دراسات وتوثيقات / دراسات وبحوث

القاموس الإعلامي اليهودي ( 4-4) بروتوكولات صهيونية عصرية

عيسى القدومي

في العدد السابق تطرقنا لما نشرته بعض المواقع على شبكة الانترنت "كقاموس اللغة العالمية لمشروع إسرائيل "والذي يعد دليل عملي ومنهج تطبيقي لما ينبغي أن يكون عليه خطاب الإعلام للكيان الصهيوني في المرحلة الحالية والقادمة  .

والقاموس هو كتاب تفصيلي ودقيق، يقدم مصطلحات ومفاهيم الخطاب الذي ينبغي أن يكون في هذه المرحلة مع الغرب على وجه الخصوص. كتب ليتناسب مع المرحلة التي نعيشها، أعده " د. فرانك لينتز" ، ويصف كتابه -بل دليله-  بأنه حوى كماً هائلاً من الألفاظ والأدوات والقواعد التي بذل من أجلها الكثير . وينهي مقدمته بتوصية لخصها في عبارة: "تذكر: ما يؤثر هو ليس ما تقوله أنت، بل ما يسمعه الناس". فالكاتب يقدم  مادة علمية ومسرداً -كما يصفه- من الألف إلى الياء، يحتوي على مفاهيم وكلمات ومصطلحات[1] وتعبيرات ونبرات وحركات تشكل لب جهود الاتصالات المؤيدة – على حد وصفه – لإسرائيل .

وفي الفصل الخامس عشر ، وعنوانه : الحديث عن الأطفال وثقافة الكره

ابتدأه بالتساؤل الآتي :" ما الذي يجعل دولة يائسة جداً لدرجة تدفعها لإرسال أطفالها للموت؟ وما هو الخيار الذي يملكونه؟ "

وأرفق عبارات أسماها عبارات غير فعالة :

في غضون ساعات قليلة ستستيقظ إسرائيل لترى صباحاً جديداً من الجنازات .. جنازات الأطفال والأمهات والآباء الأبرياء، وهذا ما نواجهه الآن.

لماذا لا تجدي العبارات السابقة؟ سيبدو للجمهور وكأن الإسرائيليون يعتقدون أن أطفالهم أغلى من أطفال الفلسطينيين الذين قتلوهم لسبب أو لآخر طوال فترة الاحتلال. لهذا السبب عليك أن تناشد كل الأمهات والآباء باسم كل الأطفال في الشرق الأوسط. وسبب آخر هو أن هذه العبارات تعطي انطباعاً بأنها متصنعة ومزيفة. والآن ولأنك لا تستطيع أن تحضر شريط جيش الدفاع معك إلى كل مقابلة، ستفيدك العبارات التالية لتثير مشاعر مشابهة لتلك التي تثيرها مشاهدة

ثم أرفق عبارات أسماها عبارات فعالة :

"دعوني أتحدث عن أطفال الشرق الأوسط لأنهم هم مستقبلنا. إنه لأمر مهم جداً أن تكون مؤسساتنا التعليمية التي تعلم أطفالنا خالية من العنف وخالية من الكراهية. إن تربية الجيل القادم من القادة الفلسطينيين والإسرائيليين هو مفتاح السلام الحقيقي والدائم في الشرق الأوسط".

" ليس هناك من سبب يفسر لماذا لا يزال أطفال المدارس الفلسطينيون اليوم يتشربون نفس الغرس العقائدي الوحشي ضد اليهود والإسرائيليين ويتلقون نفس التعليم الذي يغرس فيهم عبادة البطل للعمليات الانتحارية".

وأضاف المزيد من العبارات المقنعة :

في المدارس الإسرائيلية يربى الأطفال على احترام الفلسطينيين والتعاطف مع محنتهم. إنه لأمر مفجع حقاً أن عدد المدرسين في المدارس الإسرائيلية اليوم أقل من عددهم في السنوات الماضية نتيجة للحاجة إلى توظيف عدد كبير من حراس الأمن واستخدام أجهزة الكشف عن المعادن واستبدال النوافذ بزجاج مضاد للرصاص. ليس هذا ما يجب أن يكون عليه الوضع في المدارس. ومع ذلك لا زال أطفالنا الإسرائيليون يربون على أن السلام هو المطلب الأول.

