أنشطة المركز / للمركز كلمة
أسرانا والتآمر العالمي!
لا زالت قضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الصهيوني تمثل هاجس كبير، وقلق منقطع النظير، نتيجة الممارسات السادية الهمجية لهذا الكيان الغاصب، والحقد الأعمى الدفين بعيدا عن أي إنسانية ضد أسرانا العزل!
بوفاة الأسير الفلسطيني عرفات جرادات ( 30 عاما ) – نحسبه شهيدا- بتاريخ 23/2/2013 في سجون الصهاينة تحت التعذيب؛ يصبح لدينا 203 شهيدا بإذن الله فارقوا الحياة في سجون الاحتلال منذ عام 1967، بدم بارد من هذا المحتل الآثم وصمت مخزي مما بات يعرف بالمجتمع الدولي!
استنكار .. شجب.. دعوة للتحقيق.. بيانات.. تصريحات.. لهذا الحدث المشين المخزي في جبين العالم بأسره، الذي بات يتبجح بحقوق الإنسان والعدل والمساواة والحرية!! حتى أصبح شعارات يذبح باسمها وينكل بالفلسطيني ويضطهد في معظم بقاع الأرض دون حسيب ولا رقيب!
والعجيب أن معظم تلك المؤسسات الدولية والإسلامية والعربية والفلسطينية؛ يطالبون بالتحقيق في ملابسات وفاة الأسير الفلسطيني، وما عرفوا أن القاتل والقاضي والجلاد هو ذاته! بل لديهم من وسائل التحايل والتزييف والكذب ما يعجز عنها حتى الشيطان، في تضليل الرأي العام وقلب الحقائق!
لقد أعز الله المسلمين عندما كانت لهم مواقف مشرفة إزاء الأسرى؛ لأنهم استقوا ذلك من قوله عليه الصلاة والسلام ( فكُّوا العانِيَ، يعني: الأسيرَ، وأطعموا الجائعَ، وعودوا المريضَ )[1]، حتى بذل العلماء والخلفاء والأمراء والحكام عبر التاريخ، جهودا مضنية لتحرير الأسرى وإطلاقهم من قيود الذل والهوان، ومع ذلك يظهر القرطبي الله التقصير الكبير في زمانه فكيف لو رأى زماننا؟! يقول رحمه الله(لقد أعرضنا نحن عن الجميع بالفتن فتظاهر بعضنا على بعض! ليت بالمسلمين، بل بالكافرين! حتى تركنا إخواننا أذلاء صاغرين يجري عليهم حكم المشركين، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!)[2].
ومن أروع النماذج في فكاك الأسرى، عندما عاد المنصور بن أبي عامر – أحد ملوك المسلمين في الأندلس- من حربه وانتصاره على الفرنج إلى عاصمته، تلقته امرأة مسلمة، وقالت له: أنت والناس يفرحون، وأنا باكية حزينة! قال: ولماذا؟ قالت: ولدي أسير عند الفرنج! فلم يذهب المنصور إلى قصره، وإنما سير الجيوش فورا، وأمرهم أن يقاتلوا الفرنج حتى يخلصوا ابنها من الأسر، وجاءوا به حُرا طليقا[3].
لكن:
من يهن يسهل الهوان عليه * ما لجرح بميت إيلام
الكيان الصهيوني وقّع على العديد من الاتفاقيات الدولية التي تمنع التعذيب وهي ( الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، اتفاقية مناهضة التعذيب، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، اتفاقية جنيف الرابعة ) إلا أنه مارس أبشع وشتى وسائل التعذيب الجسدي والمعنوي بحق الأسرى الفلسطينيين والعرب في سجونه، إذ عُرف بني يهود بنقض العهود ونكث المواثيق، كما قال تعالى (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ )[4]، في الوقت ذاته يرفض قانون الكيان الصهيوني اعتبار حالات التعذيب جريمة بل ذهبوا لأكثر من ذلك، فكل من يروج لذلك إنما يقترف إساءة إلى الشرطة والقوانين العسكرية!
ينبغي أن تتصدر قضية الأسرى جميع القضايا المطروحة لأهميتها وخطورتها، فالأسير ضحى بحريته وعمره في سبيل الدفاع عن مقدساتنا، فهل نكافئه بالصمت المطبق أو السكوت المخزي أو مجرد التنديد والشعارات!! فلابد من وضع إستراتيجيات عملية مرحلية واضحة المعالم قابلة للتطبيق، مع مراعاة الأحوال العامة والإمكانيات المتاحة، لنصرة أسرانا.