فتاوى فلسطينية / فتاوى منوعة
فتاوى مقدسية مختارة-العدد الثالث
"فتاوى مقدسية مختارة"
لجنة البحث العلمي في مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية
باب جديد يشق طريقه وسط صفحات مجلتنا... نقدم فيه - في كل عدد - نخبة من الفتاوى المقدسية ، التي تعالج الواقع الفلسطيني بكل أبعاده من منظور شرعي تأصيلي، بهدف بيان الرؤية الصحيحة لقضية فلسطين، نحاور فيه علماؤنا الربانيين ودعاتنا العاملين على الساحة، نلتمس منهم معالم فهم الأحداث وتأصيل الواقع وإنزاله على القواعد الصحيحة.
فتاوى تم انتقاؤها بعناية فائقة لتكون إرواءً للمتعطشين من أبناء أمتنا الذين ينشدون الحكمة، ومركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية إذ يقدمها ليأمل أن تكون الزاد الحقيقي الذي يضع النقاط على الحروف وينير معالم الطريق.
إجابات فضيلة الشيخ: عبد الله شاكر حفظه الله
نائب رئيس جماعة أنصار السنة المحمدية – مصر
السؤال الأول: نريد من فضيلتكم توجيه كلمة إلى أهل فلسطين تدعوهم فيها لطلب العلم وتعلم أمور دينهم، وما هو الأولى في حقهم تعلمه، وما هو الواجب والدور المطلوب من أهل العلم الذين يعيشون بين أظهرهم، وخصوصاً أن الجهل بالدين يكاد يكون سمة بارزة في بعض المناطق ؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وأصحابه ومن سار على دربهم إلى يوم الدين، وبعد:
أعتقد في الحقيقة أن هذا السؤال مهمٌ للغاية، وهو لا يتعلق بأهل فلسطين على الحصر، وإنما يتعداهم إلى غيرهم، حيث أنه يتعلق بطلب العلم، وأن يتعلم المرء أمور دينه، وما هي الأمور المهمة التي يحتاج إليها المسلم؟
أنطلق في الحقيقة بالإجابة عن هذا السؤال من حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي يقول فيه: "من يرد الله به خيراً يفقه في الدين" وكلمة الشيخ الإمام عبد العزيز بن باز رحمة الله تعالى عليه عن هذا الحديث المشهورة لما قال: "معنى ذلك أن من لم يتفقه بالدين لم يرد الله سبحانه وتعالى به خيراّ" والفقه في الدين يدعونا إلى أن نقول: لا بد يا أيها المؤمنون من طلب العلم والحرص عليه.
أما عن تعلم أمور الدين، وما هي الأمور التي يبدأ بها الإنسان؟ أذكر أيضاً باختصار أن على كل امرئ مسلم أن يعلم أنه لا بد له في أمور دينه من أمرين اثنين لا بد أن يحققهما.
هناك أمران مهمان لا بد أن يحققهما، ولن يستقيم له دينه ولن يكون على الجادة إلا إذا حقق هذان الأمران، وهذان الأمران أعتقد أنهما من فروض الأعيان وليس من فروض الكفايات.
الأمر الأول: أن يتعلم كل امرئ مسلم من أصول دينه ما تصح به عقيدته، أن يبدأ بتعلم العقيدة الصحيحة، وهذا أمر مهم للغاية، وخذ قاعدة مهمة تعلمناها من مشايخنا قديماً – رحم الله أمواتهم وحفظ الله أحيائهم - أنهم كانوا يقولون: "صحة المعتقد أساس لقبول العمل" فمن لم يكن عنده اعتقاد صحيح فلن يقبل منه عمل، بل لو عمل أعمالاً صالحة أنفق فيها شيئاً من المال أو أتعب نفسه في بعض العبادات، كل هذه يحبطها الشرك بالله عز وجل وما يؤدي إليه بنص القرآن الكريم، إذن أمر يجب على كل امرئ مسلم – رجل كان أو امرأة – أن يتعلم من أمور دينه ما تصح به عقيدته.
