أنشطة المركز / فعاليات

من فعاليات أسبوع الأقصى الثانى - الكويت-اليهود وعولمة المزاعم حول القدس والمسجد الأقصى

اليهود وعولمة المزاعم حول القدس والمسجد الأقصى

د. وليد الربيع

 

  لقد بين القرآن الكريم بكل وضوح ودقة معالم الشخصية اليهودية ، وكشف عن حقيقة بواطن نفوسهم المريضة ، وما اشتملت عليه سرائرهم من خبث الطباع وسيء الصفات ، بما لا يدع مجالاً للشك في تَأَصُّل الشر والإجرام في أعماق قلوبهم ، واستمرائهم للكذب واللؤم والخيانة والغدر ، وتحليهم بكل خُلُقٍ ذميم وسلوك منحرف .

   وقد أَكَّدَ الله تعالى في مواضع عديدة من القرآن الكريم مواقفهم الملحدة من الأنبياء والرسل والكتب والصالحين :

 

1.   اليهود قتلة الأنبياء والرسل :

    قال عز وجل : " لقد أخذنا ميثاقَ بني إسرائيلَ وأرسلْنا إليهم رُسُلاً كُلَّمَا جاءَهُم رسولٌ بما لا تَهوى أنفسُهم فريقاً كذَّبوا وفريقاً يَقتلون " المائدة :70

   وقال تعالى :" فبِما نقضِهم ميثاقَهم وكفرِهم بآياتِ اللهِ وقتِلِهُم الأنبياءَ بغيرِ حقٍّ وقولِهم قلوبُنا غُلْفٌ بل طبعَ اللهُ عليها بكفرِهم فلا يُؤمنون إلَّا قليلاً " النساء : 155

2.   اليهود قَتَلَةُ الصالحين والداعين إلى الخير :

   قال تعالى : " إن الذين يَكفرونَ بآياتِ الله ويقتلون النبيين بغير حَقٍّ ويَقتلون الذين يَأمرون بالقسط من الناس فَبَشِّرْهم بعذابٍ إليم " آل عمران :21

3.   اليهود أهل التحريف والتبديل والعبث بكتب الله تعالى :

   قال سبحانه وتعالى : " من الذين هادُوا يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عن مواضِعِهِ ويَقولون سَمِعْنا وعَصَيْنا واسمعْ غيرَ مُسْمَعٍ ورَاعِنا لَيْاً بألسِنَتِهم وطَعناً في الدِّين ولو أنهم قالوا سَمِعْنا وأَطَعْنا واسمعْ وانظُرْنا لكان خيراً لهم وأقومُ ولكن لعنَهم اللهُ بكفرِهم فلا يُؤْمنون إلَّا قليلاً " النساء : 46

   وقال تعالى : " يا أهلَ الكتاب لِمَ تَلبسون الحقَّ بالباطلِ وتَكتُمون الحقَّ وأنتم تَعلمون " آل عمران : 71

 

4.   اليهودُ غِلاظُ الطبعِ قُسَاةُ القلوب :

   قال عز وجل : " فبِما نقضِهم ميثاقَهم لعنَّاهم وجعلْنا قلوبَهم قاسيةً يُحَرِّفُون الكَلِمَ عن مواضعِه ونَسُوا حَظاً ممَّا ذُكِّروا به ولا تَزالُ تَطَّلِعُ على خائنةٍ منهم إلا قليلاً منهم فاعفُ عنهم واصفحْ إنَّ اللهَ يُحِبُّ المحسنين " المائدة : 13 .

   وقد أحصى د. سلمان أبو ستة عدد المذابح اليهودية ضد المسلمين في فلسطين فجاوز عددُها المئة مذبحة ، من أوائِلها مذبحةُ دير ياسين حيث هجم اليهودُ على قرية دير ياسين الكائنة في قطاعِهم والتي كانت مطمئنةً إلى وعودِهم وعهودِهم ، فهجم اليهودُ عليهم ، وجمعوا سكانَ القرية صفاً واحداً رجالاً ونساءً شيوخاً وصغارًا ، ثم أطلقوا عليهم نيران الرشاشات ، وأمعَنوا في تعذيبِهم ، وبقَرُوا بُطونَ الحُبَالَى ، وأخرجوا الأطفالَ ، وذبحوهم ، وقَطَّعُوا أوصال الضحايا ، وشَوَّهُوا الجُثَثَ ليصعُبَ التعرفُ عليها ، ثم جمعوا الجثثَ وجَرَّدوها من الثياب ، والقَوْها في بئرِ القريةِ ؛ وحين جاء مندوبُ الصليبِ الأحمرِ د. ليز ،  ورأى الجريمةَ ،لم يَقْوَ على الوقوف لِيُتِمَّ عملية إحصاءِ الجثث ، فَأُغْمِي عليه وانصرفَ !! [1][1]

