القدس والأقصى / عين على الاقصى

عام 2006م الأخطر على القدس والمسجد الأقصى منذ الاحتلال-الحلقة الأولى.

عام 2006م  الأخطر على القدس والمسجد الأقصى منذ الاحتلال

الحلقة الأولى

 

 

الاعتداءات اليهودية على المسجد الأقصى في عام 2006م هي الأخطر منذ عام 1967م، فقد استغلت الحكومة اليهودية وبلدية القدس والجماعات اليهودية المتطرفة انشغال الساحة الفلسطينية حكومة ورئاسة وشعب بأكمله بأنفسهم، وعمل بكل قوته لمسح كافة المعالم الإسلامية في القدس ، ونفذ الكثير من الإنشاءات خلال عام 2006م لفرض الأمر الواقع على الأرض ، فافتتح كنيس لصلاة اليهود أسفل وجوار المسجد الأقصى، ودشن المتاحف ليجعل له تاريخ من لا شيء ، ووسع ساحة البراق والتي جعلوها ساحة للمبكى على أمجادهم المزعومة... واعتمد إنشاءات جديدة وكأنهم في سباق مع الزمن لسلب المسجد الأقصى وتهويده .

والدول الإسلامية بكامل قطاعاتها تكالبت عليها المآسي والآلام ما أشغلها حتى عن قضيتها الأولى " قضية فلسطين " و "هدم المسجد الأقصى" ، والمؤسسات الدولية والقانونية في سبات ، وعشرات القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بشأن القدس لم يطبق منها ما يمنع تلك الإجراءات المادية والإدارية  ، فمسلسل التهويد الرامي إلى طمس الهوية الإسلامية والتاريخية لمسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم طال جوانب عدة نجمعها بالتالي :

 

مسلسل الاعتداءات خلال العام 2006م

 

2/1/2006 عناصر من "أمناء جبل الهيكل" يؤدون طقوساً دينية تدعو لهدم المسجد الأقصى وعدم تقسيم القدس ، واعتدوا على عدد من المسلمين في باب الخليل والواد بالبلدة القديمة ويحاولون اقتحام المسجد الأقصى .

3/1/2006 الكشف عن وجود كنيسٍ يهوديٍ أسفل المسجد الأقصى والعديد من الغرف المُستحدثة ، أعلن عنه الشيخ رائد صلاح بمشاركة مفتي فلسطين الشيخ عكرمة صبري في مؤتمر صحفي شرقي القدس .

8/2/2006 وزارة التربية والتعليم في الكيان المحتل والوكالة اليهودية يوزعان آلاف النسخ لخرائط البلدة القديمة في القدس على أطفال يهود في عشرات المدارس في روسيا، حيث وضعت فيها صورة لمجسم الهيكل الثالث مكان قبة الصخرة في المسجد الأقصى المبارك .

14/2/2006 وحُراس المسجد الأقصى يفشلون محاولة تسلل أربعة من المتدينين اليهود إلى المسجد الأقصى في ساعات متأخرة من الليل، حيث كانوا يحفرون في مقبرة الرحمة التي تلاصق سور المسجد الأقصى المبارك من الجهة الشرقية، وتضم رفات عدد من الصحابة والعلماء محاولين الوصول للمسجد الأقصى.

28/2/2006 يبادر رئيس بلدية الاحتلال في القدس "أوري لوفوليانسكي" إلى إجراء استطلاع عن علو صوت الآذان من مساجد القدس، ويدعي بأن شكاوى كثيرة وصلت إلى البلدية من كل أنحاء المدينة عن الضجيج الذي يحدثه صوت الآذان.

13/3/2006 طالب موشيه كتساف - رئيس الدولة العبرية - بحفر نفق يربط حائط البراق غربي المسجد الأقصى بالقصور الأموية جنوبه وصولاً إلى سلوان، لربط "ساحة المبكى" بـ"حوض داوود" ، ودعا إلى بضرورة الوصول إلى حل "يسمح لكافة المسلمين واليهود بأداء شعائرهم الدينية في هذا المكان المقدس".

13/3/2006 بحضور رئيس دولة الاحتلال موشيه كتساف ورئيس بلدية الاحتلال في القدس أوري لوفوليانسكي ، والحاخامين الرئيسين في الكيان العبري ، تم افتتاح غرفة جديدة لصلاتهم في ساحة البراق ، وتقع هذه الغرفة تحت المبنى المشهور باسم "مبنى المحكمة" في القدس.

