فلسطين التاريخ / تهويد وتزوير وإجرام

ما وراء المصطلحات الصهيونية ( 2 ) الأغيار(جوييم)

ياسر درويش أحمد

 

ان الناظر في ممارسات اليهود الاجرامية والمجازر المتكررة في حق الشعوب الاسلامية و العربية و التاريخ الاسود على مدى التاريخ و خاصة خلال سبعون عاما مضت في دولة فلسطين او في لبنان وغيرهما ، اتسم هذا التاريخ الاجرامي بانعدام انسانية هذا الشعب ، بل ويستغرب دعواهم انهم اتباع احد الديانات السماوية ، التي نزلت من رب العالمين و الذي يوصف سبحانه بانه الرحمن الرحيم ، وانه سبحانه العدل ويأمر بالقسط ، فكيف بأمة تتدعي انها تتبع احدى هذه الرسالات السماوية تمتلك هذا التاريخ الاسود الممتد على مر الازمان.

وصف الله تعالى التوراة التي بين ايديهم بانها هدى ونور و شرعه يحكم بها الاحبار والربانيون حيث قال سبحانه: (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ). وبسبب انحراف هذه الامة تجد القران الكريم أسهب في الحديث عنهم، وسرد احداثهم وقصصهم كي يبين لنا خبث هذه الطائفة ومكرها وانحرافها وضلالها، ولكي تكون عبرة للأمم التالية فتتجنب هذه الخصال الذميمة التي ذكرها وبينها القران الكريم.

لذا كان واجبا علينا التدقيق في عقائد هذه الأمة، و البحث في تحريفات وتفسيرات حاخاماتها التي حرفت وغيرت دينها بتعمد حتى يخدم اهوائها ونزعاتها الشريرة وحب السيطرة والسطوة و الاستعلاء. لذلك يجد الباحث في كتب اليهود  كثير من المعتقدات والمصطلحات والمفاهيم التي حرفت ونُحِيت عن معناها الصحيح لتخدم اهوائهم واطماعهم الشخصية و الدنيئة، ومن هذه المصطلحات ما يطلق عليه (الأغيار) أو (جوييم) كما في اللغة العبرية . فمن خلال هذا المصطلح استطاع حاخامات اليهود تحويل هذه الكلمة وتأويلها عن المعنى الحرفي والصحيح في التلمود سواء في المشنا او الجمارة لتخدم مصالحهم وسطوتهم.

معنى كلمة  الأغيار او ( جوييم ):

كلمة ( جوييم ) هي جمع لكلمة (جوي ) وهي تعني باللغة العربية ( القوم او الشعب )وكانت تطلق على مدينة في كنعان ، وقد استخدمت هذه الكلمة للتفريق بين اليهود و الشعوب الاخرى ، فكل انسان لا يتبع الديانة اليهودية هو من الاغيار، ثم تطور معنى هذه الكلمة في العقيدة اليهودية من الإشارة الى الامم الأخرى لتتطور وتستخدم في الذم و القدح ، وقد استخدمها المفسرون اليهود في عدة استخدامات في بادئ الامر ، فاستخدمت للتعبير عن عباد الاوثان ، وفي ( الجرييم ) اي المجاورين لليهود ، الى ان استخدمت في الإشارة الى النصارى و المسلمين.

لقد وصف الله تعالى صفة وخصلة يتميز بها اصحاب هذه الامة عن باقي الامم وهي صفة التحريف ووضع المعاني بغير مواضعه حيث قال سبحانه : (مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَٰكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا) فكانت هذه الصفة سببا لتنزل اللعنات عليهم من الخالق سبحانه وتعالى.

تطويع المصطلحات عند اليهود:

وقد استغل اليهود هذا التعبير وطوعوه ليخدم مصالحهم، فبعد ان كانت الشريعة اليهودية تنص على ان الاخيار و الاتقياء من مختلف الامم و الشعوب سيكون لهم نصيب في الاخرة من الثواب و دخول الجنة ، وبعد ان كانت شريعتهم تامر اليهود بالمحافظة على حقوق الاخرين واكرامهم بغض النظر عن انتمائهم الديني، نجد ان هذه المسلمات قد تغيرت بعد دخول العقيدة الحلولية (و معناه: أن يحل أحد الشيئين في الآخر ، ويراد منه حلول الله - عز وجل - في مخلوقاته ، أو بعض مخلوقاته .)على الشريعة اليهودية ، واصبحت جزء لا يتجزأ  من الدين اليهودي، فتجد ان التطرف والتمييز و التعالي اليهودي عن غيرهم في شرح هذه المعاني هو السائد ، فالتلميحات و الاشارات التي تشير الى ان اليهود هم شعب الله المختار ، وانهم شعب مقدس دخلت فيهم قدسية الاله ( والعياذ بالله ) وان الشعوب الاخرى تقع خارج هذه القدسية و الاختيارية وانهم هم من دون غيرهم اصحاب الدنيا والاخرة وغيرهم لا حظ لهم في الاخرة.

