دراسات وتوثيقات / دراسات وبحوث

تهويد أسماء المعالم الفلسطينية.

تهويد أسماء المعالم الفلسطينية

 ( الإيديولوجيا ـ التطبيقات ـ المواجهة)

 

لم تكتف الصهيونية، حركة وكياناً، باغتصاب الأرض الفلسطينية وبتهجير غالبية الشعب الفلسطيني إلى خارج وطنه، وإنما عمدت إلى محاولات طمس كل أثر يدل على الهوية العربية للبلاد وعلى ارتباط شعب فلسطين بها. ومنذ تأسيس الدولة - الكيان، قامت المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة بحملة محمومة لتهويد أسماء المعالم الجغرافية الفلسطينية بطريقة لم يسجل لها التاريخ مثيلاً، بالمعايير الكمية والنوعية.

 

المنطلقات الإيديولوجية للتسمية، والبدايات

قام المحتوى اليهودي للمشروع الصهيوني في فلسطين على إدعاء "يهودية البلاد وعودة اليهود إلى وطنهم ". وجرى بناء جيش جرَّار من المقولات الغيبية، بهدف ترويج هذا الإدعاء في النطاقين اليهودي والعالمي. ونشطت المحاولات الصهيونية الرامية إلى توفير الأغطية النظرية للعمل الصهيوني، بسبب أهمية التعاضد بين عاملي الإيديولوجيا والقوة في تهويد فلسطين، وإقامة الدولة الصهيونية.

كانت نسبة فلسطين إلى اليهود، وتهويد أسماء معالمها، في القلب من توجهات الصهيونية غير اليهودية، قبل ولادة الصهيونية السياسية. وسواء من حيث المنهجية أو الأفعال على الأرض، يعود الفضل في التفكير والأداء الخاص بتهويد أسماء المعالم الفلسطينية إلى " صندوق استكشاف فلسطين " الذي قام بعملية مسح للبلاد بين 1871_ 1877، وجمع أسماء المواقع القديمة والخرائب والقرى، وأعدّ قوائم للأسماء تحوي أكثر من 10آلاف اسم نقلت بحروف إنجليزية. بعد ذلك طبع الصندوق خارطة لفلسطين الغربية على أربعة أشكال :

-   الأولى، عليها الأسماء العربية الحديثة .

-   الثانية، عليها أسماء العهد القديم ( التناخ ).

-   الثالثة، عليها أسماء العهد الجديد ( الأناجيل ).

-   الرابعة، عليها أسماء مصادر المياه وتوزيعها .

ومن أهم النتائج التي أسفر عنها العمل، برأي العاملين في الصندوق، تحديد أعداد كبيرة من الأماكن المذكورة في التوراة لم تكن مواقعها معروفة سابقاً ( 622 اسماً توراتياً في غرب الأردن كان قد تحدد منها 262 اسماً قبل العام 1870 ). وطبقاً لما نشر عن الصندوق، وضع الكولونيل كوندر منهجية للخرائط التي صمّمها، محاولا تعيين مواقع الأسماء التي ورد ذكرها في" العهد القديم "ورسم حدود أسباط بني إسرائيل الإثني عشر، وقام بما يسمى " اقتفاء آثار الجيوش الغازية والهجرة القديمة "، بالإضافة إلى قراءة النقوش الباقية وفك رموزها. وفي المنحى ذاته، تحدث بيسانت ( السكرتير الفعلي للصندوق لمدة 25 عاماً ) عن العمل الذي قاموا به ،قائلا:  "كنا نقوم بثورة كاملة في فهم التوراة ودراستها ، كنا نحيي العظام وهي رميم، كنا نستعيد مجد فلسطين في عهد هيرودس، كنا نستعيد بلاد داوود، كنا نردُّ إلى الخارطة أسماء المدن التي دمرها القائد العظيم يوشع. لقد أعدنا البلاد ( فلسطين ) إلى العالم، بالخارطة وبالأسماء والأماكن المذكورة في التوراة. واسمحوا لي أن أفاخر بذلك، إذا علمتم أن شخصاً واحداً (هو كوندر) قد استعاد من الأسماء القديمة، أكثر مما فعله جميع الباحثين والرحالين حتى الآن. عندما وضعنا الأسماء القديمة في أماكنها، أصبح في وسعنا تتبع سير الجيوش في زحفها ".

منذ ذلك الحين بدأت التعدّيات على التاريخ الفلسطيني خدمة للمشروع الصهيوني، عبر إقحام الرواية التناخية على هذا التاريخ الذي يثبت الباحثون والمنصفون أنه طُمس وأُسكت، ليحلّ محله تاريخ مختلف، لرواية لم تؤكد التنقيبات الأثرية صحتها، باعتراف الكثيرين من علماء الآثار اليهود أنفسهم .

  قبل تأسيس إسرائيل كانت " الهوية اليهودية " لفلسطين إحدى المسلمات التي لا جدال فيها لدى التيارات الصهيونية المختلفة، وقد عبّر المفكر اليهودي موشي مينو حين في كتابة " انحطاط اليهودية في عصرنا " عن تشريب الناشئة اليهود المفاهيم الصهيونية المتعلقة بفلسطين وبدولة اليهود القادمة على الطريق. فتحدث عن دراسته في مدرسة " جمنازيا هرتسليا العبرية " قائلاً : " كانوا يعلموننا يومياً واجباتنا المقدسة نحو عمينو، أرتسينو، مولادتينو ( شعبنا، بلدنا، وطننا ). وغرسوا في قلوبنا الفتية بشكل متكرر أن أرض الآباء يجب أن تعود لنا مطهّرة من الغوييم ( نظيفة من الأجانب ـ العرب ) وعلينا تكريس حياتنا لهذا الغرض".

