دراسات وتوثيقات / دراسات وبحوث

المنهج القرآني في التعامل مع أخطاء المجاهدين

 

 

المنهج القرآني في التعامل مع أخطاء المجاهدين*

 

 

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد :

فإن الفتن العظيمة التي تموج اليوم في واقعنا المعاصر لتفرض على المسلم أن يكون حذراً يقظاً متأنياً في أقواله وأفعاله ومواقفه سائلاً ربه عز وجل الهداية للحق والثبات عليه.

ومن أسباب الهداية للحق البصيرة في الدين وتدبر كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والاستضاءة بهما في خضم هذه الفتن التي يموج كموج البحر.

ومن هذه الفتن التي ظهرت في الآونة الأخيرة تلك المواقف المتباينة إزاء أخطاء بعض المجاهدين في الثغور ما بين مبرر لها ومدافع عنها وكأنه يدعي العصمة للمجاهدين، وما بين مواقف مستعجلة من بعض الدعاة إزاء هذه الأخطاء لم يراعوا فيها التثبت أو لم يراعوا فيها مآلات أقوالهم وما يترتب عليها من المفاسد ودون انتباه لما بقوم به العدو المتربص من كافر ومنافق من  توظيف لأقوالهم هذه في تبرير ضربهم للمجاهدين أو الشماتة بهم.

ولذا يتعين على كل من أراد لنفسه السلامة من الزلل والسقوط في الفتن أن يترسم القرآن الكريم ويتدبره ويجعله منطلق مواقفه كلها.

ولقد وقفت في كتاب الله عز وجل على آيات كريمة عظيمه ترسم لنا المنهج الحق العدل في التعامل مع أخطاء المجاهدين ووضعها في حجمها الطبيعي دون أن يوظفها العدو في صالحه وهذه الآيات هي قوله عز وجل:

{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ*إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} ] 217-218 سورة البقرة [

وقبل أن نقف عند الدروس من هذه الآية وما فيها من منهج حاسم في التعامل مع أخطاء المجاهدين وأعداء المجاهدين يحسن بنا أن نقف على سبب نزول هذه الآيات كما جاءت في كتب التفسير .

قد جاء في روايات متعددة أنها نزلت في سرية عبدالله بن جحش-رضي الله عنه-وكان رسول الله-صلى الله عليه وسلم- قد بعثه مع ثمانية من المهاجرين ليس فيهم احد من الأنصار ومعه كتاب مغلق وأمره ألا يفتحه حتى يمضي ليلتين. فلما فتحه وجد به: ((إذا نظرت في كتابي هذا فامض حتى تنزل بطن نخله-بين مكة والطائف- ترصد لنا قريشاً وتعلم لنا من أخبارهم.. ولا تكرهن أحداً على السير معك من أصحابك))- وكان هذا قبل غزوة بدر الكبرى. فلما نظر عبدا لله بن جحش في الكتاب قال : سمعاً وطاعة. ثم قال لأصحابه قد أمرني رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أن أمضي إلى بطن نخلة أرصد بها قريشاً حتى آتيه منها بخبر. وقد نهى أن استكره أحداً منكم. فمن كان منكم يريد الشهادة ويرغب فيها فلينطلق ومن كره ذلك فليرجع، فأنا ماض لأمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فمضى ومضى معه أصحابه لم يتخلف أحد منهم : فسلك الطريق على الحجاز حتى إذا كان ببعض الطريق ظل بعير لسعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان -رضي الله عنهما- فتخلفا عن رهط  عبد الله بن جحش ليبحثا عن البعير ومضى الستة الباقون. حتى إذا كانت السرية ببطن نخلة مرت عير لقريش تحمل تجارة، فيها عمرو بن الحضرمي وثلاثة آخرون، فقتلت السرية عمراً ابن الحضرمي وأسرت أثنين وفر الرابع وغنمت العير. وكانت تحسب أنها في اليوم الأخير من جمادى الآخرة. فإذا هي في اليوم الأول من رجب -وقد دخلت الأشهر الحرم- التي تعظمها العرب. وقد عظمها الإسلام وأقر حرمتها .. فلما قدمت السرية بالعير والأسيرين على رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام )).فوقف العير والأسيرين وأبى أن يأخذ من ذلك شيئاً. فلما قال ذلك رسول الله- صلى الله عليه وسلم – سقط في أيدي القوم، وظنوا أنهم قد هلكوا؛ وعنفهم إخوانهم من المسلمين فيما صنعوا وقالت قريش :قد استحل محمد وأصحابه الشهر الحرام،وسفكوا فيه الدم وأخذو فيه الأموال وأسروا فيه الرجال)أ. هـ]أنظر كتب التفسير عند هذه الآية[

