فلسطين التاريخ / تهويد وتزوير وإجرام

عطلة السبت شريعة يهودية منسوخة

أ.جهاد العايش

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} (1)

وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (2)، وقال: {يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (3).

أما بعد:

لقد أنسل إلينا، وجاس فينا كثير من عبادات وعادات الكفار على أنها قوانين دولية، ومصالح مشتركة، وضرورة اقتصادية ملحة، أو حاجة اجتماعية، ووسيلة ترفيهية بريئة من العادات المباحة، دون النظر إلى عواقبها، نعم لقد سوغ ضعاف الانتماء لدين الإسلام لأنفسهم فعل القليل منها على أنها لا تضر، كقولهم إننا لا نأخذ من يوم السبت سوى الاجازة، وصرفنا عنها ما يرافقها من شيء من عبادات اليهود، أو اعتقاداتهم، نعم إقرار إجازة يوم السبت هي حلقة في سلسلة ضياع الهوية، والصبغة الاسلامية.

حتى تمادى بهم الأمر وتطور، فطالعونا ببدعة جديدة، ودخيلة على ديننا، وأخلاقنا، وعاداتنا وتقاليدنا، حتى إنها لم تكن في جاهلية العرب الأولى، كلها سفاهة، وانحطاط في الأخلاق، بما يسمونه بعيد الحب، نسبة إلى كافر يدعى "فلنتاين"، فأصبح هذا العيد في هذا اليوم (14/2) مناسبة في كل عام، يعرفها الكبير والصغير في غالب البندان، بل هو يوم يترقبه العشاق والسفلة، ليكون مبررا لإشاعة الفاحشة جهارا نهارا، ومن غير ستار، بل وتتسابق الفضائيات المنحطة، والمشبوهة في استضافة الساقطين والساقطات، ليقدموا لجماهير المسلمين ألوان الرذيلة، التي يندى لها جبين من كان عنده أدنى ذرة من حياء، ليصدق فيهم قول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم:" إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت"(4)؛ لتكون هذه المناسبة مبررا عاما لانحطاط الأخلاق بعبارتهم، وأفعالهم، وشعاراتهم، وما يلحق ذلك من طقوس خاصة بهذا اليوم من تبادل للتهاني، والورود الحمراء، وإقامة اللقاءات، والاحتفالات.

إن أعيادا ومناسبات دخيلة على ديننا، كانت سببا في مزاحمة الأعياد التي شرعها الله، كعيد الفطر، والأضحى، والجمعة، وهو عيد أسبوعي، حتى غدت كثير من الأفعال الخاصة بالعيد الشرعي، تمارس في سائر الأعياد البدعية، من تعطيل الأعمال اليومية بشكل قانوني رسمي أو شعبي، تعارفت عليه الجماهير ليخصوه ويميزوه بالجديد من الملبس، والمأكل، وتقديم التهاني، وإقامة الحفلات وتكثيف الزيارات، وما يكون من إظهار فرح في تزيين البيوت، والتوسعة على الأهل، والأولاد من توزيع النقود، والهدايا، والحلويات، وما يمارسه بعض أصحاب التجارات الذين زلت بهم الأقدام، ولا يرعون لدين الله حرمة، ويعينون أصحاب المعاصي على معاصيهم، فيزيدون الطين بلة، فيجملون متاجرهم، ويزينوها استعدادا لهذه المناسبات المحرمة، أو بالإعلان عن خصومات وامتيازات على سلعهم، لتكون المناسبة لهم، فرصة في الربح الكثير في أيام معدودة، بعد أن تزاحمت عند أبواب محالهم أقدام سفهاء الأحلام هداهم الله.

والله من وراء القصد

المبحث الأول: تعريف السبت في اللغة والاصطلاح العبري.

المطلب الأول: معنى السبت في اللغة العربية.

السبت: تعني القطع (5)، وتعني كذلك الحَلْقُ (6)

قال الجوهري: وسمي يوم السبت، لانقطاع الأيام عنده (7).

ومنه سبت السير: قطع السير، وسبت شعره: حلقه (8).

وسبت فلان: صار في السبت وقوله: {يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً} (9)، قيل: يوم قطعهم للعمل، {وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ}، قيل: معناه لا يقطعون العمل، وقيل: يوم لا يكونون في السبت، وكلاهما إشارة إلى حالة واحدة، وقوله: {إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ} (10)، أي: ترك العمل فيه، {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} (11)، أي: قطعا للعمل (12).

ومعنى "سبتا "نام، واستراح، وسكن، وفلان سبتا دخل في يوم السبت، واليهود قامت بأمر سبتها وهو انقطاعهم عن المعيشة والاكتساب.

وقال صاحب التاج: لا يعلم في كلام العرب سبت، بمعنى استراح؛ وإنما معنى سبت: قطع (13).

المطلب الثاني: المعنى العبري لكلمة السبت.

الأصل العبري "شبت" Shabbat""، مأخوذ من الفعل شبت، ومعناه "يتوقف"، أو "يستريح"، وهي مشتقة من كلمة "شبتو" البابلية، التي كان يستخدمها البابليون للإشارة إلى أيام الصوم، والدعاء، وإلى مهرجان القمر المكتمل (البدر) (14).

المبحث الثاني: أحكام يوم السبت عند اليهود.

المطلب الأول: حرمة السبت ف التشريع اليهودي، كما جاء في الكتاب المقدس.

جاء فيسفر الخروج: أن الله تعالى قدس يوم السبت، وأمر بني إسرائيل في الوصايا العشرة حفظ يوم السبت، والتوقف عن العمل (15).

" اُذْكُرْ يَوْمَ السَّبْتِ لِتُقَدِّسَهُ، سِتَّةَ أَيَّامٍ تَعْمَلُ وَتَصْنَعُ جَمِيعَ مَشَاغِلِكَ، وَأَمَّا الْيَوْمُ السَّابعُ فَتَجْعَلُهُ سَبْتاً لِلرَّبِّ إِلهِكَ، فَلاَ تَقُمْ فِيهِ بِأيِّ عَمَلٍ أنْتَ أَو ابْنُكَ أو ابْنَتُكَ أو عَبْدُكَ أو أَمَتُكَ أو بَهِيمَتُكَ أو النَّزِيلُ الْمُقِيمُ دَاخِلَ أَبْوَابِكَ، لأَنْ الرَّبُّ قَدْ صَنَعَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَالْبَحْرَ وَكُلَّ مَا فِيهَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ، ثُمَّ اسْتَرَاحَ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ. لِهَذَا بَارَكَ الرَّبُّ يَوْمَ السَّبْتِ وَجَعَلَهُ مُقَدَّساً ".

ويتكرر يوم السبت في العام العبري أكثر من خمسين مرة، وهو مقدس جدا لدى اليهود، ويعتبر أكثر الأعياد اليهودية قداسة.

وقد كان اليهود يتطلعون إلى السبت بفرح وبهجة، وكان حرمانهم من الاحتفال بالسبت في السبي عقابا لهم من الله.

وكان المتمسك بالتعاليم اليهودية الخاصة بيوم السبت يطلق عليه مصطلح "حافظ حرمة السبت"، ويعنى به هو ذلك اليهودي المتمسك بتعاليم حرمة السبت، مجتنباً محرمات هذا اليوم.

ويوم السبت هو العيد الأسبوعي، أو يوم الراحة عند اليهود، ويحرم فيه العمل.

ولذلك، فإن الله بارك هذا اليوم وقدسه، وحرم فيه القيام بأي نشاط، وقد جاء أكثر من نص صريح في التوراة يفيد هذا المعنى (16).

ويرى آخرون أن تحريم العمل يوم السبت يعود إلى أن الإنسان ند للإله، وشريك في عملية الخلق، فالإله عمل ثم استراح، والإنسان يعمل بدوره في الخلق، ثم عليه أن يستريح، وهذا تعبير عن الطبقة الحلولية في التركيب الجيولوجي اليهودي.

ويرى فريق ثالث أن تقديس السبت إحياء لذكرى خروج اليهود من مصر، وتخليصهم من العبودية، وتؤكد أسفار موسى الخمسة، في غير موضع، ضرورة الحفاظ على شعائر السبت كعهد دائم بين الإله وجماعة إسرائيل، وبذا يصبح السبت إحدى علامات الاصطفاء، وإقامة هذه الشعائر يعجل بقدوم الماشيح (17).

 ومن عادة الحسيديم أن يغتسلوا احتفالا بقدوم يوم السبت، قبل مغيب الشمس بساعة أو ساعتين من يوم الجمعة، وتكون الحمامات في الوقت الذي ذكرناه من أكثر الأماكن الحسيدية انشغالا، وأشدها ازدحاما، ويعتبر الاغتسال هذا واجبا عندهم، والكثير من (الحسيديم) (18) يتجشمون مصاعب السفر، وتعبه من أجل أن يكونوا مع مرشدهم الديني، وفي هذا اليوم أوجب الحاخامات أكل ثلاث وجبات، وأن يأكل في كل وجبة خبزا، وهذا الوجوب ينطبق على المرأة اليهودية كذلك (19).

 المطلب الثاني: من أعمال كهنة الهيكل - وهو المعبد اليهودي الذي يحاول اليهود بناءه على أنقاض المسجد الأقصى لا قدر الله - يوم السبت يستعد الكهنة للاحتفال بالسبت في الهيكل مع الكهنة الذين يقومون بالتناوب فيما بينهم على أعمال هذا العيد في الهيكل، وأهمها الإعلان عن الاحتفال بثلاث نفخات في أبواق الكهنة، ليتوقف الكل عن العمل يشعل مصباح السبت، ويرتدي الكل ملابس العيد.

