قطوف مقدسية / فلسطين في وجدان الشيخ زيد الفياض
|11-12| فلسطين قضية العرب والمسلمين
(11)
فقد المسلمون الأندلسَ بسبب النِّزاع والمطامع الفردية، وعدم الشُّعور بالواجب، وأضاعوا ما كان لهم عليه سلطان من شواطئ أوروبا الجنوبية بعد أن اتحد الإفرنجُ ضدهم، وتُكبوا في فلسطين لأسباب عديدة.
وما زالت ماثلةً أمامهم المآسي الداميةُ نتيجةَ عدم التقدير للموقف، والشعور بالمسؤولية، وقيام المنازعات بينهم.
فقضية كشمير وأرتيريا، والجزء الشمالي من الصومال، وقضية فلسطين، والبلدان الإسلامية الرازحة تحت الاستعمار الشيوعي الغاشم... وغيرها – كلها قضايا تتطلب الشعور بالمسؤولية من جميع المسلمين، وبذل الجهود المخلصة الصادقة؛ ليعودَ الحقُ إلى نصابه فيوحدوا جهودهم لاستعادة الحق السليب إلى أهله، فعدوهم يجمع قواه، ويُكتِّل صفوفه ضدهم؛ يدفعه لذلك أحقاد قديمة، ومطامع حديثة، ويتسلل من الثغرات التي يجدها بين المسلمين؛ ليشتت شملهم ويفرق كلمتهم، ويضرب بعضهم ببعض، لينال بغيته، ويصل إلى هدفه.
إن الأحداث والعبر تترى كلَّ يوم، فهل اعتبر المسلمون بها؟!
إن الأمر خطير وجسيم، ولكن هل قُوبل بما هو به جديرٌ من العناية والاهتمام، والعمل الجاد؟!
سؤال يحتاج إلى جواب.
إننا لا نريد أن نيئَس، ولكن يجب ألا نُخلِدَ للكسل والخمول، بينما عدُوُّنا في دأب ضدنا، وضد معتقداتنا وحقوقنا وآمالنا.
قضية فلسطين، ص ٢٢-٢٣.
(12)
في هذه الأيام تعالت أصواتٌ من بريطانيا وأمريكا، وعلى مستويات مختلفة تهدد وتتوعد العرب، وتعلن حمايتها لإسرائيل، وحرصها على حفظ كيانها المزعوم فيما لو حصلت محاولةٌ لاستعادة فلسطين لأهلها الشرعيين، ولم تكن تلك التصريحات من أشخاص عاديين فقط، ولكنها من مسؤولين كبار في هاتين الدولتين، مع حملات كلامية صاخبة، ودعايات كثيرة مُريبة.
وكان الواجب -أقلُ الواجب- أن تحزمَ الدول الإسلامية والعربية أمرها، وتُعلن موقفها بصراحة تامة، وترد على مؤيدي العدوان في الدولتين الصليبيتين الحاقدتين على الإسلام والعرب.
ومن المحزن أن الأصوات كانت خافتة، وكان موقفُ أغلب الزعماء في العالمين العربي والإسلامي متسما بعدم المبالاة، أو كأنَّ الأمر لا يعينهم! فما تفسير ذلك الصمت الذي ليس من ذهب، ولا من فضة، ولا حتى من نحاس؟!
إن لدى المسلمين والعرب من الإمكانيات والوسائل ما يجعلهم في موقف يستطيعون معه إعلان رأيهم صريحا بالقول والفعل، إذا لزم الأمر.
إذا ما الذي يمنعهم من أن يقولوها كلمةً حازمة؟! وأن يُتبعوها بالاستعداد الجاد، ليكونوا في الميدان العملي عند الحاجة، لا يرهبون، ولا تُخيفهم الأساطيل والتهديدات.
إنه إّا لم يُمكن أن يُصدروا بيانا من جميع الدول العربية والإسلامية يُظهرون فيه رأيهم الواضح، فلا أقلَّ من أن تقول كلُ دولة كلمتها على حدة، أما السكوت في هذا الموقف فهو أمر غير معقول ولا مقبول.
أيها العرب، أيها المسلمون: كفى تخاذلا وتكاسلا، ولنتخذ من التاريخ عبرة ودرسا.
قضية فلسطين، ص24-25.
.