فلسطين التاريخ / منتقى الأخبار

علماء المسلمين: الوقت حان لسحب مبادرة السلام

 

الاثنين17 من جمادى الثانية1431هـ 31-5-2010م

مفكرة الإسلام: أصدر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين برئاسة الدكتور يوسف القرضاوي بيانًا بخصوص الاعتداء "الإسرائيلي" الدموي الذي استهدف قافلة الحرية التي كانت تحمل مساعدات إلى قطاع غزة.

وقد أدان البيان الجريمة البشعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال بحق النشطاء الأبرياء الذين أرادوا التضامن مع شعب غزة القابع تحت الحصار.

واستعرض البيان تفاصيل وملابسات المذبحة التي وقعت فجر اليوم الاثنين وطالت البرلمانيين والمثقفين والنشطاء الحقوقيين والإعلاميين الذين كانوا على متن القافلة.

وأكد البيان أن ما ارتكبته "إسرائيل" اليوم يعد دليلاً جديدًا على ضرورة وضع هذا الكيان في قفص المجرمين العالميين.

وأوضح البيان أنه من الضروري توجيه كل التحية والتقدير لشرفاء وأحرار العالم الذين ضحوا بأنفسهم وقدموا خالص الجهود من أجل الوصول إلى أهالي غزة بالمساعدات رغم تهديدات الاحتلال.

ودعا الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين جميع الشعوب العربية والإسلامية وكل مناصري السلام في العالم إلى الخروج والتظاهر للتعبير عن الشجب والإدانة الشديدين للجريمة النكراء التي وقعت اليوم، مشددًا على أن الوقت قد حان لسحب مبادة السلام العربية المطروحة على الكيان.

وكذلك شدد البيان على ضرورة استمرار وتفعيل المقاطعة للبضائع والمنتجات الصهيونية، مع التأكيد على الثقة الكاملة في أن النصر سيكون في نهاية المطاف حليف شعب غزة الصامد المتمسك بحقوقه والمناضل في وجه الاحتلال.

وفيما يلي نص البيان الصادر عن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين:

(بسم الله ناصر المستضعفين، وقاصم الجبارين، ومذل المتكبرين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله و صحبه أجمعين. (وبعد)

  فقد فجع فجر هذا اليوم العالم بجريمة نكراء جديدة ارتكبتها الأيادي الصهيونية ضد "قافلة الحرية" أو " أسطول كسر الحصار" وهو يتكون من عدد من السفن تضم حوالي 750 مناصرا لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة منذ أربع سنوات، وهم يمثلون مواطني 50 دولة من بينهم عدد من البرلمانيين والمثقفين والنشطاء الحقوقيين وبعض وسائل الإعلام.

قرر هؤلاء الأحرار أن يقوموا برحلتهم هذه التي انطلقت من أكثر من دولة ليلتقي جميعها في المياه الدولية بالقرب من جزيرة قبرص محملين بعدد من المواد الغذائية والطبية وبعض مواد البناء، ليكسروا بها الحصار الذي تفرضه الدولة الصهيونية على قرابة مليوني فلسطيني في قطاع غزة منذ الحرب الظالمة، متحدّين التهديدات الإسرائيلية التي أطلقتها بمنعهم من الوصول إلى القطاع.

وفي حدود الساعة الرابعة من صبيحة هذا اليوم الإثنين 31 مايو بتوقيت مكة المكرمة، وقبل أن تصل هذه القافلة إلى المياه الإقليمية لغزة بحوالي 20 ميلا وهي لازالت في المياه الدولية حاصرتهم السفن والبوارج الإسرائيلية الحربية والطوافات من فوقهم لإنزال الجنود الصهاينة المدججين بالسلاح على متن هذه السفن المسالمة، متجاوزين ومتحدّين بذلك كل القوانين والأعراف الدولية التي تنظم حركة الملاحة في المياه الدولية، فتصدى هؤلاء الأبطال لهذه الجيوش التي كانت تعد بالمئات بصدورهم العارية وأياديهم البيضاء الطاهرة، فرفضوا الانصياع لأوامر هذه القوات المدججة بتحويل وجهتهم إلى أحد الموانئ الإسرائيلية.

فما كان من هذه القوات المسلحة بأحدث أنواع الأسلحة إلا أن تنطلق بإطلاق الرصاص عشوائيا على هؤلاء المسالمين لإرهابهم وتخويفهم وجعلهم يمتثلون لأوامر تحويل الوجهة بالقوة، فأصابوا منهم العشرات من بينهم إلى حد كتابة هذا البيان حوالي 19 شهيدا و26 جريحاَ أغلبهم من الإخوة الأتراك من أحفاد السلطان عبد الحميد كما صرح أحد المشاركين في القافلة قبل انطلاقتها من السواحل التركية.