وينفخ الكهنة مرة أخرى بالأبواق ثلاث نفخات، للإعلان ببدء فعاليات طقوس السبت، ثم يتم الاقتراع بين رؤساء العشائر ذات الأصول القديمة كما يزعمون، لتحديد أدوار الخدمة لكل واحد منهم طوال أيام الأسبوع، وأول أعمال الكهنة في هذا اليوم هو تغيير (خبز الوجوه) (20)، الذي أعد يوم الجمعة، ثم يقدم الكهنة الخارجون ذبيحة الصباح، والمناوبون الجدد ذبيحة المساء، وغير ذلك من طقوس يهودية.

 المطلب الثالث: آخر أعمال يوم السبت.

يختتم الاحتفال يختتم الاحتفال بعيد السبت بترانيم تسبحة موسى الواردة ف التوراة (21)، ليعلنوا أن السبت هو فرار من عبودية فرعون (إبليس)، وانتصار روحي على جنوده، وللانطلاق خلال البرية إلى الأرض الموعودة (فلسطين).

 المطلب الرابع: عطلة السبت في دولة الكيان اليهودي قرار رسمي.

وبعد أن أصبح للجماعات، والفرق، والأحزاب الصهيونية، واليهودية دولة في فلسطين، تم اعتبار يوم السبت إجازة رسمية وعيد يهودي أسبوعي، وهو من أهم الأعياد اليهودية، فقد جاء في قانون العمل لدولة الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة، الصادر عام ١٩٥٦ م، ينص على أن السبت يوم الراحة الأسبوعية.

ثم فرضت الدولة العبرية، وبمساعدة المتدينين اليهود قوانين، تضع قيود كبيرة على الحركة العامة أيام السبت، وعلى المؤسسات الحكومية، والتجارية، وحركة المواصلات العامة، وغير ذلك.

ثم سيرت ما يسمى: بـ دوريات السبت"، وهم عناصر شرطة من غير اليهود، يقومون بتحرير المخالفات ضد كل من يخالف تعاليم السبت.

 المطلب الخامس: عقوبة انتهاك حرمة السبت.

في الشريعة اليهودية الأمر بقتل من يعمل يوم السبت، والإعدام رجما هي عقوبة من يقوم بخرق شعائر السبت، ولم يكن عند اليهود خطيئة أعظم منها، إلا عبادة الأوثان. وقد جاء النص على ذلك ف التوراة: " لما كان بنو إسرائيل في البرية، وجدوا رجلا يحتطب حطبا في يوم السبت، فقدمه الذين وجدوه يحتطب حطبا إلى موسى وهرون، وكل الجماعة، فوضعوه في المحرس، لأنه لم يعلن ماذا يفعل به. فقال الرب لموسى: قتلا يقتل الرجل يرجمه بحجارة كل الجماعة خارج المحلة، فأخرجه كل الجماعة إلى خارج المحلة، ورجموه بحجارة فمات، كما آمر الرب موسى" (22).

وجاء فالتوراة ما نصه: "كل من صنع عملا يوم السبت ممكن قتله" (23) وان أحكاما كهذه يعتقد بها اليهود، حتما ستقودهم إلى أن يفرضوها على أنفسهم، وغيرهم، حتى ولو كان ذلك بالقوة.

• المطلب السادس: اعتقادهم بحرمة السبت مبعثه الكفر بالله سبحانه وتعالى.

نسبوا إلى الله تبارك وتعالى التعب، والحاجة إلى الراحة لما خلق السماء والأرض، كما جاء في التوراة: "وكلم الرب موسى قائلا: وأنت تكلم بني إسرائيل قائلا: سبوتي تحفظونها، لأنه علامة بيني وبينكم في أجيالكم، لتعلموا أني أنا الرب الذي يقدسكم، فتحفظون السبت، لأنه مقدس لكم، من دنسه يقتل قتلا، لأنه في ستة أيام صنع الرب السماء والأرض، وفي اليوم السابع استراح وتنفس " (24)

كما أن اليهود وصفوا الله تعالى بصفات المخلوق الناقصة، فقالوا: إنه تعب من الخلق فاستراح يوم السابع وهو السبت، فان الإله خلق السموات والأرض في ستة أيام، ثم استراح في اليوم السابع، "اذكر يوم السبت لتقدسه، ستة أيام تعمل وتصنع جميع عملك، وأما اليوم السابع ففيه سبت للرب إلهك، لا تصنع عملا ما، أنت، وابنتك، وعبدك، وبهيمتك، ونزيلك الذي داخل أبوابك، لأن في ستة أيام صنع الرب السماء والأرض، والبحر وكل ما فيها، واستراح في اليوم السابع، لذلك بارك الرب يوم السبت وقدسه" (25)

فجاء رده سبحانه وتعالى على كفرهم، واضحا جليا، ينفي عن نفسه التعب والنصب جل في علاه، فيقوله: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ} (٢6)

أما عزرا " (27) صاحب الشأن عند اليهود، فلم يذكر أن الله تعب فاستراح في اليوم السابع (28)

• المطلب السابع: ما يحرم فعله على اليهود يوم السبت.

أما جملة المحرمات التي حرمها اليهود على أنفسهم فلم تأت مفصلة، لكن التقطوها من عدة مصادر، من ذلك العهد القديم، والكتب المفسرة له "كالمشناة"، والجمارا" التي دونت أقوال علمائهم الشفوية، وتأويلاتهم الخاصة، حتى وصل عدد تلك المحرمات في يوم السبت إلى تسعة وثلاثين عملا رئيسيا، يتفرع منها أعمال أخرى شبيهة بها.

ويحزم على اليهودي يوم السبت، والمطبق لتعاليم التوراة الخروج من البيت، وهو يحمل معه ما من شأنه أن يكون سببا في ممارسة أي عمل، أو يساعد على ذلك من حمل أدوات أو أموال، أو ما من شأنه أن يشغله عن ذكر الرب، من بيع، أو شراء، أو الكتابة ونحوها، والذهاب للعمل، أو إيقاد جميع أنواع النار، لطهي الطعام على ما يسمى بالطباخ أو الحطب، وحرمت طائفة "القراءون" مضاجعة الرجل زوجته في هذا اليوم، كما يحرم السفر، أو المشي مسافات تزيد على نصف ميل.

إذ يجب عليه ألا يحمل معه أي شيء سوى التوراة، أو كتاب الصلوات، غير أن "جابوتنسكي" (29) يشير إلى أحد الحاخامات الذين أجازوا ١" حمل التوراة، والسيف معا في يوم السبت، لأنهما أرسلا معا من السماء.

• المطلب الثامن: المواقيت الزمنية ليوم السبت عند اليهود.

تبدأ الاحتفالات بالسبت منذ دخوله قبل غروب شمس يوم الجمعة ببضع دقائق (30)، وتنتهي بخروجه عشية الأحد، وتصل إلى خمس وعشرين ساعة، تبدا من الساعة الرابعة مساء الجمعة، وتنتهي في الخامسة تقريبا من مساء السبت.

ومن شدة إفراطهم في تقديس السبت فقد تمخضت عنه مناسبات سبتية أخرى مقدسة تصل إلى أربعة عشر مناسبة سبتية.

• المطلب التاسع: هرطقات سبتية.

عندما يبدأ السبت في الدخول يتشبع الهواء برائحة رقيقة وطيبة، من نوع خاص، لا يعادلها أي نوع من العطور، لكن هذا العبير لا يستمتع به سوى هؤلاء الذين يراعون السبت ويحافظون على قداسته، وهذه الرائحة الطيبة تتخلل أيضا طعام الأتقياء، فتكسبه نكهة ألذ من أي طيب على وجه الأرض (31)

• المطلب العاشر: أعمال يوم السبت عند اليهود.

يشعل في البيت قنديل من الزيت، أو نور من الشمع عند البعض، بالإضافة إلى الثريات، والمصابيح الكهربائية قبل غروب الشمس.

والرجال يذهبون إلى الكنس للصلاة، ويقرؤون سفر نشيد الانشاد، ثم يعودون إلى بيوتهم، ويتم تناول وجبة طعام دسمة يدعى لها الضيوف.

وقبل تناول الطعام تتلى الآيات من سفر التكوين على كآس من النبيذ، أو رغيفين من الخبز، وتسمى هذه البركة "قدوش هيوم" بالعبرية، بمعنى يجعل اليوم مقدسا، وهذه الآيات هي كما ترجم الحاخام سعيد الفيومي في "كتاب التاج": "كملت السموات ولأرض وجيوشهم، وأكمل لله في اليوم السابع خلقه الذي صنع، وعطل فيه أن يخلق شيئا من ما خلقه، وبارك الله اليوم السابع وقدسه، إد عطل فيه أن يخلق شيئا من مثل خلقه الذي صنعه " (32).

ثم يبدا بتناول الطعام، وتنشد الأناشيد الخاصة بيوم السبت، ويتحدث عن وصايا التوراة (33).

ومن أعمال ربة البيت اليهودية بمناسبة قدوم هذا اليوم، إشعال شمعتين، وتسمى "شموع السبت"، وتضع على مائدة الطعام مقدما - لحرمة ذلك يوم السبت - رغيفين لكل وجبة من الوجبات الثلاث، والرغيفان يعبران عن ذكرى الطعام الذي أرسله الرب لبني إسرائيل في البرية، ويكونان على شكل جدائل - وأخشى أن تكون الجبنة البيضاء المجدلة التي تباع في الأسواق يعود أصل فكرتها إلى ما سبق - رمزا لإكليل العروس.

ثم يغطى الطعام بالمفرش، ثم يدعى الأطفال ليباركهم الأبوان.

ومن مهام ربة البيت ف هذا اليوم أيضا أنها تقوم بقراءة دعاء مقدم السبت "قيدوش" بعد أن تمسك بيدها كأس الخمر، وهي كذلك من يختتم هذا اليوم بقراءة دعاء انتهاء السبت "هافدالاه".