   والعجيبُ أن اليهودَ بدأوا بالتبَجُّحِ بذكرِ مذابِحهم دونَ خوفٍ ولا خَجَلٍ ، فقد قَدَّمَ باحث يهودي رسالة ماجستير لجامعة حيفا أثبت فيها قيام اليهود بمذبحة فلسطينية في قرية طنطورة حيث راح ضحيتها 200 فلسطيني دفعة واحدة .

   فالكذب والتدليس والافتراء وطَمْسُ الحقائق ، وتزيين الباطل وخَلْطُ الأوراقِ والخِسَّةُ والدناءَةُ مع الشُّحِّ والجبن وغير ذلك من الصفات الخبيثة التي تُشَكِّلُ معالِمَ الشخصيةِ اليهوديةِ كما صَوَّرَها القرآنُ الكريمُ والسنةُ المطهرةُ ، وأكدتها الوقائعُ التاريخيةُ الكثيرةُ .

   وسنحاولُ في هذه العُجَالَةِ الوقوفَ على بعض المزاعم التي جاهد اليهود - ولا يزالون - لإبرازها كحقائق مُسَلَّمَةٍ ، وقضايا ثابتة ، وعملوا على تَرويجها في أنحاء العالم ، وحملوا الناس جميعاً على تَبَنِّيها والدفاع عنها ، واستغلوها لاستدرار تَعاطُفِ الدول والشعوب معهم واستنـزاف الأموال الطائلةِ لأجل قضيتِهم ، وكيفَ استطاعوا تحسينَ صورتِهم القبيحةِ لدى الشعوبِ ليحوزوا تأييَدهم ودعَمْهَم .

 

المحور الأول

المزاعمُ التي يَسْعَى اليهودُ لِنَشْرِها

   لقد حرص  اليهود خلال سعيهم للحصولِ على ثقةِ العالمِ بهم ، وتعاطُفِهِم معهم ، وتأييدِهم لقضيتهم على تحقيق عدة أمور :

الأول : تَحسين صورة اليهود القبيحة .

الثاني : تَشويه صورة العرب والمسلمين .

الثالث : تَزييف الحقائق حولَ فلسطين .

 

الأمر الأول : تحسينُ صورةِ اليهودِ القبيحة :

   كانت صورة اليهود في نظر العالم حتى مطلع القرن العشرين صورة كريهة ، فلقد كان اليهودي رمزاً للجَشع والطمع والمكر والخبث والأنانية والحقد ، وكان اليهودُ في كل مكان يتواجدون فيه موضع احتقارِ الناسِ وكراهيتهم بسبب احتكارِهم لمعظمِ الفعاليات الاقتصادية التي تتحكمُ في أقواتِ الناس ، وكانت الشخصيةُ اليهوديةُ الكريهةُ مثارَ التَنَدُّرِ والتَّهَكُّم في المجتمعات الأوروبية قاطِبَةً ، وكان الشعراء والأدباء يكرسون كراهيةَ الناسِ للشخصية اليهودية في الكثير من شعرهم وإنتاجهم الأدبي ، وكانت رواية تاجر البندقية للشاعر الإنكليزي الشهير شكسبير التي يُمَثِّلُ فيها التاجر اليهودي " شيلوك " الشخصية اليهودية الجشعة الحاقدة أبرز مثال على ذلك .[2][2]

   وكان من الطبيعي أن يبدي حكماءُ صهيون المجتمعون في مؤتمر بال عام 1897 م برئاسة ثيدور هرتزل اهتماماً كبيراً في دراسة انتشار مَوْجَةِ الكراهية للشخصية اليهودية ، وأجمعت آراؤُهم على أن مُخَطَّطَهم لإقامة دولة إسرائيل - التي كان هرتزل قد بَشَّرَ بها في عام 1895 م في كتابه " الدولة اليهودية " والتي وصفها بأنها ستكون قاعدة متقدمة للحضارة الغربيةِ ضد البربريةِ - لن يُكْتَبَ لها النجاحُ إذا استمرت الشعوبُ الأوربيةُ والأمريكيةُ في النظر إلى اليهودِ نظرةَ كراهية وازدراء [3][3] .

