دراسات وتوثيقات / دراسات وبحوث
غزة ما بين سيناريوهات عباس وخيارات حماس
غزة ما بين سيناريوهات عباس وخيارات حماس
بقلم/ د. حسام الدجني
يعيش قطاع غزة حالة من القلق والخوف نتيجة تهديدات أطلقها الرئيس محمود عباس خلال كلمة ألقاها يوم 12/4/2017م بمؤتمر السفراء العرب في العاصمة البحرينية "المنامة"، حيث أعلن الرئيس عباس بأنه في صدد اتخاذ خطوات غير مسبوقة تجاه حركة حماس وقطاع غزة خلال الأيام المقبلة، وجاءت تهديدات الرئيس عباس مصاحبة لخطوات اتخذتها حكومة التوافق بخصم على رواتب موظفي السلطة الفلسطينية بما نسبته 30-55%، وهو ما انعكس على الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي لمجمل السكان في قطاع غزة.
لم تقتصر سلسلة العقوبات على موظفي السلطة الفلسطينية فقط، وإنما وصلت تلك الخطوات لمخصصات التضامن الاجتماعي، وقد تصل إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير، وهو ما يطرح تساؤل: ما هي سيناريوهات الرئيس محمود عباس..؟ وما هي خيارات حركة حماس..؟
أولاً: السيناريوهات المحتملة لتعاطي الرئيس محمود عباس مع قطاع غزة.
من أجل تناول السيناريوهات بشكل موضوعي لابد من الوقوف عند الدوافع والأسباب الحقيقية للموقف الجديد للرئيس عباس في تعاطيه مع ملف الانقسام، فبات من الواضح أن مدخلاً جديداً دخل على خط ملف المصالحة الفلسطينية، ما يدعم ذلك اللغة التصالحية الناعمة التي أطلقها الرئيس عباس في المؤتمر السابع لحركة فتح، لأول مرة لم يصف الرئيس الأحداث المؤسفة التي وقعت في منتصف يونيو- حزيران /2007م بأنها انقلاب.
لذلك نستطيع أن نجمل ثلاثة أسباب ودوافع تقف خلف التوجهات الجديدة للرئيس محمود عباس في تعاطيه مع ملف قطاع غزة وهي:
1. ترجمة للشروط التسعة التي قدمها مبعوث ترامب للشرق الأوسط جيسون غرينبلات للرئيس محمود عباس وأحد تلك الشروط هو: على السلطة الفلسطينية أن تتوقف عن تحويل أموال إلى قطاع غزة إذ يساهم ذلك بتمويل مصروفات حماس.
2. وثيقة حركة حماس السياسية التي قامت قناة الميادين بتسريبها والتي من المتوقع أن تساهم في تطور علاقات حماس السياسية مع المجتمع الدولي، وبذلك تصبح حماس منافس محتمل لحركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية.
3. مديونية حكومة التوافق التي بلغت ما يقارب 5 مليار دولار دفعت الحكومة لاعتماد خطة تقشف، ولكن ما يضعف هذا السبب هو عدم تطبيق سياسة التقشف في الضفة الغربية وتطبيقها في أكثر المناطق المنكوبة تضرراً وهو قطاع غزة.
حدّد البيت الأبيض موعد لقاء ترامب عباس يوم 3/5/2017م، وبذلك فإن ثمة رابط بين إجراءات الرئيس محمود عباس ضد قطاع غزة وبين لقائه بترامب وتنفيذه لشروط جيسون جرينبلات -مبعوث ترامب للشرق الأوسط-.
وعليه فإن السيناريوهات المحتملة لخطوات الرئيس محمود عباس ضد قطاع غزة هي على النحو التالي:
1. السيناريو المتشائم والذي يقوم على اتخاذ خطوات عقابية بشكل تصاعدي وصولاً لسيناريو إعلان غزة إقليم متمرد.
جوهر هذا السيناريو يقوم على وقف كافة الخدمات التي تقدمها السلطة الفلسطينية لقطاع غزة، وأهمها: خدمة التواصل والاتصال مع الجانب الصهيوني ومع المجتمع الدولي، وزيادة نسبة الخصم على الرواتب، والوصول بالخصم لشرائح اخرى مثل الشهداء والجرحى والأسرى، ووقف العلاج بالخارج، وصولاً للمساهمة بقطع التيار الكهربائي وتقليص عمل القطاع المصرفي.
اعتقاداً بأن تلك الخطوات العقابية قد تدفع الناس للانفجار بوجه حركة حماس فتواجههم بالقوة فيطلب الرئيس قوات دولية لإنقاذ المدنيين في القطاع وهذا سيدخل غزة في إحدى دائرتين: الموت البطيء أو السريع.
2. السيناريو المتفائل ويقوم على تقديم الرئيس عباس مرونة في ملف المصالحة والبدء بخطوات توحيد النظام السياسي الفلسطيني ودمج الموظفين وتهيئة المناخ لتشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها حماس.
ثانياً: خيارات حماس
1. في حال تم تبني السيناريو المتشائم فإن خيارات حماس لن تخرج عن:
أ. التراجع عن الشرعية التوافقية التي قدمتها حماس للرئيس عباس عام 2009م ولحكومة التوافق عام 2014م. والبدء بإجراءات توظيف شرعية حماس البرلمانية في تشكيل حكومة موسعة لإدارة قطاع غزة.
ب. أن تقوم حماس بإحداث فراغ سياسي وأمني في القطاع.
ت. استهداف الرئيس عباس سياسياً ومعنوياً.
ث. توطيد العلاقة بخصم الرئيس عباس النائب محمد دحلان.
ج. رفع كلفة الاحتلال عبر الدفع بانفجار شعبي مدني سلمي نحو الحدود مع الاحتلال (مسيرة الأكفان).
ح. الانفجار المسلح في وجه الاحتلال وهو احتمال ضعيف ولكنه يبقى قائماً.
2. في حال تم تبني السيناريو المتفائل فإن خيارات حماس لن تخرج عن:
التعاطي بإيجابية مع هذا السيناريو والبدء بمرحلة التحضير للانتخابات المجلس الوطني والرئاسة والتشريعي، وهذا السناريو هو الأقل كلفة في ظل التحديات الكبرى التي تعصف بالمشروع الوطني الفلسطيني.
.