فلسطين التاريخ / الواقع والمأمول

هل تخطئ البوصلة طريقها مرة أخرى

هل تخطئ البوصلة طريقها مرة أخرى

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول االله - صلى الله عليه وسلم-، وبعد:

 

مما لايخفى على القاصي والداني ماحدث في الأيام الأخيرة، لما يُسمى :"بأسطول الحرية"، بتلك السفن التي حملت المؤن والاحتياجات لإخواننا في أرض الرّباط .ونسوا أنهم يتعاملون مع عدوٍ وصفه الله - تعالى – بقوله:" وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا ......الآية" (المائدة:33) والتعبير في الآية بالفعل المضارع ليفيد الاستمرار، فهم يسعوْن دائماً في الأرض بالفساد والإفساد. وهذه المرة هي إحدى أجزاء مسلسل الذلّ الذي يعيش فيه أبناء العروبة ،الذين فضلوا ويفضلوا السير دائماً خلف الأطلال ، فيكفيهم: "أمجاد يا عرب أمجاد"، "الحلم العربي"، وغيره مما يثبت أننا سنظل بهذه الصورة ، التي نراها مع كل جزء في هذا المسلسل السمج الذي نعيش معه في كل مرة.

لأننا - وبكل سهولة – فرّقنا الجسد الواحد ......الأمة الواحدة......الأمة الإسلامية.

فرقناها الى جُزئيات ودويلات صغيرة تحتل واحدة تلو الأخرى بأدنى الطرق.

تركنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، سبب وحدتنا وقوتنا ، واستمسكنا بالصنم الذي وضع ليغرقنا باسم العروبة، والقومية العربية.

تفرقت هذه الأمة بعد أن كنا أعز الناس . وحتى هذه ما نجحنا فيها، فالعربي القديم كان ذا رجولة ونخوة وسمات. كان حقاً على النبي- صلى الله عليه وسلم – أن يقول: "إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق"- أخرجه  ابن سعد والبخاري في الأدب المفرد والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان ، والحديث في صحيح الجامع من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه-.

فالعربي القديم كان لايرضى بالذل الذي يعيشه أبناء العروبة المزعومة اليوم. سمعنا أن ابن مضر كان يفتخر ويقول:

إذا ما غـضـبـنا غضبة مغريـة     هتكنا حجاب الشمس أو يقطر الدم

وإذا ما أعـرنـا سيـدا منـبـر        ذرا عليه فصلى علينا وسلما

وذلك لأنه :"عربي أصيل"

 

وفي معلقة عمرو بن أم كلثوم  إذا كان يفتخر بتلك العروبة يقول: 

أبا هند لاتعجل علينا                       وأمهلنا نخبرك اليقين

ظللت أبحث في هذه المعلقة فوجدته في بيت منها قال فيه:

إذا بلغ الرضيع منا الفطاما                       خرَّ الجبابر له ساجدينا

رضيع العرب لما يُفطم يخرُّ جبارو العدو له ساجدين، حقاً سبحان اللّه.......

 

حتى هذا الصنم، صنم (القوميات العربية)، ما قدرناه حق قدره، فحتى مايضاد دين الله -تعالى- بالكلية، ما استمسكنا به كما يجب. فلما يتكلموا عن العروبة  الزائفة، أتذكر أمروء القيس لما قال في معلقته:

قفا نبكي من ذكرى حبيب ومنزل            بسقط اللواء بين الدخول

وقوفاً بها صحبي على مطيهم               يقولون لاتهلك أسى وتجملي

فعروبتنا زائفة-والحمد لله تعالى- لأنه لا فرق بين عربي على عجمي إلا بالتقوى والعمل الصالح . وقد قال –تعالى-:"يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ" (الحجرات:13). وديننا-أيضاً- فيه نظر ، ونظر كبير.

والسؤال:

إلى متى سنظل هكذا؟!! ذل...... انكسار...... انحطاط...... تخلف...... الخ

كنا بالأمس : نستنكر، ونشجب، وندين.