الأمر الثاني : تشويه صورة العرب والمسلمين :

   يحاولُ اليهودُ تشويهَ صورةِ المسلم - على وجهِ العُموم - والعربي - على وجه الخصوص - عبر عدة تُهَمٍ ألصقت بهما زُوراً وبُهتاناً أو مبالغةً وافتراءً ، ومن ذلك :

1.   اتهام العربِ بتجارةِ الرقيق :

   صَوَّرَتْ الدعايةُ اليهوديةُ العربَ والمسلمين بصورة القَراصنةِ الذين يُهاجمون سكانَ أفريقيا الآمنين ليحملوهم على سفنِهم إلى أسواق النخاسة العربية ، وقد اتهم مندوب إسرائيل العرب رسمياً فوق منبر هيئة الأمم المتحدة بتجارة الرقيق عام 1961 م ، فما كان من مندوب ساحل العاج إلا أن قام بعده ليردد تلك المزاعم اليهودية ، ولهذا تجد أن كثيراً من الدول الأفريقية تقيم علاقات متكاملة مع اليهود نظراً لتأثرها بالدعاية اليهودية عن العرب وتجارة الرقيق .[4][4]

2.   اتهام العرب بالانحطاط الخُلِقُي والتَّخَلُّفِ الحضاري :

   فقد عرضت إحدى شبكات التلفاز اليهودية في الولايات المتحدة إعلاناً لترويج سائل خاص تقذفه النساء في وجه من يتعرض لهن بسوء ، فيفقد وعيه ، وقد صور الإعلان فتاة تسير مطمئنة ثم يفاجئها شخص يرتدي الزِّيَّ العربي المميز ، وبيده خنجر يحاول الهجوم عليها ؛ فتقذف الفتاة ذلك السائل في وجهه ليفقد العربي وعيه ، وتمضي الفتاة في سبيلها بعد أن تبصق على ذلك الشخص .

   وجاء في إعلان آخر عن نوع من أنواع الصابون حيث يظهر شخص يرتدي الثياب العربية وهو في منتهى القذر ، ويظهر صوت المعلق ليقول : إن هذا الصابون ينظف أي شخص حتى العربي ، وبعد إلقاء العربي في الحمام وتنظيفه بذلك الصابون يأتي التعليق التالي: إن العيب في عدم نظافة العربي ليس بسبب قلة فاعلية الصابون ، ولكن لأن العربي لا يمكن أن يصبح نظيفاً أبداً .[5][5]

3.   وصف العرب بالبربرية :

   يقول هرتزل : إننا هنا في إسرائيل نعتبر بالنسبة إلى أوربا الحارس ضد البربرية .

4.   وصف العرب بالخيانة :

   عرضت إحدى شبكات التلفاز البريطانية اليهودية تمثيلية لصلب المسيح - بزعمهم - حيث ظهر الحواريون باللباس اليهودي عدا يهوذا الاسخريوطي المتهم بالوشاية بالمسيح فقد ظهر باللباس العربي ليشيروا إلى أن العرب والمسلمين مُتَوَرِّطون بصلب المسيح - بزعمهم - ليستعدوا النصارى عليهم .

الأمر الثالث : تزييف الحقائق حول فلسطين :

   لقد سعت الصهيونية في محاولات جادة لطمس القضية الفلسطينية تحت أطباق من التضليل المتعمد ، والوقائع المشوهة ، والدعاية المخادعة لكي تبرهن لليهود أولاً وللعالم ثانياً أحقيتها دون غيرها بفلسطين ، ومن هذه الحقوق المدعاة :

1. الحق التاريخي : ومضمونه : استيطان اليهود الغابرين فلسطين ، وإقامة كيان سياسي فيها في فترات قصيرة ومتقطعة من الزمن .

2. الحق الديني : ومضمونه : الوعود الإلهية الواردة في العهد القديم لأنبياء بني إسرائيل بتمليكهم ونسلهم ما بين النيل إلى الفرات لا سيما فلسطين ملكاً أبدياً .

3. الحق القومي : ومضمونه : انتماء جميع اليهود في جميع العالم إلى قومية يهودية متميزة لها ذاتيتها ومعالمها وقيمها الروحية والمادية وموطنها الواحد في فلسطين .