أما فرقة (القبالي) (34) فإنها تحول الاحتفال يوم السبت إلى أهم الاحتفالات، وأكثرها دلالة ورمزية، إذ أن السبت عندهم يرمز له بالعروس في التراث القبالي، إذ اعتبروه شكلا من أشكال الزواج المقدس بين الملك والملكة، ويعد يوم السبت يوم القبالاه بالدرجة الأولى. وقد كان الاحتفال بمقدمه يشبه الزفاف، وكانت ليلة السبت الليلة التي يعاشر الإله فيها "بستان التفاح المقدس"!!، لينجب أرواح الصالحين "اي اليهود" - تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا، وكان القباليون في صفد يخرجون ظهيرة يوم الجمعة بملابسهم البيضاء إلى حقل يقع خارج المدينة ، وينتهي إلى بستان التفاح المقدس" انتظارا للعروس، يغنون بعض المزامير، وكذلك نشيد الانشاد، وعند مساء السبت، يتم إنشاد الاصحاح الحادي الثلاثين  من سفر الأمثال، وكأنه أنشودة زفاف (35).

ولا يحتاج الفقير أن ينفق من أجل السبت إلا حسب قدرته، كما قال حاخام عاقيبا: أعمل سبتك كمثل أيام الأسبوع كي لا تحتاج لأي إنسان (36).

• المطلب الحادي عشر: دعاء استفتاح يوم السبت.

ويسمى "دعاء مقدم السبت"، وهي عبارة تقابل كلمة "قيدوش" Kiddush العبرية، والتي تعني "تقديس"، والقيدوش دعاء يتلى احتفالا بمقدم يوم السبت، والأعياد اليهودية، وتتلى الأدعية فوق كآس من الخمر قبل تناول الطعام، ويقوم رب الأسرة بترتيل الدعاء، ثم يجيب الجميع قائلين "امين".

ويقابل دعاء القيدوش دعاء الهافدالاه الذي يعلن نهاية شعائر السبت، ولا يزال دعاء القيدوش جزءا أساسيا من الشعائر الأرثوذكسية، والمحافظة، ويحافظ عليه أيضا اليهود الإصلاحيون.

• المطلب الثاني عشر: دعاء انتهاء يوم السبت.

دعاء انتهاء السبت" هى المقابل العربي لكلمة «هفدالاه، Havdalah العبرية، ومعناها "تمييز" ، والهافدالاه عبارة عن دعاء يأخذ شكل ابتهالات تتلى على النبيذ والتوابل ، احتفالا بانتهاء شعائر السبت، وهي بذلك تقابل القيدوش الذي تبدا به الشعائر، وأهم الابتهالات هي تلك التي تشير إلى التمييز بين اليوم المقدس الذي سينتهي، واليوم العادي الذي سيبدأ، وبين النور والظلام، وبين اليهود والأغيار (37)، وبين يوم الراحة المقدس، وأيام العمل الستة الأخرى، وليس بإمكان اليهودي أن يستأنف نشاطه العادي  إلا بعد تلاوة هذا الدعاء (38).

• المطلب الثالث عشر: حيل يهودية تنتهك حرمة السبت.

كبلت شعائر السبت اليهود أيما تكبيل، وهو ما اضطرهم إلى الانعزال عن الأخرين، والتكتل في جماعات طائفية منغلقة ، لكن اليهود كانوا يتخطون على الدوام كثيرا من المحرمات من خلال التحلة "التصريح"، والرخصة التي تأخذ شكل الالتفاف حول الشريعة عن طريق فتوى يصدرها أي من الفقهاء اليهود، مثلا يقوم بعض اليهود بوضع طعام يوم السبت على بعد نصف ميل من منزلهم، وبالتالي يصبح هذا المكان هو منزلهم ، كما يقوم اليهود أحيانا باستخدام الأغيار في القيام بالأعمال المحرمة مثل إيقاد النار، وهذا ما يطلق عليه "جوي السبت"، وتقوم القوات المسلحة الاسرائيلية باستئجار عرب للقيام بهذه المهمة، ولما كان من الواجب على اليهودي ألا يطلب من غير اليهودي القيام بالمهمة بشكل مباشر، فإنه يلمح إلى ذلك وحسب، فان أراد أن يشعل نارا للتدفئة قال: "الجو بارد هنا"، وهناك أشكال أخرى للتحلة يمارسها اليهود  في فلسطين وخارجها (39).

وتقيم بعض المدن الإسرائيلية سورا رمزيا على حدود المدينة، حتى تصبح المدينة كلها وكأنها بيت واحد (40).

ومن هذه الفتاوى أيضا استثناء الثلاجة من الأجهزة الكهربائية التي يحرم استعمالها يوم السبت.

وبعضهم يلجا إلى تعطيل عمل المصباح الداخلي للثلاجة قبل دخول السبت، وبعضهم يلجا إلى استخدام الأجهزة الكهربائية المحرمة يوم السبت عن طريق استخدام (جهاز تشغيل أوتوماتيكي) يتم تشغيله قبل دخول السبت.

ومن أجل عدم إضاعة كميات الحليب التي تنتجها مزارع البقر، يتم في بعض (الكيبوتسات) (41) الدينية استخدام "اله أوتوماتيكية" لحلب البقر يوم السبت، ويلجا بعض أصحاب المصانع والورش إلى الدخول في شراكة وهمية مع "غير اليهود" لتمكين ورشاتهم من العمل يوم السبت، ومن أجل تحليل إقامة مباريات كرة القدم يوم السبت، أفتى بعض الحاخامات بجواز ذلك شريطة أن يتم بيع التذاكر يوم الجمعة قبل دخول السبت، وتم الأخذ به في كثير من المدن (42)، سبحان الله ما أشبه يهود اليوم بأسلافهم من يهود الأمس في تحايلهم على سبتهم المقدس كما يزعمون، قال تعالى: {واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ } (43).

ومن هذه المعطيات يعرف سبب عدم فرض قانون العمل في الكيان اليهودي على غير اليهود الالتزام بعطلة السبت، حتى يكون هؤلاء سببا في تسيير حياة اليهود بشكل طبيعي في هذا اليوم الذي سبب لهم أزمة، مما اضطرهم للتحايل، والالتفاف عليه، شرعيا وقانونيا وتكنولوجيا!.

• المطلب الرابع عشر: أحكام السبت أصابتها العلمنة في دولة يهود كما أن اليهود يتناقضون في أحكام السبت، كذلك يتفاوتون في إتباع تعاليم السبت من مكان إلى آخر، ومن فرقة وأخرى، وبحسب قوة أو ضعف الأحزاب الدينية داخل البلدات والمدن المحلية، وقد حاولت اليهودية الاصلاحية جاهدة التخفيف من التطرف في الاحتفال بيوم السبت.

فإننا نرى مثلا قيام عمدة مدينة "بتاح تكفا" اليهودية بإصدار قانون محلي يسمح لدور العرض ومؤسسات التسلية بالعمل يوم السبت.

ونرى كذلك المقاهي في تل أبيب مشرعة أبوابها لزبائنها طيلة يوم السبت، ولا نلاحظ ذلك في مدينة القدس، وفي مدينة "بناي براك" في فلسطين المحتلة، تمنع حافلات النقل العام من السير في الشوارع بينما نرى عكس ذلك في مدينة حيفا، وحرموا على أنفسهم الاستماع إلى الإذاعة في ذلك اليوم المقدس، وتزيد الإذاعة الرسمية من بث نشرات الأخبار بعد غروب يوم السبت حتى يستمع إليها من فاته سماعها طيلة اليوم.

وقديما صدر عن مؤتمر "بتسبرج" المنعقد في ١٦- ١٨ نوفمبر عام 1885م"، والذي

حضره "١٨" حاخاما إصلاحيا، أنه لا يوجد أي شيء فروح اليهودية، أو قوانينها ما

يمنع من أن تتم احتفالات نهاية الأسبوع يوم الأحد بدلا من السبت "إذا رأت الجماعة

ذلك".

وفي مدريد غادر الوفد اليهودي المؤتمر المنعقد عام ١٩٩١ م بشأن مفاوضات السلام مع الوفد الفلسطيني إلى تل أبيب، بحجة أن اليهود يحرم عليهم العمل يوم السبت، غير أن هذا اليوم معد سلفا على جدول الأعمال، وكان هذا السلوك بمثابة المزيد من التحقير للوفد العربي، وقضيته ودينه، ومزيد إظهار من الساسة اليهود لديانتهم ومبادئهم، غير أن جل

الساسة اليهود المجتمعون في مدريد لا يعتبرون من الفئة المتدينة، ولا تقيم أصلا حرمة ليوم السبت، وغيره من شعائر ديانتهم.

ونرى عكس هذا التنطع الزائف لما انتهكت القوات المسلحة الصهيونية حرمة السبت عند الظهر، بتاريخ: 27/12/2008م، لما فاجا الهجوم اليهودي الغادر بطائراته ترمي أهل غزة العزل برصاص مصبوب، في يوم يحرم اليهود على أنفسهم العمل به!!!.

• المطلب الخامس عشر: حرمة السبت قضية ساكنة قابلة للانفجار في دولة الكيان اليهودي

نجح اليهود في تسكين وتخدير قضية حرمة السبت، وبقيت القضية معلقة، مع أن اليهود يدعون يهودية الدولة، ومع هذا فحرمة السبت هي قضية مزاجية لا يلزمها قانون، ولا يفرضها دين على سائر المجتمع اللقيط في دولة إسرائيل المزعومة، لتتناسب مع كل الأهواء اليهودية بألوانها المختلفة.

غير أن "الحريديم" - المتدينون المتشددون الأصوليون - يرفضون أي تساهل في مسألة السبت، وأما المتدينون الصهاينة، وهم أبناء الحركة الصهيونية، فإنهم يطالبون بمساحة أوسع لا تتعارض مع حرمة السبت.