الأمر الثاني: ننطلق منه وإن كان في العبادات برؤية عقدية، فنحن عندنا أهل السنة والجماعة أن الإيمان اعتقاد في القلب وقول باللسان وعمل بالجوارح والأركان، إذن من يشهد لله بالوحدانية ولنبيه صلى الله عليه وآله وسلم بالرسالة وينطق بذلك لا شك أن قلبه لا بد أن يكون على يقين مما قال، وأن يقوم بعد ذلك بالعمل، فيترجم بطريقة عملية عما قام في قلبه ونطق به لسانه، هذا العمل الذي يؤديه هو من العبادات المطلوبة من كل مسلم وهو الأمر الثاني الذي يجب أن يتعلمه المسلم، وهو باختصار أن يتعلم الفرد المسلم – رجل كان أو امرأة – من أصول دينه ما تقبل به عبادته، لأن العبادة لا ينال الإنسان شرفها ولا أجراً من ورائها إلا إذا كانت مقبولة عند الله عز وجل، وشروط قبول العبادة كما هو معلوم من القرآن الكريم ومن أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، الإخلاص وهو أن تكون لله وحده دون سواه، وهو يدخل في الأمر الأول، والشرط الثاني أن تكون على هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فنحن أمرنا بالصلاة، أمرنا بالصيام، أمرنا بإيتاء الزكاة، أمرنا بالحج، وبسائر أمور البر والتقوى والخير والنفع سواء كانت واجبة أو مندوبة أو غير ذلك، أمرنا بفعل ذلك ولكن ليس على سبيل الهوى ولا على سبيل الاختراع ولا على ما يرغب فيه الإنسان، وإنما نحن مأمورون باقتفاء أثر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فعلى كل امرئ مسلم من إخواننا بصورة عامة، وأوجه حديثي هنا إلى أهل فلسطين بصورة خاصة حيث أن السائل جزاه الله خيراً سأل عنهم، أخاطبهم فأقول: عليكم أن تتعلموا من أمور دينكم ما تصح به عقيدتكم وما تقبل به عبادتكم.
ودور أهل العلم في ذلك أن يركزوا على هاتين القضيتين، بادئين أولاً بمسائل الاعتقاد، وأرى أنها مسألة تقدم للناس بصورة سهلة ميسورة، كلمة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) التي ينبني عليها دخول المرء في الإسلام، وتنبني عليها أركان الإيمان بعد ذلك مسألة سهلة ميسورة إذا لم يشبها شيء من علم الكلام أو تختلط بأقوال الناس، فتقديم هذه العقيدة بصورة سهلة ميسورة إلى الناس مقبولة لديهم مبسطة أمر مهم وضروري وواجب على أهل العلم في هذه الديار، ثم بعد ذلك يعلموهم مسائل العبادات بعيداً أيضاً عن التعصب والهوى، وإنما على وفق ومنهج وهدي رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخبر بأن أي عمل يعمله الإنسان لن يقبل منه إلا إذا كان مقتفياً فيه أثر وهدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومن أحدث في الدين وأبدع في دين الله ما لم يأذن به الله فعمله مردود عليه، وتعجبني كلمة سمعتها من الشيخ/ أبو بكر الجزائري حفظه الله تعالى في هذا المقام أنه قال: "أي عبادة تقوم على بدعة لا يكون لها أثر في القلب" لا تؤثر في قلب صاحبها، لا تنمي فيه الإيمان، لا تغذي فيه روحاً، لا تدفعه إلى عمل صالح بعد ذلك، لماذا؟ لأنها بنص كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم مردودة، وطالما أنها مردودة وغير مقبولة فلا أثر لها ولا مكان، وهذا هو الحق الذي يجب أن نعرفه، وبالتالي على أهل العلم هناك أن يسعوا جاهدين وأن يبينوا الحقيقة، ووالله إني محب لهم، أناشدهم لوجه الله تبارك وتعالى أن يجتمعوا على كلمة الحق، لأنه بلا شك أن الأمة تعاني اليوم وقد صرنا إلى هذا التفرق وهذا التمزق وإلى هذا التباعد، فإذا أبى كل واحد منا أن يجلس إلى الآخر فمتى يجتمع المسلمون إذن؟ ومتى نلتقي على كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن يجب علينا يا أهل العلم أن نلتقي على هذه الكلمة، فالكلمة السائرة التي طالما أرددها في كل الأماكن وأدعو الناس إلى الالتزام بها هي (كلمة التوحيد قبل توحيد الكلمة) فنحن نجتمع على كلمة التوحيد، فإذا اجتمعنا على كلمة التوحيد توحدنا بعد ذلك جميعاً، مثل الطلاب في المدرسة يدرسون كتاباً واحداً ومنهجاً واحداً، فلو سألهم الأستاذ في المقرر والمنهج الذي بين أيديهم فلا شك أن إجابات هؤلاء الطلاب ستكون متقاربة، سبب هذا التقارب والذي هو في النهاية نسخة مكررة سواء اختلفت التعبيرات أو لم تختلف ولكن المغزى سيكون واحد، والنتيجة ستكون واحدة والجميع إن ذاكر بدرجة واحدة وأجابوا جواباً صحيحاً سليماً مستقيماً سينجحون ، العلة في ذلك أن المصدر الذي أخذوا منه مصدر واحد، فنحن إن اجتمعنا على أمر واحد اجتمعنا على ما يليه بعد ذلك، بفضل الله تبارك وتعالى والله أعلم.