4. الحق الإنساني : ومضمونه : أن اضطهاد اليهود على مدى التاريخ في كل بلد وجدوا فيه منذ العهد الفرعوني وحتى العهد النازي ، وكونهم لا يزالون عرضة لهذا الاضطهاد في أي حين يخولهم إنشاء دولة خاصة بهم في موطن آبائهم - المزعوم - في فلسطين .

5. الحق الإنشائي : ومضمونه : أن الإنجازات الحضارية التي يسعى الصهاينة لتحقيقها في فلسطين هي ضرورة لتقدم الأرض المقدسة خاصة والعالم العربي عامة في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية وغيرها .

6. الحق القانوني : ومضمونه : أن بقاء اليهود في فلسطين يستند إلى ثلاثة مستندات قانونية وهي : وعد بلفور عام 1917 م القاضي بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين ، وصَكِّ الانتداب القاضي بانتداب بريطانيا على فلسطين لتحقيق الوطن القومي لهم وذلك عام 1921 م ، وقرار التقسيم القاضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية وذلك عام 1947 م [6][6]

   ويجري كذلك تسويق سياسة الأمر الواقع ، والإشادة بحالات من الرِّضى العربي بالأمر الواقع تحت شعار العقلانية [7][7]

   ولقد نشطت الدعاية الصهيونية بعد حرب 73 م في محاولة لتجميل وجه الاحتلال اليهودي للأراضي الفلسطينية ، فأخذوا يستعملون كلمات مُنْتَقَاة من قاموسهم الاستعماري وتحاشَوا تسمية الأشياء بأسمائها ، فمن ذلك :

1.   ( الأراضي المحتلة ) أصبحت ( الأراضي المحرَّرَة ) أو ( الأراضي المُدارَة ) .

2.   ( القدس المحتلة ) صارت ( القدس الموحدة ) باعتبار أنها كانت مُقَسَّمَةً ؛ فجاءت إسرائيل ووحدتها .

3.   ( الفلسطينيون ) صاروا ( عرب إسرائيل ) .

4.   ( الضفة الغربية ) أصبحت ( يهودا والسامرة ) .

   ولهذا تنبه المراقبون الدوليون لعملية تشويه الحقائق ؛ فقال كال فون هورن : لقد أدهشتنا براعة الكذب التي زَيَّفَتِ الصورة الصحيحة منذ اجتمعت وسائل الإعلام الإسرائيلية الماهرة مع الصحافة بأسرها لكي تصطنع صورة زائفة مُشَوَّهَةً رَوَّجَتْ لها بخبرة المحترفين الفائقة بكل وسيلة متاحة ، ووجهتها إلى شعبها وإلى العاطفين عليها والمؤيدين لها في أمريكا وفي بقية أنحاء العالم ، ولم يسبق لي في حياتي أن اعتقدت بأن في الوُسْعِ تحريف الحقيقة بمثل هذه السخرية والبراعة .

   كل ذلك يتم عبر تلميع دولة إسرائيل التي يصفها الإعلام الصهيوني بأنها أعجوبة ومعجزة في كافة شؤونها ابتداء من تأسيسها وانتهاءً بصمودها واحة للديمقراطية في ظل هذا العداء العربي المحيط بها إحاطة السوار بالمِعْصَمِ .[8][8]

 

المحور الثاني

وسائل اليهود في نشر مزاعمهم حول فلسطين

   يعتمد اليهود في تنفيذ سياساتهم على أربع ركائز أساسية وهي :

1.   السيطرة على وسائل الإعلام .

2.   السيطرة الاقتصادية .

3.   السيطرة السياسية .

4.   السيطرة العسكرية .[9][9]

   وَسَنُرَكِّزُ الحديث حول السيطرة اليهودية على وسائل الإعلام العالَمية ، فقد نجحت الصهيونية في استغلال وسائل الإعلام العالَمية في التهيئة والتمهيد لتحقيق حلم اليهود بإقامة دولة لهم فوق ثرى فلسطين ، وطرد شعبها المسلم منها ، وتشريده تحت كل سماء .[10][10]

أهداف وتاريخ السيطرة الإعلامية :

   قد بدأت هذه السيطرة منذ وقت بعيد ، وذلك على يد أستاذ لعلم اللاهوت اسمه ( آدم وايزهاوبت ) حيث اعتنق اليهودية في ألمانيا ، وأسس في عام 1776 م جمعية سرية جمعت ألفين من اليهود ، وأطلق عليها : ( جمعية النورانيين ) ، ووضع لها تعليمات لتحقيق أهداف التنظيم لإحكام السيطرة على العالَم ، وكان البند الرابع ينص على ما يلي : " على النورانيين الوصول إلى السيطرة على الصحافة وكل أجهزة الإعلام الأُخرى ، والسيطرة على الأخبار " .

