فلسطين التاريخ / تهويد وتزوير وإجرام
البنك الدولي وتمويله للجدار العازل.
البنك الدولي وتمويله للجدار العازل
جاء في كتاب "الرقابة والتعتيم في الإعلام الأمريكي" ، والذي قام بتحريره " بيتر فيليبس " ومشروع " مُرَاقَب" كتقرير للعام 2007م ؛ وكتبت عنه صحيفة " لوس أنجلوس تايمز " بأنه " كتاب يجب أن يقرأه كل صحفي ومواطن واع " ؛ حيث تضمن أهم القضايا والتقارير التي تم قمعها وأخضعت للرقابة في شركات الإعلام التي تملك وكالات الأنباء وبث الأخبار على مدار الساعة ، ومنها قضية " البنك الدولي وتمويله للجدار العازل بين "إسرائيل" و فلسطين " سأكتفي بنقل فقرات من هذا التقرير وأظن أن لا حاجة للتعليق عليها لأنها واضحة جلية ؛ وسأختم بشعارات البنك الدولي ومدى تطبيقها في فلسطين :
"على الرغم من قرار محكمة العدل الدولية الصادر في عام 2004م الذي دعا إلى هدم الجدار وتعويض المجتمعات المحلية التي تأثرت ، فقد تم تسريع بناء الجدار الذي يمر في عمق الأراضي الفلسطينية ويساعد على ضم المغتصبات وقطع التواصل بين القرى الفلسطينية ، إلا أن رؤية البنك الدولي لـ " التنمية الاقتصادية " تتحاشى أية مناقشة لمشروعية الجدار " .
"وكان من مقترحات البنك الدولي إقامة مناطق صناعية ضخمة تمولها الدول المانحة والبنك الدولي ويسيطر عليها الاحتلال !!وذلك كرؤية مستقبلية للمنطقة الحرة " الشرق أوسطية الفلسطينية" فيما بعد الجدار ، يمكن الاحتلال من السيطرة الكاملة على التحرك الفلسطيني" .
ففي تقرير " البنك الدولي " نُشر في ديسمبر عام 2004م بعنوان " ركود أم أحياء : فك الارتباط الإسرائيلي والتوقعات الاقتصادية الفلسطينية " ؛ يقترح التقرير وجود بوابات ونقاط تفتيش عسكرية ذات تكنولوجيا فائقة على امتداد الجدار يمكن من خلالها نقل الصادرات الفلسطينية والسيطرة عليها على نحو مريح !!
والباحث تيري والتس من "مجلس المصالح القومية" الذي يتخذ من واشنطن مقراً له ، والذي يراقب السياسة الأمريكية والدولية تجاه الكيان اليهودي والفلسطينيين ، قال : " لا بد لي من الاعتراف بأن جعل الفلسطينيين يدفعون ثمن تحديث نقاط التفتيش تلك أمر يبعث على الحيرة ، حيث إنه لم تكن لهم علاقة بإقامة الجدار العازل أصلا ، بل واعترضوا عليها ، وأظن أن القضية برمتها غامضة إلى أقصى حد " .
وأضاف التقرير : " ويبدو من تلك الممارسات والإجراءات والقرارات أن البنك الدولي مستعداً للمشاركة بفاعلية في الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية ... ففي انتهاك لحكم محكمة العدل الدولية ، أسهمت الولايات المتحدة بمبلغ 50 مليون دولار في بناء بوابات على امتداد الجدار العازل من أجل " المساعدة في تلبية احتياجات الفلسطينيين " !!
وبين ثنايا هذا التقرير كشف عن الآلية الآثمة للسيطرة والاستغلال ونزع الملكية التي وضعها الاحتلال ، علاوة على أنشطة المجتمع الدولي لحماية الجدار واستدامة الجيتوهات الفلسطينية ؛
"وأوضح أن قصة الجدار قصة لا يريد أحد سماعها ، وهي عولمة " الأبارتهيد " في احتلال فلسطين ، فللصهيونية مصالحتها في فرض حياة الجيتو على 4 ملايين فلسطيني في الضفة الغربية وغزة وضمان تهويد القدس ، فلذلك يضمن وجود أغلبية ديموغرافية يهودية وتفوقاً عرقياً على أكبر جزء ممكن من فلسطين ، الأمر الذي يتعارض مع قرارات الأمم المتحدة وحكم محكمة العدل الدولية الأخير بشأن الجدار" .
ويقول التقرير عن البنك الدولي : " وهو يجد في إطار هذا المشروع حلفاء في المجتمع الدولي حريصين على استغلال العمالة الفلسطينية الرخيصة المحبوسة خلف الجدران والبوابات ، وقد أصبحت الدرجة التي تعمل بها الصهيونية والمجتمع الدولي برئاسة البنك الدولي معاً بهدف السيطرة على كل جانب من جوانب الحياة الفلسطينية واضحة إلى حد كبير " .
ويذكر البنك الدولي بوضوح أن أجور الفلسطينيين الحالية مرتفعة بالنسبة للمنطقة و"تهدد التنافس الدولي" !! مع أن الأجور لا تتعدى ربع متوسط الأجور في الكيان اليهودي !! ففي تقرير البنك الدولي لم يكتفي بتكريس الاحتلال العسكري والمذابح الجارية .. فأرادوا أن يخضعوا الفلسطينيين لاستعمار اقتصادي ".