يقدّم شموئيل كاتس ( عضو الكنيست الأولى وأحد مؤسسي حركة أرض إسرائيل الكاملة، ومستشار رئيس الحكومة مناحيم بيغن أواخر السبعينات ) نسخة تقليدية للتوصيف الصهيوني الخاص بموقع فلسطين في الصراع الدائر حول هويتها. فيذهب في أحد مقالاته إلى أن ليس هناك شعب فلسطيني تاريخي، وليس هناك في التاريخ العربي شيء اسمه فلسطين. ويورد قول بن غوريون (رئيس الوكالة اليهودية ) أمام اللجنة الأنجلو أميركية للتحقيق عام 1945 بأن " هذا البلد صنع منا شعباً، وشعبنا صنع هذا البلد. لم يصنع أي شعب آخر غيرنا هذا البلد، كما أن هذا البلد لم ينجب أي شعب آخر ". ثم يكتب كاتس تاريخاً حسب القوالب الصهيونية، فيذكر أن صلة الشعب اليهودي بـ "أرض إسرائيل " فريدة من نوعها في تاريخ الشعوب، وقد فرض اسم فلسطين عليها من قبل القيصر ادريانوس. ويتحدث عن تاريخ البلاد حتى الاحتلال البريطاني (1918) زاعماً أنه طوال هذه القرون لم يفلح أحد في القضاء على الوجود اليهودي في " أرض إسرائيل "، وعلى الرغم من حكم البلاد من قبل 14 جهة أجنبية، فقد كان التراث الحضاري اليهودي هو الوحيد والأوحد الذي تميز به واقع " أرض إسرائيل". ثم يعزو وجود العرب في البلاد إلى هجرة أبناء المناطق المجاورة في القرنين الماضيين. ويورد سيلاً من الأوهام في أن اسم فلسطين كان ملازماً للشعب اليهودي، ولم يتخذ العرب لأنفسهم هذا الاسم إلا تدريجياً. ويرى أن النجاح في محو هذه الحقيقة من أذهان الكثيرين في العالم كله ومن أذهان الكثيرين من اليهود شهادة قاطعة على النجاح غير العادي الذي حققته الدعاية العربية .فمثلا ـ يتابع كاتس ـ كانت كل مؤسسة تحمل اسم فلسطين في العالم هي مؤسسة صهيونية : النادي الفلسطيني في باريس ـ مصرف انكلو /فلسطين ـ الصندوق التأسيسي لفلسطين ـ صندوق مال فلسطين ـ الفرقة الموسيقية الفلسطينية ـ شركة الكهرباء الفلسطينية ـ الإقليم البحري الفلسطيني ـ شركة البوتاس الفلسطينية .وبالمثل: أناشيد فلسطين في المهجر كانت أناشيد صهيونية ـ عيد الشجرة الفلسطيني ـ أحد الكتاب الصهيونيين وقع مقاله بعبارة " رأي فلسطيني ". ويضيف كاتس قائلاً :" لقد غير اليهود صفة فلسطيني لدى إقامة دولة إسرائيل ونشوء الهوية السياسية إلى إسرائيلي، وعندئذٍ تلقف السياسيون العرب الفكرة وتحولوا إلى فلسطينيين منذ القدم وجعلوا فلسطين وطناً لهم، ومن هنا تطورت الخرافة بنجاح مذهل ".

هذا جزء يسير من القصف التضليلي الصهيوني بالمفاهيم والمقولات ذات الصلة باغتصاب الاسم للوصول إلى نتيجة واضحة وهي أن العرب غير موجودين في فلسطين، وإذا وجد أناس فيها فهم أغراب عنها. وفي ظل الإصرار على تسويق الرؤية الصهيونية، كان الربط بين اليهود واسم البلاد يمثل رافعة للعمل الصهيوني الرامي إلى تهويد فلسطين ووحدانية ملكيتها لليهود. ففي أحد الكيبوتسات قال مناحيم بيغن " إن اليهود لو تحدثوا عن فلسطين بدلاً من ايرتس يسرائيل، فإنهم يفقدون كل حق لهم في الأرض، لأنهم بذلك يعترفون ضمناً بأن هناك وجوداً فلسطينياً، وبالتالي إن عبارة أرض إسرائيل تدل على عدم الاعتراف بأي شعب آخر على  هذه الأرض ". وضمن محاضرة ألقاها موشي دايان في معهد التخنيون بحيفا، جاء : "إن فلسطين كانت موجودة، لكنها لم تعد كذلك الآن. جزء منها أصبح إسرائيل، والجزء الآخر اندمج في المملكة الأردنية .. لقد فضَّل العرب الانضمام إلى هذه المملكة والتخلي عن خصوصيتهم السياسية، و قد أنهى هذا الحدث مصير فلسطين السياسي". ويتخرص آخرون بالقول :إن اسم هذه الأرض لآلاف السنين هو " ايرتس يسرائيل " (الأرض اليهودية الموعودة) أما كلمة فلسطين فإنها لم تستعمل إلاّ في اللغتين الإنجليزية والألمانية. وأن أبسط تعريف للصهيونية هو ما قاله هرتزل بأنها تعني استبدال اسم فلسطين بالدولة اليهودية .

أمام قوة اسم فلسطين ومدلولاته التاريخية والسياسية، سعى الصهيونيون إلى حسم المسألة عبر تحريف هذه المدلولات. وعلى سبيل المثال، كان مناحيم بيغن ( رئيس حكومة إسرائيل وزعيم الليكود الأسبق ) يشدد على حرف "ش" من أجل إبراز مصدر الاسم البلشتي. وتباينت الآراء حتى اليوم حول التسمية الصحيحة ـ من وجهة نظر الصهيونيين ـ هل هي بلشتين (التناخية) أم فلسطين ( السياسية ). وبعد حرب 1967، أطلق " الصقور " على الفلسطينيين تسمية بلشتنيم، أما " الحمائم " فأطلقوا عليهم تسمية فلسطينيين. وحتى تاريخه، يكتبون في أخبار قناة التلفزيون الأولى فلسطينيين، أما صحيفة هآرتس فتكتب بلشتنيم. هنا إذن محاولة لجعل مدلول الكلمة في خدمة تهويد المكان، واستبدال هويته.

تنطوي عملية الاستبدال هذه على مسعى محموم لامتلاك البلاد وحرمان العرب من الانتساب إليها. وطبقاً لتقديرات بعض المتخصصين، وصل هذا الحرمان إلى درجة انتحال الاسم القديم للمكان. فمثلاً ـ يقول د. أحمد سوسة ـ إن الصهيونية مشتقة من لفظة " صهيون "، وهي رابية في أورشليم كان قد أقام عليها اليبوسيون أبناء عمومة الكنعانيين العرب حصناً قبل ظهور بني إسرائيل ( قوم موسى ) بحوالي ألفي عام .ولذا تكون لفظة "صهيونية" كنعانية ( عربية ) وليست عبرية ( يهودية ) شأنها في هذا شأن أسماء مدن وقرى فلسطين القديمة التي كانت ولا تزال تحمل أسماءها الكنعانية الأصلية حتى يومنا هذا .

  ارتباطاً بالتسمية اليهودية للبلاد، فضل الصهيونيون استخدام اسم " إسرائيل " لدولتهم بدلاً من الاسم الذي كان قد اختاره هرتزل وهو" دولة اليهود"لأسباب ـ أوردها د. رشاد عبد الله الشامي ـ هي:

-   إيجاد تناسق بين اسم الدولة والاسم العبري لفلسطين وهو " ايرتس يسرائيل".

-   إيثار الصفة العنصرية الكامنة في اسم إسرائيل على الصفة الدينية في  لفظة اليهود .

-  عدم الرغبة في التذكير بالحدود القديمة لمملكة يهودا البائدة التي لم تكن تشمل إلا القسم الجنوبي من فلسطين من دون ساحل البحر(..)، مما يمثل قيداً تاريخياً للمطامع التوسعية الاستعمارية للصهاينة .

في مسعى لحقن هذه التوجهات بمضامين مادية وسياسية، تسايرت عملية تهويد فلسطين بأرضها وأسماء معالمها مع محاولة طمس عروبتها وتشويه هوية شعبها، حتى أنهم سرّبوا مضامين مسمومة لمعنى " الفلسطينيين " إلى المعاجم الأجنبية، و صار هذا المعنى في معجم أوكسفورد مثلاً " أحد الشعوب الغريبة المعادية التي أغارت على شعب إسرائيل " ووصف الشعب الفلسطيني بأنه غير حضاري، غريب، معيب ..الخ.

