دراسات وتوثيقات / دراسات وبحوث
الفلاشاه : تاريخ وواقع وهوية.
" الفلاشاه " كلمة أمهرية تعني " المنفيين " كما أنها تعني أيضاً " غريب الأطوار " وأصل الكلمة يعود إلى الجذر " فلاشا " في اللغة الجعزية " ويعني " يهاجر " أو " يهيم على وجهه " ويستخدم أهل إثيوبيا الكلمة للإشارة إلى جماعة أفريقية تدين بشكل من أشكال اليهودية وهي لا تنتمي إلى أي من الكتل اليهودية الكبرى الثلاث : الأشكناز والسفارد ويهود العالم الإسلامي .
وأصول الفلاشاه ليست سامية خالصة ، ويقال إن عبد الله بن سبأ من أصل فلاشي ، وهناك رأي يذهب إلى أن أصلهم يرجع إلى جماعة من اليهود استوطنوا إثيوبيا بشكل دائم . ويقال إن عدد الفلاشاه كان كبيراً قبل أن تعتنق أسرة إكسوم الحاكمة الديانة النصرانية في القرن الرابع ، وبعد هذا التحول إلى النصرانية نشبت صراعات حادة وحروب عديدة بينهم وبين جيرانهم النصارى .
ولا يعرف عدد الفلاشاه على وجه الدقة وإن كان قد قدر عددهم في بداية القرن الثامن عشر بمائة ألف بل إن أحد أعضاء الإرساليات قدره بربع المليون ولكن مع بداية القرن العشرين وصل عددهم إلى خمسين ألفاً على أحسن تقدير وإلى سبعة آلاف حسب تقديرات عام 1976 وصل عددهم نحو 28 ألفاً موجودين في 490 قرية مختلفة .
ويتركز الفلاشاه أساساً في شمال إثيوبيا في المنطقة الواقعة بين نهر نازي في الشمال والشرق وبحيرة تانا والنيل الأزرق في الجنوب ، والحدود السودانية في الغرب ، وهم يعيشون في قرى صغيرة مقصورة عليهم تضم كل قرية نحو خمسين أو ستين عائلة .
وتوجد قرى الفلاشاه عادة على قمة أحد التلال القريبة من النهر وتتكون كل قرية من مجموعة من الأكواخ المستديرة يغطيها القش ويخصص أحد الأكواخ معبداً لهم ، كما يخصص كوخان آخران بعيدان عن القرية لعزل النساء وقت الطمث وبعد الإنجاب .
ولا تختلف ملامح الفلاشاه كثيراً عن ملامح غيرهم من الإثيوبيين ، كما لا يمكن الحديث عن نمط فلاشي متميز ، ولذا لا توجد اختلافات في لون الجلد وملامح الوجه ولا يختلف أسلوب حياتهم من معظم الوجوه عن أسلوب حياة جيرانهم كما إنهم يرتدون نمط الثياب نفسه ويأتزرون بالعباءة المسماة " الشامة " وهم يعملون أساساً بالزراعة كعمال أجراء ، كما يعملون في بعض الحرف الأخرى مثل صناعة الفخار والغزل والنسيج وصنع السلاسل ، كما يعملون حدادين وصياغة وحائكي ملابس ، ويعمل كثير منهم الآن بحرفة البناء في المدن .
والفلاشاه يجهلون العبرية تماماً ، فمعرفتهم بها مقصورة على بضع كلمات لا يدركون هم أنفسهم أنها من هذه اللغة ، ويضم أدب الفلاشاة عدة كتب موجودة على هيئة مخطوطات ، ومن الطريف أن بعض هذه الكتب متداول بين اليهود والنصارى في آن واحد ، بل إن بعض الكتب اليهودية تضم أشعاراً من العهد الجديد.
ويمارس الفلاشاه عادة الزار لطرد الأرواح ويقال إن هذه الطقوس بدأت في إثيوبيا وانتشرت منها إلى بعض بلاد المشرق العربي كما أنهم يقومون بصنع الاحجبة والتعاويذ اتقاء للعيون الشريرة وبسبب اشتغالهم حدادين يعتبرهم أهل القرى من السحرة .
وتعرف الموسوعة اليهودية الفلاشاة : " الفلاشاه جماعة إثنية في إثيوبيا تزعم أنها من أصل يهودي ومرتبطة بنوع من أنواع الديانة اليهودية يستند إلى العهد القديم والكتب الخارجية - أي الكتب غير المعتمدة والكتب الدينية الأخرى التي ظهرت بعد الانتهاء من تدوين العهد القديم - " .
