دراسات وتوثيقات / دراسات وبحوث

القاموس الإعلامي اليهودي «بروتوكولات صهيونية عصرية» (2-4)

عيسى القدومي

في العدد السابق تطرقنا لما نشرته بعض المواقع على شبكة الإنترنت كـ«قاموس اللغة العالمية لمشروع إسرائيل» الذي يعد دليلا عمليا ومنهجا تطبيقيا لما ينبغي أن يكون عليه خطاب الإعلام للكيان الصهيوني في المرحلة الحالية والقادمة.

والقاموس هو كتاب تفصيلي ودقيق، يقدم مصطلحات ومفاهيم الخطاب الذي ينبغي أن يكون في هذه المرحلة مع الغرب على وجه الخصوص، كتب ليتناسب مع المرحلة التي نعيشها، أعده «د. فرانك لينتز»، ويصف كتابه -بل دليله- بأنه حوى كماً هائلاً من الألفاظ والأدوات والقواعد التي بذل من أجلها الكثير، وينهي مقدمته بتوصية لخصها في عبارة: «تذكر: ما يؤثر هو ليس ما تقوله أنت، بل ما يسمعه الناس». فالكاتب يقدم مادة علمية ومسرداً -كما يصفه- من الألف إلى الياء، يحتوي على مفاهيم وكلمات ومصطلحات(1) وتعبيرات ونبرات وحركات تشكل لب جهود الاتصالات المؤيدة – على حد وصفه – لإسرائيل.

كتب تحت عنوان: «وجه تفكيرك لتأييد الفلسطينيين» الآتي:

بينما تحدثت عن الجرحى الإسرائيليين أريد ذكر أولئك الفلسطينيين الذين قتلوا أو جرحوا لأنهم يعانون أيضاً. وأشار إلى معاناة الأمهات الفلسطينيات اللواتي فقدن أطفالهن. وقل: «لا ينبغي أن يدفن الأبوان أطفالهم».

نصائح للصحفيين، اختاره المؤلف عنوانًا ليكتب أدناه:

«... ولذلك فإنني أقول لزملائي الفلسطينيين... إنكم تستطيعون وضع حد لإراقة الدماء. أنتم تستطيعون وقف التفجيرات الانتحارية والهجمات الصاروخية، إن أردتم ذلك حقاً تستطيعون وضع حد لموجة العنف هذه، إذا لم تشاؤوا فعل ذلك من أجل أطفالنا فليكن من أجل أطفالكم».

ويعلق بقوله: فأكثر المحامين عن إسرائيل مهارة هم أيضاً مؤيدون للقضية الفلسطينية، ربما تكون هذه لعنة بالنسبة لبعض القراء لكن هذا هو الضبط ما يود سماعه الأوروبيون، والأمريكيون عمومًا واليساريون منهم خصوصًا، فالعديد من اليساريين الأمريكيين يتعاطفون بعمق مع محنة الفلسطينيين أكثر مما يظهره عامتهم، فهم يعدون الجهود الفلسطينية- حتى التفجيرات الانتحارية – صراعاً شرعياً من أجل الحرية. واللغة المستخدمة أدناه ستقابل بالتصفيق أينما استخدمت لاسيما فيما بين اليساريين.

وتحت عنوان: «كلمات عميقة الدلالة» كتب الآتي: إن الأوضاع التي يحياها الفلسطينيون في الضفة الغربية وغزة صعبة للغاية، إنها كارثة ونحن نريد أن نغيرها، إن إسرائيل تريد أن تغيرها.

لا بد من فتح المجال للاقتصاد الفلسطيني لكي يتطور، وإخماد وتيرة العنف من شأنه أن يعيد حرية التنقل، ويسمح بعودة الفلسطينيين الأبرياء إلى أعمالهم وحياتهم الطبيعية، كما يجب السماح لكل من المشرعين والفلسطينيين وكذلك النشاطات الإنسانية والدولية بالشروع في العمل من أجل بناء مستقبل أفضل.

وإلى أن يتوقف العنف ويكف أولئك الذين يحملون القنابل إلى داخل إسرائيل عن سفك الدماء ليس بوسعنا سوى القليل لنصنعه.

وفي عبارات أخرى وصفت بأنها عميقة الدلالة: «أريد أن أشهد مستقبلاً يحكم فيه الفلسطينيون أنفسهم بأنفسهم، فإسرائيل لا تود أن تكون حاكمة لأي منهم، نريدهم أن يحكموا أنفسهم بأنفسهم، وأن يكون لهم كامل الحق في تقرير المصير».

ويضيف: «وعلى أي حال فإن الأمريكيين يعلمون بوجود فرق جوهري ما بين قيادة حماس والشعب الفلسطيني الذي يتوجب عليك أن تقدره حق قدره وأن تجعل ذلك قالباً لحديثك عن غزة، أما الشعب الفلسطيني فمسكين لا يمثله أحد ولذلك فهو فاقد للأمل بحلول السلام».