لقد تنبه الصهيونيون إلى موضوع أسماء المعالم الفلسطينية منذ وقت مبكر، وتوصلوا إلى أن هذا الموضوع يرتبط بهوية الدولة وطبيعتها. لهذا سعوا بعد تأسيس إسرائيل إلى معالجة المسألة كحالة تطبيقية في عملية تهويد البلاد. وتم التشديد على هذا الربط بين الدولة ككيان سياسي منظم وبين ما يسمى " القومية العبرانية التوراتية"، حسب تحديدات بن غوريون ( أول رئيس حكومة لإسرائيل ) ،الذي كان يركز على أن هناك ضرورة لبلورة طابع عبري وأسلوب عبري لم يكونا قائمين في السابق، ولم يكن بالإمكان إقامتهما في المنفى.

وهكذا صار وعي إسرائيل لذاتها وعياً عبرياً، من حيث كونه يستمد مادة الحياة التاريخية من العهد القديم ( التناخ ) ومن التلمود، أي أنه مدعوم بأشباح الماضي. وحسب اسحق دويتشر، إن الأغلبية الساحقة من هذا الجيل من الإسرائيليين لم تكن لها أي جذور في إسرائيل، وإن إسرائيل هي دولة الأشخاص المنقولين (دولة الشخص الطريد، المشرَّد)، وهذا هو السبب في أنهم يتحدثون كثيراً عن " الجذور الضاربة " وزرع الجذور.

إن عقيدة "التشريش" هذه هي إحدى السمات اللصيقة بالخطاب الإيديولوجي الصهيوني ـ الإسرائيلي. وبالمثل، إن استخدام التاريخ والأسطورة لتفسير الوضع السياسي المعاصر والأحداث الراهنة هو علامة مميزة لما يسمى " الثقافة السياسية الإسرائيلية ". وتعكس عملية تهويد أسماء المعالم الفلسطينية هاتين الخاصتين.

آلية تهويد الأسماء

غداة قيام الدولة، أثير موضوع أسماء المعالم عندما تقرر أن يُعهد إلى بلدية تل أبيب بالمسؤولية البلدية عن مدينة يافا. آنذاك جرى نقاش بشأن الاسم الذي يطلق عليهما، فاقترح البعض اسم يافو، وزعموا أن هذا هو الاسم التوراتي، و كان بن غوريون بينهم. واقترح آخرون اسم تل أبيب بصفته الاسم الصهيوني. وبعد نقاش عكس الارتباك، انتصر الصهيونيون في النهاية وصار الاسم تل أبيب ـ يافا .

لم تحدث عملية تهويد أسماء المعالم الفلسطينية دفعة واحدة، حتى أنه في السنوات الأولى لقيام إسرائيل كانت بعض المؤسسات والوزارات الإسرائيلية تستخدم التسميات الفلسطينية / العربية. فمثلاً، تضمن الكتاب السنوي الهيدرولوجي الصادر عن وزارة الزراعة أسماء غير مهوّدة لأنهار ووديان ( مثل : الزرقاء ـ العوجا ـ الحاصباني ـ بانياس ـ القرن ـ الحلزون ـ اسكندرونة ـ الحنداج ـ  وقاص .. الخ) وينابيع (مثل : عين المشرفة ـ عين التينة ـ عين الفوارـ  عين عسل ..الخ ). لكن هذه المرحلة لم تدم طويلاً، إذ سرعان ما شنَّت إسرائيل حملة تهويدية استهدفت طمس الأسماء الفلسطينية / العربية للمناطق والمواقع والمعالم الجغرافية في البلاد، وإحلال أسماء عبرية/تهويدية مكانها .

اعتمدت المؤسسة الحاكمة في الكيان الصهيوني ـ في حملتها التهويدية تلك ـ عملية متشعبة الأداء ومتعددة الميادين، داخلياً وخارجياً. وكانت هذه العملية تخضع إلى منظومة إيديولوجية / سياسية ذات طبيعة دعائية موظّفة في خدمة تهويد فلسطين والمشروع الصهيوني برمّته.وقد مرّت عملية تهويد الأسماء بالمحطات الرئيسة التالية:

     1)   تم تشكيل لجنة خاصة عام 1948 باسم " اللجنة الحكومية للأسماء " من شخصيات رسمية وأكاديمية ( ضمت متخصصين في الموضوعات التاريخية والدينية والجغرافية) فضلاً عن مسؤولين في ميادين التخطيط والتنظيم . وكان بعض أعضائها مستشرقين أو مهتمين بالشؤون العربية .

كانت مهمة اللجنة دراسة أسماء الأماكن والمعالم والمواقع الجغرافية، ووضع بدائل للأسماء العربية. وأخذت اللجنة ـ التي لا تزال مهمتها قائمة حتى الآن بصرف النظر عن تبديل الأشخاص ـ تنظم قوائم بين حين وآخر تصدرها في " نشرة الوقائع الإسرائيلية " باللغتين العبرية والعربية، منها مثلاً : مجالس السلطات المحلية ـ القرى والمستوطنات ـ المواقع التاريخية والخرب ـ المناطق الطبيعية ـ المعالم الجغرافية الخاصة ـ الأنهار ـ العيون والآبار ـ السهول ـ الجبال والتلال ـ المغارات ـ الطرق ـ المناطق المحتلة حديثاً ..الخ.

ظلت " اللجنة الحكومية للأسماء " تستقي توجهاتها من الإستراتيجية العليا للكيان الصهيوني، وتسخيرها في المجال الثقافي ـ الاجتماعي ـ السياسي الخاص بالتسمية. ومن خلال عملها التهويدي لا تزال هذه اللجنة تؤدي مهمتها العدوانية إزاء الشخصية العربية الفلسطينية وهوية البلاد، سواء من خلال جهودها الذاتية، أو عبر محصلة تعاونها مع مختلف الجهات والهيئات المحلية والدولية التي تعنى بشؤون الجغرافيا والتاريخ والآثار والتراث وغير ذلك من الميادين التي تستخدم فيها تسميات المعالم الفلسطينية.

     2)    أوردت إسرائيل في الكتب والمقررات الدراسية الأسماء العبرية للمعالم الفلسطينية، وطالبت التلاميذ والمعلمين، حتى العرب منهم، بعدم استخدام الأسماء العربية لتلك المعالم. وأصرت على تقديم العهد الإسرائيلي الراهن بكل وقائعه ومفرزاته ومزاعمه دون اكتراث بالهوية العربية للمكان .

..بهذه الطريقة، وسواها، كان تهويد أسماء المعالم الفلسطينية يترافق مع انتزاع الماضي العربي من الأذهان. واستناداً إلى حقيقة استمرارية التنشئة الاجتماعية / السياسية في نفوس المتلقين، وتمثلهم المفاهيم والآراء التي تشبَّعوا بها، يصبح من الممكن تفسير بعض الاعتبارات التي حكمت الاهتمام الإسرائيلي بتهويد الأسماء في الكتب والمقررات لمختلف المراحل المدرسية .

     3)   أنجزت إسرائيل خارطة معدلة للخارطة التي وضعتها حكومة الانتداب البريطاني عام 1944 بمقياس 1: 100.000، وبلغ عدد أجزائها 16جزءاً، لكنها لم تدرس منطقة النقب. فلجأت إدارة المساحة الإسرائيلية إلى زيادة 8 أجزاء على هذه الخارطة لتلافي النقص في خارطة الانتداب، ثم أجرت تعديلات على أطوال الأجزاء، فصدرت الخارطة الكلية بمجموعة من 26 جزءاً وبمقياس الرسم ذاته، شاملة جميع المناطق من أقصى الشمال حتى إيلات على البحر الأحمر. وكانت الطبعات الإسرائيلية المتعاقبة لهذه الخارطة تحمل الأسماء العبرية التي تم إطلاقها على الأماكن الفلسطينية. وفي العام 1996 صدر في إسرائيل" أطلس الطرق "بمقياس رسم 100.000:1على شكل كراس مكون من نحو 100 صفحة متضمناً بالمثل الأسماء العبرية للطرق والمعالم المذكورة في هذا الأطلس .