ومن هذا التعريف يرى أنهم من أصول إثنية ليست بالضرورة يهودية ، وأنهم ليسوا يهوداً وإن كانوا " يزعمون " أنهم من أصول يهودية ، كما أن ما يعرفونه عن اليهودية يختلف عن اليهودية التي يتبعها معظم يهود العالم والسائدة في الكيان اليهودي .
ويرى بعض المتخصصين في مجتمع الفلاشاه أنهم من قبيلة الأجاو ، وأنهم عرق إثيوبي صاف ، أما تقاليدهم وعاداتهم فتشمل خليطاً من المعتقدات والطقوس الوثنية واليهودية والنصرانية وربما الإسلامية ، وقد نفى أحد المؤرخين صفة اليهودية عنهم ووصفهم بأنهم نصارى تمسكوا لسبب أو آخر بالعهد القديم بدلاً من العهد الجديد ، ولهذا يرى أن علاقات الفلاشاه الحضارية والعرقية مع جيرانهم النصارى الإثيوبيين ، تتخطى تلك التي يشاركون بها يهود العالم .
والسؤال الذي يطرح نفسه : في أي شيء تختلف يهودية الفلاشاه عن اليهودية الحاخامية ؟ عبادة الفلاشاه تستند إلى العهد القديم الذي لا يعرفونه إلا باللغة الجعزية – لغة الكنيسة الإثيوبية - ويضم العهد القديم الذي يعرفونه كل الكتب المعتمدة وبعض كتب "الأبوكريفا" غير المعتمدة مثل : كتاب يهوديت ، وحكمة سليمان ، وحكمة بن صيرا ، وكتاب المكابيين الأول والثاني ، وكتاب باروخ ، ولم يصل التلمود إلى الفلاشاه ، وغني عن الذكر أن التلمود هو عمود اليهودية الحاخامية الفقري وعصبها ، وعدم الاعتراف به ينطوي على عدم اعتراف بها .
والفلاشاه ليس لديهم حاخامات وإنما قساوسة يطلق على واحدهم لفظة " قس " ، كما أنهم ينتسبون ، مثل الكهنة القدامي في يهودية ما قبل التهجير ، إلى هارون ، وينتخب الكهنة في كل منطقة كاهناً أعظم لهم لكي يصبح زعيماً دينياً للجماعة ويصبح من صلاحياته ترسيم الكهنة .
ويقدم الكهنة القرابين في المناسبات الدينية المختلفة ، ويعيش بعض هؤلاء الكهنة في الأديرة رهباناً وراهبات على النمط النصراني ويطلق عليهم لقب " ناذيز " وهي لفظة عبرية تعني " الذي نذر نفسه للشعائر الدينية وانقطع لها" ، كما أن البعض الآخر يعيش على طريقة النساك في الغابات والصحارى وعلى حواف القرى.
ومن الطريف أن عادة الاعتراف النصرانية موجودة عند الفلاشاه فهم يدلون باعترافاتهم إلى الكاهن من آونة إلى أخرى وعند نهاية اليوم ، وإلى جانب الرهبان والكهنة ، يوجد علماء يستخدمون صحن المعبد لتعليم الدين .
ويقيم الفلاشاه شعائر يوم السبت بصرامة غير عادية ، فيمتنعون عن الجماع في ذلك اليوم ، ويقضي الرجال يومهم في الصلاة ، لكن التحريمات الخاصة به مختلفة من بعض الوجوه عن تحريمات اليهود الأرثوذكس .
وتتبدى مغالاة الفلاشاه في قوانين الطهارة في تعاملهم مع النساء ، فبعد أن تلد المرأة ولداً ، فإنها تعد غير طاهرة مدة أربعين يوماً ، وإن وضعت بنتاً ، فإن المدة تتضاعف ، وبعد نهاية المدة تحلق المرأة شعر رأسها وتغطس في الماء وتغسل ملابسها قبل أن تعود إلى منزلها وأحياناً يحرق الكوخ الذي قضت فيه فترة العزل .
ويؤمن الفلاشاه بإله واحد ويؤمنون بالبعث واليوم الآخر والثواب والعقاب ، كما يؤمنون بعقائد اليهود الأخرى كإيمانهم بأنهم من الشعب المختار وأنه سيظهر بينهم المسيح وقد حدث عام 1862 م أثناء حكم الإمبراطور "تيودور الثاني " أن ظهر رجل دجال ادعى أنه المسيح ، وأقنع الفلاشاه بالعودة إلى أرض الميعاد سيراً على الأقدام ولكن معظمهم مات في الطريق .
