فلسطين التاريخ / الواقع والمأمول
حِكَم عظيمة من الأحداث في فلسطين
منصور الزبيري
قال تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَیۡكُمُ ٱلۡقِتَالُ وَهُوَ كُرۡهࣱ لَّكُمۡۖ وَعَسَىٰۤ أَن تَكۡرَهُوا۟ شَیۡـࣰٔا وَهُوَ خَیۡرࣱ لَّكُمۡۖ وَعَسَىٰۤ أَن تُحِبُّوا۟ شَیۡـࣰٔا وَهُوَ شَرࣱّ لَّكُمۡۚ وَٱللَّهُ یَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ﴾[ سورة البقرة ٢١٦].
لله حِكم عظيمة فيما يحدث اليوم في فلسطين سأكتفي بالإشارة إلى سبع منها على وجه الاختصار:
الأولى: لو لم يكن من هذه الحِكَم إلا هذا الأمر لكان كافيا بأن الله لا يقدر شيئا إلا لحكمة، ألا وهو أن الكفار أعداء للإسلام والمسلمين وبعد أن كاد ينخدع الكثير من المسلمين بأن هذه الدول لا تعادي الإسلام والمسلمين وأنها دول العدالة والإنسانية، أراد الله أن يبين لهم هذا الأمر بالفعل ليزداد يقينهم بما ذكره الله في القرآن عن الكافرين وموالاتهم لبعضهم وبغضهم وكرههم لأهل الإسلام، ولو تكلم المتكلم في الليل والنهار لما غير بعضهم قناعته لأن أعداء الإسلام قد اتقنوا اللعبة وتفننوا في المكر والخداع، فجاء مثل هذا الحدث العظيم ليؤكد أخبار القرآن.
دولة اليهود دولة ظالمة غاصبة مجرمة محتلة قتلت وأحرقت وشردت النساء والأطفال خلال سبعين سنة، وعندما انتقم بعض المسلمين بما لا يساوي شيئا من إجرامهم وقف الغرب كله مع الظالم الكافر ضد المسلم المظلوم وقاموا بالضرب والحرق والتشريد ومنع الطعام والشراب بلا حقوق إنسان ولا حتى حقوق حيوان، حتى الصين وروسيا ويشكرون على بعض مواقفهم إلا أنه لو لم يكن بينهم وبين الغرب خلاف لكانوا في صفهم.
الثانية: قال تعالى: ﴿وَیَتَّخِذَ مِنكُمۡ شُهَدَاۤءَۗ﴾ وهي درجة رفيعة في الجنة، وشرف في الدنيا قبل الآخرة.
الثالثة: قال تعالى: ﴿أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن یُتۡرَكُوۤا۟ أَن یَقُولُوۤا۟ ءَامَنَّا وَهُمۡ لَا یُفۡتَنُونَ (٢) وَلَقَدۡ فَتَنَّا ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡۖ فَلَیَعۡلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ صَدَقُوا۟ وَلَیَعۡلَمَنَّ ٱلۡكَـٰذِبِینَ (٣)﴾[العنكبوت] ليتميز الصادق من الكاذب في ادعاء الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر، والدنيا دار ابتلاء وليست دار جزاء، والحق والباطل في صراع إلى قيام الساعة، وأَشَدُّ الناس بَلَاءً الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ، يُبْتَلَى الْعَبْدُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَمَا يَبْرَحُ الْبَلَاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ وَمَا عَلَيْهِ مِنْ خَطِيئَةٍ هكذا قال الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام، وسلعة الله غالية، والإسلام لا يقبل في صفه المتذبذبين.
الرابعة: الأجور العظيمة لمن احتسب وصبر فيما جرى له من جراح، وفراق حبيب من قريب أو مال ومسكن، وجوع وتعب وعناء وتضحية ودفاع عن الإسلام ومقدساته قال تعالى: ﴿إِنَّمَا یُوَفَّى ٱلصَّـٰبِرُونَ أَجۡرَهُم بِغَیۡرِ حِسَابࣲ﴾ وفي الحديث الذي في البخاري (رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا).
الخامسة: ومن الحكم العظيمة ما ناله أهل غزة من دعوات من المسلمين وسيجدون أثر ذلك في الدنيا والآخرة والدعاء شأنه عظيم سواء الدعاء للمسلمين أو الدعاء على الكافرين.
السادسة: وهو من الحكم التي ذكرها الله عن معركة أحد في سورة آل عمران قال تعالى: ﴿وَیَمۡحَقَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ﴾ فما وقع من الظلم على الأطفال والنساء في فلسطين ثم دعواتهم ودعوات المسلمين على من ظلمهم هذا لن يذهب سدى عند الله.
السابعة والأخيرة: ومن الحكم ما رأيناه من اجتماع وتآلف المسلمين فيما بينهم وهذا أمر أثلج الصدور وأسأل الله أن يجمع كلمة المسلمين على الحق والخير والرحمة والسداد.
صحيح أن الهم والكرب لا يفارق قلوبنا لحظة على ما يصير لإخواننا في غزة خاصة النساء والأطفال إلا أن لله حكما عظيمة غير ما ذكرت وستكون هناك حكم إن شاء الله في المستقبل تفرح كل مسلم وبقدر انقيادنا للكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح من الصحابة ومن تبعهم بإحسان بقدر ما تذهلنا النتائج والعطاء الرباني.
ونسأل الله أن يجعل لإخواننا في فلسطين فرجا ومخرجا وأن يهلك اليهود ومن أعانهم إنه على كل شيء قدير.
الأحد ٣٠ ربيع الأول ١٤٤٥ه
15-10-2023م
.