     4)   تقدمت إسرائيل إلى " المؤتمر الدولي لتوحيد المصطلحات الجغرافية " ـ المنعقد في جنيف (4-22/9/1967)ـ بمذكرة تضمنت محاولاتها لإحلال أسماء عبرية محل الأسماء العربية الأصلية للمواقع العربية في فلسطين. وتعاونت إسرائيل مع الهيئات الدولية ودور نشر الأطالس والكتب الجغرافية في العديد من المؤسسات المنتشرة في دول العالم لتكريس ذلك الإحلال.

     5)   أولت المؤسسة الصهيونية الحاكمة اهتماماً كبيراً للتعامل العام مع مسألة التسميات، واعتبرت عملية تهويد الأسماء " مهمة قومية "، لا فرق في ذلك بين أسماء المعالم وأسماء الأشخاص الذين وجهت الدعوة إليهم لاستبدال أسمائهم، وفي بعض الحالات اشترط بن غوريون للتطوع في الجيش وفي الترقية تغيير الاسم.

وانسجاماً مع ذلك، جرى إعداد أطالس وموسوعات إسرائيلية تضمنت تسميات عبرية لغالبية معالم البلاد، منها مثلاً : أطلس إسرائيل ـ الموسوعة اليهودية ـ موسوعة الصهيونية وإسرائيل ـ كل البلاد / المعجم الجغرافي لإسرائيل ـ الدليل السياحي / بمختلف اللغات، وغير ذلك من الكتب والمؤلفات والأعمال الدعائية التي نشرت في فلسطين المحتلة وخارجها.

     6)   ركز المسؤولون في وسائل الدعاية الصهيونية المقروءة والمسموعة والمرئية على استخدام الأسماء العبرية الجديدة للمواقع والأماكن في البلاد وفي الضفة والقطاع وعدم استخدام الأسماء العربية. وتم تجديد الأوامر بين حين وآخر، ومنها مثلاً التعليمات التي أصدرها مدير عام هيئة البث أرييه ماكل بهذا الخصوص في أيلول / سبتمبر 1990، وعلى سبيل المثال يجب أن يقال قرية هشيلوح وليس قرية سلوان. ويومها أثارت المسألة انتقادات لدى بعض الأوساط الإسرائيلية، منها قول داني روبنشتاين ( المتخصص بالشؤون الفلسطينية ) إن تنفيذ هذه التعليمات سيعني دعوة للحرب ونوعاً من الرغبة في الانتقام ومحاولة لطمس أو نفي الوجود الشرعي للأماكن العربية. كذلك فإن توقيت صدور تلك التعليمات لم يكن اعتباطيا، بل كان مفاده أنه إذا لم يكن بالإمكان إبعاد العرب من هنا (الآن) فعلى الأقل لنبعد أسماء قراهم عن لغتنا.

وتكررت المسألة ذاتها عام 1997، حين لجأت وزارة الداخلية إلى إطلاق أسماء عبرية على مجالس محلية لقرى عربية. واعتبر المستشرق يوسف جينات هذا الإطلاق من الأمور التي تبعث على الدهشة، وتساءل : هل الاسم العبري لقرية عربية يساهم في أمن إسرائيل ؟! وسخر من اسم المجلس المحلي "زيمر" الذي أصرت وزارة الداخلية على إطلاقه ليشمل أربع قرى عربية في المنطقة الوسطى من البلاد.

     7)   زعم الصهيونيون أن العديد من الأسماء العربية هي تحريف للأسماء العبرية القديمة، وأن ما قاموا به خلال عملية تهويد الأسماء هو بمثابة إعادة الأسماء الأصلية إلى المواقع. وحول ذلك خصص الباحث ميرون بنفنستي في كتابه " المقذوف والعصا " فصلاً كاملاً للموضوع، فأكد أن رسم خارطة وتحديد أسماء يعنيان عملاً لامتلاك شيء، وككل مجتمع مكوّن من المهاجرين، حاولنا أن نمسح من خارطة البلاد الأسماء الغريبة (لاحظ !!) ونثبت ملكيتنا ( ..) بواسطة أسماء جديدة حملناها في قلوبنا طوال مئات السنين المهجرية. ثم يبلغ بنفنستي ذروة الاستهتار بالعقول قائلاً : " لقد صنع سكان البلاد العرب معروفا معنا وحافظوا على الأسماء القديمة. فكيف كنا سنعرف أين هي عنوت لولا عناتا، وكيف كنا سنجد شيلوح لولا خربة سلوان ". وعلى المنوال ذاته، كرر الكثيرون انتحال الأسماء الكنعانية للمواقع والأماكن، وتقديمها كأسماء عبرية قديمة.

أنماط التسميات اليهودية / الصهيونية

في ظل الإدراك الإسرائيلي التام لأهمية التسمية ودلالتها الخاصة بمعالم البلاد، حرصت اللجنة الحكومية للأسماء على إشراك العديد من المؤسسات والهيئات والفعاليات الإسرائيلية في عملية التسمية. وأرادت هذه اللجنة ومشاركوها توفير عوامل الاقتناع الإسرائيلي العام بالأسماء الجديدة. لهذا روعيت في عملية التسمية اعتبارات كثيرة، تتعلق بالتاريخ المزعوم أو المتصوّر وبالقراءة المقولَبة أو التحريفية لمعطيات علم الآثار والتنقيبات ( القديمة والجديدة )، كما تتعلق بدواع اجتماعية وسياسية وجغرافية، بطريقة تتضح فيها عملية استبعاد الأسماء العربية شكلاً ومضموناً.

توزّعت التسميات الصهيونية للمعالم الفلسطينية وفق عشرة أنماط رئيسة ـ استطعنا رصدها ـ تنتمي إلى كل منها مئات الأسماء الموضوعة. وإذا كان من المتعذر، في هذا المقام، إيراد جميع الأمثلة المنتمية إلى تلك الأنماط، فإن انتقاء بعض العيّنات يفي بغرض التعريف الذي يتوخاه هذا العرض .

1ـ أسمـاء تنــاخية :

 قسمت المؤلفات اليهودية الدينية والتاريخية أرض فلسطين إلى مناطق جغرافية / إدارية، بالطريقة التي تحدث عنها التناخ (= العهد القديم ) في سفر يشوع، أي بين أسباط بني إسرائيل. وبهذا أقدمت تلك المؤلفات على إجراء مطابقة قسرية ومصطنعة  بين الرواية التناخية وبين الأرض الفلسطينية، في وقت لم تُحسم فيه بعد مسألة " الجغرافية التاريخية للتناخ "، بل وتزداد باطّراد المسافة بين هذه الجغرافية المتصورة ومعطيات علم الآثار والتنقيبات العلمية المحايدة. وحسب ذلك التقسيم جرت تسمية المناطق الفلسطينية على النحو التالي:

 

المناطق الراهنة ( بصورة تقريبية )

التسميات اليهودية

منطقتا حيفا وعكا، حتى الليطاني.