بدأت "معركة السبت" كما يذكر ذلك صلاح الزرو (44): بعد قيام "إسرائيل" مباشرة، وقد استخدم العنف في هذه المعركة بصورة واضحة، ويعود ذلك لاعتقاد المتدينين بأن دينهم يفرض عليهم معاقبة مرتكبي هذه المخالفة، حتى أن بعضهم قد جزم بأن من يثبت عليه دليل انتهاك حرمة السبت فانه يستحق الضرب، وقد حصلت أولى المواجهات حول هذا الموضوع في ٢٨ أيار ١٩٤٩ م، حين عقد سكان حي "زفرون موشيه" في القدس اجتماعا احتجاجيا في كنيس الحي، بسبب فتح دور السينما لشبابيك التذاكر، ومباشرة عرض الأفلام قبل انتهاء السبت، وظهرت هذه المشكلة آنذاك بسبب تطبيق نظام التوقيت الصيفي ، وتطور هذا الاجتماع الاحتجاجي إلى مشكلة خطيرة، حين اقتحم المحتجون من المتدينين دار سينما "أديسون" ، وسينما "عيدن" ، واضطرت الشرطة إلى التصدي للمهاجمين بالعصي، والهراوات فكانت هذه أول جولة من جولات معركة السبت في إسرائيل.

كما أعلن الحاخام "مئير اسحق ليفين" قائلا: "لماذا لا تفهمون أننا نعتبر يوم السبت من وجود الشعب اليهودي، ونرى في انتهاك حرمته إلغاء للدولة، وتدميرا للشعب، اعلموا أننا نضحي بحياتنا في سبيله".

وقد سجلت الشرطة عام ١٩٥٠ م عشر تظاهرات من أجل السبت، وفي عام ١٩٥٤ م سجلت خمس عشرة مظاهرة، وتسع عشرة مظاهرة عام ١٩٥٦ م، أدت إحداها إلى تشكيل لجنة رسمية، لأن أحد المتظاهرين قتل وأصبح أحد ضحايا الصراع.

وفي الأحياء الدينية حيث دأبوا على الاعتداء على السيارات التي تشاهد متنقلة يوم السبت، وكان من المشاهد المألوفة رؤية أحد المتدينين، وقد حمل حاجزا من الأسلاك الشائكة، ووضعه في الطريق العام، وجلس أمامه أو خلفه ليمنع حركة المرور، كما شكل المتدينون أيضا منظمة "المنبهون ليوم السبت" (٤٥).

وفي مركز قطري تابع لوزارة الأديان في القدس، تم تأسيس منظمة أخرى منافحة عن حرمة السبت، باسم "المجلس العام من أجل السبت".

كما حاول أنصار السبت سن "قانون السبت الأساسي" في الكنيست، في عام ١٩٤٩ م صاغته منظمة "رابطة السبت".

وكل شخص لا ينصاع للأنظمة التي تضعها لجنة السبت، سيتعرض لغرامة تصل إلى ألف ليرة، أو للسجن مدة تصل إلى ثلاثة أشهر، أو للعقوبتين معا (46).

وما برح الصراع على السبت يتجدد بين الحين والأخر، حتى وصل الأمر إلى درجة إسقاط الحكومة الإسرائيلية في ١٤ كانون أول ١٩٧٦ م، وذلك بعد عامين ونصف من تشكيلها برئاسة "إسحق رابين" زعيم حزب العمل آنذاك، وسبب ذلك أن طائرات أمريكية كان من المقرر أن تصل قبل دخول السبت إلى إسرائيل، وقد تأخرت في الوصول، فحطت في المطار بعد دخول السبت، وتم تنفيذ البرنامج الاحتفالي كما كان مقررا، فاحتج حزب "بوعلي أغوادات إسرائيل" الديني على ذلك، واعتبره خرقا لاتفاقية الائتلاف الحكومي، وقرر حجب الثقة عن الحكومة في الكنيست مما أدى إلى إسقاطها.

كما درج سكان حي "مئشعاريم" الديني في القدس، على رجم السيارات التي تمر بهم بالحجارة أيام السبت، ومن أجل حل هذه المشكلة ، تقوم الشرطة بوضع الحواجز على مداخل هذا الحي، كي تمنع دخول السيارات إليه يوم السبت، ويجري تحويل حركة السير باتجاه شوارع أخرى بعيدة عن هذا الحى.

ويعارض المتدينون في القدس بشدة بناء استاد رياضي في المدينة، للحيلولة دون إجراء مباريات رياضية أيام السبت، وقد استطاع المتدينون تعطيل هذا المشروع إلى أيامنا هذه، بالرغم من الجهود التي تبذلها وزارات حكومية مختلفة، فضلا عن جهود بلدية المدينة لتمرير هذا المشروع المعطل منذ سنوات طويلة، ونظرا لعدم وجود ملعب رياضي مناسب، يتدرب فريق كرة القدم التابع لمدينة القدس في ملاعب جمعية الشبان المسيحية، ولم يقتصر الأمر على هذا فحسب، بل حاول المتدينون شراء فريق "مكابي تل أبيب" شريطة أن يلعب يوم الجمعة بدلا من يوم السبت (47).

هذا وقد تقدمت الأحزاب الدينية بعد انتخابات الكنيست عام ١٩٨٨ م، بمجموعة من الطلبات المرتبطة بموضوع السبت، وذلك كشرط لدخولها الائتلاف الحكومي، ومنح ثقتها لأحد الحزبين الكبيرين، وكان من هذه الطلبات إلغاء نظام التوقيت الصيفي، وعدم منح تصاريح عمل يوم السبت في المجالات الصناعية، والتجارية، والمهنية، وإيقاف جميع وسائل النقل العامة، والخاصة، والترفيه، والملاهي الليلية، والأفلام السينمائية، وتحويل مباريات كرة القدم من يوم السبت إلى عصر الجمعة (48).

كما نجح المتدينون لسنوات طويلة في تعطيل حركة مطار "بن غوريون"، وهو المطار الرئيس لدولة إسرائيل أيام السبت، إلا أن هذا الالتزام كان يتم إهماله حينا (49).

• المطلب السادس عشر: هل يلتزم اليهود بشعائر السبت؟

أولا: القسم الأكبر من اليهود أداروا ظهر المجن للسبت وقيوده، وتحللوا من الالتزام به، وهذا الفريق يشكل حوالي ٧٥% من المجتمع الإسرائيلي.

ثانيا: القسم الأخر من اليهود حاول الالتزام ببعض قيود السبت التي يحتملها، والتحايل على البعض الأخر، الذي يصعب عليه، عبر سلسلة من الفتاوى المطاطية، وهذا الفريق يشكل حوالي ٢٥%.

أما في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تشكل ثلث عدد اليهود في العالم تقريبا، لا يلتزم بممارسة الشعائر الدينية حسب ما جاء في كتبهم المقدسة كما يزعمون سوى ٥% تقريبا، من يهود أمريكا، وما عداهم فيرون في هذا اليوم سوى إجازة أسبوعية ينتظرونها على أحر من الجمر لممارسة رذائلهم (50).

ولنا أن نخلص إلى أن يوم السبت لا يحكمه قانون في دولة اليهود، ليتناسب مع أهواء كل شرائح المجتمع الفسيفسائي اليهودي في دولة الكيان التجميعي اللقيط، مع أهمية هذا اليوم، وخطورة المساس به إلا أننا نجد وكعادة اليهود، نرى مزاجيتهم في تطبيقهم لشريعتهم، أو فرض أحكامه بقوة الدين، والقانون في دولتهم، مع أنهم بين الحين والأخر يطالعنا ساستهم بمطالبات دولية للاعتراف بيهودية دولتهم، والغريب أنهم يطالبون غيرهم بالاعتراف بيهودية دولتهم، قبل أن يعترفوا هم عمليا بيهوديتها من خلال إلزام أنفسهم بتطبيق شرائع هذا اليوم في دولتهم المزعومة!.

• المطلب السابع عشر: يهود الأمس والعبث في حرمة السبت.

جاء في الإصحاح الثالث عشر في التوراة:" في تلك الأيام رأيت في يهوذا قوما يدوسون معاصر في السبت، ويأتون بحزم ويحملون حميرا، وأيضا يدخلون أورشليم في يوم السبت بخمر وعنب وتين، وكل ما يحمل، فأشهدت عليهم يوم بيعهم الطعام، والصوريون الساكنون بها، كانوا يأتون بسمك، وكل بضاعة، ويبيعون في السبت لبني يهوذا، وفي أورشليم، فخاصمت عظماء يهوذا وقلت لهم: ما هذا الأمر القبيح الذي تعملونه وتدنسون يوم السبت؟ " (51).

فال تعالى: {واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} (٥٢)

وذلك أن اليهود قالت لموسى عليه السلام حين أمرهم بالجمعة، وأخبرهم بفضلها: يا موسى، كيف تأمرنا بالجمعة، وتفضلها على الأيام كلها، والسبت أفضل الأيام كلها، لأن الله خلق السموات والأرض، والأقوات في ستة أيام، وسبت له كل شيء مطيعا يوم السبت، وكان آخر الستة؟ قال: وكذلك قالت النصارى لعيسى ابن مريم حين أمرهم بالجمعة، قالوا له: كيف تآمرنا بالجمعة وأول الأيام أفضلها وسيدها، والأول أفضل، والله واحد، والواحد الأول أفضل؟ فأوحى الله إلى عيسى: أن دعهم والأحد، ولكن ليفعلوا فيه كذا وكذا مما أمرهم به، فلم يفعلوا، فقص الله تعالى قصصهم في الكتاب بمعصيتهم.. قال: وكذلك قال الله لموسى عليه السلام حين قالت له اليهود ما قالوا في أمر السبت: أن دعهم والسبت، فلا يصيدوا فيه سمكا ولا غيره، ولا يعملوا شيئا كما قالوا. قال: فكان إذا كان السبت ظهرت الحيتان على الماء، فهو قوله تعالى: {إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً} (53) ، يقول: ظاهرة على الماء، ذلك لمعصيتهم موسى عليه السلام، وإذا كان غير يوم السبت، صارت صيدا كسائر الأيام فهو قوله {وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ} (54)، ففعلت الحيتان ذلك ما شاء الله، فلما رأوها كذلك، طمعوا في أخذها وخافوا العقوبة، فتناول بعضهم منها فلم تمتنع عليه، وحذر العقوبة التي حذرهم موسى من الله تعالى، فلما رأوا أن العقوبة لا تحل بهم، عادوا، وأخبر بعضهم بعضا بأنهم قد أخذوا السمك، ولم يصبهم شيء، فكثروا في ذلك، وظنوا أن ما قال لهم موسى كان باطلا، وهو قول الله جل ثناؤه: { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ} (55)

يقول: لهؤلاء الذين صادوا السمك - فمسخهم الله قردة بمعصيتهم - يقول: إذا لم يحيوا في الأرض إلا ثلاثة أيام (56).