يقول الشيخ السعدي رحمه الله تعالى عند هذه الآية:

(ولما كانت هذه الآية نازلة بسبب ما حصل لسرية عبد الله بن جحش، وقتلهم عمرو بن الحضرمي، وأخذهم أموالهم وكان ذلك –على ما قيل في شهر رجب –عيرهم المشركون بالقتال بالأشهر الحرم، وكانوا في تعييرهم ظالمين إذ فيهم من القبائح، ما بعضه أعظم مما عيروا به المسلمين، قال تعالى في بيان ما فيهم.

]وصد عن سبيل الله[ أي: صد المشركين من يريد الإيمان بالله وبرسوله، وفتنتهم من آمن به، وسعيهم في ردهم عن دينهم، وكفرهم الحاصل في الشهر الحرام، والبلد الحرام، الذي هو بمجرده،كاف في الشر.فكيف،وقد كان في شهر حرام وبلد حرام؟!!

]وإخراج أهله[أي :أهل المسجد الحرام وهم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ،لأنهم أحق به من المشركين ،وهم عماره على الحقيقة،فأخرجوهم ]منه[ولم يمكنوهم من الوصول إليه، مع أن هذا البيت،سواء العاكف والباد .

فهذه الأمور كل واحد منها :]أكبر من القتل [في الشهر الحرام، فكيف وقد اجتمعت فيهم؟! فعلم أنهم فسقه ظلمة في تعييرهم المؤمنين. ثم أخبر تعالى أنهم لن يزالوا يقاتلون المؤمنين. وليس غرضهم في أموالهم وقتلهم، وإنما غرضهم أن يرجعوهم عن دينهم، ويكونوا كفاراً بعد إيمانهم حتى يكونوا من أصحاب السعير)أ.هـ

ويقول سيد قطب رحمه الله تعالى في هذه الآية أيضاً: (نزلت هذه النصوص القرآنية فقطعت كل قول وفصلت في الموقف بالحق فقبض الرسول – صلى الله عليه وسلم- الأسيرين والغنيمة ((يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ  ))...نزلت تقرر حرمة الشهر الحرام، وتقرر أن القتال فيه كبيرة، نعم !ولكن: (( وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ  ))..

إن المسلمين لم يبدأوا القتال ، ولم يبدأوا العدوان. إنما هم المشركون هم الذين وقع منهم الصد عن سبيل الله  والكفر به وبالمسجد الحرام لقد صنعوا كل كبيرة لصد الناس عن سبيل الله . ولقد كفروا بالله وجعلوا الناس يكفرون . ولقد كفروا بالمسجد الحرام و انتهكوا حرمته؛ فآذوا المسلمين فيه وفتنوهم عن دينهم طوال ثلاثة عشر عاماً قبل الهجرة. وأخرجوا أهله منه ، وهو الحرم الذي جعله آمناً،فلم يأخذوا بحرمته ولم يحترموا قدسيته ...

وإخراج أهله منه أكبر عند الله من القتال في الشهر الحرام ..وفتنة الناس عن دينهم أكبر عند الله من القتل. وقد أرتكب المشركون هاتين الكبيرتين فسقطت حجتهم في التحرز بحرمة البيت الحرام وحرمة الشهر الحرام. ووضح موقف المسلمين في دفع هؤلاء المعتدين على الحرمات ؛ الذين يتخذون منها ستاراً حين يريدون، وينتهكون قداستها حين يريدون !وكان على المسلمين أن يقاتلوهم أنى وجدوهم، لأنهم عادون باغون أشرار، لا يراقبون حرمة ، ولا يتحرجون أمام قداسة . وكان على المسلمين ألا يدعوهم يحتمون بستار زائف من المحرمات التي لا احترام لها في نفوسهم ولا قداسة !

لقد كانت كلمة حق يراد بها باطل. وكان التلويح بحرمة الشهر الحرام مجرد ستار يحتمون خلفه ، لتشويه موقف الجماعة المسلمة، وإظهارها بمظهر المعتدي.. وهم المعتدون ابتداء. وهم الذين انتهكوا حرمة البيت ابتداء...