الجليل الشرقي بمحاذاة المنطقة السابقة

منطقة الناصرة وقسم من منطقة عكا.

منطقتا طبرية وبيسان .

مناطق جنين ونابلس وطولكرم .

منطقة رام الله .

منطقة القدس وشمالها.

منطقة اللد والرملة ويافا.

منطقة جنوب القدس ـ الخليل .

منطقة النقب الشمالي .

أشير

نفتالي

زبولون

يساكر

منسي

أفرايم

بنيامين

دان

يهودا

شمعون

 

وفي الخرائط والأطالس وشتى الكتب الإسرائيلية، أعطي العديد من أسماء الأماكن والمعالم الجغرافية الفلسطينية أسماء تناخية، إما بسبب ورود هذه الأسماء في " العهد القديم " أو بفعل التقدير أن الأماكن المسماة كانت مسرحاً لحدث معيّن حسب الرواية التناخية، وفيما يلي بعض النماذج:

 

الأسمـاء العربية

التسميات اليهودية الإسرائيلية

سهل حيفا / عكا

وادي الحوارث

مرج ابن عامر

البحر الميت

بحيرة طبرية

بركة عطا (بين حيفا و حيفا)

نهر العوجا (يصب شمال يافا)

نهر المقطع (يصب شمال حيفا)

وادي الحنداج (الجليل الأعلى)

وادي غزة

عين تل القاضي (أقصى الجليل الشرقي)

عين الحياة (الجليل الأسفل)

عين الدفلة (شمال قيسارية)

جبل الجرمق (منطقة صفد)

جبل فقوعة (شرق العفولة)

جبل الدحي (قرب العفولة)

هضبة الروحة (غرب مرج ابن عامر)

تل الأسمر (بين الخضيرة و العفولة)

جبل الرياحية (أقصى الجنوب)

جبال الخليل و نابلس

مدينة القدس

مدينة الخليل

مدينة نابلس

مدينة جنين

عيمق زبولون

عيمق حيفر

عيمق يزرعيل

يم هميلح ( يم لوط )

يم كنيرت (يم هجليل)

بركة ياعار

ناحل يركون

ناحل كيشون

ناحل ديشون

ناحل بسور

عين ليشم

عين لبيدوت

عين طيفت

هار ميرون

هار جلبوع

جفعات هموريه

جفعات منشيه

جفعات يوآتشياهو هار يهو شفاط

هاريم يهودا وشومرون

عير يروشلايم

عير حبرون

عير شكيم

عير جنيم

 

تجدر الإشارة هنا إلى أن الغالبية العظمى لأسماء الأماكن التي تزعم المصادر اليهودية أنها عبرية، هي أسماء كنعانية انتحلتها إسرائيل، كما في الأسماء السابقة، وغيرها مثل : يردن = الأردن، عكو= عكا، يافو = يافا، نصريت أونتسريت = الناصرة، عراد ،عربة، نهلال، عدولام، الجليل .. الخ.

2ـ تسميات تلموديـــة :

أطلقت هذه التسميات على أماكن ورد ذكرها في المشنا ( و التلمود عموماً)  وكانت مستعملة في العهدين البيزنطي و الروماني، و منها مثلاً:

خربة نبرتين ( في الجليل الأعلى ) :             خربة نبورياه

خربة المنارة (في الجليل الأسفل ) :             خربة منوريم

خربة المسكنة (في الجليل الأسفل ) :            خربة مشكنة

خربة اللجون (في مرج ابن عامر ) :            خربة عوتناي

خربة البيس (بين الخليل و بيت جرين ) :       خربة كفاربيش

وفي حالات أخرى أطلقت تسميات يهودية على أماكن فلسطينية ( تخليداً ) لأسماء شخصيات ورد ذكرها في الرواية اليهودية لتاريخ البلاد. فمثلاً سمي جبل الشيخ مرزوق(جنوب غرب القدس ) : هار غيورا على اسم شمعون بارغيورا ( أحد قادة التمرد اليهودي !! ضد الرومان ). وسمي جبل العريمة (في منطقة الخليل ) باسم هار هكنائيم (لذكرى المتعصبين اليهود الذين تمردوا ضد الرومان و تحصنوا في قلعة متسادا =مساده ).

3 ـ تسميات نسبة إلى حاخامات وأدباء :

 من أمثلة ذلك :

-   تسمية جبل حيدر ( في الجليل الأعلى ) باسم هار هآري / لذكرى رئيس حاخامات الكابالاه في صفد .

- تسمية عين الحمرة ( جنوب صفد ) عين همبيط / لذكرى الحاخام موشي مطراني الذي قيل إنه عاش في صفد في القرن السادس عشر(...)

- تسمية عين التينة ( في الجليل الأعلى ) باسم عين يكيم / لذكرى حارس الكهنة الذي كان مقيماً في صفد (...)

- تسمية عقبة أبو مدين ( قرب حائط المبكى ) باسم عقبة الشاعر يهودا هليفي. 

4ـ تسميات لرموز صهيونية :

  من العينات التي تندرج تحت هذا النمط، ما يلي :

- جبل شرفة ( غرب القدس ) : هار هرتسل ،لدى نقل عظام مؤسس الصهيونية الأول إليه عام 1949.

- تل عين الصابون ( منطقة الحولة ) : تل روعيم، لذكرى مجموعة الرعاة الصهاينة الذين أسسوا مستعمرة تل حاي.

- هضبة أبو خنزير (منطقة الحولة ): جفعات هائيم، لذكرى هنريتا زولد التي يلقبونها " أم هجرة الشبيبة " .

- عين رواحنة ( منطقة الحولة ) :عين هشومير، على اسم منظمة الحراس = هشومير الصهيونية. 

- عين عبده ( منطقة الحولة ) : عين هليل، لذكرى طبيب صهيوني من المهاجرين الأوائل.

- عين الرصيف ( منطقة الحولة ) : عين هاروفيه، لذكرى طبيب صهيوني عمل في مجال البيئة و الصحة بالمنطقة. 

5ـ تسميات لمحاربين صهاينة :

-   من الأمثلة على ذلك، ما يلي :

-   جبل قليلة ( جنوب مرج ابن ععامر ) : هار جيبوريم (= الأبطال ) لذكرى المحاربين الصهاينة الذين سقطوا هناك عام 1948 .

-   تل أوقية ( في الجليل الغربي ) جفعات همشوريان، لذكرى معركة خاضها محاربون صهاينة في حرب 1948 .

-   جبل رأس أبو رديحة ( شرقي النقب ) : هار أرنون على اسم أحد المحاربين الذين سقطوا خلال احتلال المنطقة ععام 1948 .

-  في جبال القدس : هار هاغناه، لأنه كان مكان تدريب سري لعصابات الهاغناه أيام الأنتداب، وتل هطياسيم ( الطيارين ) لذكرى سقوط 6 طيارين صهاينة قتلوا خلال حرب 1948 .

-   عين السمن ( الجليل الشرقي ) : عين شمونه، لذكرى قتلى مستعمرة تل حاي الثمانية.

-  عين البيضا ( الجليل الغربي ) : عين كو فشيم، لذكرى الصهاينة الذين احتلوا قرية حانوتا العربية وهجّروا سكانها العرب أيام الانتداب البريطاني .