 المبحث الثالث: مدى حرمة يوم السبت في الأديان السماوية الثلاث.

 المطلب الأول: النصارى وعطلة السبت

إن الفكر الديني النصراني يذهب إلى الاعتقاد بأن هذا "اليوم السابع" كان معروفا بيوم الرب قبل أن يتسلم بنو إسرائيل الشريعة المكتوبة، وأن هذا اليوم استمد كيانه ومكانته من الرب ذاته، الذي باركه وقدسه (٥٧).

كما يرى هذا المذهب أن آدم ربما عرف هذا الأمر وأخبر به ابناه، ولكن منهم من انحرف وزاغ عن الرب (58).

وترى الكنيسة القبطية أن السبت يوم مبجل، ورمز للراحة الأبدية، ولذلك تمنع الكنيسة فيه الصوم الانقطاعي، وكل تداريب التذلل بالإضافة إلى يوم الأحد، فهو العيد الحقيقي لحقيقته القائمة.

أما طائفة الأدفنتست (59)، البروتستانتية المتعصبة، فإنها تمارس طقوس السبت حالها حال اليهود.

• المطلب الثاني: الاختلاف في حرمة السبت بين اليهود والنصارى.

اختار النصارى عطلتهم يوم الأحد على اعتبار أنه أول بدء الخلق.

وأباح النصارى العمل يوم السبت فرسالة وجهها بولس إلى أهل كولوسى، قائلا لهم: "فلا يحكم عليكم أحد في أكل، أو شرب، أو من جهة عيد، أو هلال، أو سبت" (60).

أما اليهود فإنهم طلبوا من نبيهم يوما يرتاحون فيه من العمل، ويتفرغون فيه لعبادة الله، وأشار عليهم موسى عليه السلام أن يكون يوم الجمعة، واختاروا يوم السبت لأن الله خلق الدنيا في ستة أيام، بدآها يوم الأحد، وانتهى يوم الجمعة، وكانت راحته يوم السبت، وهو اليوم الذي نريد أن نرتاح، ونتفرغ لعبادة الله فيه..

وقد أخبر عن ذلك سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} (61).

• المبحث الرابع: اليهود وعقيدة نسخ يوم السبت.

 المطلب الأول: اليهود يحتقرون يوم الأحد.

جاء في كتاب "فضح التلمود تعاليم الحاخامين السرية" (62) نقلا عما جاء في التوراة ، بعض التعاليم اليهودية التي تحتقر يوم النصارى المقدس - الأحد -، وهذه العبارات هي : تدعى الأعياد المسيحية، لاسيما يوم الأحد، ايوم ايد Iom-Ed أي يوم الابادة، الهلاك، والمحنة، أو الكارثة، وهي تدعى أيضا بوضوح أيوم نوتسري Iom-Notsri أي الأيام المسيحية ، تعني كلمة أيد، بترجمتها الصحيحة ، المحنة، أو الكارثة، كما هو بين في الجماره (63)، وفي تفسيرات Glossaries ابن ميمون (64)، التي تضمنتها كتاباته (أبهوداه زاراه Abhodah Zarah) ما يدل على هذا المعنى ، فقد جاء فيه ما يصف يوم الأحد بأنه: "يوم الشيطان، ذلك هو اليوم المسيحي، الذي يعتبر حراما عندنا كما هي الحال بالنسبة لجميع أيام أعيادهم".

وكتب "بارتينورا" أيضا: " كلمة أيديهم هي اسم أعيادهم واحتفالاتهم الحقيرة" (65)

 المطلب الثاني: شريعة الإسلام تنهى عن تعظيم يوم السبت

يكره إفراد يوم السبت بالصوم، لحديث عبد الله بن بسر عن أخته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض الله عليكم" (66)، فإن لم يفرد ذلك، وصام الجمعة والسبت معا فلا كراهة.

والذي عليه العمل عند أهل العلم رحمهم الله: أن المنع من صوم يوم السبت المراد به من قصد يوم السبت تعظيما للسبت؛ لأنه شعار اليهود، واليهود يعظمونه، ويحلفون به، وقد أمرنا بمخالفة أهل الكتاب، وهذا أصل في جميع ما ورد، مثل يوم عرفة لو وافق يوم سبت ونحو ذلك من الأيام المفردة، فإنه يشرع صيامها، ولا بأس في ذلك، ولا حرج أن يصومه؛ لأنه يصومه لسبب شرعي معلوم.

 المطلب الثالث: حرمة السبت شريعة منسوخة.

العمل يوم السبت كان مباحا قبل شريعة موسى عليه السلام، ثم نسخت تلك الإباحة بشريعة موسى عليه السلام، وكان اسم السبت علما للتحريم؛ لأن السبت مختص بشريعته، فاليهود نهوا عن العمل يوم السبت، ولم يؤمر النصارى عن العمل يوم الأحد، ثم أباحه الشارع الكريم لنا، فصار السبت بعينه علما للإباحة، فهو يوم من أيام الله لا يحرم العمل به، فقد جاء الإسلام لينسخ حرمته إلى حرمة العمل وقت صلاة الجمعة، كما جاء يقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (67).

وما نقلوه من تأبيد شريعة موسى وتأبيد تحريم السبت افتراء على موسى عليه السلام، وقيل أولى من وضع لهم ذلك هو ابن الرواندي (68)، ليعارض به دعوى الرسالة من محمد عليه السلام (69).

وكان ممن رد عليهم في جواز النسخ في شريعة اليهود، الحكيم السموأل المغربي في كتابه " بذل المجهود في إفحام اليهود " (70).

فقد قال: أن التوراة حرمت الأعمال الصناعية في يوم السبت بعد أن كان مباحا، وهذا بعينه هو النسخ (71).

• المطلب الرابع: ما يحكونه عن عيسى عليه السلام وعمله يوم السبت.

يزعم اليهود أن عيسى عليه السلام كان من العلماء، وأنه كان يطبب المرضى بالأدوية، ويوهمهم أن الانتفاع المنال حصل لهم بدعائه، وأنه أبرا جماعة من المرضى من أسقامهم يوم السبت، فأنكرت عليه اليهود ذلك، فقال لهم: أخبروني عن الشاة من الغنم: إن وقعت في البئر يوم السبت، أما تنزلون إليها، وتحلون السبت لتخليصها؟ قالوا: بلى. قال فلماذا أحللتم السبت لتخليص الغنم، ولا تحلونه لتخليص الإنسان الذي هو أكبر حرمة من الغنم؟ فأفحمهم، ولم يؤمنوا به (72).

• المطلب الخامس: اليهود ينكرون النسخ.

النسخ جائز عقلا، وواقع شرعا، فقد ثبت النسخ في الشرائع السماوية كلها، وليس ذلك على مستوى الأحكام الشرعية في الشريعة ذاتها، بل يكون في رفع شرع آخر بشرع جديد، كما هو الشأن في شريعة موسى عليه السلام المنسوخة، بشريعة المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم.

ولا يمنع أن يكون النسخ بعد اعتقاد المنسوخ، والعمل به، بلا خلاف في ذلك، كما نسخت قبلة بيت المقدس، فأثبت مكانها الكعبة، ولا ضير في ذلك عند العبد المذعن لأمر الله كيفما أراد الله سبحانه وتعالى.

قال أبو بكر - الجصاص - رحمه الله تعالى: من ينكر النسخ فريقان: أحدهما: اليهود والأخر: فريق من أهل الملة من المتأخرين لا يعتد بهم.

فأما اليهود: فإن منهم من أنكر (تجويز) النسخ، (فيما زعم) من طريق العقل.. ومنهم من يجوزه في العقل إلا أنه يزعم أن موسى عليه السلام قد أعلمهم أن شريعة التوراة، و(تحريم) يوم السبت لا ينسخ أبدا (73).

ولا يخفى على كل مطلع على التوراة في غير ما موضع، أن الله سبحانه رفع عنهم أحكاما كثيرة لما سألوه ذلك! شأنهم في ذلك السبت الذي طلبوه ثم لم يطيقوه!.

• المطلب السادس: الحكمة من نسخ حرمة السبت.

كل أمر الله حسن، وكل ما فرض على عباده هو لهم فيه خير الدارين، ولا شك فالناسخ خير من المنسوخ، سواء كان إلى الأخف، أو إلى الأثقل، أو كان مساويا له، كما أخبر المولى سبحانه تعالى: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (74).

 

• المبحث الخامس: أحكام يوم الجمعة في الإسلام.

•المطلب الأول: يوم الجمعة اختيار الله للأمة المسلمة.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا، فكان لليهود يوم السبت، وكان للنصارى يوم الأحد، فجاء الله بنا فهدانا الله ليوم الجمعة، فجعل الجمعة والسبت والأحد، وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة، نحن الأخرون من أهل الدنيا، والأولون يوم القيامة، المقضي لهم قبل الخلائق" (75).

يوم الجمعة عيد المسلمين الأسبوعي، وليس من يوم من أيام الأسبوع خصه الله بسورة تقرا فيه سورة الكهف سوى يوم الجمعة، وهو اليوم الوحيد الذي نزلت باسمه سورة في القرآن، وهي سورة الجمعة.