" فقد قُلِّص دور السلطة الفلسطينية إلى حد مديري البانتوستانات - وهي الجيوب التي أقامها نظام العنصري في جنوب أفريقيا للسود لتكون معزل لهم - وقد رفض ومازال الشعب الفلسطيني البانيوستانات بشدة في صناديق الاقتراع "!!
فبينما مسئولية البنك الدولي الأساسية أصبحت مركزة في وضع السياسات الاقتصادية من أجل استدامة البانتوستانات الفلسطينية ، فإن هذه المؤسسة تسير في الوقت الرهن جهود ضمان عدم تمكن الفلسطينيين من التدخل في خطط الاحتلال والمجتمع الدولي ، ويسرع البنك الدولي الخطى لتولي مسئولية رواتب المؤسسات الفلسطينية المختلفة ، في حال انصياع السلطة الفلسطينية للمصالح الصهيونية الكونية !!
وكلمات واضحة خطت في التقرير هذا نصها : " ففي إطار إضفاء الشرعية على الجدار ، وضم القدس ، وزيادة أعداد المستوطنين ، وإنكار مجرد وجود اللاجئين ، يجد أولمرت تواطئاً مستعداً من البنك وواضعي سياسته في واشنطن الذين يتطلعون إلى تحقيق أرباح من دولة "البانتوستانات" ، ولن يقبل الشعب الفلسطيني الخطة بحال من الأحوال ولذلك فالمأمول هو أنه سيُجوَّع كي يقبلها ، حيث ستكون جلّ مطالبات الشعب الفلسطيني وقياداته من المؤسسات الخارجية محصورة في التزويد بالخبز بدل الالتزام بواجباتها طبقاً للقانون " .
وخُتم التقرير بالفقرات التالية : " لا يظهر أي من أشكال واقع الحياة المرعبة في فلسطين في عناوين وسائل الإعلام الجماهيرية والدبلوماسية الدولية ، حيث يسمون تحويل فلسطين إلى "جيتوهات"بناء الدولة !! ويسمى التواطؤ الدولي مع الأبارتهيد " الإسرائيلي " المساعدات الدولية "!! ويفترضون أن يكون الفلسطينيون ممتنين لوجود بوابات في الجدار يمكنهم من خلالها التنقل بين الجيتوهات !!
"وتماماً كما هو حال مخططات أولمرت مع البيت الأبيض يتحاشى الإعلام ويهمل حقوق الفلسطينيين وآرائهم ، فلا القتل اليومي لشعب أعزل ، وتدمير بيوته وجرف أراضيه ونزع ملكية ما ورثه عن أبائه وأجداده ، أو معاناة 6 ملايين لاجئ يصنع عناوين للصحف ، ويُترك مستهلكو إعلام التيار السائد لمناقشة النقد العنيف الخاص بـ"السلام" و"الحدود" المتنازع عليها ، بينما تستمر العنصرية والتطهير العرقي وخلق الجيتوهات " .
"هذا هو حال المنظمات والهيئات الدولية في تعاملها مع مأساة فلسطين ، فلم تكتفي بتمكين اليهود على أرض غيرهم ، وسن القرارات لشرعية وجودهم ، بل قامت بتقسيم الناس إلى فئتين : فئة فوق القانون ، وفئة تحت القانون تلتصق بها الاتهامات على كل حال ، حتى وإن عملت بموجب القانون والتزمت ببنوده" .
"وهذه منظمات حقوق الإنسان وكأنها تخصصت للحفاظ على حقوق نوع خاص من الإنسان وليس لكل إنسان ويستثنى منها المسلم وما يحدث على أرض فلسطين المغتصبة بأيدي اليهود المجرمين لشاهدٌ على أن الحرمة لأناس من مواصفات خاصة" !!
فالبنك الدولي شعاره المعلن : " نعمل من أجل عالم خال من الفقر " !! أليس الفقر قد وصل أكثر من 80% بين الفلسطينيين في القطاع !! أليس من مهامه المساعدة في تقليص الفقر البنك تفيض أعداد الفقراء ألا ينطبق هذا على أهل فلسطين !! ولماذا يساهم البنك الدولي في زيادة المعاناة ؟!!
أليس البنك الدولي من أكبر المصادر الدولية تمويلاً لمشروعات حماية الحيوانات والنباتات التي تتعرض للأخطار ؟!! ألم يسمع معاناة البشر والشجر والحجر في فلسطين !! أليس من أعمال البنك الدولي المساعدة في إتاحة المياه النظيفة والكهرباء وخدمات النقل للفقراء ؟!! وهل رأى معاناة أهل غزة في المياه الملوثة والكهرباء المقطوعة والنقل الذي غدا على الحمير والبغال بعد أن حرموا من الوقود وعانوا من الحصار !!
وفي نشراتهم وإصداراتهم يسطرون عبارات جميلة كقولهم : " البنك الدولي يصغي ويستجيب لأصوات الفقراء "!! وألسنتنا تردد حسبنا الله ونعم الوكيل !!
عيسى القدومي
.