6 ـ تسميات منسوبة لمستعمرات صهيونية :

أطلقت إسرائيل على المستعمرات التي أنشأتها أسماء خاصة بنفس الطريقة التي انتهجتها في تسمية المعالم الفلسطينية، ومحت من الخرائط غالبية أسماء القرى العربية التي أقيمت تلك المستعمرات على أراضيها. وعمدت إلى نسبة معالم أو مواقع فلسطينية إلى المستعمرات الصهيونية، وهنا بعض الأمثلة :

-   تل رخمة ( النقب ) : جفعات يروحام، نسبة إلى مستعمرة في المنطقة.

-  في منطقة الحولة، عين أبو جال : عين مرجليوت، عين ديبة : عين لهفوت، عين مأمون : عين جونين، وذلك نسبة إلى مستعمرات في المنطقة

7 ـ تسميات محرّفة عن العربية :

حسب هذا النمط، جرى تحريف الأسماء العربية لمعالم، واستخدمت عوضاً عنها ألفاظ عبرية، مع إبقاء بعض الحروف الأصلية في هذه الألفاظ .. أمثلة :

جبل أباريك                  ( النقب الجنوبي ) :        هار برك

جبل الدرج                  ( النقب الجنوبي ) :         هار درجا

جبل الرحمة                 ( النقب الأوسط  ) :        هار رحاماه

جبل طوال النفخ             ( النقب الأوسط  ) :        هار نفحاه

تل أبو هريرة                ( منطقـة غزة  ) :        هارور

تل الشريعة                 ( منطقـة غزة  ) :        سيرع

تل سيحان                   ( منطقـة غزة  ) :        شيحان

تل المالحة                  ( منطقـة بيسان ) :       ملحاه

8 ـ تسميات مترجمة إلى العبرية :

تم حسب هذا النمط الحفاظ على التسميات العربية، لكن ترجمت معانيها إلى  العبرية، وأطلقت الأسماء المترجمة بلفظها العبري ( وأحياناً مع تحريف بسيط ) على المعالم الفلسطينية. أمثلة :

جبل جرادة (النقب):                 هار جوفاي        ( = جرادة )

جبل رجم القناصية (النقب):                    هار تسياد         (= قناص ) 

جبل الراكب (النقب):                 هار ريخف        (= مركبة )

جبل السويدي (النقب):               هار شحوروت     (= أسود )

جبل رجم الضبعة (النقب):            هار تسافواع      (= ضبعة )

وادي التبان (النقب):                تيفـن             (= تبن )

تل رحيب (الجليل الأعلى):            هار راحيف        (= واسع )

تل القنيطرة (منطقة غزة):            تل كيشت          (= قنطرة )

عين غزال (سهل الكرمل):           عين إيالاه         (= غزاله )

9ـ تسميات حسب طبيعة المكان :

أخذت التسميات المنتمية إلى هذا النمط من واقع الأماكن و أبرز سماتها الخاصة.  ويتمثل عنصر التهويد في هذه الحالة بإطلاق ألفاظ عبرية على موجودات الأماكن 00  أمثلة: 

-   منطقة السهول المتاخمة من جهة الغرب لجبال الخليل، سميت هشفيلا (= المنخفضة ).

-   جبل رأس الرب (منطقة القدس): هار أوراه (على اسم نبات الجرجير المنتشر في المنطقة).

-   عين العنكليت (الجليل الغربي): عين يراك (على اسم نبات حول النبع).

-   عين أم عامر (منطقة الحولة): عين أجمون (على اسم نبات موجود في المنطقة).

-   وادي مكلك (يصب في البحر الميت): أوج (على اسم نبات السماق الشائك الذي ينمو بين صخور المنطقة).

10ـ تسميات لزعماء إسرائيليين أو أجانب :

ارتبطت هذه الحالة بموت زعماء إسرائيليين أو أصدقاء لإسرائيل، فمثلاً أطلق اسم الوزير موشي حاييم شابيرا على تل المشارف في القدس ،و أطلق على منطقة مجاورة لباب الأسباط (أحد أبواب المدينة القديمة) اسم شارع مردخاي غور. كما سميت مستوطنات وغابات و شوارع و مواقع مختلفة على هذا النحو، و من الشخصيات التي استخدمت أسماؤها : وايزمن بن غوريون اشكول بلفور ترومان ..الخ .

لدى استعراض قوائم التسميات الإسرائيلية ،يلاحظ المدقق وجود حالات تسمية غامضة يصعب التكهن بالمغزى أو السبب الكامن وراء إطلاقها. لكن الأمر بالنسبة للجنة الحكومية للأسماء معلَّـل ،و يمكن الجزم بأنه جاء نتيجة اقتراحات مدروسة و حيثيات ونقاشات أسفرت في النهاية عن تبلور تلك الحالات .

على أي حال، مهما تعددت أنماط التسميات المعتمدة في تهويد أسماء الأماكن الفلسطينية، يجدر التأكيد على أن الاسم العربي يثبت الوجود العربي والهوية العربية للمكان، و أن التهويد عمل عدواني يتوخى طمس الوجود و الهوية في إطار السعي إلى تهويد البلاد برمِّتها. هذا بالإضافة إلى أن التسميات الإسرائيلية، عبر أخذها بالأساطير والترّهات و التلاعب بالعقول، قامت بعمليات مسخ و تزييف للواقع، و انتزعت من البلاد روحها الحضارية و تألقها التاريخي الحقيقي.

 

التسميات والتراث الوطني الفلسطيني / صراعياً

لقد أوجدت الصهيونية وكيانها في فلسطين المحتلة، خارطة للبلاد انطوت على بنى وسمات مغايرة لهويتها القومية، وتحولت عبرها العلاقة بين المكان ومحيطه العربي من وضعية التوافق والتآلف إلى حالة التضاد والتنافر. وشكل هذا الأمر تحدياً بالغ الخطورة، ليس فقط للوجود العربي الفلسطيني في البلاد، وإنما أيضاً لطبيعتها الحضارية وذاكرتها التاريخية .

ولم يعد خافياً كيف يطبق الصهيونيون قانون التغييب السكاني والحضاري على التراث الوطني الفلسطيني، وكيف ينتحلون هذا التراث بما يناسب ادعاءاتهم وتوجهاتهم. فيما يطمسون منه مالا يستطيعون تزييفه ونسبته إليهم، بهدف تفكيك الشخصية الفلسطينية وإلغاء خصوصيتها. لماذا ؟! لأن هذه الشخصية راسخة بمكوناتها وخصائصها واستمراريتها. ناهيك عن كونها أصيلة وصدامية ( مارست جميع أشكال الصراع مع الصهيونية ) ووطنية (تجسدت بالدفاع عن الهوية وبالموقف الموحد من قبل المسلمين والمسيحيين في مواجهة العدو) وتوحيدية ( على مستوى فلسطين ومحيطها المباشر والوحدة العربية ككل ) .