ويبدو أن بعض الفلاشاة ممن تقع قراهم قريبة من القرى المسلمة قد تأثروا بعقيدة المسلمين ، وربما كان بعضهم مسلما بالفعل ، إذ ذكرت الصحف اليهودية أن بعضهم قد اعتنق الإسلام في الكيان اليهودي ، كما أوردت أن بعضهم أثناء زيارة حائط البراق – والذي يطلق عليه اليهود حائط المبكى - سمع صوت الأذان فاتجه إلى المسجد لإقامة الصلاة ، وذكرت إحدى الصحف في الكيان اليهودي أن بعضهم أقام الصلاة على طريقة المسلمين في المطار فور وصوله إلى الكيان اليهودي وقد وصفتهم الصحيفة بأنهم " فلاشاه سنيون "!! .
وقد تكون هذه الطبيعة المختلطة لهوية الفلاشاه هي ما حدا بأحد المسئولين في الوكالة اليهودية في أوائل الخمسينيات إلى أن ينصح الذين فكروا منهم في الهجرة بالتنصر وحل مشكلتهم بهذه الطريقة بدلاً من الهجرة إلى الكيان اليهودي .
ومع هذا فقد تم تهجيرهم باسم الهوية اليهودية العالمية وبذلك فقدوا هويتهم الأفريقية ولم يكتسبوا هوية جديدة ، لأن المجتمع ينظر إليهم بعين الشك بسبب لون جلدهم وتوجههم الثقافي بل ومعتقداتهم الدينية ، حيث شككت دار الحاخامية في يهوديتهم .
تهجير الفلاشاه :
ابتداء من عام 1973م حدث تحول في الموقف اليهودي تجاه الفلاشاه ، فقد أعلن الحاخام شلومو غورن أن أعضاء هذه الجماعة اليهودية هم في الواقع من أحفاد قبيلة دان ومن ثم فهم يهود حقيقيون ، وقد طبق عليهم قانون العودة - بعد أن كانت الوكالة اليهودية تنصحهم بالتنصر - وبدأت عملية التهجير حوالي 1977 فكانت تصل بضع مئات ، وحينما قامت الثورة الإثيوبية ، توقفت العملية ثم استمرت بشكل سري ، ثم وضع مخطط التهجير في أواخر السبعينيات وفي عام 1984نفذ مخطط التهجير على نطاق واسع فيما عرف باسم " عملية موسى " إذ تم نقل حوالي 12 ألف إثيوبي في جسر جوي سري عبر السودان ( كان عدد المهجرين الإجمالي في هذه الفترة 14037 ) وقد تمت العملية في سرية كاملة حيث فرض تعتيم إعلامي كامل ، إلى أن نشرت إحدى نشرات المستوطنين اليهود في الضفة الغربية ( نكوداه ) أن معظم يهود إثيوبيا موجودون في "إسرائيل" ، ويقال إن تسريب نبأ هجرة يهود الفلاشاه قام به موظف كبير من حزب "المفدال الديني" بهدف وقف الهجرة وهو ما يدل على وجود انقسام في الأوساط اليهودية حيال هذه العملية ، وكانت حكومة الولايات المتحدة من أكثر الحكومات حماساً ، حيث خصص صندوق اللاجئين التابع لحكومات الولايات المتحدة 15 مليون دولار لاستيعاب المهاجرين ، وبلغت تكاليف عملية موسى مائة مليون دولار قامت جماعات يهودية أمريكية بتغطيتها .
كما تمت عملية أخرى باسم " عملية سليمان " في مايو 1991 بعد سقوط نظام منجستو وتم فيها نقل 19879 من الفلاشاه بواسطة جسر جوي بين أديس أبابا وتل أبيب شمل أربعين رحلة مكوكية .
كما هجر 3500 منهم عام 1992 ( إذا أضفنا لهؤلاء عدد 6422 وهم أبناء الفلاشاه المولودون في إسرائيل فإن إجمالي عددهم يصل إلى 51429 ) .
