فلسطين التاريخ / الواقع والمأمول
ذبح الرضع في عقيدة يهود
ذبح الرضع في عقيدة يهود
مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية ـ غزة ـ محمد الناجي
كشف النقاب وأزيل القناع في الأيام الماضية عن إحدى الجرائم الصهيونية التي مارسها الجيش الصهيوني في قطاع غزة إبان الحرب التي شنها العدو الصهيوني على أهلنا الصابرين في قطاع غزة , وتتمثل تلك الجريمة بقيام جنود الاحتلال بإجبار طفلين فلسطينيين بتفتيش شراك خداعية , وحقائب اشتبه بأنها كانت تحتوي على متفجرات , وهذا الفعل له من السوابق ما لا يكاد يحصى .
وهذا الأمر الخطير ليس بالجديد على الكيان الصهيوني فقتل الأطفال يجري في دم الجبناء .
فقد تواردت الأنباء في الأيام الماضية من شهادة مخرج هولندي بأنه شاهد رئيس وزراء دولة الاحتلال الصهيوني الأسبق السفاح أرئيل شارون يطلق النار على طفلين ويقتلهما بدم بارد في عام 1982 في مجزرة صبرا وشاتيلا وكان حينها وزيراً للحرب الصهيوني.
أضف إلى ذلك توجيه جنود الاحتلال المدججين بالسلاح أفواه البنادق نحو وجوه وصدور الأطفال , بالإضافة إلى قيام جنود الاحتلال الصهيوني بالتبول على جسد طفلين قاصرين من رام الله وإجبارهما على شرب ماء المراحيض وهما عاريان بعد اعتقالهما والتنكيل بهما والسخرية والاستهزاء بهما ـ وهذا غيض من فيض ـ.
إن هذه الأفعال الإجرامية الذي كشف عنه مؤخراً وما سيكشف عنه لاحقاً في الأيام القليلة القادمة له ارتباط وثيق بعقيدة اليهود القائمة على القتل والإبادة ؛ إذ إن القتل والإبادة والحقد والبغض والكراهية والعداء سمة متأصلة في نفوس وجذور اليهود , والفتاوى التي يصدرها كبار حاخاماتهم والتشريعات التي يسنها قادة دولة الاحتلال الصهيوني خير شاهد على ذلك .
ولقد أضحى الحاخامات يمثلون سلطة لوحدهم بعد أن تغلغلوا في شتى نواحي الحياة ، وبات من المستحيل ومن غير الواقعي تهميش دورهم , وفرضوا كلمتهم العليا التي يخشاها أشد الصهاينة تطرفاً وغلواً ودموية ، وبات كبار الساسة في دولة الاحتلال الصهيوني يعملون ألف حساب لأولئك الحاخامات , فالكل يذكر عندما ذهب وزير الحرب الصهيوني الحالي ورئيس حزب العمل " أيهود باراك " إلى كامب ديفيد الثانية خائفاً من فتوى حاخامية بهدر دمه لو فرط في أراض لصالح الفلسطينيين، وظل يطارده شبح مصرع أستاذه رابين - الذي قتله يهودي متطرف - يطارده أثناء المباحثات والمفاوضات التي كانت تدور بين الكيان الصهيوني من جانب وبين منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية من جانب آخر.
وكذلك السفاح " أرئيل شارون " الرجل العسكري الفذ ـ كما يحلو للبعض أن يصفه ـ وهو الذي خاض الحروب وسفك الدماء وانتهك الأعراض لم ينس طيلة حياته التدليس للحاخامات، وفي آخر خطاب له قبل سقوطه بجلطة دماغية استهلها بآية من العهد القديم قائلاً: "لو نسيتك يا أورشليم.. تقطع يميني".
فالحاخامات هم المسيطرون فعلياً على الكيان الصهيوني ويتوغلون في كل أركانه وقواعده ، ولهم ثقل ومكانة خاصة في نفوس اليهود ؛ فهم في المحاكم ، ودور العبادة ، وفي الجيش ....
والملاحظ أن هذه الاعتداءات المتكررة والمتواصلة بحق أطفال الشعب الفلسطيني صدر من كبار القوم ومن رجال الدين المتشددين والمتطرفين داخل الكيان الصهيوني, وكثيرة هي تلك التصريحات والفتاوى التي صرح بها حاخاماتهم , ومن المعلوم أن الحاخامات يمثلون درع المعركة التي يخوضها جيش الاحتلال ضد الفلسطينيين وهناك من الأمثلة ما يثبت ويؤكد ذلك .