28/3/2006 شرطة الاحتلال في القدس تغلق الأقصى وتمنع المصلين المسلمين من أداء صلواتهم فيه بحجة الخوف من التوتر الذي يمكن أن ينجم بين المسلمين والمتطرفين اليهود في اليوم الذي تُجرى فيه الانتخابات العامة في الدولة العبرية.

30/3/2006 قائد لواء القدس في شرطة الاحتلال إيلان فرانكو يوصي وزارة الأمن الداخلي للاحتلال بإغلاق المسجد الأقصى أمام الزوار مخافة وقوع مناوشات بين العرب المسلمين واليهود بمناسبة ذكرى يوم الأرض.

10/4/2006 كشف الشيخ تيسير التميمي- قاضي القضاة في فلسطين -النقاب عن عدة سيناريوهات أعدتها حكومة الاحتلال لهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه، منها الحفريات التي تنفذ في الآونة الأخيرة، ومنها قصف المسجد بطائرة محملة بالمتفجرات والقنابل، أو عن طريق قصفه بصواريخ بالإضافة للمخططات المعلنة من الجماعات الدينية اليهودية المتطرفة التي تستهدف المسجد الأقصى.

12/4/2006 مجموعة من ناشطي "جبهة يهودية قومية" الاستيطانية المتطرفة تحاول الدخول إلى المسجد الأقصى بزعم "تقديم قربان" بمناسبة حلول عيد الفصح العبري، حيث قدِم أولئك المتطرفون ومعهم "جَدي" وأرادوا الوصول إلى باب المغاربة ليذبحوه هناك إلا أن الشرطة منعتهم.

25/5/2006  هيئة الأوقاف الإسلامية في القدس تغلق أبواب المسجد الأقصى المبارك ولا تسمح إلا للمسلمين بالدخول، وتضع حراس المسجد الأقصى في حالة طوارئ قصوى.

13/6/2006 إيهود أولمرت، رئيس وزراء دولة الاحتلال يؤكد خلال كلمةٍ ألقاها أمام البرلمان البريطاني أنّه لن يتنازل عمّا أسماه "جبل الهيكل" أي الجبل الذي يقوم عليه المسجد الأقصى بأيّ شكلٍ من أشكال التفاوض مع الفلسطينيين.

18/6/2006 الشيخ رائد صلاح يكشف النقاب عن قيام دولة الاحتلال بإجراء حفريات جديدة تحت المسجد الأقصى المبارك عمرها أسابيع فقط ويصفها بأنها الأخطر على مستقبل المسجد الأقصى، ويكشف الشيخ صلاح أيضاً عن مخططات وصفقات مشبوهة جديدة تشارك فيها أطراف أوروبية تستهدف اختلاس الأوقاف والمقدسات في القدس.

18/6/2006  دُشن متحفاً جديداً لليهود الزائرين في حائط البراق تحت اسم "سلسلة الأجيال" ويعطي الزائرين انطباعاً عن علاقة الأجيال – ليهودية- بالقدس منذ زمن النبي إبراهيم عليه السلام وحتى يومنا هذا .

30/6/2006 صحيفة "هآرتس" العبرية تكشف النقاب أن سلطة الآثار ستبدأ بحفريات وإزالة السواتر الترابية المؤدية إلى باب المغاربة أحد أبواب المسجد الأقصى.

5/7/2006 المحامي "شموئيل باركوبيتش" من سكان تل أبيب يصدر كتاباً أسماه "كم هذا المكان مهاب" يتحدث عن الهيكل المزعوم وأحقية اليهود ويزعم أن أجزاء من الحائط الغربي "البراق" مسجلة كملك للدولة العبرية في سجل الأراضي اليهودي .

11/7/2006 مواقع إلكترونية في دولة الاحتلال تنشر تقارير تذكر فيها أن حفريات تجري في أنفاق ملاصقة للجدار الغربي للمسجد الأقصى وأنه تم الكشف – كذباً- عن مطهرة من عهد الهيكل الثاني .

11/7/2006 مصادر صحافية يهودية تؤكد البدء بتنفيذ أكبر توسعة في ساحات حائط البراق وذلك بعد استجابة رئيس بلدية القدس أوري لوفوليانسكي لطلب المصليات اليهوديات في حائط البراق بتخصيص مساحة مساوية لهنّ لأداء الصلاة كما هي المساحة المخصصة للرجال.

3/8/2006 المسلمون المرابطون في الأقصى يحبطون محاولة الـمتطرفين اليهود لاقتحام المسجد في ذكرى ما يسمى "خراب الهيكل".