   وفي عام 1869 م عَبَّرَ الحاخام راشورون في خطاب له عن شدة اهتمام اليهود بالإعلام بقوله  : " إذا كان الذهب هو قُوَّتـُنَا الأولى للسيطرة على العالم ، فإن الصحافة ينبغي أن تكون قوتَنا الثانية " .

   وفي المؤتمر الصهيوني الأول عام 1897 م وضع المؤتمرون جملة من القرارات التي توضح كيفية السيطرة على وسائل الإعلام وخاصة الصحافة ، فَتَضَمَّنَ البروتوكول الثاني عشر ما يلي :

1.   إن القنوات التي يجدُ فيها الفكر الإنساني ترجماناً له يجب أن تكون خالصة في أيدينا .

2.   إن أي نوع من النشر أو الطباعة يجب أن يكون تحت سيطرتنا .

3.   الأدب والصحافة هما أعظم قوتين إعلاميتين وتعليميتين خطيرتين ، ويجب أن تكونا تحت سيطرتنا .

4. يجب أن لا يكون لأعدائنا وسائل صحفية يُعَبِّرون فيها عن آرائهم ، وإذا وُجِدَتْ فلا بد من التضييق عليها بجميع الوسائل لكي نمنعها من مُهاجَمتنا .

5. لن يصل طرفٌ من خبر إلى المجتمع من غير أن يمر علينا ؛ فالأخبار تَتَسَلَّمُها وكالات قليلة تتركز فيها الأخبار من كل أنحاء العالم ، وحينما نسيطر عليها لن تَنْشُر إلا ما نختاره نحن من هذه الأخبار .

6.   ستكون لنا جرائد شَتَّى تؤيد الطوائف المختلفة من أرستقراطية وجمهورية وثورية بل وفوضوية .

7. سنصدر نشرات تهاجمنا وتعارضنا ولكن بتوجيه اتهامات زائفة ضدنا مما سيتيح الفرصة لكي نُقْنِعَ الرأي العام بأن كل من يعارضنا لا يملك أساساً حقيقياً لمناهضتنا ، وإنما يعتمدون على الاتهامات الزائفة .

السيطرة الفعلية على الصحف ووكالات الأنباء ووسائل الإعلام الأخرى :

   وقد تحققت هذه القرارات على أرض الواقع ، فظهرت الصحف اليهودية المحضة والمؤيدة لها والخاضعة لها في أوربا والولايات المتحدة حتى دَقَّ الناصحون ناقوس الخطر منذ أمد بعيد ، فقد جاء في النشرة الشهرية لجمعية نشر المسيحية بين اليهود عام 1846 م ما نصه : إن الصحافة اليومية السياسية في أوربا واقعة إلى حد كبير تحت سيطرة اليهود ، وإذا حاول أديب ما أن يجازف ويسعى للوقوف في طريق اليهود فإنه سرعان ما يتعرض لهجوم إِثرَ هجوم من قِبَلِ الصحف الرئيسة في أوربا .

   وأشارت صحيفة ( ذي غرافيك ) البريطانية عام 1879 م إلى أن صحافة القارة واقعة إلى حد كبير تحت سيطرة اليهود [11][11] .

   ومن أبرز تلك الصحف ( التايمز البريطانية ) التي اشتراها المليونير اليهودي روربت ميردوخ لينقذها من الأزمة المالية التي كادت تُنهيها ، وطفق البريطانيون يَلْهَجُون بالثناء على ميردوخ لهذا الصنيع حيث كانت التايمز من معالَم بريطانيا .

   ومن أبرز الصحف الأمريكية التي يسيطر عليها اليهود ( نيويورك تايمز ) ( الواشنطن بوست ) وغيرها .[12][12]

  ولم تسلم وكالات الأنباء العالَمية أيضاً من السيطرة اليهودية ، فوكالة ( رويتر ) أَسَّسَها يهودي اسمه إسرائيل بير جوزافات ثم غير اسمه إلى جوليوس رويتر .

