القدس والأقصى / خطب مقدسية
إنهاء الانقسام واجب شرعي ومطلب شعبي
إنهاء الانقسام واجب شرعي ومطلب شعبي
مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية__فرع غزة__الشيخ تميم شبير مدير مركز رواد بيت المقدس .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه أجمعين .
ثم أما بعد:-
لا يخفى على كل حصيف غيور ، وعلى كل كيسٍ فطِنٍ وقور أهميةُ وحدة الكلمة على كلمة التوحيد ، وضرورة تأليف القلوب على منهج الحميد المجيد ووجوب إنهاء الانقسام ، وإصلاح ذات البين وفق منهج القرآن والسنة السديد الرشيد ؛ إذ أن الإسلام جاء بالاجتماع والائتلاف ونبذ التفرق والاختلاف وقد تعالت أصوات العلماء ، وأرعدت حناجر الخطباء ، وانبرت أقلام النبلاء وتنادى العقلاء والحكماء بضرورة إنهاء الانقسام بين الأخوة على ارض الإسراء استجابةً لشرع الله ، ورعايةً لمصالح الأٌمة ، وإغاظةً وترغيماً للصهاينة الأعداء ، والمحتلين الأَلِداء ، والذين يرموننا عن قوسٍ واحدة ، ولا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة، ويسعون في الأرض فساداً ، فما فتئوا حريصين على الوقيعة بين المسلمين وتمزيق شملهم وتأجيج نار الفرقة والعداوة والبغضاء والفتنة والشحناء فيما بينهم من لدن شاس بن قيس اللعين إلى أجهزة الموساد التي أوقعت الفتنة بأهل فلسطين ، وقد حذر الله من سوء كيدهم ومكرهم المؤمنين فقال تعالى :"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ{100}وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ {101}" آل عمران وإزاء التصعيدات بشن حرب نازية جديدة على قطاع غزة وبينما المسلمون منشغلون بنزاعات أهلية وخلافات داخلية وأجندات حزبية وأهواء دنيوية ، ومصالح شخصية ، ومشاكل عائلية ، بينما ينفرد اليهود تهويداً للحجر والشجر والبشر ، وبناء لوحدات سكنية ومستخربات ومستدمرات جديدة بالقدس، واغتيالاً للمجاهدين والمرابطين ، وإحكاماً للحصار على غزة ، وإذكاءً للفرقة والانقسام بين جناحي الوطن في الضفة وغزة ، وتحريضاً صريحاً على التزام الكيان الصهيوني بتوسيع هوة الخلاف مما يضعف القضية الفلسطينية ويوفر أجواء الأمن والراحة لليهود .
ونؤكد في هذا المقام بأن إنهاء الانقسام واجب شرعي تطبيقاً للنصوص الشرعية وتحقيقاً للمقاصد المعتبرة المرعية .
وقد أرسل الله سبحانه وتعالى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بالهدي ودين الحق هادياً ومبشراً ونذيرً ومرشداً ومعلماً ومصلحاً جامعاً لا مفرقاً فجمع العرب المتناحرين المتفرقين رعاة الغنم ، حتى أضحوا سادة الأمم وكان أعظم ما امتن الله به عليهم اجتماع كلمتهم وتأليف قلوبهم قال تعالى :" وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً{103} "آل عمران
وقال تعالى :" هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63)"الأنفال
وقد أمر الله تعالى بالاعتصام والوحدة ونهى عن التنازع والفرقة قال تعالى :" وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا"آل عمران{103}
وقال تعالى :" وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ"آل عمران {105}
وقال تعالى:" وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ " الأنفال { 46}
وقال صلى الله عليه وسلم :"إن الله يرضى لكم ثلاثاً:أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم " رواه مسلم .
وقد بين الله خصائص المجتمع المؤمن المؤتلف المتعاون على البر والتقوى
فقال تعالى :" إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ" الحجرات{10}
وقال تعالى:" مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّار ِرُحَمَاء بَيْنَهُمْ"الفتح{29}
وقال تعالى:" أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ"المائدة{54}
وما أجمل الأمة المؤمنة المنصورة التي تجتمع على قلب رجل واحد لتجعل نكايتها بأعداء الأمة ففي الصحيحين عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى "
وفيهما عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :"المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا. وشبك بين أصابعه ".
وفيهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال فيلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام ".
وقال صلى الله عليه وسلم :"المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه " رواه مسلم .
كما حذر من الانقسام وفساد ذات البين فقال :" إياكم وفساد ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة "صححه الألباني . والأدلة الشرعية على وجوب إنهاء الانقسام والفرقة كثيرة ومتضافرة سنية والمقاصد العائدة على الأمة ببركة وحدة صفها واجتماع كلمتها عظيمة واضحة جليلة فلا يخفى على أحد أم وحدة الأمة الإسلامية أساس قوتها ومنعتِها ومهابتِها وطريقها إلى النصر والتمكين وإزالة الاحتلال الغاشم اللعين وفك الأسرى والمساجين ، وتطهير المسرى القبلة الأولى للمسلمين .
فالاتحاد قوة ومتانة والتفرق ضعف ومهانة ....
تأبي الرماح إذا اجتمعن تكسرا فإذا افترقن تكسرت آحادا
أخاك أخاك إن من لا أخ له كساعٍ إلى الهيجا بغير سلاح ِ
وأعداء الأمة لا يألون جهداً في تطبيق قاعدة "فَرق تَسُد "
فالحذر الحذر ، والنجاء النجاء ، والله الله في هذه الأمة إن الله سائلكم عن هذه الأمة المنقسمة المضيعة استشعروا مسؤوليتكم أمام الله ، وتذكروا قول الله تعالى :" اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ (4)"الصف.
اللهم اجمع على الحق كلمتنا ، وألف بين بالحق بين قلوبنا وأعز الإسلام والمسلمين ، وأعل بفضلك كلمة الحق والدين وحرر أقصانا يا قوي يا متين .