13/8/2006 سلطات الاحتلال تطرح مناقصة لهدم طريق باب المغاربة الملاصق للجدار الغربي للمسجد الأقصى، والمفضي إلى باب المغاربة، الذي يعتبر جزءاً لا يتجزأ من المسجد.

26/12/2006م شرع الاحتلال في إقامة كنيس يهودي على أرض وقف إسلامية قرب المسجد الأقصى  بمساحة تقدر نحو 200 متر مربع في منطقة حمام العين في البلدة القديمة من القدس ، على بعد نحو 50 مترا من المسجد الأقصى المبارك

 

الاعتداءات الديمغرافية :

 

وضمن سياسة الاحتلال لعرب أقل ويهود أكثر في القدس تم إخراج التجمعات الفلسطينية من داخل حدود البلدية عن طريق الجدار الفاصل، ووضع الكتل الاستيطانية والمستوطنين داخل حدود البلدية ، بنهج يندرج ضمن رؤية رئيس الوزراء الصهيوني "إيهود أولمرت" - بصفته أيضا رئيسا سابقا لبلدية القدس - لأن تكون القدس بأقلية عربية لا تتجاوز 12% وأغلبية يهودية تمثل 88% من سكان المدينة.

 

الاعتداءات على حرمات المقابر :

 

ولم يتوقف الصلف اليهودي في القدس عند الأحياء ولكنه طال أيضا الأموات وقبور الصحابة ؛ فأضاف لجرائمه جريمة طالت أشهر مقبرة إسلامية في فلسطين والقدس ، بحجة إقامة متحف والغريب أسموه "متحف التسامح" برعاية سلطة التطوير في بلدية القدس  ، ولم يجدوا لإقامته إلا مقبرة "مأمن الله " التي تقع غربي مدينة القدس القديمة على بعد 2 كم من باب الخليل، وهي أكبر مقبرة إسلامية في القدس وتقدر مساحتها بـ 200 دونماً "-الدونم 1000 متر مربع - ويضم ثراها رفات المجاهدين والعلماء والصالحين من الصحابة والتابعين منذ الفتح الإسلامي إلى الحقب التاريخية التي عقبتها. والعجيب أن يدعي القائمون على المشروع أنه مخصص للترويج وللتفاهم بين الديانات المختلفة والتسامح بينها !!! بكلفة نحو 200 مليون دولار بتمويل مركز سيمون فيزنطال في لوس أنجلوس بالولايات المتحدة ، فوق عظام الموتى المسلمين رفات "الصحابة" كنموذج حي للتسامح !!.                                           

 

محاربة المسكن :

 

فقد شكلت أنظمة التخطيط البلدية عائقاً فولاذياً في الحد من نمو الضواحي الفلسطينية ، وأصبحت أزمة السكن للفلسطينيين في القدس الشرقية خانقة ، حيث مارست سلطات الاحتلال ضغوطاً واسعة في عام 2006 لإجبار أكبر قدر من المواطنين العرب على مغادرتها , ومن أبرز هذه الضغوطات :

  • عدم السماح للمواطنين العرب بالحصول على تراخيص بناء أو ترميم .
  • تحديد البناء بطابقين في الغالب ، بالرغم من ارتفاع عدد السكان .
  • انتهاج سياسة هدم المنازل بغرض ترحيل وتهجير السكان .
  •  تدني مستويات الدخل لدى فئة كبيرة من السكان في البلدة القديمة .
  • مصادرة الأراضي من اجل حرمان مواطني القدس من البناء فيها .
  • عدم توفر فرص أخري للسكن ضمن نطاق القدس  .

 

وتخوف المواطنين المقدسيين من فقدان هويتهم المقدسية ( الزرقاء ) ، دفعهم للصمود في البلدة القديمة وتثبيت حق الإقامة رغم القيود التي تضعها سياسة الاحتلال أمام البناء والترميم,  ومواجهة المخطط الصهيوني الهادف إلى إفراغ المدينة من سكانها متحملين قسوة الحياة في هذه المنازل الضيقة والتالفة.

 

الجدار الفاصل... والتهويد الحاصل :

 

وهو الجدار الذي تم إنشاؤه داخل أراضي الضفة الغربية ليقتطع أجزاء واسعة من الأراضي وليحاصر ويطوق مدن وقرى عديدة في طريقه وإحاطتها بالجدار من كل الجهات لتبدوا على شكل ومعازل وسجون. ومن ضمنها القدس التي أصبحت الآن محاصرة بهذا الجدار الذي يدمر حياة الناس ويمنع تواصلهم ، ( 278 ) ألف نسمة في منطقة القدس فصلوا الآن عن مدينتهم وعن الضفة الغربية ، وعن المعاهد العلمية وعن الجامعات وعن المستشفيات ، وعن إمتدادهم الإسلامي والفلسطيني . أليس هذا الجدار أشد خطورة على القدس والمسجد الأقصى من ممارسات وأفعال اليهود المتطرفين ؟!