   وأسس اليهودي هاشيت وكالة أنباء ( هاشيت ) وكان يديرها قبل الحرب العالَمية الثانية اليهودي هوراس فينالي ، وأَسَّسَ يهودي من عائلة هافاس ( وكالة أنباء هافاس ) التي أصبحت فيما بعد الوكالة الرسمية لفرنسا .[13][13]

   هذا بِغَضِّ النظر عن الصحف التي تحمل أسماءَ يهودية مثل ( جويش كرونيكل ) و  جويش أوبزيرفر ) ونحوها ، وقد ذكر بعض الباحثين أن عدد المطبوعات اليهودية المنظمة التي تصدر في العالَم بشتى اللغات العالَمية ( 954 ) صحيفة منها اليومية والأسبوعية ونصف الشهرية والشهرية والدورية . [14][14]

   ويسيطر اليهود أيضاً على كثير من شبكات التلفزة العالَمية مثل (   CBS،NBC  ، ABC ) ولهم محاولات كبيرة لشراء صحف ومحطات إذاعة وتلفاز في أوربا الشرقية بعد سقوط الشيوعية ، وذلك بهدف السيطرة والتأثير على الرأي العام ، وتوجيهه الوجهة المؤيدة لهم.

أكذوبة المحرقة النازية :

   ومن أهم القضايا التي أحسن الإعلام اليهودي استغلالها لابتزاز الشعوب والدول الأوربية ( كذبة محرقة الهولوكوست ) حيث يزعمون أن هتلر والنازية قد قاما بإعدام ستة ملايين يهودي بغرف الغاز حرقاً ، وقد نجح الإعلام اليهودي في ترسيخ عقدة الذنب هذه لدى الشعوب الأوربية التي تخاذلت في نصرة اليهود في تلك الفترة ، بل إنهم سعوا إلى إشراك الشعب الأمريكي في هذه العقدة أيضاً ، وقد نجحوا في كسب تعاطف العالَم معهم ، ثم تطور الأمر لتقبل أي مشروع لتوطين اليهود  في فلسطين مع مراعاة حقوق أهلها الفلسطينيين ، ثم لم تلبث تلك المشاعر أن تحولت إلى التعاطف المطلق مع اليهود دون أدنى اعتبار للشعب الفلسطيني  . [15][15]

   وقد عقد في السويد مؤخراً المؤتمر العالَمي للمحرقة شارك فيه أكثر من أربعين رئيس وزعيم وممثل عن أغلب الدول الأوربية ، وتحدث في كلمة الافتتاح رئيس الوزراء السويدي  عن معاناة اليهود على أيدي النازيين ، وكيف أن ستة ملايين منهم أُبِيدوا بأفران الغاز ، وطالب بعدم نسيان هذه الحقيقة ، وضرورة ترسيخها في وعي الأجيال الجديدة ، وذكر أن بلاده أدخلت ذكرى المحرقة كمادة رئيسة في مناهج التربية والتعليم .

     وفي مطلع فبراير عام 98 م فوجئ المواطنون بالسويد برسالة حملها إليهم البريد موقعة من رئيس الحكومة شخصياً تذكرهم بتلك الحقيقة المؤلمة التي قام بها النازيون في حق اليهود والتي أوشك الناس على نسيانها ، ولهذا تطلب الرسالة من جميع المواطنين والمقيمين في السويد طلب نسخة من الكتاب الذي تم إعداده خصيصاً لهذا الغرض ، وطبع بمئات ألوف النسخ ، وترجم إلى عشر لغات منها اللغة العربية ، واشتمل على صور وخرائط تعبر عن مأساة اليهود ، وفي الصفحتين الأخيرتين من الكتاب كتب زعماء الأحزاب السويدية جميعاً كلمات موجزة تؤكد أهمية المحرقة في التاريخ ، وخطورة تجاهلها أو التقليل من شأنها .

   وقد أسس اليهود ( صندوق العدالة لضحايا النازية ) لمطالبة الدول والمصارف الغربية بدفع التعويضات السخية لليهود ، وقد كانت حصة البنوك السويسرية وحدها مليار و250 مليون دولار ، ومعلوم أن الحكومة الألمانية دفعت لإسرائيل حتى الآن ما يقارب 120 مليار دولار ، وتقوم إسرائيل بابتزاز الشركات الألمانية الكبرى مثل مرسيدس وبي إم دبليو لدفع التعويضات .[16][16]