إزاء التحدي الصهيوني، يغدو من المهم التركيز على التراث الشعبي الفلسطيني، باعتباره أحد مكونات الشخصية الوطنية الفلسطينية الحية، خاصة وأن هذا التحدي يتضافر مع الآثار السلبية للعولمة الثقافية التي تحاول الهيمنة على الخصوصيات الوطنية والقومية وتقزيم التمايزات وتغطية الملامح والسمات المعبرة عن أي هوية مستقلة. يضاف إلى هذا أن التركيز على قيمة المسألة التراثية بالنسبة لشعب فلسطين وقضيته، يأتي موضوعياً من واقع ديمومة ارتباط هذا الشعب بوطنه، وضرورة تغذية الحقيقة القائلة إن التراث الفلسطيني لم يكن له أن يتكوّن لولا الصلة الوثيقة للإنسان الفلسطيني بأرضه وتاريخه وحضارته. وبهذا المعنى، إن الحفاظ على هذا التراث هو حفاظ على أحد المقومات الرئيسية لخصائص الوطن الفلسطيني وهويته القومية / الإنسانية. ذلك أن التنصل من الماضي، في الموضوعات المتعلقة بفلسطين، واقعاً وحضارةً، يعتبر جريمة تتكامل نتائجها مع عمليات الاغتصاب والتهويد الصهيونية للبلاد .

من المهم الإشارة هنا إلى أن وضع التراث على قائمة أولويات العمل الوطني / القومي، لا ينبع من مجرد رغبة رومانسية بإحياء الماضي أو إعادته من حيث هو ماضٍ، وإنما المسألة هنا تتعلق بفعل وطني ـ إنساني يشكل جسراً لتقرير المستقبل وفق عملية التطور التاريخي. وفي ضوء هذا التحديد لدور التراث، ثمة ما يدعو إلى تقريب الماضي من الحاضر في سبيل المستقبل، بعيداً عن الإغراق في سحر الماضي وجاذبيته، وبعيداً عن رفض الماضي بذريعة المعاصرة. لهذا فالبحث عن التراث بإبعاده المختلفة من أجل إعادة اكتشافه هو ـ كما يقول د. سامي مرعي ـ ضروري لتجديد الشخصية الحضارية والوطنية، لأن هذا التراث نما على أرض، على وطن. ولكن هذا شرط غير كاف مع أنه ضروري. فإذا توقفنا عند بحث التراث وتدوينه نقع في شبكة العقم الفكري التاريخي المتحفي، بينما المطلوب أن يكون هذا البحث خطوة تقود إلى خطوات أخرى، في سبيل ربط التراث بالواقع، وفق دينامية التطور العلمي المدروس، في سبيل مستقبل يعكس وجوداً فكرياً ومادياً غير مشوه وغير مبعثر.

ضمن التراث الوطني الفلسطيني، ثمة حضور لأسماء المعالم الفلسطينية يعكس جانباً مهماً من هوية البلاد، ذلك أن هذه الأسماء ليست إشارات عابرة تتعلق بالمكان، بل هي تعبير عن الارتباط الموغل في القدم بهذا المكان. إنها تحمل نبض المكان وتاريخه، لاسيما وأنها صدرت بالأصل عن صورة جماعية للواقع. وفي وضعية كهذه، تؤدي الأسماء عدة وظائف دفعة واحدة : اجتماعية ـ نفسية ـ عاطفية ـ قيمية ـ معرفية ـ تربوية ـ نفعية ..الخ. وعلى هذه الوظائف تدور المعركة مع الكيان الصهيوني بشأن عملية تغيير أسماء المعالم الفلسطينية، لتؤدي الأسماء الجديدة الوظائف ذاتها لكن في الدائرة اليهودية .

إن أحد المنطلقات المنهجية لعملنا هنا، هو أن الكيان الصهيوني قوة محتلة، وبالتالي لا يحق لهذه القوة إجراء تغييرات تستهدف طمس التراث الثقافي للشعب الواقع تحت الاحتلال أو الذي طرد من بلاده بسبب هذا الاحتلال. وعند هذه النقطة تعود المسألة بطبيعة الحال إلى صراع بين المطلق والمطلق، بين النافي والمنفي، بين نقيضين لا سبيل لتآلفها، تماماً كما يتعذر الانسجام بين الظلم والعدالة. لقد بنوا مستعمرات على الأرض العربية واستحدثوا بنى واصطنعوا هيئات ومعالم جديدة، ثم قاموا بتسميتها، هذا شأنهم طالما أننا تناول المسألة من زاوية اغتصاب الأرض برمَّتها، لكن تهويد الأسماء الثابتة على الخرائط وفي الذاكرة أمر يمثل بحد ذاته اعتداءً على الشخصية الفلسطينية وعلى الهوية العربية للبلاد. وأمام اعتداء كهذا نحن مدعوون إلى حماية أسماء معالم البلاد من الضياع  والاندثار، مدعوون إلى إحيائها في سبيل توثيق الصلة بين الأرض وشعبها، وتعزيز الترابط بين ماضي هذا الشعب وحاضره ومستقبله. هذه هي كلمة السر في إعادة الاعتبار إلى الأسماء العربية، ورفض عمليات التهويد الصهيونية .

مـاذا عن المواجهــة ؟!

إن تحدياً خطيراً بحجم الإجراءات الإسرائيلية المتخذة لطمس عروبة فلسطين وتزييف هويتها الحقيقية، يستدعي مواجهته على المستويين الجماعي والفردي. وإذا كانت عملية المواجهة لم تحدث بالقدر المطلوب، إلاّ أن ما ظهر من أنشطة يعدُّ نواة مناسبة لبناء قلعة تحمي التراث الفلسطيني والأسماء الفلسطينية من التهويد والانتحال. وننوه هنا بالأفكار والمشاريع والأعمال التالية:

1 ـ اجتماع حلقة الخبراء العرب في بيروت (2331/8/1971) لتوحيد أسماء المواقع الجغرافية في الوطن العربي بإشراف الإدارة الثقافية في جامعة الدول العربية. ويومها شكلت ثلاث لجان، إحداها " لجنة فلسطين " التي كانت مهمتها مناقشة ما تقوم به إسرائيل من تغيير لأسماء المواقع الجغرافية في الأرض المحتلة. وقد شارك مركز الأبحاث التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية في أعمال هذه الحلقة، وقدَّم مذكرة تتضمن قائمة شاملة للمواقع الفلسطينية التي غيرت السلطات الإسرائيلية أسماءها إلى أسماء عبرية، مع ذكر الاسم العربي الأصلي لهذه المواقع. كما قدم المركز مجموعة من الدراسات والكتب والخرائط التي صدرت عنه بهذا الخصوص. وثمة حاجة للتوقف عند توصيات هذه اللجنة لأهميتها، وهي :

     i.    تحقيق بالأسماء العربية الدقيقة للأعلام الجغرافية في فلسطين حتى منتصف أيار 1948 وبالأسماء الحالية المحرَّفة .

     ii.    تشكيل لجنة تضم خبراء في الجغرافيا والخرائط واللغويات وشؤون فلسطين تتولى هذه المهمة، وتحال نتائج عملها إلى م. ت. ف لإبداء الرأي، ثم تقوم الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بنشر هذه النتائج على الصعيدين العربي والدولي.

    iii.   تسجيل الأعلام الجغرافية المحققة على خارطة مليونية، ثم على خارطة بمقياس 1: 250000 ثم على ثالثة منفصلة بمقياس 1: 100000 بحيث تصبح هذه الخرائط مرجعاً علمياً وتراثياً وجغرافياً لفلسطين العربية .

    iv.   تقوم الإدارة الثقافية بتعميم قوائم الخارطة المليونية التي راجعتها لجنة فلسطين وصححتها على البلاد العربية، وإرسال نسخ منها إلى " المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة " وإلى منظمة اليونسكو لتثبيت الأسماء العربية الأصلية وما يقابلها بالحروف اللاتينية.

