فلسطين التاريخ / منتقى الأخبار

أكثر من 600 حاجز عسكري تنغص حياة فلسطينيِّي الضفة المحتلة (تقرير)

التاريخ: 6/9/1430 الموافق 27-08-2009

 

تؤدي الحواجز العسكرية التي تقيمها قوات الاحتلال الصهيوني دورًا قذرًا في التنغيص على حياة الفلسطينيين في الضفة الغربية؛ حيث ينتشر فيها أكثر من 600 حاجز عسكري أدَّت إلى فقدان العديد من الفلسطينيين حياتهم بسبب التعقيدات الصهيونية على تلك الحواجز.

ويشهد العالم منذ أربعة عقود هي عمر احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة مأساة شعب يعاني انتهاكات لأبسط حقوق الإنسان تتمثل في الاستيلاء على الأراضي و"الاستيطان" وبناء الجدار وفرض الحواجز العسكرية المميتة

أكثر من 600 حاجز

أظهر تقريرٌ أعدَّه مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في القدس المحتلة أن عدد الحواجز العسكرية في الضفة الغربية زاد بنسبة 7% عكس ما كانت تروِّج له الحكومة الصهيونية بالعمل على تخفيفها، وأشار التقرير إلى أنه تم بناء أكثر من 140 حاجزًا جديدًا، ليصبح العدد أكثر من 600 حاجز احتلالي، تساهم بشكل فاعل في النيل من حياة مواطني الضفة الغربية

أطفال وشيوخ ونساء تحت الشمس الحارقة

وتزيد قوات الاحتلال من إجراءاتها المُهينة للفلسطينيين على الحواجز العسكرية التي تحاصر القرى والمدن الفلسطينية؛ حيث لم يسلم من ذلك الصغار ولا الكبار ولا المرضى؛ فكثيرًا ما تحتجز قوات الاحتلال أعدادًا كبيرة من الفلسطينيين وتوقفهم تحت حرارة الشمس الحارقة، كما حدث مؤخرًا عندما بين حاجزي المحكمة العسكرية والارتباط شمال محافظة رام الله المحتلة، وكان بين المحتجزين أطفال وشيوخ ونساء، كما وتعرَّض المحتجزون في حواجز عديدة للغازات المسيلة للدموع التي يطلقها جنود الاحتلال عليهم وهم يقتربون من تلك الحواجز في طريق عودتهم إلى قراهم وبلداتهم.

الصحفيون تحت المطرقة

الصحفيون هم الآخرون لم يسلموا من إجراءات الاحتلال القمعية على الحواجز القمعية؛ فقد صادر جنود الاحتلال أكثر من مرة كاميرات ومعدات تصوير من فرق صحفية كانت تهم بالمرور عبر تلك الحواجز، كما حدث وأن صادرت قوات الاحتلال كاميرا لقناة "الجزيرة" وشريط التصوير وهوية المصور مجدي بنورة؛ وذلك خلال التقاطه صورًا للوضع على الحاجز العسكري قرب مخيم قلنديا جنوب رام الله، وكان الجنود قد تهجَّموا على المصوِّر، رغم التقاط الصور خارج نطاق الحاجز العسكري الذي يحتشد عنده مئات المواطنين وعشرات السيارات المسافرة بين القدس ورام الله؛ لينقل معاناتهم وإهانتهم وإذلالهم

أكثر من 103 شهداء

وعلى صعيد انتهاك الاحتلال حقوقَ المرضى على وجه الخصوص على تلك الحواجز المهينة أفادت تقارير صدرت عن "المركز الصحفي الدولي" بأن أكثر من 103 شهداء قضوا على الحواجز الصهيونية، في حين وثقت "مؤسسة الحق" الفلسطينية -ومقرها الرئيسي مدينة رام الله- 12 حالة استشهاد فلسطينية على الحواجز العسكرية الصهيونية.

ونقلت المؤسَّسة عن لميس تيسير إبراهيم قاسم (26 عامًا) من مدينة سلفيت التي فقدت مولودتين أثناء نقلها إلى أحد المستشفيات عبر أحد الحواجز؛ قولها إنها انتظرت سيارة إسعاف تابعة لقرية بيت ريما على حاجز عسكري في مدخل القرية أكثر من ساعتين؛ حيث رفض الجنود وصول سيارة الإسعاف إليها.

وضعت مولودتين توفيتا على الحاجز!

وأضافت أن السائق ومساعده وصلا إليها ومعهما سرير؛ حيث أبلغاها أن الجيش سمح لهما بنقلها عبر الحاجز بواسطة السرير دون أن يسمحوا بوصول سيارة الإسعاف.

وقالت لميس: "لدى دخول سيارة الإسعاف وبعد التفتيش البطيء في الحاجز أنجبت ابنتي الأولى "لطيفة"، وبعد تحرُّكنا بنحو ثلث ساعة أنجبت المولودة الثانية "مفيدة" التي كانت في حالة إغماء، ثم فارقت الأولى الحياة بعد نصف ساعة، وفارقت الثانية الحياة بعد ساعات نتيجة التأخير وعدم وصولي في الوقت المناسب.