 

السياسة التي اتبعتها الحكومة اليهودية في تنفيذ تلك المشاريع :

 

لا شك أن الأوضاع المتشابكة على أرض فلسطين وفرت الفرصة الذهبية للمؤسسات والجماعات اليهودية العاملة على هدم المسجد الأقصى وإقامة المعبد اليهودي على أنقاضه لينفذوا ويسارعوا في تهويد القدس وإقامة المنشآت حول المسجد الأقصى وأسفله لتكون أماكن عبادة ومتاحف ومزارات ليهود العالم والمحتلين في فلسطين ، واتبعت مؤسسات الاحتلال وأذرعها المختلفة أسلوب التكتم على هذه الأعمال وإخفائها لحجب الرؤية لفترة من الزمن ثم إعلانها للجمهور العام . وما زالت القيادة اليهودية تدعم بكل جهد المؤسسات العاملة لهدم المسجد الأقصى خصوصًا أن المتطرفين اليهود يعدون بناء الهيكل قبل عام 2007 حتمية دينية إن لم ينفذوها سينالهم "غضب الله"!!

 

" مسيرة الأبواب مستمرة " :

 

وما زالت "مسيرة الأبواب" مستمرة والتي تنظمها مجموعات يهودية على رأس كل شهر عبري يتجمعون بالقرب من ساحة البراق ، وتقوم بمسيرة حول أسوار المسجد الأقصى وبوابته الرئيسية، يشارك فيها المئات وأحيانا الآلاف ، يرفعون خلال مسيرتهم شعارات " فليبن الهيكل .. وليهدم المسجد " و " فليبنى الهيكل .. وليحرق المسجد"، وتوزع الكتب والأدبيات حول أهمية بناء الهيكل الثالث ، من منطلقات عقائدية  ، مع العلم أن  جهاز المخابرات الصهيوني هو الذي أعطى الموافقة لتلك المسيرات ، وكذلك دخول اليهود إلى المسجد الأقصى. كما أن حركة "السلام الآن" نشرت على موقعها على الإنترنت تقريراً تُحذر فيه من مغبة ترك الحكومة "الحبل على الغارب" للمتطرفين اليهود لتنفيذ مخططهم، الذي وصفته بالجنوني، مؤكدة على أنه سيؤدي إلى إحراق المنطقة بأكملها، ويخرج المارد الإسلامي.

 

مطالبات من يسمعها؟!

 

وقد طالبت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) بحماية الهوية العربية والإسلامية لمدينة القدس ؛ من خلال متابعة تنفيذ البرامج والأنشطة الموجهة لفائدة المؤسسات التربوية والعلمية والثقافية في القدس.

وأكدت المنظمة الإسلامية " أن القدس عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة، وحذرت من أية محاولة لانتقاص السيادة الفلسطينية عليها، وأكدت بطلان جميع الإجراءات والممارسات الاستيطانية في القدس؛ وذلك انسجامًا مع قرارات الشرعية الدولية والمواثيق والأعراف الدولية التي تعد كل التدابير والإجراءات التشريعية والإدارية والاستيطانية الصهيونية الرامية إلى تغيير الوضع القانوني والديموجرافي والعمراني والتراثي والحضاري للقدس باطلة ومخالفة لقرارات الشرعية الدولية ".

ولا شك أن مدينة القدس في نظر القانون الدولي , هي جزء لا يتجزأ من الضفة الغربية، وان ضمها وعزلها من قبل إسرائيل يعتبر أمرا غير شرعي ومخالف للقرارات الدولية المتعلقة بالقدس , ومن هنا تكمن أهمية وضرورة تكاثف الجهود الفلسطينية والمؤسسات الحقوقية والقانونية فلسطينياً وعربياً لتوعية المواطنين بحقوقهم ومتابعتها , بعدما أصبحت حياتهم في المدينة أكثر خطورة مما هي باقي المدن الفلسطينية حيث يعانون من أساليب متعددة ومطاردة في كافة مجالات الحياة من قبل سلطات الاحتلال التي تستهدف اقتلاعهم من مدينتهم لتغيير الواقع الديمغرافي لصالح المشروع الاستعماري الصهيوني.

                  

عيسى القدومي

 

.