تتصف هذه التوصيات بأهمية بالغة، وتمتلك من الشمولية والوضوح ما يجعل أي زيادة عليها ( حتى بعد مرور عقود على اتخاذها ) أمراً يدخل في عداد التكرار. ومع ذلك ثمة حاجة للتذكير بضرورة إنجاز أو استكمال ما تحدثت عنه التوصيات. ونقتبس عن الكاتب والأديب الفلسطيني علي الخليلي تأكيد الحاجة إلى قاموس وطني شامل لكل الأسماء التي تكاد أن تموت وتندثر فعلاً، تحت ضغط الأسماء التي ابتدعتها إسرائيل .. قاموس يشرف عليه خبراء مختصون ويطبع بأداء متقن ويجري توزيعه إلى كل مكان في الوطن، و تلتزم به وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة.

2 ـ قيام مركز الأبحاث الفلسطيني بإصدار " بلدانية فلسطين المحتلة " من إعداد د. أنيس صايغ( عام 1968 ) متضمنة العديد من الأسماء الفلسطينية / العربية للمواقع. وإصدار  " موسوعة فلسطين الجغرافية " عام 1969 للأستاذ قسطنطين خمَّار الذي صدر له أيضاً (عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت عام 1980) كتاب يتضمن أسماء الأماكن والمواقع والمعالم الطبيعية والبشرية والجغرافية المعروفة في فلسطين حتى العام 1948 .

3 _ التدقيق الذي قدمه الباحث فرج الله صالح ديب في كتابه " معجم معاني وأصول  وأسماء المدن والقرى الفلسطينية " ( الصادر عن دار الحمراء في بيروت / 1991 ). وفيه أكد أن تاريخ فلسطين أخضع للتزوير المتعمَّد، وغُرِّب الفلسطينيون واعتبروا غزاة من بحر إيجة، لحظة مارست الصهيونية سلاح الاقتلاع والنفي ومحو الذاكرة عبر تزوير الآثار وعبرنة أسماء الأماكن. وقد رصد المؤلف أسماء القرى والمدن والخرب / مع جذورها ومعانيها في القاموس العربي وما يماثلها من أسماء قرى ومدن وعشائر في المحيط العربي واليمن خاصة. وخلص الباحث إلى النتائج التالية :

-    أسماء القرى والمدن والخرب الفلسطينية، هي أسماء عشائر عربية .

-    لا وجود لأسماء عبرية في فلسطين .

-    غالبية أسماء القرى والمدن الفلسطينية تتردد في اليمن ولبنان .

-    غالبية الخرب الفلسطينية، تحول أصحابها إلى عائلات في المدن والمناطق اللبنانية، أو شكلوا قرى بالاسم نفسه أحياناً .

وأكد الباحث أن هذه العروبة الواضحة للأسماء الفلسطينية تكشف مدى الكذب والإسفاف في ما كتبه الغربيون عن تاريخ فلسطين، ومدى التزوير في إسقاط جغرافية التوراة على مناطق فلسطين وبلاد الشام عموماً.

4 ـ تنظيم عدد من الندوات والمؤتمرات التي تناولت القضايا الثقافية والتراثية والتاريخية الخاصة بفلسطين، ومنها على سبيل الذكر :

-  الندوة العالمية الأولى للآثار الفلسطينية التي عقدتها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (في جامعة حلب )، أيلول / سبتمبر 1981 .

-    المؤتمر الأول للجمعية العالمية للحفاظ على التراث الثقافي الفلسطيني / تونس ، أواخر العام 1982 .

-  الندوة العالمية لدعم وحماية الثقافة العربية الفلسطينية في الأرض المحتلة بمبادرة من المجلس القومي للثقافة العربية بالرباط والحركة الثقافية لعموم اليونان / أثينا 39/3 _ 1/4/1986. ويومها تحدث الأديب محمد علي طه ( المقيم في فلسطين المحتلة ) عن مسألة التهويد قائلاً :منذ السنوات الأولى أيقنـّا نحن الذين بقينا منغرسين في وطننا أن حكومة إسرائيل ـ بعد أن أفشلنا بأجسادنا محاولاتها لاقتلاعنا من وطننا ـ أخذت تعمل جاهدة وبدهاء لخنق لغتنا العربية ومحو حضارة شعبنا العربي الفلسطيني وتراثه. وأضاف : نحن نعيش معركة ثقافية، ومن أجل بقائنا وبقاء أطفالنا، ومن أجل مستقبل شعبنا، وجدنا أنه ممنوع علينا أن نيأس، وممنوع علينا أن نرتاح، وممنوع علينا أن نضعف. نحن نعيش ظروفاً خاصة ،ظروف المواجهة طوال الأربع وعشرين ساعة في اليوم. عندما نرى أنهم بعد أن سلبوا شعبنا وطنه، أخذوا يسلبون تراثه ويمحون حضارته، كيف نيأس أو نضعف ؟! أحياناً كثيرة تخوض صحافتنا معارك من أجل اسم أو كلمة، نرى بها قضية وطنية من الدرجة الأولى. كيف لا عندما نسمع أو نقرأ أنهم يحولون اسم صفد إلى تسفات، واسم مرج ابن عامر إلى عيمق يزرعيل، واسم الخليل إلى حفرون.

5 ـ العمل المتميز والرائد الذي أنجزه الباحث الجغرافي د. شكري عرّاف ( المقيم في فلسطين المحتلة ) وأصدره ( عن دار الشفق في كفر قرع / 1992 ) بعنوان " المواقع الفلسطينية بين عهدين ـ خريطتين " وفيه أحصى المؤلف نحو 2780 موقعاً تم تغيير أسمائها، هي : 340قرية ومدينة ـ 1000 خربة ـ 380 عين ماء ـ 560 وادياً ونهراً ـ 14 بركة وبحيرة ـ 50 مغارة ـ 28 قلعة وحصناً وقصراً ـ 198 جبلاً ـ 210 تلال. ويعد هذا المرجع ـ على حد علمنا ـ الأشمل بين كل ما كتب إحصائياً وعينياً عن تهويد أسماء المعالم الفلسطينية .

6 ـ المبادرة القومية المسؤولة التي صدرت عن مجمع اللغة العربية في القاهرة، بالإعلان ( في نيسان / إبريل 1997 ) عن عزمه على مواجهة إجراءات التهويد الإسرائيلي لأسماء المواقع والأماكن التاريخية في القدس. حيث يعتبر هذا الإعلان مثالاً على الوعي العربي لمسألة الأسماء الفلسطينية .

.. تشكل هذه المساهمات وسواها مكونات مهمة في مواجهة عمليات تهويد الأسماء الفلسطينية. بيد أن هناك حاجة لأنشطة على نطاق أوسع تنطلق بوقائع المواجهة إلى مختلف الأمكنة التي يصل إليها الخطاب التهويدي الإسرائيلي، وتسعى إلى سد جميع الثغرات التي يمكن أن يتسلل منها. إنها معركة حول الهوية والذاكرة ، وفي معركة كهذه لا تملك الأمة أي خيار غير نشدان الانتصار.

 

الأستاذ: إبراهيم عبد الكريم

 

.