جزاكم الله خيراً.
المرجع: من أسئلة مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية الموجهة للعلماء والمشايخ حفظهم الله، سؤال رقم (135) بتاريخ (ربيع الأول 1427 هـ) الموافق (إبريل 2006 م ).
فضيلة الشيخ: عقيل المقطري حفظه الله ( اليمن ) :
السؤال: ما حكم التنازل عن الأرض لليهود مقابل أخذ تعويض مادي على ذلك، سواء كان نقوداً أو أرضاً بدلاً منها في كندا مثلاً أو غيرها من البلدان؟
الجواب: يحرم على المسلمين سواء كان في فلسطين أو غيرها من البلاد الإسلامية أن يبيع أرضه لأعداء المسلمين سواء كان يهود أو نصارى سواء كان مقابل مال أو مقابل أرض في بلد آخر كأمريكا أو كندا أو غير ذلك لأن بيع المسلم للأرض يؤدى في النهاية إلى تشكيل أقلية وربما مع مرور الأيام يصبحوا أغلبية في بلاد المسلمين سواء كانوا أقلية أو أكثرية ويؤدى ذلك أيضاً إلى دخولهم في مفاصل الحكومات والذي يؤدى بدوره إلى قلب البلاد إلى ديار تحكم بغير ما أنزل الله.
والإسلام حرص كل الحرص على الحفاظ على أراضي المسلمين بل وحرص على توسيع رقعتها ومن هنا قامت المعارك التي قادها النبي صلى الله عليه وسلم وقادها من بعده أصحابه الكرام رضوان الله عليهم وسار على ذلك النهج الخلفاء والأئمة إلى قبيل سقوط الدولة العثمانية.
المرجع: من أسئلة مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية الموجهة للعلماء والمشايخ حفظهم الله، سؤال رقم (85) بتاريخ (ذو القعدة 1426 هـ) الموافق (ديسمبر 2005 م ) .
السؤال: ما حكم الوقوف مع نصارى فلسطين في وجه اليهود، وتشكيل قوة مشتركة لمواجهة اليهود ومخططاتهم؟
الجواب: إذا كان لهؤلاء النصارى الفلسطينيين ثقل وكان يمكن أن يقوموا بدور قوي وملموس ولا يكون لهم فيما بعد أي مواعيد من المسلمين أو تقاسم للسلطات وإنما يكون دورهم فقط مجرد الضغط على اليهود لإخراجهم من فلسطين فهذا جائز إن شاء الله إن كان المسلمون بحاجة إليهم وإلى موقفهم، وإلا فلا يجوز التحالف معهم لأن جانبهم غير مأمون، وإن كانوا في عداوتهم أخف من اليهود كما قال الله عز وجل:(لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى) والنبي صلى الله عليه وسلم ما كان يستعين بالمشركين كما قال عليه الصلاة والسلام: (إني لا أستعين بالمشرك) وقال للرجل الذي جاء يناصر النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال: أقاتل ثم أسلم فقال له عليه الصلاة والسلام :(أسلم ثم قاتل).
ثم يشترط في حال مقاتلتهم مع المسلمين أن تكون القيادة للمسلمين وأن يقاتلوا تحت راية المسلمين.
المرجع: من أسئلة مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية الموجهة للعلماء والمشايخ حفظهم الله، سؤال رقم (80) بتاريخ (ذو القعدة 1426 هـ) الموافق (ديسمبر 2005 م ) .
فضيلة الشيخ: مراد القدسي حفظه الله:
السؤال: نرجو من فضيلتكم بيان صور الموالاة والنصرة لإخواننا المسلمين في فلسطين؟
الجواب: لا أستطيع أن أحصر من خلال هذا الجواب كل صور الموالاة لإخواننا في فلسطين الحبيبة ولكن أذكر بعض منها ولعل آخرين يوفون ما نقص منها، وهي كالتالي:
1- تقديم العون المادي لهم لشراء السلاح أو رعاية أسر الشهداء والأسر الفقيرة.
