فلسطين التاريخ / تاريخ
الحاج أمين الحسيني بين نتياهو وهتلر
أسامة شحادة
الحاج أمين الحسيني الذي شغل منصب المفتى العام لفلسطين يعد أحد أبرز الشخصيات الفلسطينية المعاصرة التي تولت قيادة العمل الوطني الفلسطيني وتصدت للاحتلال البريطاني والميلشيات اليهودية.
كان للحسيني دور بارز في دعم الثورة الفلسطينية والثوار والمجاهدين ومن أهمهم الشيخ المجاهد عز الدين القسام، كما كان له مشاركة في النضال السياسي ضد الاحتلال.
سافر الحاج أمين مطلع شبابه لمصر والتقى بالعلامة السلفي رشيد رضا، وكان أحد طلبة مدرسته الدعوة والإرشاد التي كانت تهدف لتكوين قيادات للأمة من مختلف الدول تملك العلم الشرعي والوعي العام لخدمة الأمة وقضاياها، لكن تعثرت مسيرة المدرسة بعد سنتين بسبب أزمة مالية.
بتفحص قائمة طلبة هذه المدرسة يجد المرء ان كثير منهم أصبح من رموز الأمة ورجالاتها.
التحق الحاج الحسيني بالمعاهد العسكرية العثمانية بالأستانة وتخرج ضابط احتياط، ثم عاد لفلسطين وشارك في العمل الوطني بمختلف صوره وأشكاله حتى أصبح مفتي القدس ورمز فلسطين.
بقيت العلاقة بين الحاج أمين ورشيد رضا وثيقة الصلة , ويكفي للدلالة على ذلك مراجعة مجلة المنار وخاصة المقالات التي وثقت للمؤتمر الإسلامي في القدس، وكيف كان رشيد رضا شريك مع تلميذه الحاج أمين في المؤتمر من الفكرة حتى البيان الختامي.
للأسف أن سيرة الحاج أمين أصبحت مجهولة عند الجيل الفلسطيني الجديد فضلا عن بقية الشباب العربي والإسلامي.
بالأمس فاجأ نتياهو العالم بكذبة ضخمة جدا، وهي بزعمه أن الحاج أمين هو من حرض هتلر على حرق اليهود، وهي كذبة صلعاء كما يقولون - ليس لها أي مستند أو دليل، لكنها الحرب الإعلامية اليهودية التي يراد منها تشويه صورة الفلسطينيين ونسبتهم للنازية والإرهاب، وذلك لمحاولة إيقاف الانتصارات الفلسطينية في حرب مقاطعة المنتجات اليهودية والتعاطف الشعبي العالمي مع قضية فلسطين.
هكذا هم اليهود، لا يكفون عن الإجرام والقتل والعدوان، ومن ثم الكذب والبهتان، ولو في قضية معروفة وواضحة كالشمس. لكنها طريقتهم وطبيعتهم، وللأسف تجد من يُحسبون على العرب والمسلمين ممن يحاول إنكار هذا الواقع وهذه الصفات في يهود، ثم يظن أنه قادر على التفاهم والحوار والمفاوضة مع اليهود.
الكذبة التي جاء بها نتنياهو في خطابه أمام "الهستدروت الصهيوني" ليس لها أي نصيب من الصحة، ولم يقل بها أي حاقد يهودي قبل نتياهو على كثرتهم!
بل هي كذبة تناقض شهادة الحاج أمين الحسيني نفسه التي سجلها زهير المارديني في كتابه (1000 يوم مع الحاج أمين) وهو كتاب نادر ولم يعد يعرفه الكثير من الباحثين.
في هذا الكتاب الذي يعد سيرة شخصية للحاج أمين يروى فيه لقاء الحسيني بهتلر، وأن الحاج أمين حين عرض رؤيته لليهود وأنه يفرق بين اليهود والصهيونيين، اعترض عليه هتلر وقال له: أنتم العرب تتعاملون مع السياسة بعواطفكم أما نحن فنتعامل معها كعلم، وقال له غدا تزور بعض المراكز العلمية حتى تعرف حقيقة اليهود.
وهذه الشهادة تكشف أن هتلر كان يرى قصور رؤية الحاج أمين لخطر اليهود، وأنه في موقع المعلم والموجه للحاج أمين، بعكس كذبة نتياهو التي قلبت الأدوار.
وهذه الشهادة الشخصية لصاحب القضية التي كتبها من قبل 40 سنة أصدق وأدق من كذب نتياهو، فقد ذكر الواقعة كما هي، وكان يمكن أن يصور نفسه معلما وموجها لهتلر ويتفاخر بذلك خاصة وأن المناخ في ذلك الوقت قابل لمثل هذه البطولات والعنتريات، لكنه ذكر الحقيقة برغم أن فيها نوع من نسبة النقص والقصور لنفسه.
.