"وكان يوم الجمعة يسمى في الجاهلية بالعروبة، ثم غير اسمه إلى الجمعة، أما سبب تسميته بالجمعة فقد اختلف فيه، وقد جزم ابن حزم بأنه سمي بهذا الاسم نسبة لاجتماع الناس للصلاة فيه" (76).

• المطلب الثاني: الجمعة أفضل أيام الأسبوع.

عن أوس بن أوس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا علي من الصلاة فيه، فان صلاتكم معروضة علي، إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء " (77).

• المطلب الثالث: فضل من يموت يوم الجمعة.

عن ابن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر" (78)

• المطلب الرابع: ساعة إجابة ليست في يوم سوى الجمعة.

عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يوم الجمعة ثنتا عشرة - يريد - ساعة، لا يوجد مسلم يسأل الله عز وجل شيئا: إلا أتاه الله عز وجل، فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر" (79)

• المطلب الخامس: حكم الإسلام في تعطيل الأعمال يوم الجمعة ديانة.

روى أشهب عن مالك قال: إن الصحابة كانوا يكرهون ترك العمل يوم الجمعة على نحو تعظيم اليهود السبت والنصارى الأحد (80)

وجاء ففيض القدير (81) مثله وزاد:" لئلا يصنعوا فيه كما فعل اليهود والنصارى في السبت والأحد (82)

ونقل ابن تيمية، إجماع الصحابة على كراهة ترك العمل يوم الجمعة ديانة كما يفعل اليهود والنصارى في يومي السبت والأحد فقال: "ويكره ترك العمل يوم الجمعة كفعل أهل الكتاب يوم السبت والأحد" وجاء في كتاب إكمال المعلم (83): "وفيه جواز العمل يوم الجمعة قبل النداء، والتجارة، والمبايعات، وقد كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يكرهون ترك العمل يوم الجمعة، كي لا يتشبه باليهود" ونقل صاحب التاج والإكليل لمختصر خليل (84) عن ابن عرفة: "كراهة ترك العمل يوم الجمعة كأهل الكتاب، وعن أصبغ: من ترك العمل استراحة فلا بأس به، وأما استنانا فلا خير فيه".

وجاء في المدونة (85): "ولا يمنع أهل الأسواق البيع والشراء يوم الجمعة إلا في الساعة المذكورة، ويكره ترك العمل يوم الجمعة كفعل أهل الكتاب في السبت والأحد".

ويكون خلاصة ما جاء في هذه المسألة، أنه لا يجوز تقديس يوم معين من أيام الأسبوع، حتى وإن كان يوم الجمعة، ولا يجوز اعتباره إجازة إذا كان على وجه التعبد والتعظيم، والله أعلم.

• المبحث السادس: نظرة الإسلام لتحقيق الإجازة ليوم السبت والفتاوى الشرعية الواردة في ذلك.

• المطلب الأول: إقرار إجازة السبت في بلاد المسلمين وما فيها من أخطاء.

لا بد أن يعلم ابتداء أن اليهود هم أول من أوجب على أنفسهم عطلة أسبوعية يحتفلون لأجلها، وعطلة يوم السبت تحديدا أقدم من جميع عطلاتهم الدينية الأخرى، ثم تتابعت كثير من الملل في الأرض في تقديس أيام أصبحت شعارا لها، تقيم لها الاحتفالات وتفرض فيه الإجازات.

إن الناظر ي طبيعة قانون يوم السبت باعتبار إقراره عطلة رسمية في بلاد المسلمين، يلحظ فيه الأخطاء التالية:

١- موافقة ورضى بما عند اليهود دون حاجة ملحة، بل إتباع وانصياع وتقليد أعمى، كما أخبر نبيا محمد صلى الله عليه وسلم: " لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر، وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم، قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟!" (86)

٢ - إقرار إجازة يوم السبت، وتعطيل نهارها في الدول الإسلامية، ما هو إلا حلقة في سلسلة ضياع الهوية، والصبغة الاسلامية عن دولنا ومجتمعاتنا، بانسلال كثير من عبادات، وطقوس الكفار، على أنها من العادات المباحة، دون النظر إلى عواقب الأمور ومآلاتها.

٣ قال تعالى: {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} (87)، إن استبدال إجازة الجمعة بيوم السبت، أو إضافته كإجازة رديفة ليوم الجمعة، فيه رفع من شأن هذا اليوم، أو مساواته بيوم الجمعة، لقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، عن العيدين فقال: " كان لكم يومان تلعبون فيهما، وقد أبدلكم الله بهما خيرا منهما: يوم الفطر ويوم الأضحى"

إنه يومنا لا نقبل له ندا، أو ضدا، أو المساومة عليه، أو التفريط بمكانته التي خصنا بها الشارع الكريم، وإنا لنخشى أن يأتي اليوم الذي فيه تلغى إجازة يوم الجمعة كليا، وما رافقها من أحكام تعظم هذا اليوم ، كما هو شأن بعض الدول العربية التي غالبية أهلها من المسلمين، حيث جعلت من يوم الجمعة يوم عمل رسمي، فضاعت فيه هيبة هذا اليوم، حتى غدت صلاة الجمعة عند الغالب الأعم منهم ليس لها وقت مستقطع من ساعات العمل الرسمية، بل يعاني كل من لبى نداء الله في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} (88)

نعم يعاني كثير ممن أرادوا أن يلبوا نداء الله للسعي إلى صلاة الجمعة، من بعض أرباب العمل الذين يحرمونهم تأدية هذه الفريضة على أكمل وجه، ويقفون في وجوههم رافضين اقتطاع دقائق من أجل صلاة الجمعة، بل وشاهدنا كثير من هؤلاء لا يأتيها إلا وهو مثقل، فضلا عن عدم استقبالها مغتسلا متطيبا مبكرا لها، كما جاء في الحديث الذي رواه عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من غسل واغتسل ودنا وابتكر واقترب واستمع كان له بكل خطوة يخطوها قيام سنة وصيامها" (89)

٤ - يقول د. محمد سالم في مقالة له ( عطلة السبت عقيدة قبلانية): إن الدلالة التي ارتبطت بيوم الجمعة في القرآن الكريم هي دلالة إيجابية، تحث على السعي إلى عبادة الله عز وجل، وترك كل ما سوى ذلك، لذا فقد قرر علماؤنا الأجلاء، واستنبط فقهاؤنا المحدثون النجباء، أن البيع والشراء في وقت صلاة الجمعة، وخطبتها هو حرام شرعا ، بدلالة قوله تعالى: {وَذَرُوا الْبَيْعَ} (90)، وبهذا اكتسب يوم الجمعة مظهرا قدسيا إسلاميا ومنزلة عقدية خص بها الدين الإسلامي، فضلا عن أن هناك معطيات دينية ارتبطت بهذا اليوم منها: خلق آدم، وخروجه من الجنة، وموته، وأول يوم أشرقت فيه الشمس، وقيام الساعة، ونجاة موسى عليه السلام من فرعون .

ويكتسب الحديث عن يوم السبت مساحة معرفية واسعة، نظرا لدلالات الثيولوجيا المتعلقة به، وقد ورد السبت في القرآن الكريم في خمس آيات هي على التوالي: ( البقرة ٦٥، النساء ٤٧ و ١٥٤، والأعراف ١٦٣، والنحل ١٢٤)، وجميعها تحمل إشارات سلبية عن هذا اليوم الذي عصى اليهود ربهم فيه، وعمدوا إلى صيد الأسماك بعد أن نهاهم الله عز وجل عن الصيد في هذا اليوم تضييقا عليهم، وتحمل هذه الآيات الخمس دلالات سلبية لحقت باليهود منها: ( الاعتداء، واللعنة، والتجاوز على حقوق الغير، وعدم الطاعة لأوامر الخالق، وارتكاب المعصية، وإتباع هوى النفس، وعدم الثقة بقدرة الخالق على العقوبة)

5- فيه مخالفة لمقصد الشارع في الأمر بمخالفة اليهود، فالمرء يحشر مع من أحب كما جاء في حديث أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "المرء مع من أحب " (93)

٦ - السبت شعار اليهود، وأصل في عقيدتهم، مهما حاولوا تهوين الأمور، واعتبارهم الأمر إجازة أسبوعية فقط، وإن كان الأمر كذلك، وبما آنها وافقت ما عند اليهود؛ فإنه يجب علينا لزاما مخالفتهم ديانة، فإنه من الخطورة بمكان أن نرى ونرضى بتمرير مشاريع اليهود، والتطبيع معهم، حتى تغرق الأمة بسيل جارف ليس له أول من آخر، بمشاريع تهويدية يضيع بعدها الدين والدنيا.

٧ - بحجة ارتباط هذه الإجازة بمؤسسات مالية عالمية، كان مبررا، ودعوى فرض هذه الإجازة عالميا، وما شأن سائر الشعوب بهذه المؤسسات المالية؟! ولماذا لم تلتزم هذه المؤسسات إجازة يوم الجمعة التي عليها غالبية كبيرة من أهل الأرض؟! أو حتى يوم الأحد، والذي عليه الغالبية الأخرى!

والجواب أن هذه المؤسسات، ومن وراءها يملكها ويسيطر عليها يهود، والمعروف عرفا، وعقلا، وشرعا بحسب كل شريعة، أو ديانة، أن كل ديانة تتخذ إجازتها في اليوم الذي تقدسه، وتحترمه خاصة إن ملكت من القوة ما يؤهلها آن تفرض من الخطورة بمكان آراءها واعتقاداتها.

٨- الغريب في الأمر أنهم لم يقدموا لنا بعد المبرر الاقتصادي المقنع في فرض إجازة السبت، كما أننا لم نطالع بعد الدراسات التي طرح الايجابيات، أو المنفعة بأي شكل من أشكالها التي جنتها مؤسساتنا المالية، أو حكوماتنا، أو شعوبنا من هذا القرار التاريخي الجريء!.

