فلسطين التاريخ / الواقع والمأمول

مدلولات قرار التهجير من الضفة

 

مدلولات قرار التهجير من الضفة

 

غزة  -  ساهر الحاج – مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية:  

 

 بدأت  سلطات الاحتلال الصهيوني  تطبيق قرار يقضي بتهجير السكان الفلسطينيين من غير سكان الضفة الغربية ، باعتبارهم " مقيمين غير شرعيين من وجهة نظر الصهاينة حيث نشرت  صحيفة هآرتس الصهيونية :  أن الجنرال غادي شماني، بوصفه قائد الجبهة الوسطى وقائد الجيش في الضفة الغربية، أصدر في 13 تشرين الأول الماضي يتم من خلاله اعتبار الفلسطينيين من غير سكان الضفة الغربية مقيمين غير شرعيين ويجرمهم أيضا ، ويعتبر الفلسطيني من غزة ، المقيم في الضفة  «متسللاً»، رغم أنه لم يجتز الحدود أصلاً من دون موافقة إسرائيلية. والأدهى أن القرار الإسرائيلي الجديد يعتبر الفلسطيني المولود في وطنه «متسللاً» إذا كان عنوان والده أو والدته في مكان آخر غير مكان ولادته في الضفة الغربية.

ولا شك أن هذا القرار خلفه دواع وأسباب تكمن وراءه من بينها:

أولا:  إن هذا القرار يعمل على تكريس سياسة الانقسام بين الضفة وغزة ، فسياسة التقسيم هي سياسة صهيونية بحتة ، منذ زمن بعيد فقد قاموا بتقسيم المناطق في الضفة الغربية إلى أ ، ب ، ج ، وأيضا قاموا بتكريس الانقسام بين الضفة الغربية وغزة  ، ولا شك أن هذا الفصل بين الضفة الغربية وغزة وسياسة التفريق ورفع المستوى المعيشي للضفة الغربية مقابل الوضع الاقتصادي الكارثي في قطاع غزة المحاصر جوا وبرا  وبحرا ، يثير حساسية السذج ويساهم إلى حد بعيد في تكريس الفرقة بين أهل الوطن  الواحد ، حيث حاول الكيان الصهيوني ومنذ أحداث الخلاف العميق بين حماس وفتح على إيجاد نموذجين متغايرين الأول في الضفة الغربية ويحظى بدعم اقتصادي وعربي ودولي ثمنه تنسيق أمني واضح وآخر محاصر مجوع يتعرض لأبشع المجازر في هذا العالم الذي يزعم التحضر.

 

ثانيا: الأزمة الديمغرافية التي تواجهها المؤسسة الصهيونية ، فعدد الفلسطينيين في ازدياد ، وفي الوقت الذي ينحسر فيه عدد المستوطنين لذا اتخذت  هذه المؤسسة الإرهابية قرار التهجير القسري ، ليحل محله مئات الآلاف من المستوطنين ، فهذه الخطوة جاءت لتسمين الاستيطان ، وإن كانت هذه القرارات محورية وسط غياب رد من داخل الضفة الغربية ، وضعف موقف السلطة  الفلسطينية ، في الوقت الراهن فهي لم تحقق للمواطن أي انجازات على الصعيد السياسي وسط تبرم واضح من  داخل السلطة الفلسطينية حول جدوى المفاوضات التي استمرت لأكثر من  ثمانية عشر عاما ، فكانت النتيجة زيادة في الاستيطان ، ووتيرة متسارعة لتهويد القدس ، ثم بات التركيز على يهودية الدولة ، في المحافل الدولية ، وجعله شرطا للمفاوضات التي لم تعد تمثل شيئا بالنسبة للصهاينة .

 

ثالثا  : هذا القرار تم اتخاذه قبل زهاء ستة أشهر  ولم يتم تداوله عبر وسائل الإعلام ، فإن ما يجري على الأرض أخطر من ذلك بكثير ، ففجأة نجد كنيس الخراب دشن ، وفجأة نجد الاحتلال دشن أكثر من  مائتي كنيس في مدينة القدس ، فتصفية القضايا المحورية للقضية الفلسطينية تتم  بوتيرة متسارعة جدا ، ووسائل الإعلام لا تعطي لهذه الأمور أهمية مع حساسيتها ، أضف إلى ذلك  التغطية الإعلامية السطحية التي لا تتناول الأمور بعمق ولا تجعل المشاهد يتفاعل مع  الحدث ، ثم يتم تنفيذ القرار على أرض الواقع بعد تمهيد الأرضية المناسبة له .

 

رابعا  : الغطاء الدولي الذي يعطي مساحة واسعة  للكيان الصهيوني للتحرك دون أي عقبات تذكر ، فهذه القوانين وضعها الطرف الأقوى لتطبيقها على الحلقة الأضعف ، ولم نجد في يوم من الأيام ما يعرف بالمجتمع الدولي أو الأمم المتحدة اتخذ قرارا لصالح الطرف الأضعف أو الحلقة الأضعف وضمن تطبيقه  ، كل هذا وإن دل فإنما يدل على تواطؤ هذه المنظمات الدولية على المجازر التي ترتكب على كافة المستويات ضد الشعب الفلسطيني فقرار التهجير هذا يحرم الفلسطينيين من أبسط حقوقهم في التنقل ، وفي الوقت ذاته يظهر ضعف الرد العربي على كافة المستويات ، سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي ناهيك عن غياب إستراتيجية واضحة من قبل الدول العربية للدفاع عن فلسطين ، والهموم التي أغرق بها المواطن العربي تهيمن على إعطاء القضية الفلسطينية أولوية على أجندتها .

 

كل هذا وغيره يعطينا الدافع للوقوف بجد يداً واحدة ونضع الخطط الإستراتيجية في مواجهة المخططات الصهيونية، والتي لم تتوقف منذ بداية الاحتلال، ولكنها أصبحت تعمل الآن على المكشوف وبمباركة من دول إقليمية، مما يجعلنا بعظم المؤامرة التي تمارس بحق الشعب الفلسطيني.

 

 

.