دراسات وتوثيقات / توثيق
" ليبارك الرب شعب ودولة إسرائيل " !!
عبارة لخصها بابا الفاتيكان الجديد " " بنديكت السادس عشر " ليوضح موقفه على وجه السرعة من اليهود وكيانهم ، في أول حفل استقبال لسفراء السلك الدبلوماسي المعتمدين في دولة الفاتيكان .
ونقل السفير الصهيوني لبابا الفاتيكان الجديد أحر التهاني من "دولة إسرائيل" والشعب اليهودي ، وشكرهم على مواقف الفاتيكان السابقة واللاحقة !!
لعل البعض تفاجأ من الصراحة والوضوح في تلك العبارة على الرغم أن ممارسات اليهود واعتداءاتهم لا تخفى على أحد ، فما السر في تصريحات البابا الجديد ؟
إذا أردنا أن نعرف ماهية هذا التوافق فلا بد أن نعيد قراءتنا للأحداث وللتاريخ المعاصر لنعي كيف أن المصالح النصرانية اليهودية أوجدت في قلب العالم الإسلامي كياناً غريباً أسمته " إسرائيل" ، وعملت وما زالت من أجل بقاءه وديمومته .
ولا بد أن نعود إلى مؤتمر لندن الاستعماري الذي عُقد في عام 1905م تحت رعاية الدول الاستعمارية " بريطانيا ، فرنسا ، هولندا ، إيطاليا .. " حيث ظهرت فكرة إنشاء " الدولة الحاجزة " في منطقة فلسطين :
· لغرس كيان غريب في قلب العالم الإسلامي .
· يفصل العالم الإسلامي إلى قسمين آسيوي وأفريقي ، ويمنع وحدته .
· ويضمن ضعفه وتفككه .
· ويكون عدو لشعوب المنطقة .
وسيسعى هذا الكيان - الوظيفي – في المقابل لضرب أي نمو حضاري في المنطقة ، ويشغل العالم الإسلامي بمشكلة طويلة ومعقدة تستنزف طاقته وجهوده وتبقيه إلى أبعد مدى ممكن في فلك التبعية والضعف والحاجة للعالم الغربي وقواه الكبرى .
فالهدف الأكبر من وجود الكيان اليهودي على أرض فلسطين هو : أن يؤسس الصهاينة اليهود قاعدة للاستعمار الغربي ، وتتعهد الصهيونية بتحقيق مطالب الغرب ذات الطابع الديني والاستراتيجي ، ومنها الحفاظ على تفتت المنطقة العربية ، لتصبح " المنطقة " رقعة بلا تاريخ ولا ذاكرة ولا هوية ولا مصالح مستقلة ، تحت مسمى " الشرق الأوسط " !!
كما إن هذا الكيان سيكون بحاجة إلى دعم الغرب لضمان استمراره ، لأن الغرب بحاجة دائمة إليه لضمان ضعف العالم الإسلامي وتفككه وتبعيته "وكان أفضل من ينفذ هذا المشروع هم اليهود " .
وبذلك نشأ تحالف يهودي صهيوني وغربي صليبي ، وهنا تكمن أهمية أن يفهم المسلمون أن هذا المشروع موجه ضد كل مسلم وآماله في الوحدة والنهضة والتقدم والتمسك بدينه وثوابته ، وليس ضد الفلسطينيين وحدهم .
فالغرب عانى الكثير من الصراع مع المسلمين والذين كانت لهم اليد الطولى نحو أحد عشر قرناً وما كانت لتنتهي دولة مسلمة وخلافة إسلامية حتى تحل مكانها خلافة أخرى تجدد الحيوية في هذه الأمة ، وتحفظ عزتها وكرامتها ، فكانت دولة الراشدين والأمويين والعباسيين والمماليك وتمكن العثمانيون الذين خلفوا المماليك من فتح معظم أوروبا الشرقية ومن توحيد العالم العربي تحت رايتهم حصناً عظيماً للإسلام قروناً عديدة ، غير أن ضعف الدولة العثمانية خصوصاً في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين جعل الأوروبيين يفكرون بطريقة تضمن ألا تقوم بعد ذلك للعالم الإسلامي قائمة وألا تحل محل العثمانيين دولة مسلمة جديدة ومن هنا كانت فكرة الدولة الحاجزة ...ومن هنا جاءت عبارة بابا الفاتيكان الجديد " ليبارك الرب شعب ودولة إسرائيل " !!
عيسى قدومي