٩- فيه تشبه باليهود، وهو أمر منهي عنه كما أخبر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم:" من تشبه بقوم فهو منهم" (94)؛ لذلك لما عزم النبي صلى الله عليه وسلم على صوم عاشوراء، أمر بصيام يوم قبله، أو بعده، ليبتعد عن التشبه باليهود.

فال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولاً} (٩٥)

وفي قوله تعالى: {اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} (96) في الآيات ما يدل على أن اليهود طبعوا على أوصاف خاصة بهم، فقد وصفهم الله تعالى بالمغضوب عليهم، ونسبهم إلى يوم السبت شعارهم الذي فيه مذمتهم.

١٠- قال تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ} (97) قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}(98)؛ فحضور صلاة الجمعة فريضة على البالغين من الذكور، يجب عليهم السعي لها ، وخطبتها فريضة يجب حضورها، والإنصات لها ، والنهى عن البيع والشراء، بعد نداء الجمعة، وتحريم ذلك.

هذه من حدود الله في هذا اليوم المبارك، أمرنا الله بها، ونهانا عن انتهاكها، وإلا فسيصيبنا ما أصاب يهود فتحل علينا نقمت الله وعذابه.

إن من بني إسرائيل قديما، من اعتدى على السبت كما يعتدي بعض المسلمين اليوم على يوم الجمعة، ولا يرعى له أي حرمة، بل إننا نجد أكثر المحرمات تنتهك ليل ونهار هذا اليوم المبارك، ترانا اليوم نقف بين مقارنة لا مصادفة فيها، تحتاج منها إلى تأمل وتبصر.

١١ - إن أيام الأسبوع سبعة أيام، ومع هذا فالرب لم يذكر منها في كتابه العزيز إلا يومي السبت خمس مرات، ثم الجمعة مرة واحدة.

وقد حذر الله بني إسرائيل في قوله تعالى: {وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا} (99)، وهو في ذاته تحذير للمسلمين، أن لا ينتهكوا حرمة الجمعة، هي أيام الله أيام الأسبوع يعظم الله لعباده منها ما يشاء، وينسخ ويبقي منها ما يشاء، تغيرت الشرائع فيها، ولم يتغير المشرع ولا أمره، قال تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا} (100)

١٢ - إن ليوم السبت عند اليهود متعلقات، وتبعات، ومناسبات، نجد آثارها أصحت سنة معمولا بها في كثير من الأحيان في كثير من الدول، ومنها ما يسمى "باليوبيل"، وهي احتفالية تكون بعد مرور ربع قرن، أو نصفه، أو قرن كامل على مناسبة معية، نجد ذلك من الأعمال التي جاءت في الشريعة اليهودية، وجاء في التوراة فيها ما يلي:

"وكلم الرب موسى، في جبل سيناء، قائلا: كلم بني إسرائيل وقل لهم: متى أتيتم إلى الأرض، التي أنا أعطيكم نسبت الأرض سبتا للرب، ست سنين تزرع حقلك وست سنين تقضب كرمك، وتجمع غلتها، وأما السنة السابعة، ففيها يكون للأرض سبت عطلة، سبتا للرب، لا تزرع حقلك، ولا تقضب كرمك " (101)

"في يوم الكفارة تعبرون البوق في جميع أرضكم، وتقدسون السنة الخمسين، وتنادون بالعتق في الأرض لجميع سكانها، تكون لكم يوبيلا، وترجعون كل إلى ملكه، وتعودون كل إلى عشيرته، يوبيلا تكون لكم السنة الخمسون: لا تزرعوا ولا تحصدوا زرعها، ولا تقطفوا كرمها الممحول، إنها يوبيل مقدسة، تكون لكم، من الحقل، تأكلون غلتها في سنة اليوبيل هذه ترجعون كل إلى ملكه " (102)

واليوبيل كلمة عبرية معناها الأصيل هو الكبش، وهو أيضا قرن الكبش الذي تصنع منه الأبواق التي يستعملها اليهود في أعيادهم (103)

وقد تطور اللفظ في العبرية الحديثة، فاستحدث اليهود من اليوبيل

أنواعها اليوبيل الفضي: هكيسف ومدته خمس وعشرون سنة.

اليوبيل الذهبي: هزهيف ومدته خمسون سنة.

اليوبيل الماسي: هيا هيلوم ومدته ستون سنة.

اليوبيل الثمانيني: هجيبورت ومدته ثمانون سنة (104)

نعم لقد انسقنا وراء كثير من الأفكار الدخيلة، دون أن ندرك مراميها، أو أبعادها وإن كان كثير منها دسيسة يهودية ماكرة، أو صليبية حاقدة، لقد أدرك هؤلاء أهمية ترويج أفكارهم مهما قل شأنها، لكنها تعمل في الأمة عمل المبضع في الجسد، لقد كتب اليهود في أوائل بنود بروتوكولاتهم، أن ذلك من سبيل سيطرتهم على العالم: (وعندئذ ستكتسح حقوقنا الدولية كل قوانين العالم، وسنحكم البلاد بالأسلوب ذاته الذي تحكم به الحكومات الفردية رعاياها (١٠5). والأمميون (غير اليهود) لا ينتفعون بالملاحظات التاريخية المستمرة، بل يتبعون نسقا نظريا من غير تفكير فيما يمكن أن تكون نتائجه، ومن أجل ذلك لسنا في حاجة إلى أن نقيم للأمميين وزنا ... دعوهم يتمتعوا ويفرحوا بأنفسهم حتى يلاحقوا يومهم، أو دعوهم يعيشوا في أحلامهم بملذات وملاه جديدة، أو يعيشوا في ذكرياتهم للأحلام الماضية، دعوهم يعتقدوا أن هذه القوانين النظرية التي أوحينا إليهم بها إنما لها القدر الأسمى من أجلهم، وبتقييد أنظارهم إلى هذا الموضوع، وبمساعدة صحافتنا نزيد ثقتهم العمياء بهذه القوانين زيادة مطردة...) (106)

المطلب الثاني: فتوى متعلقة بعطلة يوم السبت.

السؤال الأول: موجه إلى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.

بعض المسلمين في غانا يعظمون عطلات اليهود والنصارى، ويتركون عطلاتهم، حتى كانوا إذا جاء وقت العيد لليهود والنصارى يعطلون المدارس الإسلامية بمناسبة عيدهم وإن جاء العيد لليهود والنصارى لا يعطلون المدارس الإسلامية، ويقولون: إن تتبعوا عطلات اليهود والنصارى سوف يدخلون دين الإسلام.

الجواب: أولا: السنة إظهار الشعائر الدينية الاسلامية بين المسلمين، وترك إظهارها مخالف لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت عنه أنه قال: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين" (107)

ثانيا: لا يجوز للمسلم آن يشارك الكفار في أعيادهم، ويظهر الفرح والسرور بهذه المناسبة، ويعطل الأعمال، سواء كانت دينية أو دنيوية، لأن هذا من مشابهة أعداء الله، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من تشبه بقوم فهو منهم" (108)

الخاتمة: إلى عقلاء أمتنا ألا يكفينا استهتار بمقدساتنا، وشعائرنا الزمانية التي وهبنا الله، ونؤجر بالحسنات من المولى سبحانه، على إحيائها، وإقامتها كما أمر ربنا جل في علاه، أليست في أعيادنا الفطرة والبراءة بعينها، أليست هي السعادة الحقيقية في الدنيا والآخرة؟.

إن من أمتنا من يشعر بعقدة النقص ليسد ما عنده من خلل بما عند الكفار من ضلال بسبب جهل منه بدينه، إن هؤلاء لو عرفوا من الإسلام ما جهلوه، لأدركوا كمال هذا الدين، وبهاءه، وروعته، وانسجامه مع الفطرة، والذوق العام، وليس من أحد جاء بأفضل مما جاء به الإسلام، فعلينا آن نعتز بديننا لنكون نحن القادة والناس لنا تبع، وكل ذلك بالخير وإلى الخير.

والحمد لله ربنا الذي حذرنا فقال تعالى: {قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ} (109)

• الهوامش:

1- سورة أل عمران :١٠٢.

2- سورة النساء:١.

3- سورة الأحزاب: ٧١.

٤- رواه البخاري رقم (٥٧٦٩).

5- المعجم الوسيط، إبراهيم مصطفى وأخرون (1/412)٠

6- تاج العروس، محمد الحسيني (4/534).

7- المصدر السابق (4/535).

8- المصدر السابق (4/534).

٩- الأعراف:١٦٣

10- النحل: ١٢٤.

11- سورة النبأ:٩

12- مفردات ألفاظ القران، الحسين الأصفهاني (1/451).

13- تاج العروس، محمد الحسيني (4/536).

14- موسوعة اليهود واليهودية، عبد الوهاب المسيري (الباب ١١ -ص71)

15- سفر الخروج (٢٠: ٨-١١) .

16- سفر التكوين (2/1 - ٣) .

17-موسوعة اليهود واليهودية، عبد الوهاب المسيري (١٤/ ٧١). الماشيح يعني المسيح عليه السلام.

18- الحسيديم: مفردها حسيد، وهي تعني الإحسان، وهو اسم لجماعة من اليهود الأرثوذوكس تربطها علاقة قوية بدولة الصهاينة .

١٩- اليهود الحسيديم، د. جعفر هادي حسن (ص115)، بتصرف.

٢٠- هو خبز الفطير الذي كان يصنع كل سبت، ويقدم على مائدة الذهب ساخنا، وكان يقدم منه اثنا عشر رغيفا بقدر عدد أسباط بني إسرائيل... وسميت خبز الوجوه لأنها كانت دائما أمام الرب، وكانت تغير كل يوم سبت.

21- سفر الخروج (١5).

22- سفر العدد (16/32- ٣٧).

23- سفر الخروج (٣١ / ١٥).

24- سفر الخروج (٣١/ ١٣- ١٧).

25- المرجع السابق (٢٠: ٨-١١).