هؤلاء قوم طغاة بغاة معتدون .لا يقيمون للمقدسات وزناً، ولا يتحرجون أمام الحرمات، ويدوسون كل ما تواضع المجتمع على احترامه من خلق ودين وعقيدة .يقفون دون الحق فيصدون الناس عنه، ويفتنون المؤمنين ويؤذونهم أشد الإيذاء، ويخرجونهم من البلد الحرام الذي يأمن فيه كل حي حتى الهوام !.. ثم بعد ذلك كله يتسترون وراء الشهر الحرام، ويقيمون الدنيا ويقعدونها باسم المحرمات والمقدسات، ويرفعون أصواتهم : انظروا هاهو ذا محمد ومن معه ينتهكون حرمة الشهر الحرام!) ا.هـ.

نخلص من سبب نزول الآية والتوجيه الرباني فيها إلى الموقف السليم في التعامل مع أخطاء المجاهدين والمتمثل فيما يلي:

أولاً : عدم إدعاء العصمة للمجاهدين بل هم بشر يخطئون ويصيبون والخطأ لا يدافع عنه بل يقال أنه خطأ ومخالفة وهذا ما ذكره الله عز وجل في الآية المذكورة وذلك بقوله تعالى {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كبير} فذكر سبحانه أن قتال المجاهدين في الشهر الحرام خطأ كبير. ولكن هذا الخطأ لا يهدر به جهاد المجاهدين وبلاؤهم الحسن ومقصدهم الحسن في جهادهم وهو ابتغاء مغفرة الله ورحمتة بل يوضع في حجمه الطبيعي. ولذلك ذكر بعض المفسرين أن الله عز وجل طيب قلوب هؤلاء المجاهدين المخطئين بعد ذلك بقوله سبحانه بعد ذلك في نفس السياق  {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} وهكذا يكون التعامل مع أخطاء المجاهدين بحيث ينكر عليهم خطؤهم ولا يقرون عليه وفي نفس الوقت لا ينسى لهم بلاؤهم وجهادهم وتنكيلهم في عدوهم وهجرهم لأهلهم وأوطانهم، وهذا ما يتضح بجلاء في هديه صلى الله عليه وسلم في تعامله مع أخطاء بعض الصحابة رضي الله عنهم أثناء جهادهم في سبيل الله تعالى.

فهذا أسامة بن زيد رضي الله عنه عندما قتل المشرك الذي شهد أن لا إله إلا الله بحجة أنه قالها متعوذاً وخوفاً من السيف فعاتبه الرسول صلى الله عليه وسلم عتاباً شديدا ًوأوقف أسامة على خطئه ومع ذلك بقي هو حب رسول الله وبقيت مكانته عند رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تتغير حتى أنه أمره قبل وفاته بالجيش المعروف بجيش أسامة ومعه  أبو بكر وعمر رضي الله عنهما.]أنظر قصة قتل أسامة للمشرك في صحيح البخاري (4269)[

وهذا خالد بن الوليد رضي الله عنه عندما عنفه النبي صلى الله عليه وسلم وتبرأ من فعله وقتله لمن أظهر الإسلام من بني جذيمة لم يمنعه ذلك من إبقائه في قيادة  العمليات الجهادية المتتالية في عهده صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. .]أنظر قصة قتل خالد مع بني جذيمة في صحيح البخاري (4339)[

فهل بعد هذا الهدي النبوي في تعامله مع أخطاء المجاهدين من عذر لبعض الدعاة هداهم الله الذين ينسون جهاد المجاهدين وبلاءهم الحسن ويسعون إلى إقصائهم والتشكيك في جهادهم ونواياهم بمجرد أن يصدر منه خطأ ومخالفة شرعية في قوله أو فعله. إن هذا ليس العدل.

 يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في تعليقه على قصة عبدالله بن جحش وما نزل فيها من الآيات القرآنية: (والمقصود: أن الله سبحانه حكم بين أوليائه وأعدائه بالعدل والإنصاف، ولم يبرئ أوليائه من ارتكاب الإثم بالقتال في الشهر الحرام ، بل أخبر أنه كبير ، وأن ما عليه أعداؤه المشركون أكبر وأعظم من مجرد القتال في الشهر الحرام ،فهم أحق بالذم والعيب والعقوبة ولاسيما وأولياؤه كانوا متأولين في قتالهم ذلك، أو مقصرين نوع تقصير يغفره الله لهم في جنب ما فعلوه من التوحيد والطاعات، والهجرة مع رسوله وإيثار ما عند الله فهم كما قيل

وإذا الحبيب أتى بذنب واحدٍ         جاءت محاسنه بألف شفيع

فكيف يقاس ببغيض عدو بكل قبيح ولم يأت بشفيع واحد من المحاسن)]زاد المعاد3/170[

وفي ختام هذه الفقرة أوصي إخواني المجاهدين بأن يتقوا الله عز وجل في جهادهم وأن يبذلوا الوسع في توقي الذنوب وما يسخط الله عز وجل فإن الذنوب أخطر على المجاهدين من عدوهم وهي سبب الهزائم والخذلان ويكفينا تذكر ما حصل للمسلمين في غزوة أحد.

