فلسطين التاريخ / تاريخ

مذبحة دير ياسين

 

 

 

30 جمادى الأولى 1367هـ ـ 9 أبريل 1948م

 

 لقد مرت فصول الصراع الإسلامي اليهودي على أرض فلسطين المباركة بأطوار عديدة منذ الحرب العالمية الأولى، هي في مجملها لصالح أحفاد القردة والخنازير، وذلك لأسباب كثيرة أهمها الصمت الحكومي عند الدول العربية والإسلامية تجاه ما يجري على أرض فلسطين، وضعف الإمكانيات عند مجاهدي فلسطين، والتواطؤ العالمي على تقديم فلسطين غنيمة باردة للصهاينة، والدعم الإنجليزي الفرنسي الأمريكي الكامل والمشترك لقيام دولة إسرائيل، ثم سياسة المذابح المروعة التي كانت تتبعها العصابات الصهيونية بحق السكان العزل، والتي أجبرت الكثير من أبناء فلسطين على مغادرة أراضيهم كرهًا وفزعًا، لا كما يروج المبطلون المتصهينون بأن الفلسطينيين قد باعوا أراضيهم وقبضوا الثمن طوعًا.

كانت قرية دير ياسين الواقعة قرب قرية القسطل غربي القدس، تعيش حياة آمنة هادئة حيث يقيم بها 775 نسمة كلهم مسلمون يملكون أراضي زراعية، وبالقرية مسجدان ومدرستان وناد للرياضة، وفي  يوم 30 جمادى الأولى 1367هـ ـ 9 أبريل 1948م وهو اليوم التالي مباشرة لمعركة القسطل الشهيرة التي استشهد فيها زعيم المجاهدين عبد القادر الحسيني، هجمت عصابات الأرجون والهاجانا بقيادة مناحم بيجن الذي أصبح بعد ذلك رئيسًا للوزراء، على القرية الآمنة بالدبابات والمدافع وبأعداد كبيرة من الصهاينة، ولم يكن بالقرية سوى 85 مسلحًا، فاشتبكوا في معركة غير متكافئة من شارع لآخر ومن بيت لبيت منذ الفجر وحتى العصر، وقد نفذت ذخيرة المجاهدين فاستولى اليهود على القرية وأحدثوا مجزرة رهيبة في سكانها لم يستثنوا منها الكبير ولا الصغير.

وفي مشاهد هذه المجزرة يتحدث بعض من كتبت له النجاة فيذكر أن اليهود كانوا يمثلون بجثث القتلى ويقطعون أعضاءهم ويبقرون بطون الحوامل، ويشقون الضحايا من الرأس إلى القدم، وحملوا معهم مجموعة من الأسرى والنساء عاريات حافيات وطافوا بهم شوارع القدس الغربية ثم عذبوهم حتى الموت، وبلغ عدد الضحايا في هذه المجزرة 250 شهيدًا بين رجل وامرأة وأطفال رضع.

قال الكلب الهالك «بيجن» قائد المذبحة معلقًا عليها: «إن نارهم كانت حامية وقاتلة وقد اضطر اليهود أن يحاربوا العرب من شارع إلى شارع ومن دار إلى دار».

قال كريتش جونز كبير مندوبي الصليب الأحمر: «لقد ذبح 300 شخص بدون مبرر عسكري أو استفزاز من أي نوع، وكانوا رجالاً متقدمين في السن ونساءً وأطفالاً رضع، بل إن شابة أرتني مديتها أي سكينتها ويديها وهما تقطران دمًا كأنها علامة على النصر».

والعجيب أن الصمت المطبق لف العالم العربي والحكومات الموالية للاستعمار ولم يتحرك أحد لنجدتهم على الرغم من وجود كتيبة للجيش الأردني على مقربة من القرية، وسمع أفراد الكتيبة صوت الاستغاثة، ولكنهم لم يتحركوا لأن القيادة الإنجليزية للجيش منعتهم من التحرك، وهكذا ضاعت فلسطين.

 

.