26- سورة ق:٣٨.

27- عزرا: يسميه اليهود عزرا الكاهن أو الكاتب أو الناسخ، ويعد رئيس الكتاب والنساخ، بسبب اشرافه على كتابة التوراة بعد عودة اليهود من سبي بابل إلى فلسطين بإذن من الإمبراطور الفارسي قورش القرن الخامس قبل الميلاد، وقيل أنه دفن العراق البطائح، وعظم اليهود قبره، وزعموا أن نورا يخرج منه.

٢٨ - بشارات عزرا بالنبي العربي، الفصل الخامس (ص52).

٢٩- هو زئيف فلا ديمير جابوتنسكي، قيادي صهيوني ولد في أوكرانيا في ١٨ أكتوبر ١٨٨٠ م، بدا نشاطه الصهيوني عام ١٩٠٣ م، بحضور المؤتمر الصهيوني السادس، توفى فز الولايات المتحدة الأمريكية عام ١٩٤٠ م وبعد تأسيس دولة للصهاينة فلسطين نقل ليفي اشكول رفات جابوتنسكي وزوجته لدفنها في القدس.

٣٠- موسوعة اليهود واليهودية، عبد الوهاب المسيري (14/72).

٣١- السبت والجمعة ففي اليهودية والإسلام، د. محمد الهواري (ص ٢٨).

٣٢- سفر التكوين (٢: ١- ٣).

٣٣ - موقع المجلس اليهودي الأمريكي على الشبكة العنكبوتية العالمية: http://www.aslalyahud.org/index.php

٣٤- القبالاه: كلمة عبرية تعني التقبل أو القبول أو ما يتلقى وهي فرقة يهودية صوفية حلولية، تعنى بدراسة المعاني الخفية للتوراة تتعامل بالسحر والعدد والرموز.

٣٥ - موسوعة اليهود واليهودية، عسد الوهاب المسيري (١٤/73).

٣٦ - موقع المجلس اليهودي الأمريكي على الشبكة العنكبوتية. http://www.aslalyahud.org/index.php.

37- الأغيار: هم المسلمون والنصارى.

٣٨ - موقع المجلس اليهودي الأمريكي على الشبكة العنكبوتية العالمية. http://www.aslalyahud.org/index.php

٣٩ - موسوعة اليهود واليهودية، عبد الوهاب المسيري (١٤/ 73).

٤0 - المتدينون في المجتمع الإسرائيلي، صلاح الزرو (ص445).

41- الكيبوتسات: جميع كيبوتس تعني بالعبرية تجمع، هو تجمع صهيوني سكني تعاوني اشتراكي الإنتاج والاستهلاك، وهو شكل من أشكال الاغتصاب الصهيوني في فلسطين.

٤٢ المصدر السابق، (ص٤٤٦).

٤٣- سورة الأعراف: ١٦٣.

٤٤ - المصدر السابق، (ص٥٠ ٤).

٤٥ - المصدر السابق، (ص ٤٥١).

٤٦ - المصدر السابق، (ص٤٥٢).

٤٧ - المصدر السابق، (ص٤٥٣- ٥٤ ٤).

٤٨ - المصدر السابق، (ص٤5٤).

٤٩ - لمصدر السابق، (ص455).

50- المصدر السابق.

51- سفر نحميه (١٥: ١٣-٢٢).

٥٢- سورة الأعراف:١٦٣.

٥٣- سورة الأعراف: ١٦٣.

54- سورة الأعراف: ١٦٣.

٥٥- سورة البقرة:6٥.

٥٦- تفسير الطبري (2/168).

٥٧- كتاب الجمعة والسبت، الدكتور محمد الهواري (ص٢٣).

٥٨ - تادرس يعقوب، القمص، المسيح سر الأفخار ستيا (ص٤٩). والأفخار ستيا تعني: ذبيحة الكنيسة، ويرى النصارى الأفخار سيتيا والكنيسة كلاهما جسد السيد المسيح، فالكنيسة جسد المسيح الذي ننتمي إليه كأعضاء.. والأفخار سيتيا جسد المسيح الذي نأكله فنحيا كأعضاء.

59- الأدفنتست: أو السبتيون، يدعون المسيحية ويؤمنون بالمجئ الثاني للمسيح يقدسون يوم السبت كيوم راحة للرب بدل الأحد.

٦٠- سفر كولوسى (2:١٦- ٢٢). وكولوسي: مدينة في أسيا الصغرى، اندثرت على نهر ليكوس، وكان فيها جماعة مسيحية، واشتهرت كولوسي بسبب أن بولس الرسول كتب رسالة لكنيستها عام ٦٢ م.

٦١- سورة النحل: ١٢٤

٦٢ - تأليف: الأب الكاهن «أي. بي. برانايتس» العالم الكاثوليكي اللاهوتي، والذي كان عضوا ف هيئة تدريس جامعة الروم الكاثوليك للأكاديمية الإمبراطورية ي مدينة «سانت بطرسبرج» عاصمة روسيا القيصرية (ص١٠٧).

٦٣- جماره: كلمة أرامية تعني التكملة أو التتمة أو الدراسة، وهي عبارة عن التعليقات والشروح والتفسيرات التي وضعها على الشناه فقهاء اليهود الذين يسمون بالشراح.

64- موسى بن ميمون: طبيب فيلسوف يهودي، ولد وتعلم في قرطبة، تظاهر بالإسلام وحفظ القرآن، ودخل مصر وعاد إلى يهوديته، أقام في القاهرة ٣٧ عاما، وهو الرئيس الروحي لليهود في زمنه، دفن في طبرية بفلسطين.

٦٥ - المصدر السابق

٦٦ - رواه أبو داود رقم (٢٤٣٣) والترمذي رقم (٧٤٤) وابن ماجه رقم (١٧٢٦) والنسائي رقم (٢٧٦١) وصححه الألباني في صحيح وضعيف ابن ماجه رقم (١٧2٦).

٦٧- سورة الجمعة:٩-١٠.

٦٨ - ابن الراوندي: هو ابو الحسن أحمد بن يحي بن اسحق الراوندي نسبة إلى قرية راوند بين أصفهان وكاشان إيران ولد عام ٢١٠ ه وتوف في الأربعين من عمره شهدت حياته تقلبات عقدية وفكرية ، فكان من أعلام المعتزلة ثم تحول إلى التشيع ثم تحول إلى أهم اللاأدريين والزندقة .

69- كشف الأسرار، عبد العزيز البخاري (٣/ ٢٤٣).

70- للحكيم السموال بن يحيى بن عباس المغربي وهو من أعظم أحبار اليهود قبل إسلامه، المتوفى 570ه.

71- بذل المجهود (ص25 ) .

72- المصدر السابق، (ص31-32).

73- الفصول في الأصول، أحمد بن علي الرازي الجصاص (٢/215- ٢١٧).

74- سورة البقرة: ١٠٦.

75- صححه الألباني في صحيح الجامع رقم (١٠٨٣).

76- فتح الباري، ابن حجر (٢/ ٣٥٣).

77- صحيح الجامع، الألباني رقم (٢٢١٢).

78- رواه الترمذي رقم (١٠٧٤)، وحسنه الألباني صحيح وضعيف سئن الترمذي رقم (١٠٧٤).

79- رواه أبو داود رقم (١٠٥٠) وصححه الألباني ف صحيح وضعيف سئن أبو داود رقم (١٠٥٠).

80- الموطأ، الإمام مالك (١/ ١٢١).

81- عبد الرؤوف المناوي، (٤٣٠/٤).

82- اقتضاء الصراط المستقيم فصل في ذكر إجماع الصحابة (١٦٥).

83- إكمال المعلم في شرح صحيح مسلم، أبو الفضل اليحصبي (3/132)

84- محمد الغرناطي، (٢/ ٢٦٣).

85- وهو من أنفس المراجع في هذه المسألة (١/120).

86- سبق تخريجه (ص ٣١).

87- سورة البقرة: ٦١.

88- سورة الجمعة:9.

89- صحيح الترغيب والترهيب، للألباني رقم (6٩٣).

90- سورة الجمعة:9.

91- الثيولوجيا: هو علم اللاهوت مكونة من كلمتين يونانيتين هما ثيوس THEOS بمعنى الله، ولوجوس LOGO بمعنى عقيدة، وبالمفهوم الضيق هو التعليم عن الله وبالمعنى الأوسع والاكثر شيوعا تضم كلمة ثيولوجيا بداخلها كل العقائد المسيحية.

92- موقع رابطة أدباء الشام 3360=http://www.odabasham.net/show.php?sid

٩٣- رواه البخاري رقم (6١٦٨)، ومسلم رقم (6888).

٩٤ - رواه أبو داود رقم (٤٠٣٣) وصححه الألباني في صحيح وضعيف سئن أبو داود رقم (٤٠٣٣).

95- سورة النساء: ٤٧.

96- سورة الفاتحة:٦-٧.

97- سورة البقرة:٦٥.

98- سورة الجمعة:٩-١١.

99- سورة النساء: ١٥٤.

100- سورة البقرة: ١٨٧.

101- سفر اللاويين (٢٤-٢٥).

102- المصدر السابق (٢٥).

103- عيد اليوبيل، بكر أبو زيد (ص55-65)، نقلا عن كتاب النوادر لعند السلام هارون (ص/155- 158)

104- المصدر السابق.

105- كتاب بروتوكولات حكماء صهيون البروتوكول الثاني (ص١١٢).

106- المصدر السابق (ص ١١٣).

107- رواه الترمذي رقم (٢٦٧٦)، وابن ماجة رقم (٤٣)، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سئن ابن ماجه رقم (٤٣).

١٠٨- فتاوى إسلامية (١/ ١١٠) جمع الشيخ محمد بن عبد العزيز المسند، والحديث سبق تخريجه (ص36).

١٠٩- سورة آل عمران:١١٨.

 

مجلة بيت المقدس للدراسات- العدد العاشر

.