فلسطين التاريخ / منتقى الأخبار
شهود الحرية يروون تفاصيل العدوان الإسرائيلي
الأربعاء 19 من جمادى الثانية1431هـ 2-6-2010م
مفكرة الإسلام: أجمع شهود عيان من جنسيات مختلفة ممن كانوا على متن أسطول "الحرية" على أن ما تعرضوا له في طريقهم إلى قطاع غزة كان "قرصنة" بحرية وجريمة متكاملة الأركان تضاف إلى سجل الجرائم "الإسرائيلية"، ونفوا بشكل قاطع مزاعم "إسرائيل" حول أنه كان بحوزتهم أسلحة نارية هاجموا بها قوات "الكوماندوس".
الربان التركي حسين توكالالاك الذي كان على متن سفينة ترفع علم تركيا لم يعش مثل هذا الموقف من قبل، ويرى أن ما قام به رجال الكوماندوس "الإسرائيليون" أشبه بأفلام القرصنة، "إنهم صوبوا مسدسين إلى رأس كل منا. وكانت حقا مسدسات مثيرة مثل تلك التي تشاهدها في الأفلام" بحسب ما أوردت وكالة "رويترز" نقلاً عنه خلال مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء.
وقال توكالالاك الذي عاد إلى اسطنبول مع طاقمه، إن سفينة البضائع التي كان يقودها وتحمل معظم المعونات كانت مباشرة خلف السفينة "مافي مرمرة"، وهي سفينة ركاب على متنها نحو 600 شخص، قتل تسعة ممن كانوا على متنها بعدما زعمت "إسرائيل" تعرض قواتها لهجوم.
تهديدات بالإغراق
وقال توكالاك إنهم كانوا على بعد 68 ميلا خارج المياه الإقليمية لـ "إسرائيل"، وأضاف إنه شهد أضواء في البحر والجو وطائرات مروحية تقترب من القافلة. وانطلقت زوارق سريعة نحوهم وحلقت المروحيات فوق السفن، وأوضح أنه أبلغ الزوارق المقتربة من خلال مكبر للصوت أن سفينته في المياه الدولية ولا تحمل شيئا محظورًا، وقال إن ربابنة السفن الأخرى فعلوا الشيء نفسه.
لكن "الإسرائيليين" هددوا بفتح النار وإغراقهم"، وهو ما حصل بالفعل، حيث يقول توكالاك "إنهم بدأوا إطلاق بشكل مباشر على مافي مرمرة. ولم يبالوا هل هي مقدمة السفينة أم مؤخرتها"، ورأى الدخان يتصاعد من السفينة والمروحيات تنزل. وقال "ظننت إنهم سيغرقون السفينة".
واستطرد قائلاً: "قال ربان مافي مرمرة إنه جرح وإن آخرين على متن سفينته أصيبوا أيضًا بجراح. وبدا أنه خائف وأصابنا الخوف أيضًا"، وأشار إلى أنه يعتقد أنه رأى أناسًا يغادرون السفينة وأن طوقي نجاة شوهدا في المياه وسط الظلام، "لكن حينما فتحنا أنوارنا لم نر فيهما أحدًا".
وقال إن الاتصالات مع "مافي مرمرة" كانت فيما يبدو تتعرض للتشويش لكن ربانها تمكن في النهاية من إجراء اتصال وقال إن "الكوماندوس" حطموا النوافذ وألقوا قنابل غاز، واقتربت السفن الحربية "الإسرائيلية" من السفن الخمس وحذرت من أنها ستتعرض لإطلاق النار إذا لم تتوقف.
وقال توكالاك: "كان لا بد أن توقف لتفادي سقوط مزيد من القتلى"، وكان هذا آخر أمر أصدره قبل أن يسيطر "الإسرائيليون" على السفينة ويصبح سجينًا على سفينته.
لا وجود للأسلحة
مصور "الجزيرة" عصام زعتر الذي كان على متن إحدى سفن الأسطول، نفى أن يكون المتضامنون قد استخدموا الأسلحة البيضاء ضد القوات "الإسرائيلية" التي هاجمتهم، وقال إن منظمي الحملة وفروا أدوات طعام بلاستيكية حتى لا يتهموا من قبل الإسرائيليين باستخدام هذه الأدوات في التصدي للجنود الإسرائيليين عند اقتحام سفن الأسطول.
وقال زعتر -الذي يملك الجنسية البلجيكية الذي أفرج عنه الثلاثاء، في شهادة له من بروكسل- إن منظمي القافلة كانوا على استعداد لتغيير مسار السفن عند مواجهة القوات الإسرائيلية، إلا أنهم فوجئوا بإنزال القوات "الإسرائيلية" داخل سفنهم.