لقد أسلفنا أن الحاخامية في الكيان اليهودي اعترفت بالفلاشاه كيهود تمهيداً لعملية التهجير ، ومع هذا ، لم يكن الاعتراف بهم كاملاً ، فيهوديتهم حسب التصور الديني ناقصة ، ولذا ، طلب منهم عند وصولهم أن يعاد تختينهم ، وأن يأخذوا حماماً طقوسياً لتطهيرهم ولوحظ أنه لا تصدر لهم بطاقة هوية إلا بعد هذه الطقوس ، بل ويتسلمها بعضهم دون تحديد الديانة حتى بعد الختان والاستحمام الطقوسي ، ومن الطريف أن هؤلاء الفلاشاه المشكوك في يهوديتهم ذهلوا من علمانية المجتمع الصهيوني وعدم حرصه على الشعائر اليهودية إذ لاحظوا أن يهود الكيان اليهودي لا يلتزمون بشعائر السبت .
ورفضت مدينة إيلات ( عدد سكانها عشرون ألفاً ) تزويد المستوطنين الفلاشاه بالماء والكهرباء ، كما رفض المجلس المحلي لمستوطنة يروحام إدخال الفلاشاه إليها .
وفي صفد تظاهر السكان ضد إعطاء المهاجرين من إثيوبيا بيوتاً ، كما هدد أولياء أمور الطلاب في المدارس الدينية بالامتناع عن إرسال أطفالهم إليها إذا استمر أطفال الفلاشاه معهم ، وشكا رئيسا بلدية عكا ونهاريا من توطين الفلاشاه في بلديتهما بحجة أن هذه مدن اصطياف سياحية ووجود الفلاشاه لا يساعد كثيراً على اجتذاب السياح ، فهو يخلق التوتر ويزيد تفاقم ظاهرة العنصرية في المدينة .
وأكبر دليل على فشل عملية الاستيعاب تلك الأخبار التي نشرتها الصحافة اليهودية عن حوادث الانتحار الفعلية وعن محاولات الانتحار العديدة التي قام بها يهود الفلاشاه ، وعن تهديدهم بالانتحار الجماعي ، وقد أنشأ بعض اليهود منظمة "مهاجري إثيوبيا" لا لتسهيل استيعابهم وتوطينهم بل للعمل على تهجير جزء منهم إلى كندا .
ويمكن طرح السؤال التالي : ما الذي يمكن أن يربحه الكيان اليهودي من تهجير ما بين 25 – 35 ألف يهودي من إثيوبيا ( العدد الكلي للفلاشاه في الكيان اليهودي ) ، خصوصاً أنها كانت تدرك بعض المشاكل التي ستنجم عن هذه الهجرة؟ يمكننا ابتداءًا استيعاب العنصر الإنساني ، فلو كان الدافع إنسانياً لانصب اهتمام الكيان الصهيوني على تحسين أحوالهم في بلادهم ، وعلى الدفاع عن حقوقهم هناك ولشمل كل ضحايا المجاعة في إثيوبيا ، ولعل أول الدوافع الحقيقية هو الدافع المالي ، فالقصص المثيرة عن تدهور حال يهود إثيوبيا تؤدي إلى تدفق التبرعات .
كما أن هناك مردوداً إعلامياً ، فالكيان اليهودي دولة معروفة للعالم الغربي بعنصريتها ، ولذا فإن إنقاذ يهود الفلاشاه ( السود الأفارقة ) قد يحسن صورتها بعض الشيء !!.
وهذه الدوافع المادية والإعلامية ، دوافع حقيقية ولكنها سطحية ، أما الدافع الحقيقي الكامن وراء تهجير الفلاشاه فهو أزمة الكيان اليهودي العقائدية والسكانية العميقة ، فالكيان اليهودي يعاني من نضوب مصادر الهجرة اليهودية ، إذ أن يهود الغرب المتحمسين يكتفون بإرسال الشيكات وبرقيات التأييد الحارة ولا يهاجر منهم إلا القليل النادر .
أما يهود الاتحاد السوفيتي فهم بالمثل يؤثرون الهجرة إلى الولايات المتحدة ، لكن العنصر البشري أساسي بالنسبة للاستعمار الاستيطاني الإحلالي والفلاشاه سيساهمون بلا شك في سد هذا العجز ، وسيساعدون آلة الاستيطان والحرب على الاستمرار . كما أن الفلاشاه زراع مهرة وقد يمكنهم زراعة الأرض الفلسطينية التي استولت عليها الكيان اليهودي ، خصوصاً بعد انصرف المستوطنين الصهاينة عن فلاحتها ، وتعاني المؤسسات الزراعية اليهودية من ندرة الأيدي العاملة اليهودية وتضطر إلى استئجار عمالة عربية ، وقد يبطئ وجود الفلاشاه هذه العملية قليلاً .
