دراسات وتوثيقات / دراسات وبحوث

خلاصة المفـــاز في بيان الموقف الشرعي من الجهاد الفلسطيني للإمام ابن باز - رحمه الله -

 

خلاصة المفـــاز في بيان الموقف الشرعي من الجهاد الفلسطيني للإمام ابن باز - رحمه الله -

36 نقل في أحكام وتوجيهات وتزكيات وردود ونصائح وغيرها

 

جمع واختصار: محمد الملا الجفيري

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على عبده ورسوله ..

أما بعد :

فهذه خلاصة نافعة وعصارة يافعة ، تسر الخاطر ، وتفحم المُناظر .. اختصرتها هنا من مجموعة ورقات كنت قد جمعتها من كلام الشيخ الإمام عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - بوأه الله منازل التقاة وحسنَ الدار والمفاز - في شأن القضية الفلسطينية والجهاد الفلسطيني .. تُصحِّح كثيراً من الأفهام ، وتُوضِّح 

عددا من مهمات الأحكام ، وتُرجِّح بعضا مما اختلفت فيه آراء الأنام ، وتُبْطل عددا من الدعاوى المُقْرِفة ، وترد على بعض الشُّبَه المُزيَّفة ، التي كانت ولا زالت تردد مع كل شرارة حرب وقيامٍ لسوق الجهاد ، بالإضافة إلى النصائح المسددة والتوجيهات المتعددة ..

والله ولي التوفيق ونعم الرفيق ..

وناصر العباد وحافظ البلاد ..

ومبارك بالصدق والإخلاص في قليل العتاد والمقاتلين الجياد.

 

التمهيد:

١- الدعوة والكتابة والتأليف في سبيل الله: جهاد.

٢- على العاقل أن يأخذ حذره حتى ينفع ولا يضر، إما أن ينفع الناس بكلامه أو فعاله أو ماله أو جاهه، وإما أن يقف فلا يضر الناس.

٣- من البلايا والمصائب أنه قد يعمل ويحسب أنه على هدى وأنه يفيد وينفع وهو يضر الناس.

٤- الواجب على كل طالب علم وعلى كل عالم أينما كان أن يبذل وسعه في نصر الحق ، هذا زمانه وهذا زمان الدعوة وهذا زمان الجهاد باللسان ونشر الحق والدعوة إليه كتابة ودعوة وخطابة وغير ذلك ، هكذا يكون الجهاد وهكذا يكون العالم وطالب العلم.

٥- لا ينبغي للعاقل أن يحقر نفسه كما جاء في الحديث (لا يحقرن أحدكم نفسه أن يرى شيئا لله في مقال فلا يقول).

٦- لابد أن يتكلم طالب العلم بما يعلم من الحق الذي هو على بصيرة فيه ولاسيما عند ظهور الباطل في أي مكان ، وعند التباس الأمور.

٧- العلم قال الله وقال رسوله ، وشرحٌ وبيانٌ لذلك بالكلام الطيب والأسلوب الحسن والعظة الحسنة وعند الشبه الجدال بالتي هي أحسن.

٨- الطرق اليوم غير الطرق بالأمس ، الطرق اليوم كثيرة ، وسائل الدعوة متعددة والناس مقبلون عليها، فوجب على أهل العلم والإيمان أن يعمروها بالخير وأن يشغلوها بالحق ضد الباطل.

 

منهج الشيخ في الفتوى :

٩- استنباط الفتاوى من الكتاب والسنة هو الواجب على أهل العلم وهو الذي نفعله ونهدف إليه ، ولكنني لست معصوما، فقد يقع الخطأ مني ومن غيري من أهل العلم.

 

الموقف الشرعي من الجهاد الفلسطيني :

١٠- أهم قضية تهم المسلمين والمجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي هي قضية الشرق الأوسط فإنها قضية مزمنة ثم قضية فلسطين والقدس.

١١- المعركة الحالية بين العرب واليهود ليست معركة العرب فحسب، بل هي معركة إسلامية عربية، معركة بين الكفر والإيمان، بين الحق والباطل، بين المسلمين واليهود.