اليوم :استمرقنا كل ما يفعل بنا ، طالما  الأمر بعيد عنا ، ونسينا(من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم) ونسينا أنها مقدساتنا ، أنها أرضنا ، ومساجدنا ،وديارنا، والأهم: إخواننا وأخواتنا ،وأبناؤنا وبناتنا.

فلابد أن نعلم أن ديننا  بيّن لنا الصلة التي بيننا نحن المسلمون، وبين أحفاد القردة والخنازير، أشر خلق الله- تعالى- في الأرض، إلى قيام الساعة، وذلك في التقرير الذي وضعه رب العزة - سبحانه وتعالى- في محكم تنزيله ، حيث قال - تعالى-"وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً{4} فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً{5}"(الإسراء:4-5).

فحينما اقرأ هذا النص الحكيم من القرآن ، أرى أن الآيات تشير ٍإلى عمر- رضي الله عنه - ،" عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ"، دخل بيت المقدس وتسلم مفاتيحه بسلام بلا حرب وتدغل فيه برفق وكأنه يدخل بيته فحقاً : "فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ" ولسرعان ما أقارن بين عمر - رضي الله عنه – وبين من يتقلدوا أمور المسلمين الذين يروا رأي العين ما يحدث وما سيحدث طالما نحن بهذه الصورة التي نحن عليها.

وأتعجب أيما إعجاب حينما أقرأ باقي التقرير الرباني حيث قال - تعالى-:"....... فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً{7}"الآيات.

القائل هو الله - تعالى - ، لمن؟ لمن يدين بهذا الكتاب.

ورغم ذلك، أي رغم أن الله - تعالى – يخبرنا أنه الإسلام معهم ، لا معاهدة معهم ،لا دخول للمسجد إلا "لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ" وأيضاً "وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً"، أي نسئ وجوههم ، ونحطم علوهم وكبرهم وعنادهم، وأسطورة شعب الله المختار.

ونبينا أيضاً يوضح لنا ذلك - مع القرآن- صراحة حيث أخرج الإمامان البخاري ومسلم في صححيهما والترمذي في جامعه واللفظ للشيخين من حديث عبدالله بن عمر-رضي الله عنهما- :أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم –قال: "تقاتلون اليهود،حتى يختبئ أحدهم وراء الحجر ،فيقول:ياعبد الله، هذا يهودي ورائي فاقتله" ورغم كل ذلك نعقد المؤتمرات للسلام - المزعوم - ،والهدنة - الزائفة- ،والمعاهدات - الباطلة-.

"إنا لله وإنا إليه راجعون".

وصدق الله تعالى إذ يقول: "إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ.......الآية"(الإسراء:9)

فهلا رجعنا إلى القرآن.... إلى ديننا.... إلى سنة نبينا –صلى الله عليه وسلم-؟

فلابد من هذا تحقيقاً لقول الله تعالى: "وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ........الآية"(الأنفال:60)

فعلى كل مسلم أن يُعد نفسه وبيته إعداداً جيداً دينياً ودنيوياً، للقاء المرتقب . يعبد ربه بحق كما جاء على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم- ، فالله -سبحانه وتعالى-  وعد بذلك: "وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا......الآية"(النور:55).

الشرط في الآية أن يحقق قوله - تعالى-:" يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا".

فيجب على المسلم إذا رأى ما يفعله بنو يهود في المسليمن ، يزيده عقيدة في دينه ، وفي كتابه ، وفي سنة نبينا ، ويزيده إصراراً على الإعداد لليوم الذي يقاتل فيه اليهود ، ويختبئ اليهودي خلف الحجر ، فينطق الحجر والشجر : يا مسلم يا عبدالله تعال ورائي يهودي فاقتله.

رحم الله الشهداء ، وكتب لأهليهم الصبر، وأيد المجاهدين بنصره وتوفيقه.

 

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم،،،،،

 

كتبه

أحمد بن منصور آل سبالك

 

فجر يوم الثلاثاء الثامن من شهر يونيه لعام عشرة وألفين من الميلاد

الموافق الخامس والعشرين من شهر جمادى الآخرة

لعام واحد وثلاثين وأربعمائة وألف من الهجرة النبوية الشريفة

 

 

.