وينتشر الفلاشاه في داخل أراضي فلسطين المحتلة منذ بداية عام 1948 ، كما ينتشرون في الأراضي العربية المحتلة بعد عام 1967م وأكبر تركيز لهم ( في الضفة الغربية المحتلة ) في مستوطنة كريات أربع قرب الخليل ، وفي مناطق الجليل والجليل الأعلى ( مدينة صفد ) ويتركز عدد لا بأس به منهم في مدينة عسقلان أما الباقون فهم موزعون على الضواحي الاستيطانية حول مدينة القدس مثل راموت وبيت مئير وتلة زئيف .
وقد نشبت أزمة مؤخراً حين كُشف النقاب عن أن بنك الدم في الكيان اليهودي قد أخذ يتخل بالتدريج من مخزون الدم الذي يتبرع به يهود الفلاشاه خوفاً من أن تكون هذه الكميات ملوثة بفيروس مرض الإيدز وأيد وزير الصحة الإجراءات التي يقوم بها البنك .
الفلاشاه مورا :
" فلاشاه مورا " جماعة قبلية في إثيوبيا يقال لها أيضاً " فلاش مورا "، وكلمة "فلاشاه" كلمة أمهرية تطلق على يهود إثيوبيا ، وتعني " الغرباء " أما " مورا " فيبدو أنها تعني "الأغيار " أي غير اليهود . ويطلق الاصطلاح على يهود الفلاشاه الذين تنصروا على يد المنصريين وهم ينقسمون إلى قسمين :
1. فلاشاه تنصروا منذ حوالي قرنين من الزمان .
2. فلاشاه تنصروا منذ ثلاثين عاماً .
ويمكن تقسيمهم أيضاً على أساس معدلات الاندماج إلى قسمين :
1. فلاشاه تنصروا واحتفظوا باستقلالهم كجماعة يهودية متنصرة .
2. فلاشاه تنصروا واندمجوا في مجتمع الأغلبية .
وتميل الصحافة اليهودية الآن إلى الإشارة إلى الفلاشاه مورا باعتبارهم " يهود مارانو " أي اليهود المتخفين ، وهو اصطلاح يطلق في الأدبيات اليهودية على يهود إسبانيا الذين يقال إنهم أجبروا على ترك عقيدتهم وتبني العقيدة الكاثوليكية ، فتظاهروا بأنهم كاثوليك واستمروا في ممارسة هذه الشعائر حتى الوقت الحاضر . ويبلغ عدد الفلاشاه مورا 175 ألفاً ، منهم 15 ألفاً ممن تنصروا واحتفظوا باستقلالهم كجماعة فلاشية متنصرة . وهناك 60 ألفاً تنصروا واندمجوا في المجتمع المسيحي ، وكل ما يربطهم باليهودية جذورهم الفلاشية.
وقد بدأ الحديث عن تهجير الفلاشاه مورا إلى الكيان اليهودي ( مع حوالي ثلاثة آلاف يهودي من يهود الفلاشاه الذين لا يزالون موجودين في إثيوبيا ) لكن المؤسسة الحاخامية اعترضت بطبيعة الحال ، على تهجير هؤلاء لأنهم ليسوا يهوداً ، وذلك بعد أن كانت قد اعترضت في بداية الأمر على تهجير الفلاشاه ذاتهم ، بدعوى أن اليهودية التي يؤمنون بها غير تلمودية وغير حاخامية وتضم شعائر لا مثيل لها بين يهود العالم ، بل وتنطوي على عناصر نصرانية ووثنية ومن المعروف أن قانون العودة في الكيان اليهودي لا يسمح بهجرة من يعتنق ديناً آخر حتى ولو ولد يهودياً . ولذا ، فحينما تجمع ثلاثة آلاف من الفلاشاه مورا ليهاجروا مع الفلاشاه ، لم يسمح لهم بالهجرة ونصحوا بالعودة إلى ديارهم .
وتشير المؤسسة الحاخامية ( وكل من يعارض هجرة الفلاشاه مورا ) إلى أن هؤلاء لم يتنصروا قسراً ، وأنهم تحولوا عن يهوديتهم لتحقيق المغانم الاقتصادية والحراك الاجتماعي وللاستفادة من المعونات المالية التي يقدمها المنصرون . كما يؤكد أصحاب هذا الرأي أن الفلاشاه مورا يودون الهجرة إلى الكيان اليهودي للأسباب نفسها ومن ثم فإن دوافعهم ليست دينية فهم إذن مرتزقة .