وأمام هذه التطورات الخطيرة جدًا، وهذه الهمجية الصهيونية التي لا ترقب في مؤمن إلاّ ولا ذمة، ولا ترعى لأحد عهدا ولا حرمة، والتي تقتل المدنيين بكل جرأة، ولا تراعي أي ضابط أخلاقي أو قانوني، متحدية الإرادة الدولية، ومنتهكة كل القوانين والأعراف والمواثيق المتعارف عليها بين شعوب هذا العالم، مما جعلها ككيان فوق العقاب والحساب، فإن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يعلن ما يلي:

1-أن هذا الكيان وبإقدامه على هذه الجريمة البشعة والنكراء يؤكد من جديد سياسة الإجرام التي عرف بها مع شعبنا الفلسطيني على امتداد أكثر من 80 سنة، منذ قيام دولته وقبل أن تقوم. وما هذه الجريمة إلا دليل آخر على أن هذا الكيان يجب أن يوضع في قفص المجرمين العالميين، و يحاصر مسؤولوه على أنهم (مجرمو حرب) من الدرجة الأولى.

2-يحييّ الاتحاد هؤلاء الأحرار الذين تكبدوا مشاق هذه الرحلة، ويترحم على شهدائهم الذين سقطوا من أجل الحق والعدل والحرية، وضد الحصار والظلم والاحتلال، ويدعو للجرحى بالشفاء العاجل.

3-كما يحيّي الاتحاد وبشكل خاص الأخوة الأتراك الذين شاركوا في هذه القافلة والذين زاد عددهم عن ثلثي المشاركين ومن ورائهم سائر الشعب التركي البطل، وكذلك الحكومة التركية النبيلة والشجاعة، التي ساندت ودعمت هذه القافلة منذ انطلاقتها، وكذلك تحركها العاجل والمشرف بعد وقوع الجريمة، ونقول لهم: إن مواقفهم المشرفة من قضية فلسطين ومن حصار غزة، ومن قضية القدس والمسجد الأقصى، ستضاف إلى الموقف التاريخي الذي خطه السلطان عبد الحميد الثاني رحمة الله عليه حين رفض أن يبيع أو يتنازل عن شبر واحد من أرض فلسطين الى اليهود.

4-يدعو الاتحاد جميع الشعوب العربية والإسلامية وجميع الأحزاب والقوى الوطنية وأحرار العالم، رجالهم ونسائهم، شيوخهم وشبابهم إلى التظاهر والتعبير عن رفضها السلمي لهذه الجريمة الهمجية البشعة، وتكثيف هذا التظاهر يوم الجمعة القادم ودعوة الخطباء في المساجد إلى التنديد بهذا الجرم الكبير واعتباره يوم غضب شعبي إسلامي ضد العدو الصهيوني، ويوم نصرة لشعب غزة الصابر والمصابر المظلوم.

5-يجدد الاتحاد دعوته للجهات الرسمية العربية ممثلة في الحكام والملوك والجامعة العربية والسلطة الفلسطينية بالتوقف عن التحاور وطرح مبادرات سلام مع هذه العصابات المجرمة التي لا تعرف للسلام طريقًاَ ولا تؤمن إلا بقانون الغاب، فأقل ما يمكن أن نفعله أن لا نكون في من يساهم في تجميل صورة هذا الكيان وإبرازه وكأنه بالفعل يؤمن بالحوار والسلام، فاسحبوا هذه المبادرة العربية التي قتلها هذا العدو وأشبعها موتًا بهذه الأعمال الإجرامية التي يرتكبها باستمرار.

6-يدعو الاتحاد كل أعضائه المنتشرين في كافة أنحاء العالم أن يكونوا في مقدمة الصفوف، ويتقدموا كل التحركات السلمية التي تندد بهذه الجرائم الصهيونية، وأن لا يدخروا جهدا في كشف خبث هذا الكيان الإجرامي الدموي الخارج عن كل تعاليم الأديان وقيم الأخلاق، ومواثيق حقوق الإنسان، وعن كل القوانين والأعراف الدولية، مستخدمين في ذلك كل ما لديهم من إمكانيات إعلامية وتقنية وخصوصا على شبكة الانترنت حتى نكشف جرائمه لكل أحرار العالم.

7-ويجدد الاتحاد دعوته إلى العرب والمسلمين والشرفاء في العالم: أن يقاطعوا البضائع الصهيونية، وكذلك بضائع أمريكا التي تناصر الدولة الصهيونية بالحق وبالباطل، فأقل ما يجب على المظلوم ألا يربح ظالمه.

8-وإننا على يقين أن شعب غزة وشعب فلسطين منصور في النهاية {إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصافات:173،172] وقد قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته" ثم تلا: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود:102].

{وَقُل لِّلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ * وَانتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ} [هود:122،121].)

 

 

.