عزيزٍ مُقْتَدِر ، اللهم فَرِّقْ جمعَهم ، وشَتِّتْ رَمْيَهم ، وأنزلْ بأسَك الذي لا يُرَدُّ عن القومِ المجرمين .

   اللهم أرِنا فيهم يوماً أسودَ ، اللهم أحصِهم عدداً ، واقتُلْهم بَدَداً ، ولا تُبْقِ منهم أحداً ، اللهم أنزل عليهم رِجْسَك وغضبَك إلهَ الحق ، اللهم فَرِّقْ جمعَهم ، وشَتِّتْ رَمْيَهم اللهم  واقذفْ في قلوبِهُمُ الخوفَ والرعبَ ، إنك على كل شيء قدير ، اللهم واحفظ المسلمين بحفظِك ، واكلأْهُم برعايتك ، واحمِهم بحمايتك ، اللهم وَوَحِّدْ صفوفَهم ووحد قلوبهم اللهم وسدد رميَهم وثَبِّتَ أقدامَهم ، وانصرْهم على عدوك وعدوِّهم اللهم ، وثبت عليهم دينَهم إنك على كل شيءٍ قدير ، اللهم وأطعِمْ جائِعَهم واكسُ عُريانَهم ، اللهم ووفقهم لكل خيرٍ وثبتْهم على الطاعةِ ، إنك على كل شيءٍ قدير ، اللهم حَرِّرْ قدسَنا الشريف من أيدي الطغاة ، اللهم حررْ أراضي المسلمين من اليهود والنصارى والغاصبين إنكَ على كل شيء قدير ، اللهم عليك باليهودِ ومَن شايَعَهم ، اللهم عليك باليهود ومَن شايَعَهم اللهم أرِنا فيهم عجائِب قُدْرَتِكَ إنكَ على كل شيء قدير ، وصَلَّى الله وسلم وبارَكَ على نبينا محمد .



 

.