فالحاخام " شموئيل إلياهو " أكبر حاخامات الكيان الصهيوني ورجل الدين الأول يصرح لوسائل الإعلام في اليوم الأول من الحرب الأخيرة على غزة بقوله: ( اقتلوهم ولا ترحموا صغيرهم قبل كبيرهم ) , وهذا له أصل عندهم, ويستندون في ذلك إلى توراتهم الباطلة التي ورد فيها : " أنتم أولاد للرب إلهكم " , حيث أنهم يعتبرون أنفسهم بأنهم شعب الله المختار , وأنهم أبناء الله وأحباؤه , كما وصف ذلك ربنا سبحانه وتعالى : ( وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه ) ( 1 ).
وكذلك كتاب " توراة الملك ـ أحكام مصيرية للعلاقات بين إسرائيل وبقية الأمم " الذي لاقى صداً إعلامياً واسعاً , وتم توزيع ألوف النسخ منه بمناسبة الذكرى السنوية لمقتل الحاخام " مئير كاهانا " صاحب نظرية التخلص من عرب الداخل الفلسطيني المحتل ـ عرب 1948 ـ , وهذا ما دفع الباحثين للكتابة والرد على ذلك إلا أنه سرعان ما هدأت تلك العاصفة وكأن شيئاً لم يكن وهذه المعضلة في الرد على الصلف الصهيوني بشكل مؤقت, وهذا الكتاب كشفت عنه صحيفة معاريف الصهيونية في عنوانها الرئيس يوم الاثنين 9 – 11 – 2010 م، وبينت أن مؤلفيه هما " يتسحاق شيبرا " رئيس المدرسة الدينية المتزمتة المتطرفة " لا زال يوسف حياً " والقريبة من نابلس , والحاخام " يوسف أليتسور " , وهذا الكتاب عبارة عن إرشادات وفتاوى دينية لقتل غير اليهود " الأغيار " .
فالكتاب يدعو إلى قتل الأغيار , والأغيار حسب تعريف الحاخامين ( هم الذين يطالبون بأن تكون الأرض لهم , وأولئك الذين يضعفون بكلامهم حقنا في ملكية الأرض مصيرهم الموت ).
وكذلك الدعوة إلى قتل الجوييم وهم القبائل والديانات غير اليهودية , وكذلك دعوة الحاخامات لتنفيذ حكم عملاق عند قتال الفلسطينيين , وأن الفلسطينيين لا تنطبق عليهم الوصايا العشر , وكذلك نظام " الهالاخاه " وهو النظام القانوني لليهودية الحاخامية المستمدة من التلمود البابلي يقتل حتى المدنيين الطيبين ـ أي الذين يظهرون السلم والمحبة لهم ـ .
وكذلك ينظر اليهود إلى غيرهم من الشعوب وأهل الديانات على أنهم حيوانات مسخرون لخدمة اليهود خلقهم الله على صورة البشر ليسهل على اليهود التعامل معهم واستخدامهم.
يقول الحاخام مناحم ـ الكاهن اليهودي المعروف ـ : أيها اليهود إنكم من بني البشر لأن أرواحكم مصدرها روح الله وأما باقي الأمم فليست كذلك لأن أرواحهم مصدرها الروح النجسة .
وجاء في تلمود أورشليم أن النطفة المخلوق منها باقي الشعوب الخارجين عن الديانة اليهودية هي نطفة حصان ! وهذا الحقد والنظرة الدونية ليست للمسلم فقط بل تشمل المسيحيين وغير اليهود جميعاً.( 2 )
وأمام تلك المعطيات، تتضح لنا بعض الأمور:
أولاً: فساد العقيدة الصهيونية التي لا تعرف سوى القتل وسفك الدم وهتك العرض وحب الذات , وإلغاء الطرف الآخر وعدم تقبله والتعايش معه ؛ وهذا بكل تأكيد نتيجة التحريف والتزوير الذي دخل على التوراة التي تتضمن التطاول على الله سبحانه وتعالى وعلى الأنبياء والصالحين , وبالرغم من فساد العقيدة الصهيونية وزيفها وبطلانها إلا أن اليهود يتشبثون بها , ولقد برز واضحاً مدى سيطرة رجال الدين على صنع القرار في الدولة الاحتلالية .