2- الدعاء لهم بظاهر الغيب بالنصرة والتمكين على أعدائهم وخاصة في ساعات الاستجابة وفي الأماكن الفاضلة.
3- متابعة ما يجري من أحداث في تلك الأرض المباركة وإذكاء الأمة لنصرتها.
4- التعريف بالقضية في كل المحافل والمنتديات الدولية وغير الدولية حتى يبين للناس رجوع حقهم المسلوب.
5- الدفاع عن المجاهدين والذب عن أعراضهم والرد على خصومهم والذين يطعنون فيهم لضرب الجهاد ومنع استمراره.
6- تقديم النصح لأبناء فلسطين جميعاً بضرورة لم الصفوف وتوحيد الجهود والطاقات في ملاقاة العدو وأنه لا سبيل لتحرير فلسطين إلا بالجهاد والجهاد فقط وتذكيرهم بأن نصر الله قادم.
7- المشاركة الفاعلة في المقاطعة الاقتصادية والسياسية لليهود وفي كل الجوانب حتى يتم إضعاف دولتهم وقمع شوكتهم ومقاطعة كل ما يقف وراءهم من الأمريكان وأمثالهم.
8- السعي الحثيث بكل الوسائل الممكنة - والتي لا تؤدي إلى مفاسد عظمى - إلى فتح الحدود والمناصرة بالجهاد بالنفس معهم..... وتلك غاية الأماني لنصرتهم.
9- التحذير من كل الوسائل الغير ناجحة في مواجهة العدو مثل السلام والتطبيع وبيان عوار مثل هذه الحلول الاستسلامية.
10- التذكير الدائم بالقضية وجعلها من أمهات القضايا الإسلامية والابتعاد عن نسبتها إلى القومية أو الوطنية لأن ذلك تقزيم للقضية وإخراجها من أصالتها وعمقها الشرعي الأصيل.
المرجع: من أسئلة مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية الموجهة للعلماء والمشايخ حفظهم الله، سؤال رقم (92) بتاريخ (ذو القعدة 1426 هـ) الموافق (ديسمبر 2005 م ) .
السؤال: ما هو موقف طلبة العلم مما يجري من أحداث في فلسطين؟
الجواب: موقف طالب العلم مما يجري من أحداث في فلسطين لا شك أنه من أعظم الواجبات لأن طلبة العلم هم من مشاعل الهدى في الأمة وهم قلب الأمة النابض وهم أكثر الناس إدراكاً ووعياً لما يجري من أحداث ومستجدات والذي يمكن أن أذكره وخاصة لطلبة العلم في فلسطين:
- ضرورة تعلم فقه الجهاد والقتال حتى تقام هذه الفريضة في الأمة خير مقام وتعليم الناس وتفقيههم بذلك حتى يتم لهم حسن العمل والأجر عند الله تعالى.
- ضرورة نشر العلم وتصحيح العقيدة وإنكار البدع والمحدثات وخاصة في أرض فلسطين فلعل رجلاً يسقط هناك وقد صحت عقيدته وصفا منهجه فيكون مقبول عند الله تعالى وهو أولى ممن يموت على جهله وغوايته.
- السعي إلى لم الشمل وتوحيد الجهود والطاقات والالتفاف حول العلماء والمجاهدين ومساندتهم ونصرتهم في مواجهة العدو.
- الرفق واللين بأبناء فلسطين في دعوتهم وإعانة المحتاجين منهم وغرس القيم الفاضلة في أوساطهم.
- رفع المعنويات في أوساط أبناء فلسطين وتذكيرهم بفضل الجهاد وضرورة التوكل على الله والتفاؤل بفرج الله القادم.
وأما طلبة العلم خارج فلسطين فالوجبات المناطة بهم هي:
- تذكير المسلمين بقضية فلسطين وواجبهم نحوها وإذكاء روح الجهاد في الأمة ودعوة الناس لنصرتهم بكل طريقة ممكنة.
- دحض الشبهات المثارة حول قضية فلسطين وإبراز مكانه القضية وأهمية نصرها.
والله أعلم.
المرجع: من أسئلة مركز
بيت المقدس للدراسات التوثيقية الموجهة للعلماء والمشايخ حفظهم الله، سؤال رقم (93) بتاريخ (ذو القعدة 1426 هـ) الموافق (ديسمبر 2005 م ) .
العدد الثالث – مجلة بيت المقدس للدراسات
.