   والجدير بالذكر أن بعض المفكرين الغربيين يرفضون فكرة المحرقة النازية ، منهم روجيه جارودي في فرنسا ، والمؤرخ البريطاني ديفيد ايرفينغ ، وقد صدر كتاب تحت عنوان ( تقرير لوشتر ) أعده المهندس فريد لوشتر ، وهو متخصص بتصميم وإنشاء غرف الإعدام بالغاز ، وقد سافر إلى بولندا يرافقه رسام للمواقع ، ومصور سينمائي ، ومترجم ، وزار مواقع الاعتقال المزعومة ، وأثبت بالدراسة العملية الواقعية أنه لا تُوجَدُ غرفُ إعدامٍ بالغاز في تلك المواقع ، وأن المنشآت التي شاهدها لا يمكن استخدامها في إعدام ستة ملايين شخص ، وقد قام بتحليل مواد البناء في مختبرات متخصصة ، واكتشف أنه لا توجد أي آثار للغاز المستخدم في الإعدام ، مما يؤكد زَيْفَ وكَذِبَ تلك الدعاية الصهيونية .

استغلال الموسوعات العلمية والدراسات الاستشراقية :

   من وسائل اليهود في عَوْلَمَةِ المزاعم والأكاذيب ، دَسُّ المغالطات ، وطَمْسُ الحقائق في الموسوعات العلمية والدراسات الاستشراقية ، فالموسوعاتُ العلمية والثقافية من المراجع العالَمية الموثوقة التي تستقي منها المعلومات ، فحرص اليهود على غزوها من خلال عشرات الباحثين والمناصرين للصهيونية لدرجة يندر أن تجد معها موسوعة علمية لا تفوح منها روائح الصهيونية ، والعجيب أن تلك الموسوعات تلتزم المنهج العلمي الموضوعي إلا فيما يتعلق بالعرب والإسلام والمسلمين .

   فالموسوعات البريطانية والأمريكية والفرنسية تصر على إطلاق اسم ( أرض إسرائيل ) على فلسطين ، وتزعم أنه لم يكن هناك في التاريخ ولا في القانون الدولي بلد يُدْعَى فلسطين، وهذه الموسوعات تبدأ تاريخ القدس بمملكة داود وسليمان عليهما السلام متجاهلة أن القدس الكنعانية قامت قبل داود وسليمان عليهما السلام - بألفي عام على الأقل .

   وتمتد السموم اليهودية إلى موسوعة تصدرها منظمة اليونسكو الدولية ، ففي المجلد (3) من موسوعة الجنس البشري يُعَرِّفُون الإسلام بأنه : تركيب مُلَفَّقٌ من المذاهب اليهودية والنصرانية بالإضافة إلى التقاليد الوثنية العربية التي أبقَى عليها الإسلام كطُقُوسٍ قَبَلِيَّةٍ تجعلُها أكثر رسوخاً في العقيدة .

   وتُعَرِّفُ دائرةُ المعارف السوفيتية القرآنَ بأنه : الكتابُ المقدسُ الأساسُ للمسلمين ، وهو مجموعةٌ من المواد الدينيةِ المذهبيةِ والأسطوريةِ والقانونيةِ ، ويُعْتَبَرُ محمدٌ هو مُشَرِّعُ القرآنِ،كما يعتبر مؤسسَ الإسلام ، وتزعم أن جزءًا معيناً فقط من القرآن ينتمي إلى زمن محمد صلى الله عليه وسلم ، وأما الأجزاء الأخرى فإنها تنتمي إلى عصورٍ متقدمةٍ عليه أو متأخرةٍ عنه .[17][17]

   وأما المستشرقون الذين تأثرَ بهم كثيرٌ من المثقفين العرب والمسلمين ، فقد سَخِروا كثيراً من أبحاثِهم ودراساتِهم لترويجِ الطعنِ في الإسلامِ ورسولهِ وكتابِه ، منهم المستشرقُ اليهوديُّ جولد تسيهر ، والاسكتلندي ويليام موير الذي كان يزعم أن محمداً صلى الله عليه وسلم كان آلة بيدِ الشيطانِ ، وقال : إن سيفَ محمدٍ والقراء ، هما ألد أعداء الحضارة والحقيقة والحرية .