١٢- القضية الفلسطينية قضية إسلامية أولا وأخيرا، ولكن أعداء الإسلام بذلوا جهودا جبارة لإبعادها عن الخط الإسلامي وإفهام المسلمين من غير العرب أنها قضية عربية لا شأن لغير العرب بها، ويبدو أنهم نجحوا إلى حد ما .. ولذا فلا يمكن الوصول إلى حل لتلك القضية إلا باعتبار القضية إسلامية.

١٣-  المسلم ليألم كثيراً ويتأسف من تدهور القضية الفلسطينية من وضع سيء إلى أسوأ ، وتزداد تعقيدا حتى وصلت إلى ما وصلت إليه بسبب اختلاف الدول المجاورة وعدم صمودها صفا واحدا ضد عدوها وعدم التزامها بحكم الإسلام.

 

فضل الجهاد وعواقبه :

١٤- " لإعلاء كلمة الله وحماية أوطان المسلمين وصد العدوان عنهم ، مع ما يحصل بالجهاد للمسلمين من العزة والكرامة والخير العظيم والأجور الجزيلة وإعلاء كلمة الحق وحفظ كيان الأمة والحفاظ على دينها وأمنها ". 

١٥- الواجب على المسلمين جهاد اليهود حتى يخرجوهم من بلاد المسلمين، وحتى ينتصر إخواننا الفلسطينيون عليهم، فعلى المسلمين أن يقاتلوا مع الفلسطينيين ضدهم.

١٦- ثبت لدينا بشهادة العدول الثقات أن الانتفاضة الفلسطينية والقائمين بها من خواص المسلمين هناك وأن جهادهم إسلامي ... وقد أخبرنا الثقات عن حماسهم الإسلامي وحرصهم على تطبيق الشريعة الإسلامية.

١٧- الواجب عليهم - أي الفلسطينيين - الدفاع عن دينهم وأنفسهم وأهليهم وأولادهم وإخراج عدوهم من أرضهم بكل ما استطاعوا من قوة.

١٨- المؤمن ينزل إلى ساحة الجهاد ثقة بوعد الله وإيماناً بنصره ورجاء للفوز بإحدى الحسنيين وهما : النصر والمغنم ، أو الشهادة في سبيل الحق.

١٩- الواجب على إخوانهم المسلمين نصرهم على من ظلمهم لقوله صلى الله عليه وسلم :(انصر أخاك ظالما أو مظلوما).

٢٠- إخواننا في فلسطين لهم حق على جميع جميع الدول الإسلامية وأغنياء المسلمين أن يساعدوهم في جهادهم وأن يقوموا معهم.

 

٢١- نصيحة لولاة أمر فلسطين : على الرئيس وجميع المسؤولين أن يحكموا شريعة الله وأن يلزموا بها الشعب الفلسطيني.

٢٢- الواجب على كل من تولى أمر المسلمين سواء كان ملكا أو أميرا أو رئيس جمهورية أن ينظر في مصالح شعبه فيسمح بما ينفعهم ويكون في مصلحتهم من الأمور التي لا يمنع منها شرع الله.

٢٣- كلمة الشيخ للشباب المسلم في فلسطين المحتلة : " أنصحهم بتقوى الله والتعاون على الخير والاستقامة في العمل فالله ينصر من نصره ".

٢٤- نصيحة الشيخ لعموم المسلمين : "نصيحتي لهم أيضاً أن يتقوا الله في مناصرة إخوانهم في كل مكان بالمال والسلاح والرجال في فلسطين والبوسنة والهرسك والصومال والفلبين والهند وفي كل مكان".

٢٥- إخوانكم المجاهدون في داخل فلسطين أيها المسلمون يقاسون آلام الجوع والجراح والقتل والتشريد ، فهم في أشد الضرورة إلى الكساء والطعام والدواء والسلاح.

 

الهدنة والصلح :

٢٦- إن لم يتيسر الجهاد والاستيلاء على الكفرة والقضاء عليهم ؛ فالصلح جائز لمصلحة المسلمين وأمنهم وإعطائهم بعض حقوقهم، فما لا يدرك كله لا يترك كله.