وأكد زعتر أنه لم يكن لدى المشاركين أي سلاح، وأن القوات "الإسرائيلية" أطلقت عليهم القنابل الصوتية والغازية والمسيلة للدموع، إضافة إلى الرصاص المطاطي والحي، وأشار إلى أن جنود الاحتلال الإسرائيلي تعمدوا ضربه على يده بعد أن استخدموا عصا كهربائية لإسقاط كاميرا التصوير التي كانت بحوزته قبل مصادرتها.
أم وطفلها
من ناحيتها، قالت زوجة قبطان السفينة التركية "مافي مرمرة" خلال مؤتمر صحفي بعد وصولها إلى إسطنبول مع طفلها، إن الجنود "الإسرائيليين" أطلقوا القنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع، وإنها سمعت إطلاقًا كثيفًا للرصاص مما دفعها إلى اللجوء إلى قاعة الركاب، ثم تسليم نفسها للجنود الإسرائيليين الذين حققوا معها قبل إطلاق سراحها مع طفلها، وأشارت إلى أن الجنود "الإسرائيليين" استخدموا العنف والقوة ضد ركاب السفينة.
وفي أثينا، قال ميخاليس جريجوروبولوس -من طاقم سفينة المتوسط الحر- إن حوالي عشرين من رجال البحرية "الإسرائيلية" المدججين بالأسلحة اقتحموا السفن وأطلقوا كمًا كبيرًا من القنابل الدخانية المسيلة للدموع، ثم جمعوا عناصر الطاقم في إحدى زوايا السفينة والأسلحة موجهة إلى صدورهم، مؤكدًا أن تصرفات "الإسرائيليين" تجاههم كانت عدائية واستفزازية إلى حد كبير.
وأضاف أن "الإسرائيليين" تركوا النشطاء ساعات طويلة دون أن يسمحوا لهم بالاتصال بأي محام أو جهة خارجية، مما أدى إلى انقطاعهم عن العالم الخارجي، كما طلبوا منهم التوقيع على وثائق مكتوبة باللغة العبرية دون ترجمة محتواها.
بحيرة دم
عضو الكتلة البرلمانية لجماعة "الإخوان المسلمين" في البرلمان المصري الدكتور حازم فاروق منصور، يكشف مزيدًا من التفاصيل لموقع "العربية.نت"، قائلاً: "بحلول الساعة الرابعة والنصف فجرًا قمنا جميعًا لأداء صلاة الفجر وأثناء الصلاة فوجئنا بعدد من طائرات الهليكوبتر فوق رؤوسنا وأربعة قوارب حربية بالإضافة إلى 16 زورقًً كل منهم يحمل ثمانية من رجال "الكوماندوس" البحرية.
ثم بدأت الطائرات تُنزل علينا عددًا لا حصر له من الجنود المدججين بالسلاح وأطلقوا علينا الرصاص الحي وقنابل صوتية وقنابل دخان غازية وأسلحة صوبوها فوق رؤوسنا سلطت علينا نوعًا من أشعة الليزر، وأضاف "بدأوا يجرون عددًا من الناشطين الأتراك ويلقون بهم على الأرض ويضعون جزمهم فوق أعناقهم ثم يصوبون الأجهزة نحو رؤوسهم ويقتلونهم بدم بارد أمام الجميع إلى أن قتلوا 14 تركيًا وأصابوا عددًا آخر بعضهم بإصابات خطيرة أدت إلى استشهادهم، حيث لم نتمكن من إسعافهم بإمكانيات السفينة المحدودة.
وتابع فاروق: "وبعد أن أصبح ظهر السفينة بركة من الدماء لدرجة أن قوات الاحتلال كانوا يتزحلقون عليه ويقعون فوق بعض من شدة وكثافة الدم رأينا أمام أعيننا ملحمة درامية اختلط فيها الدم باللحم بالأقدام يعجز شكسبير عن وصفها وتركونا في هذه البحيرة الدموية وأخذوا ملابسنا ليضعوها على الأرض حتى يتمكنوا من الحركة على ظهر السفينة.
واستطرد قائلاً: اقتحموا القاعات التي كانت تحتمي بها النساء وصوبوا الأسلحة فوق رؤوسهن، كما صوبوها على رجال الدين المسيحي والإسلامي دون مراعاة للزي الديني، وبعد ذلك كبلوا الجميع حتى العجائز والحوامل والمرضى في إهانة شديدة، وألقوا بنا على سطح السفينة من الساعة العاشرة صباحًا حتى الساعة الثالثة والنصف عصرًا في عز الحر، فما كان علينا ونحن مكبلون إلا أن نلتف حول كبار السن وندحرجهم على الأرض لنغطيهم بأنفسنا لنحميهم من أشعة الشمس الحارقة، ورغم محاولاتنا الصمود إلا أن الجوع والعطش قتلانا، وكان معنا بطلة بحرينية عمرها 14 عامًا كانت وهي مكبلة الأيدي تأخذ بواقي زجاجات المياه وتمسح بها على رأس أبيها الكبير الشيخ وائل، كما ساعدت عددًا من النساء.