وهذا يدفعنا نحن المسلمين للتمسك والتشبث بديننا وعقيدتنا ـ عقيدة أهل السنة والجماعة ـ الخالية من كل شائبة والصافية النقية , وكذلك التمسك بالشريعة الإسلامية والتي تدعو إلى محاربة ومقاتلة ومجاهدة أعداء الله سبحانه وتعالى وفق ضوابط شرعية واضحة ومحددة بعدم المساس بالأطفال أو النساء أو الشيوخ أو الذين يتعبدون في الصوامع ودور العبادة , وهذا من سماحة الإسلام وعدله , وخير شاهد ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في يهود بني قريظة بالرغم من نقضهم العهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ثانياً : إن الحرب مع أعداء الله اليهود هي حرب دينية بالدرجة الأولى، بدليل أن الفتاوى المتطرفة والتي تدعو إلى قتل الفلسطينيين وعدم الشفقة عليهم أو رحمتهم تعمم وتنشر على أفراد جنود الاحتلال الصهيوني , وكذلك تكون تلك الفتاوى مشفوعة بنصوص توراتية وتلمودية تثبت صحة الفتوى الصادرة من الحاخام .
وإذا كان الأمر كذلك فإن هذا يعلمنا بأن نفخر بديننا وعقيدتنا , وإذا أردنا تفاوضاً أوحلاً أو غير ذلك فينبغي أن يكون مستند إلى كتاب ربنا وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ففي ذلك الفوز والفلاح والخروج من هذا المأزق الذي نعايشه .
ثالثاً : بيان حقيقة مؤسسات حقوق الإنسان , ومجلس الأمن , والجمعية العامة , والأمم المتحدة التي سرعان ما أن تتداعى لعقد جلسة تدين فيها المقاومة الإسلامية في فلسطين ـ الإرهاب ـ وذلك لصالح الكيان الصهيوني , فلقد بات من الواضح أن أصبحت تلك المؤسسات توفر غطاء وشرعنة للاحتلال الصهيوني , ومحامي الدفاع الأول عن الكيان الصهيوني .
والعالم كله يدندن حول مسميات لا تجد طريقها عند ذبح الفلسطينيين، ومن بينها قوانين وقواعد خطتها أنامل متواطئة مع الصهاينة إن لم تكن فعلاً بأيديهم.
وهذه الجرائم التي يرتكبها العدو الصهيوني بحق الأطفال تستوجب أن يستفيق العالم من سباته , وكثيرة هي تلك المواد التي تدعو إلى المحافظة على الطفل وعلى حقوقه .
فالمادة 38 1 من اتفاقية حقوق الطفل التي خطتها الدول بأناملها ووقعت عليها تنص على أنه: " تتعهد الدول الأطراف بأن تحترم قواعد القانون الإنساني الدولي المنطبقة عليها في المنازعات المسلحة وذات الصلة بالطفل وأن تضمن احترام هذه القواعد ".
وكذلك المادة 38 4 تنص على أنه: " تتخذ الدول الأطراف وفقا لالتزامها بمقتضى القانون الإنساني الدولي بحماية السكان المدنيين في المنازعات المسلحة جميع التدابير الممكنة عمليا لكي تضمن حماية ورعاية الأطفال المتأثرين بنزاع مسلح " ( 3 ).
هذه مواد وقوانين وضعها أعداء الدين ولكن هذا لا يدل إلا على التناقض الذي تحياه هذه المؤسسات المتآمرة على ذبح الأطفال.
والسؤال الذي يطرح نفسه: أين دعاة حقوق الإنسان وأين العالم من تلك الانتهاكات المشينة والمذلة والمهينة التي يرتكبها العدو الصهيوني بحق أطفال فلسطين ؟؟!!!
--------------
1 ـ سورة المائدة آية ( 18 ) .
2 ـ الموسوعة اليهودية المصورة , ص 102 , د . طارق السويدان , الناشر : الإبداع الفكري.
3 ـ اتفاقية حقوق الطفل , والتي بدأ سريانها في 2 أيلول سبتمبر