وأورد عبارات وكلمات تسبب تغيير وجهات النظر وعنون لها بالآتي: «الكلمات التي تسبب الصدمة وتغير وجهات النظر»:

يوصى القاموس بقول الآتي: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلونهم فيختبئ اليهودي خلف الشجر والحجر فيقول الشجر والحجر: يا مسلم، يا عبدالله، هناك يهودي خلفي تعال فاقتله». وهذا من ميثاق حماس، وعليك تذكير السامعين بأن حماس مدانة حتى من قبل القادة العرب في حديثهم العالمي، ومن الأفضل كذلك تذكيرهم بأن حماس مدانة من قبل قادة فلسطينيين آخرين كأولئك في فتح.

إن هذه الحجة تتفق تماماً مع الحالة التي يتوجب عليك اختلاقها كيف أن إسرائيل حققت السلام وتستطيع تحقيقه وستبلغه مع القادة العرب المعتدلين الذين يرغبون في العمل من أجل السلام.

وفي عبارة في غاية الأهمية، يقول: «انتق الكلمات التي قالها الفلسطينيون والعرب أنفسهم لتتحدث عن طبيعة حماس المتطرفة التي لا تعرف الندم».

ودعّم قولك بالآتي: انظر إلى ما يقول الناس من الشعب الفلسطيني كالأمين العام لحركة فتح متحدثاً عن حماس كياسر عبد ربه وهو فلسطيني يعمل أميناً عاماً للجنة منظمة التحرير الفلسطينية التنفيذية ولقد اقتبست ما قال: «لقد قامت حماس بتحويل غزة ومدارسها ومساجدها وكل جامعاتها إلى مراكز للحجز والاستجواب والتعذيب، أطلق الرصاص على أرجل العشرات وضربوا بكل وحشية وهشمت عظامهم، كما نهبت حماس المركبات التي تحضر الطعام وقامت بتوزيعها على مؤيديها فقط، لم يعطوا الطعام لجماعة فتح بل قتلوا مئات القادة من حركة فتح في وضح النهار وكانوا يرمون بهم من علو»، وهذا من تعليق الرئيس شيمعون بيريس على من يحكم غزة.

وفي توجيه نوعي يقول: إليك بعض الحيل اللغوية لجعل التناقض أكثر جلاء وأعمق أثراً:

- «اشتروا الكتب لا القنابل».

- «أنفق على الأعمال لا على الجهاد».

- «أنفق من أجل الطعام لا في الخوف».

وأضف الآتي: «للشعب الفلسطيني الحق في تشكيل حكومة من أبناء جلدته، ولهم الحق في حكومة تعينهم بدلاً من أن تجعل منهم درعاً لها، ولهم الحق كذلك بانتخاب حكومة تستثمر المساعدات الدولية في جلب الكتب لا القنابل».

ويوصي بالآتي: «قم بتشخيص المشكلة للجمهور الأمريكي تماماً كما تخلق اللغة ذاك التوازي بين القيم والحقوق والديمقراطية الأمريكية والإسرائيلية، تجدر بك الإشارة إلى تقاسم الحكومتين لمسؤولياتهما لحماية شعبيهما». ويضيف: «تأتي هذه اللغة من الإعلانات التليفزيونية التي تخدم في مثل هذا».

وتحت عبارة: «كلمات ذات دلالة لاستخدامها في الخطاب»، كتب: «تخيل لو أن واشطن تعرضت لهجوم صاروخي من قبل جارتها بالتيمور. منذ 2005 تم استهداف إسرائيل بما يقارب 8000 هجمة صاروخية من قبل حماس وحزب الله. ولقد قامت إيران بتقديم المساعدات المتعلقة بالإمدادات والتدريب وتسليح المجموعات الإرهابية، إن إيران النووية ستكون تهديداً للسلام حيث ستعين الإرهابيين وتمدهم بالمواد النووية ليضربوا في أي مكان؛ ولذلك فإن قادة العالم يستطيعون منع حدوث مثل هذا الأمر والآن هو الوقت المناسب للقيام بذلك».

بعض هذا العرض أقول: حقاً أن الخطاب الإعلامي ليس هو تلك التحاليل أو النشرات أو التصريحات أو الصورة أو المقطع، إنما هي دراسة عملية منتقاة لألفاظ وعبارات تستخدم لتحول الضحية إلى جان والجاني إلى ضحية، وهكذا تكون الحرب الإعلامية، وهكذا تغير قناعات المشاهد.. وسنتابع حلقات قاموس الخداع في العدد القادم بمشيئة الله تعالى.

الهوامش:

1 - عندما جمعت كتاب بعنوان «مصطلحات يهودية احذروها» سنة 2002م، لم أكن أتوقع أن يقع بين يدي ترجمة لمشروع الخطاب الإعلامي الصهيوني في مادة أشبه ما تكون مادة لدورة تدريبية بمحاور ووحدات متعددة الهدف؛ بهدف عرض صورة ناصعة للكيان الغاصب، ليضفي الشرعية على وجوده وممارساته وسياساته.

.