 وإن من أخطر وأكبر الذنوب التي تهدم الجهاد وأهله التنازع والتفرق المؤديان إلى الاستهانة بالدماء المعصومة والتعلق بأدنى شبهة لاستحلالها. فإذا كان لله عز وجل سمى قتل المشركين المحاربين في الشهر الحرام كبير(قل قتال فيه كبير) ولم يحاب فيه المجاهدين فكيف يقتل مسلم لأدنى شبهة إن مثل هذه المخالفات الكبيرة لهي من أسباب فشل المشرع الجهادي وهزيمته من جهة، ومن جهة  أخرى فإنه يصب في مصلحة الكافر المعتدي والمنافق المتربص حيث يفرحون بها ويشمتون بها ويوظفونها أحسن توظيف في حربهم على الإسلام والمسلمين.

فاتقوا الله أيها المجاهدون في جهادكم وفي أمتكم { وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}.

ثانياً: ومن المواقف المهمة المستوحاة من الآية الكريمة في الحديث عن أخطاء المجاهدين الحذر الشديد من توظيف الكفرة والمنافقين الكلام عن أخطاء المجاهدين في الشماتة بهم وبالمسلمين وبالتنفير من الجهاد وأهله.

ولقطع الطريق على الكفرة والمنافقين من توظيف الحديث في صالحهم والتنفير من المسلمين و المجاهدين  نرى في الآية الكريمة أن الله سبحانه عندما ذكر بأن القتال في الشهر الحرام :كبيرة أتبعه في نفس الآية في نفس الوقت بالتشنيع على الكفار وما يقومون به من العدوان والصد عن سبيل الله تعالى مما هو في جرمه وشناعته اكبر و أشد من خطأ المجاهدين ويوضح الله عز وجل ذلك في قوله تعالى  {  وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ..}أي أن ما يقوم به الكفار من صد الناس عن سبيل الله وكفرهم بالله وإخراج المسلمين من المسجد الحرام والشرك بالله (أكبر عند الله من القتل).

 وبهذا يقطع الطريق على الكفرة والمنافقين من أن تتم فرحتهم بأخطاء المجاهدين بأن تذكر فضائح الكفار وعدوانهم وصدهم عن سبيل الله عز وجل وعند إذ لا يستطيعون استغلال الحديث في صالحهم ضد المسلمين.

 فياليت إخواننا الدعاة الذين يتحدثون اليوم عن أخطاء المجاهدين ينهجون هذا المنهج الرباني فيقرنون حديثهم ونقدهم لأخطاء المجاهدين بذكر ما هو أكبر وأشنع وذلك مما يقوم به اليوم الكفرة الغزاة وأولياؤهم والمنافقون من قتل وتشريد وسجن وتجويع وحصار خانق على المسلمين وصد عن سبيل الله عز وجل وقبل ذلك كفرهم بالله ومحادتهم للإسلام وأهله في بلاد العراق وأفغانستان والشيشان وفلسطين والصومال وغيرها من بلاد المسلمين.

هذا هو المنهج القرآني المستوحى من آية البقرة الأنفة الذكر.

أما أن يفرد المجاهدون بالنقد ويترك الكفرة المعتدون والمنافقون الخائنون لا تذكر فضائحهم ولا يذكر عدوانهم وإرهابهم وصدهم عن سبيل الله فهو من جانب منهج جائر ينظر بعين واحدة ومن جانب آخر يسهل الطريق على الكفرة الغزاة والمنافقين معهم في الشماتة بالمجاهدين وتوظيف ذلك في مصالحهم وأهدافهم وخططهم.

أسأل الله عز وجل ان ينصر المجاهدين في كل مكان وأن يجنبهم شرور أنفسهم وسيئات أعمالهم وأن يؤلف بين قلوبهم ويكبت عدوهم من الكفرة والمنافقين والحمد لله رب العالمين.

كتبه :عبدالعزيز بن ناصر الجليل

* اقصد بالمجاهدين هنا أولائك الذين قاموا بأداء فريضة العين وذلك بجهاد الدفع عن بلاد المسلمين التي غزاها الكفرة واحتلوها كما هو الحال في أفغانستان والعراق والشيشان وفلسطين.

 

.