فلسطين التاريخ / تهويد وتزوير وإجرام
مشروع الهيكل الثالث
خمسة وعشرون جماعة تعد نفسها لبناء الهيكل الثالث على أنقاض المسجد الأقصى وقد تألف في الولايات المتحدة الأمريكية منذ احتلال القدس عام 67م هيئات دينية من اليهود ومن بعض الإنجيلين المتصهينين الخارجين عن الإطار العام للكنيسة الإنجيلية المتخصصة في جمع الأموال اللازمة لتحويل بناء الهيكل، وقد جمعت بالفعل أموال طائلة ينفق بعضها على المدارس الدينية وينفق بعضها الآخر على تمويل حركة (غوش إيمونيم) وتعني جبهة العقيدة وهي واحدة من الحركات الدينية التي تقود حركة الاستيطان في الضفة الغربية وتتولى تنفيذ المخططات الرامية لتدمير المسجد الأقصى وقبة الصخرة ، ومن ثم إقامة الهيكل.
ومن المنظمات الكبرى كذلك منظمة (أمناء الهيكل ) والتي يمولها المليونير الأمريكي المسيحي الأصولي (تيري رازنهوفر) والتي جعلت بناء الهيكل هدفها الرئيس والأساسي وأنشأت لذلك مدرستين تلموديتين بالقرب من حائط البراق لتدريب مئتي طالب على شعائر العبادة القربانية وهي الشعائر الخاصة بالهيكل وإحدى هذه المدارس (معهد جبل الهيكل) وظيفتها الأساسية التعجيل ببناء الهيكل وقامت هذه الجماعة بوضع حجر الأساس للهيكل الثالث عام 89 م في احتفال تحت إشراف رئيس الجماعة (غرشوم سالمون) ويساند جماعة أمناء الهيكل بعض أعضاء المؤسسة الدينية في إسرائيل.
يبقى أن نقول أن هذه الجماعات قد تمثل سيناريوهات تكاملية متسلسلة من أجل بناء الهيكل، ويبقى أن نقول أيضاً أن بناء الهيكل أفترق من أجله فريقان فريق يقول –وهم اليهود-أن إنجاز هذا المشروع بمثابة تكريس يهودية القدس وانطلاقاً نحو تهويد بقية المناطق المحتلة من فلسطين. والفريق الثاني من غير اليهود وهم فئة كبيرة من المسيحيين الأمريكيين البروتستانت الذين يعتبرون بناء الهيكل شرطاً مسبقاً لابد منه من أجل عودة المسيح.
يلتقي الفريقان في قاسم مشترك وهو تدمير المسجد الأقصى وقبة الصخرة , الفريق الأول من اليهود يعتبر أن من يسيطر على ما يسمونه جبل الهيكل حيث يقوم المسجد وترتفع قبة الصخرة، يسيطر على القدس وأن من يسيطر على القدس يسيطر على فلسطين. وكان بإمكان هؤلاء اختيار موقع آخر لبناء الهيكل بعد أن أثبتت الحفريات الأثرية التي قام بها عالم الآثار الأمريكي (غورون فرانز) بتكليف من معهد الأرض المقدسة في القدس عدم وجود أي دليل على أن المسجد الأقصى أقيم موقع الهيكل. إلا أن وجود المسجد والقبة يعطيان القدس صورة المدينة الإسلامية بامتياز وهم يريدون إزالة هذا الرمز لإعطاء القدس من خلال بناء الهيكل صورة المدينة اليهودية.
أم الفريق الثاني فغير معني بناء الهيكل من أجل العبادة ولكنه معني أولاً وأخيراً بحسابات المعارضة الإسلامية لتدمير المسجد الأقصى ومن ثم برد الفعل العسكري اليهودي ضدهم مما يفجر حرب إقليمية تتورط فيها قوى العالم المختلفة فتقع معركة هرمجدون التي يؤمنون بأنها البوابة لعودة المسيح وهي العودة الثانية التي ينتظرونها ويعملون على التعجيل لها إيماناً منهم بأنها سوف تقضي على أعداء المسيح –أي على المسلمين – وسوف تحمل بقية اليهود على الإيمان بالمسيح العائد الذي يحكم الأرض لمدة ألف عام يعم معه السلام والاطمئنان.
عبد الرقيب العزاني
.