   ومنهم الفرنسي كيمون الذي يقول : أعتقد أنَّ من الواجب إبادة خمس المسلمين ، والحكم على الباقي بالأشغال الشاقة ، وتدمير الكعبة ، ووضع قبر محمد وجثته في متحف اللوفر [18][18]

   ويؤكد د. حسن سلوادي عميد كلية الآداب بجامعة القدس أن المستشرقين اليهود يقومون بجهود حثيثة للتهوين من قدسيةِ القدسِ ومكانتِها في الإسلام من جهة ، وتأكيد مركزيتها وأهميتها لليهود من جهة أُخرى ، وذلك في بحث بعنوان : ( المستشرقون اليهود ومحاولة التهوين من قدسية القدس ومكانتها في الإسلام )  وأشار إلى أنهم يستندون في ذلك إلى أمور منها التشكيك في البُعد الديني للقدس عند المسلمين ، والاستناد إلى البعد التاريخي والحضاري لليهود في القدس ، والتشكيك في العمارة الإسلامية ، والتطلع إلى عزل القدس من هويتها العربية الإسلامية .

استغلال شبكة الإنترنت :

   واليوم لليهود مئات المواقع على شبكة الإنترنت لترويج الأكاذيب والمغالطات حول حقوقهم المزعومة في فلسطين ، ونشر الشبهات حول أحقية المسلمين بالقدس وفلسطين في حين أن المواقع العربية قليلة جداً بالنظر إلى الكم الهائل من مواقع اليهود ، فضلاً عن المحاربة والتضييق على تلك المواقع من قِبَلِ الشركات التي تخدم الإنترنت .

 

المحور الثالث

آثارُ عَوْلَمةِ المزاعمِ اليهوديةِ

   لا شك أن تلك الجهود الكبيرة ذات الأهداف الواضحة والاستراتيجية بعيدة المدى قد حَقَّقَتِ الكثيرَ من غاياتها وطموحاتها ، ولا أدل على ذلك من تَبَنِّي الغرب والشرق لليهود اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً ، والسكوت والمباركة لكل ما يقومون به من الجرائم الدولية والإنسانية ، في حين أن المسلمين لا يلقون نصف تلك المواقف ، ولا عشرها ،  وتُسَلَّطُ الأضواء على الهفوات والأخطاء الفردية ، ويُحَمَّلُ المسلمون تبعات وأوزار غيرهم ، ونحو ذلك من الظلم والجور والمبالغة في التحامل على الإسلام والمسلمين ، وما ذلك إلا ثمرة السيطرة اليهودية على وسائل الإعلام العالَمية وتأثيرها الكبير في الرأي العام الشعبي والدولي.

   وقد نجح اليهود في تقديم صورةٍ مشرقةٍ عن دولتهم :

1. فَصَوَّروا للناس أن إسرائيل قوةٌ خارقةٌ تتمتع بجميع صفات التفوق ، وذلك لإجهاض إرادة القتال ، وخَلْقِ حالة من اليأس لدى الأمة العربية .

2. يرسم اليهود صورة جميلة عن المستوطن اليهودي الذي جاء ليعمر الأرض الخراب ، ويستثمر الثروات ، وهو المبدع الذي يواكب العلم والمدنية .

3. يلجأ الإعلام اليهودي إلى تصوير اليهود كضحية للنازية والعداء للسامية ، والتذكير المستمر بالمحرقة المزعومة لاستمرار الابتزاز العالَمي ، واستدرار التعاطف الشعبي والدولي.

4. تصور إسرائيل أن كل ما تقوم به من اعتداءات على المسلمين دولاً وشعوباً إنما هو من قبيل الدفاع عن النفس ، أو محاربة الإرهاب الدولي .[19][19]

5. تعمل إسرائيل جاهدة لغرس المفاهيم الصهيونية في نفس الناشئة اليهود من خلال أدبيات الصغار التي تُبَرِّرُ اغتصاب فلسطين تحت دَعْوَى الحقوق المزعومة ، وتبرر رَفْضَ اليهود الاندماج بالمجتمعات الأُخرى تحت دعوى العِداء للسامية ، وغرس المفاهيم الصهيونية الدينية والعسكرية والعدائية في صورة حكايات بطولات الشخصيات اليهودية التي تحارب من أجل الخير ، وأنه لا خيار إلا القتال .[20][20]

   وقد نجح اليهود في غسل دماغِ الرأي العام العالَمي ، ونجحوا في تحسين صورة اليهودي في أعين الشعوب الأوربية والأمريكية ، ولم يعد اليهودي هو ذلك الجشعُ الخبيثُ الماكرُ الجبانُ ، بل أصبح ذلك الإنسان المثالي المخترع العالِم الشجاع ،ونجحوا في تشويه صورة المسلمين والعرب ، كما أشارت إلى ذلك إحصائية اشتملت على مقارنة بين اليهودي والعربي فكانت على النحو التالي : <A title="" style="mso-footnote-id: ftn21" hre.