أمثلة على توسيع دائرة الأغيار :

ومن الامثلة على ما قام به مفسري الشريعة اليهودية في تغيير النص الحرفي الى ما يخدم توجهاتهم الشخصية والدنيوية، فقد قام الحاخامات بتحريم الزواج من الاغيار، بعد ان كانت محرمة على الوثنيين من الكنعانيين في العهد القديم ، ثم طوروا هذا التحريم ليدخل في تحريم تناول الطعام من الأغيار، وان كان طاهي الطعام قد طهاه على حسب الشريعة اليهودية، ثم ارتقى هذا التأويل ليدخل في رد شهادة الأغيار في المحاكم اليهودية الشرعية وان كان صادقا امينا، ثم دخلت هذه التأويلات في عدم الجواز لليهودي الاحتفال بأعياد ومناسبات الأغيار إلا في أضيق الاحوال كخوف اليهودي ان يلحق به الاذى ان لم يحضر هذه المناسبة.وقد ذكر الرابي يوسيف قاروفي كتاب “المائدة المعدّة” ١٤٨٨-١٥٧٥  أمثلة كثيرة تندرج تحت نطاق ما نتحدث عنه ، منها: حظر توليد غير اليهودية؛ حظر مدح غير اليهودي، حظر تعليمه أية مهنة؛ حظر إرضاع غير اليهودي من أم يهودية ...الخ

تضييق دائرة اليهودية:

وكما توسعت دائرة الأغيار في المثال السابق، قام الحاخامات بتضيق دائرة الاشارات و الدلالات التي قد يدخل بها غير اليهود، فالكلمة التي قد يحتمل معناها اليهودي او غيره جمعوها في شخص اليهودي فقط، فلو اطلقنا كلمة رجل أو انسان أو أخ  .... الخ تجد ان المفهوم العام لها انها تعني أي رجل أو أي انسان أو اي أخ، أما عند اليهود فلا تعني الا اليهودي، فالرجل اليهودي أو الانسان اليهودي او الاخ اليهودي ....وهكذا.

ومن المعروف أن كل ابن أو ابنة لمرأة يهودية فهو يهودي/فهي يهودية/ بغض النظر عن طبيعة علاقة المولود بالديانة اليهودية وبإسرائيل لاحقا دينيا وسياسيا. أما غير اليهودي فيبقى جويا، من الأغيار حتى ولو تصهين وتعبرن.بل وصل الأمر بهم الى التمييز بين اليهودي وغير اليهودي لغويا كاستعمال كلمة( توفي )بالنسبة لليهودي وكلمة (مات ) بالنسبة لغير اليهود، أو الأغيار.

ثم طور مفسرو الشريعة اليهودية هذه الدائرة لتدخل في منحنى اخر وهو أن أرواح اليهود أرواح مقدسة تقدست بحلول الرب فيها ( والعياذ بالله ) كما ذكرناه سابقا في العقيدة الحلولية وان ارواح الأغيار أرواح شريرة، وان الاخيار من هؤلاء الأغيار انما هي ارواح مقدسة ضلت طريقها في اجساد شيطانية، حتى غلا مفسرو المشناة في الشرح واجازوا في دعوة صريحة الى قتل الاغيار وان كانوا ذو خلق او من الاخيار المحسنين.

وعن حالهم هذا اخبرنا رب العالمين سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)

أخيرا ...

لذلك لا نجد غرابة في نظرة اليهود الاستعلائية، و استباحتها للمجتمعات، فالكثير من ادبيات الفكر الصهيوني المعاصر تكاد لا تخلو من هذه العنصرية وخاصة ضد العرب بشكل عام و الفلسطينيين بشكل خاص، ففي وعد بلفور اشار الى الفلسطينيين بالجماعات غير اليهودية اي الأغيار، وخير دليل على ذلك في وقتنا الحاضر ما ينادي به الكيان الصهيوني من يهودية الدولة ، اي انهم ينادون الى دولة خالية من الاغيار ، كما ان بعض قوانين الكيان الصهيوني ينص على تشجيع عودة اليهود من المهجر فقط دون الاغيار ( أي  اللاجئين الفلسطينيين اصحاب الحق في العودة) كما ان هذه القوانين تحرم تأجير الاراضي اليهودية الزراعية للأغيار.

ولا غرابة عندما نسمع عن المجازر التي حدثت في تاريخنا المعاصر في فلسطين او لبنان ... و غيرها على ايدي اليهود دون اي اعتبار أو اعتذار او ندم خلال السبعين عاما،  بل ان من يقوم بهذه الاعمال يعتبر في نظر اليهود بطل قومي، بينما هم لم يكلوا او يملوا من قضية استنكار ومطالبة التعويض و الاعتذار عن ( الهولوكوست ) محارق وافران هتلر والمبالغ بها.

 

كتبه:

ياسر درويش احمد

Yasser.darweeshahmed@hotmail.com

5/4/2014

.