عرقلة الكوادر الطبية وسيارات الإسعاف

وأكد المكتب التنفيذي لـ"جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني" في الضفة الغربية أن قوات الاحتلال تواصل عرقلة الكوادر الطبية وسيارات الإسعاف؛ حيث تمنع من التنقل بحرية لتقديم خدماتها الإنسانية؛ مما يضطر المرضى إلى السير على الأقدام مسافات طويلة حتى الوصول إلى سيارات الإسعاف.

وبيَّن المكتب في تصريحات صحفية له أنه رغم التنسيق لبعض الحالات الصعبة بواسطة الصليب الأحمر يتعرَّض المرضى والمسعفون وسيارات الإسعاف للتفتيش المهين.

الحواجز تسبب تأخر وصول المرضى ووفاتهم

وتقول "مؤسَّسة الهلال الأحمر الفلسطيني" في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية إن الحواجز الصهيونية تسبِّب تأخر وصول المرضى إلى المستشفيات ووفاتهم في بعض الأحيان، مبينة أن "قوات الاحتلال تمنع وصول سيارات الإسعاف بسهولة إلى مستشفى محمد علي المحتسب للأطفال حديثي الولادة في الخليل، وهو الوحيد من نوعه الذي يخدم نحو نصف مليون نسمة جنوب الضفة، موضحة أن "وجود الاحتلال والبؤر "الاستيطانية" في قلب المدينة يضطر سيارات الإسعاف إلى نقل الأطفال من مسافات بعيدة".

وتقول "مؤسسة الهلال الأحمر" إن المسعفين يضطرون في كثير من الأحيان إلى استخدام سيارتين لنقل مريض واحد؛ حيث يصل المريض بالسيارة الأولى إلى أحد طرفي الحاجز الترابي، ثم ينقل على حمالة إلى الطرف الآخر على مسافة عشرات الأمتار؛ حيث تنتظر سيارة أخرى؛ مما يترتب على ذلك إرهاق المريض وتأخير إسعافه.

وتضيف أن مرضى الكلى يضطرون إلى سلوك طرق متعبة للوصول إلى مراكز غسيل الكلى في المستشفيات ثلاث مرات أسبوعيًّا، مشيرة إلى أن عددهم في ازدياد، ووصل في الخليل وحدها إلى أكثر من 50 مريضًا.

تفهمات أمنية أمريكية!

حواجز الموت الصهيونية التي تقيمها قوات الاحتلال تجد دعمًا قويًّا لاستمرارها من قبل دول رسمية؛ فالولايات المتحدة الأمريكية زعمت أنها ستثير مشكلة الحواجز الصهيونية في الضفة الغربية التي تعوق تحركات الفلسطينيين مع محادثيها الصهاينة، لافتة إلى أنها "تتفهم الاعتبارات الأمنية".

وادَّعت الولايات المتحدة أنها ستعمل على مراقبة الجانب "النوعي" من عملية رفع الحواجز العسكرية في الضفة الغربية، بيد أن هذه المراقبة جعلت الاحتلال يزيد من تلك الحواجز ويعظم من انتهاكها حقوق الإنسان في الضفة الغربية.

2500 مختطف في عام واحد!

وبالحديث عن حالات الاعتقال فإن مؤسَّسة حقوقية فلسطينية أفادت بأن قوات الاحتلال الصهيوني اختطفت في عام واحد ما يزيد عن 2500 فلسطيني؛ منهم 2433 من الضفة الغربية و68 من قطاع غزة.

وأشار "المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان" في تقرير سنوي صدر عنه إلى أن تلك القوات واصلت في العام 2008، اختطاف المزيد من الفلسطينيين والزج بهم في سجونها المكتظة بآلاف الأسرى في أوضاع مزرية، موضحًا أن الغالبية العظمى من هؤلاء المختطفين يجري اختطافهم أثناء اجتياح المدن والقرى والمخيمات في الضفة الغربية وقطاع غزة، أو من خلال الحواجز العسكرية المنتشرة على امتداد الضفة الغربية، أو في عمليات خاصة تقوم بها قوات الاحتلال.

وأكد المركز أنه حتى نهاية العام 2008 كان ما يزال أكثر من تسعة آلاف فلسطيني في سجون الاحتلال ومراكز اختطافه، في مخالفةٍ واضحةٍ لاتفاقية "جنيف الرابعة"، خاصة المادة 76 التي تلزم "الدولة" المحتلة باحتجاز السكان المحتلين في الأقاليم المحتلة حتى انتهاء محكومياتهم.

وحسب التقرير الحقوقي فإن نحو 337 من بين هؤلاء المختطفين يقبعون في سجون الاحتلال قبل تطبيق اتفاقية "أوسلو" في العام 1994، فيما يقبع الغالبية العظمى منهم في السجن منذ بدء انتفاضة الأقصى في العام 2000.

صمت ومعاناة مستمرة

ومع استمرار الصمت العربي والدولي عن جرائم الاحتلال المتواصلة تزداد الحواجز العسكرية وتزداد معها معاناة الفلسطينيين على تلك الحواجز التي سمَّاها الفلسطينيون في الضفة الغربية "حواجز الموت"؛ نظرًا لأنها تقتل حياة المواطنين وتقتل فرحتهم.

والسؤال الذي لا يزال مطروحًا: إلى متى ستبقى إرادة الفلسطينيين في الضفة الغربية رهينة حواجز الاحتلال اللعين؟!

المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام

 

.