٢٧- تجوز الهدنة مع الأعداء مطلقة ومؤقتة إذا رآى ولي الأمر المصلحة في ذلك.

٢٨- الصلح مع الكفار من اليهود وغيرهم إذا دعت إليه المصلحة أو الضرورة لا يلزم منه مودتهم ولا موالاتهم ومحبتهم .. ولا يقتضي تغيير المناهج التعليمية .. ولا يقتضي تمليك اليهود لما تحت أيديهم تمليكا أبديا وإنما مؤقتا.

٢٩- لا يلزم الصلح بين منظمة التحرير الفلسطينية وبين اليهود بقية الدول ، بل كل دولة تنظر في مصلحتها.

٣٠- عارض الدكتور يوسف القرضاوي فتوى الشيخ ابن باز بجواز الصلح مع اليهود إذا اقتضت المصلحة ذلك ، فرد الشيخ عليه بمقال علمي مفصل ، جدير أن يقرأ ليستفاد من أدلته المستفيضة والأدب العالي للشيخ مع المخالف. (انظر المقال في مجلة المجتمع عدد : ١١٤٠ ، ومجموع الفتاوى ٢٢٦/٨)

 

أحكام ومفاهيم جهادية متنوعة :

٣١- إذا ضاع الجهاد في الأمة الإسلامية كما هو الآن : " إذا تيسرت راية قائمة في بلاده واستطاع أن يجاهد مع المسلمين جاهد معهم في أي بلاد لينصرهم ويعينهم ".

٣٢- إذا لم تكن هناك فئة تجاهد في سبيل الله من الأمة الإسلامية فيكون الجهاد على كل مسلم :" فرض عين مع القدرة".

٣٣- قد يُنصر المسلمون على عدوهم وهم من أهل المعاصي ، لأنهم خير من أولئك ، المسلم على المعصية خير من الكافر، لأن معه الإسلام الذي هو سبب النجاة .. قد ينصرون ، وقد يخذلون بأسباب ذنوبهم كما جرى يوم أُحد .. 

فإذا كانت المعصية مع التأويل تضر المجاهدين وتسبب الهزيمة فكيف بالمعصية المتعمدة التي ليس فيها تأويل.

٣٤- القتال أنواع ، أعلاها لإعلاء كلمة الله وهذا هو الجهاد في سبيل الله وهذا هو الواجب على كل من يقاتل ... ولا يقاتل لمجرد الوطن فقط ، ولكن المفروض إذا قاتل دون نفسه أو بيته أو حريمه أو أولاده أو بلاده فهو مظلوم ويعتبر شهيدا، لكن ليس هو المجاهد في سبيل الله الذي يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا.

٣٥- {إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم} {وكان حقاً علينا نصر المؤمنين} {وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا} في هذه الآيات التصريح من الله عز وجل بوعد عباده النصر على أعدائهم والسلامة من كيدهم مهما كانت قوتهم وكثرتهم ، ولكنه شَرَط لهذا الوعد شرطا عظيما وهو الإيمان به وتقواه ونصر دينه والاستقامة عليه مع الصبر والمصابرة.. مع الأخذ بالأسباب الحسية وإعداد ما يستطاع من العدة.

٣٦- ما يتكرر كثيراً في بعض الإذاعات العربية من قولهم (النصر لنا) (النصر للعرب) وما أشبه ذلك كلها ألفاظ خاطئة ، فليس النصر مضمونا للعرب ولا لغيرهم، وإنما النصر معلق بأسبابه التي وضحها الله ورسوله ... والشعار القرآني الإسلامي هو (الله مع المتقين .. مع المؤمنين .. مع الصابرين) لا بالعربية ولا بالوطنية ولا بالقومية.

 

انتهى

والحمدلله رب العالمين.

 

 

 

وكتبه

محمد الملا الجفيري

2014/9/2

 

المراجع :

١- مجموع فتاوى ابن باز.

٢- دروس للشيخ عبدالعزيز بن باز.

 

.