يهود الفالاشا واندماجهم في الكيان اليهودي :
وفي تقرير رسمي اعد لحساب وزارة الاستيعاب ونشر في 17/نوفمبر 1999م أن اليهود الاثيوبيين (الفالاشا) ال74 ألفا المقيمين في الكيان اليهودي لا يزالون يواجهون مشاكل كبيرة في الاندماج في المجتمع ، مع أن قسما كبيرا منهم يقيم في البلاد منذ اكثر من 15 سنة أو ولد فيها.
وأظهر التقرير الذي أن 45% من اليهود من اصل أثيوبي يعجز عن إجراء حديث بسيط بالعبرية و75 % منهم لا يحسنون الكتابة.
ولا تزال 1104 عائلة تقيم في عربات نقالة في مراكز الاستيعاب بعد سنوات عديدة على وصولها إلى الكيان اليهودي .
ويشكل الجيش عاملا جيدا للاستيعاب واستقطاب الفالاشا، حيث أن 97% من الاثويبيين الشباب يقومون بالخدمة العسكرية ، ويضم الجيش 55 ضابطا من اصل أثيوبي.
وقد هاجر نحو 60 ألف يهودي أثيوبي إلى الكيان اليهودي خلال عمليتي "موسى" (1985) و"سليمان" (1991) عندما أقام الكيان اليهودي جسرين جويين لنقل اليهود الفالاشا.
ولا يزال اليهود الأثيوبيون الفالاشا الذين نقلوا إلى فلسطين المحتلة في الثمانينيات يجاهدون للتكيّف مع المجتمع "اليهودي" الغربي المعاصر، وتحقيق المساواة الاجتماعية والسياسية الذي لم يتحقق للفالاشا.
وقال شلومو مولا المسؤول عن الأثيوبيين في وزارة الهجرة والاستيعاب "لا يوجد اندماج سياسي او مهني"، رغم أن اليهود الأثيوبيين قد وعدوا بأرض الميعاد، وبحياة خالية من الفقر، يرى هؤلاء، عبر التظاهرات الكثيرة التي نظموها، انهم خسروا بيئة اجتماعية عاشوا فيها مئات السنين واندمجوا فيها، وتمتعوا باحترام لم يتمتعوا فيه في… ارض الميعاد الصهيونية.
هجرة جديدة ليهود الفالاشا :
وأعطت حكومة الكيان اليهودي في 16 فبراير 2003 م الضوء الأخضر لهجرة حوالي عشرين ألفا من الأثيوبيين اليهود، معظمهم من الفالاشاه مورا أي الأثيوبيين اليهود الذين اجبروا علي اعتناق النصرانية القرن الماضي.
وقال الناطق باسم وزارة الداخلية اليهودية " توفا الينسون " لوكالة " فرانس برس" أن الحكومة وافقت بالإجماع علي هذه المسألة اثر اقتراح قدمه وزير الداخلية ايلي يشائي .
وقالت مصادر في وزارة الداخلية أن قرار الحكومة يتعلق بانتقال 17 ألفا من أفراد مجموعة الفالاشمورا، الأثيوبيين اليهود الذين اجبروا علي اعتناق النصرانية في القرن الماضي وثلاثة آلاف آخرين من الأثيوبيين اليهود (الفالاشا) المنتشرين في قري متفرقة داخل أثيوبيا.
وأضافت هذه المصادر أن موفدين من وزارة الداخلية اليهودية وممثلين عن الحاخامية توجهوا إلى أثيوبيا من اجل الإعداد لرحيل هؤلاء المهاجرين إلى الكيان اليهودي .
وينص القانون الموضوع من الحاخامية والذي يرعي مسألة الهجرة، علي أن كل إنسان مولود من أم يهودية هو يهودي ، ووصل إلى الكيان اليهودي 2246 مهاجرا من أثيوبيا في العام 2000 و3298 في 2001 و2693 في 2002، وفق ما تفيد أرقام وزارة الهجرة في الكيان اليهودي .
ومع ذلك سيبقى يهود الفالاشا موضع جدل في الكيان اليهودي من حيث حقيقة يهوديتهم ، واندماجهم مع مجتمع شتات اليهود على أرض فلسطين ، وارتباطهم في الأرض التي هُجروا إليها .
.