الأمر مختلف في المدارس الفلسطينية، فبدلاً من استخدام المدارس لتعزيز السلام مع جيرانهم اليهود، لا زال الفلسطينيون يصرون على استخدامها ليغرسوا في أطفالهم الصور النمطية المعادية للسامية ولتشريبهم الدعاية الإعلامية المعادية لإسرائيل وليدرسوهم المناهج التي صممت في الأصل لتعزيز العداء وعدم التسامح على حساب التعايش والتفاهم.

في الختام :

لقد أيقنت بأن الخطاب الصهيوني خطاب مدروس ومدرب عليه المعنيين أفضل تدريب. فالخطاب الصهيوني – يجدد الآن – لأنه بحاجة إلى تجديد، والمؤرخون الجدد وما هم إلا جزءاً من هذا المشروع[2].

ومع ذلك نقول : أن مهما حاولتم أن ترعوا وتجملوا وتحسنوا من العبارات إلا أنكم احتلال غاصب ظالم مجرم أقام كيانه على حضارة وتاريخ إسلامي قتل البشر واقتلع الشجر ودنس المقدسات .

وهذا الكيان يذكرني بالعجوز التي تستخدم مساحيق التجميل لتتجمل، ولا ينفعها هذا الفعل لأنها عجوز وقد تكون أجمل لو بقيت على طبيعتها ليرى الناس ما آلت إليه !!

ومع ذلك استفدت كثيراً كيف يكون التدريب العلمي والعملي المبني على حاضر ودراسة وأرقام وتدريب عملي. ليكون دليل عملي ومنهج تطبيقي، وليس بيع تنظير وكلام سرعان ما ينسى ويتطاير . فهو منهج تطبيقي لتتسلح بالكلمات والعبارات التي ينبغي لك أن تنطق بها لتكسب رأي النخبة والجماهير. تتغير بموجبه صورة إسرائيل من الجاني إلى الضحية ، وهو تدريب كيف نحول بخطابنا إسرائيل من جاني  ضحية .

فالخطاب الإعلامي ليس هو تلك التحاليل أو النشرات أو التصريحات أو الصورة أو المقطع إنما هي دراسة عملية منتقاة لألفاظ وعبارات تستخدم لتحول الضحية إلى جاني والجاني إلى ضحية. وهكذا تكون الحرب الإعلامية، وهكذا تغير قناعات المشاهد .. لنكرر الأكاذيب وتحويلها إلى حقائق .

فهو قاموس يتحول الكيان الغاصب من جاني إلى ضحية، ولغة القاموس بسيطة وسهلة وتصل إلى العامة بكل أريحية . ولا شك هم في قرارة أنفسهم يعلمون حق العلم بأن اليهود الصهاينة جناة مغتصبون محتلون، وهذا ما جاء في بعض العبارات التي يريدوا أن يحرفوها ، وفعلهم هذا يذكرنا بما فعله حيي بن أخطب عندما ذهب للنبي صلى الله عليه وسلم " أهوهو"

ويقدم القاموس كذلك دليلاً وبرنامجاً عملياً على كيفية كتابة الاستبيانات في الموقع.

الخطاب الذي لا يمس حكومة بعينها بل هو خطاب من أجل صورة ناصعة لإسرائيل وإضفاء الشرعية عليها.ولا شك أن اليهود يبذلون جهداً لنشر باطلهم ، وما بالنا ونحن أصحاب الحق عاجزين عن نشر حقنا .

 



[1] - عندما جمعت كتاب بعنوان " مصطلحات يهودية احذروها " سنة 2002م، لم أكن أتوقع أن يقع بين يدي ترجمة لمشروع الخطاب الإعلامي الصهيوني في مادة أشبه ما تكون مادة لدورة تدريبية بمحاور ووحدات متعددة الهدف؛ بهدف عرض صورة ناصعة للكيان الغاصب، ليضفي الشرعية على وجوده وممارساته وسياساته.

[2] - أيقنت بأن إعلامي الكيان الصهيوني ما هم إلا  مرددين كالكاسكوات ، ينطقون ويكررون ما سمعوه في تلقينهم الكلمات فأضحت معروفة ممزوجة سقيمة المعاني عند أصحاب العقول.

 

.