فلسطين التاريخ / تهويد وتزوير وإجرام
حائط المبكى أم حائط البراق
هو الحائط الذي يقع في الجزء الجنوبي الغربي من جدار المسجد الأقصى المبارك ويطلق عليه اليهود (حائط المبكى) حيث زعموا أنه الجزء المتبقي من الهيكل المزعوم وتأخذ طقوسهم وصلواتهم عنده طابع العويل والنواح على الأمجاد المزعومة.
وحائط البراق يبلغ طوله حوالي (50) متراً وارتفاعه حوالي عشرين متراً ويعد من الأملاك الإسلامية والثابت أنه حتى القرن السادس عشر لم يكن أي ارتباط لليهود بذلك الحائط وكان تجمعهم حتى 1519م قريباً من السور الشرقي للمسجد قرب بوابة الرحمة ثم تحولوا إلى السور الغربي.
وجاء في دراسة للدكتور عادل حسن غنيم أستاذ التاريخ بجامعة عين شمس أن السلطان العثماني سليمان القانوني هو الذي أصدر فرماناً يقضي بالسماح لليهود بمكان محدود للصلاة عند الحائط الغربي.
ويقول غنيم في كتابه ((حائط البراق أم حائط المبكى)) أن اليهود لم يظهروا في الماضي أي اهتمام قط بالحائط الغربي فبعد أن أعيد بناء الهيكل للمرة الثانية في عهد هيردوس عام 40 قبل الميلاد كان المكان جزءاً من مركز تجاري ولم يكن له أهمية دينية وأن اليهود كانوا يجتمعون للصلاة عند جبل الزيتون وعند بوابات المسجد الأقصى ويضيف غنيم هذا في كتابه نقلاًَ عن مرجع أمريكي ((وعندما منعوا دخول المدينة أثناء حكم الصليبين كانوا يُصَلُّّون عند الحائط الشرقي للحرم غير أن تغيراً حدث حيث كانت هجمات البدو سبباً في عدم تجمعهم للصلاة على جبل الزيتون فاتجهوا إلى مساحة قرب الحائط الغربي للحرم الشريف حيث أصدر سليمان القانوني فرماناً بمكان محدود لليهود للصلاة عند الحائط الغربي وهكذا أصبح الحائط رمزاً لليهود.
فحائط البراق لم تكن له أهمية دينية في اليهودية قبل نحو أربعة قرون حيث كان اليهود يصلون عند الحائط الشرقي للمسجد الأقصى قبل أن يتحولوا عنه بسبب هجمات البدو.
ويذكر غنيم أن مرجعاً صهيونياً آخر يتفق مع ماورد في المرجع الأمريكي من أن سليمان القانوني هو الذي سمح لليهود بمكان للصلاة عند الحائط الغربي للمسجد الأقصى ويقول: أن الموسوعة اليهودية الصادرة في القدس عام 1971م تقول أن الحائط أصبح جزء من التقاليد الدينية في حوالي 1520 هـ نتيجة للهجرة اليهودية من أسبانيا وبعد الفتح العثماني سنة 1517هـ.
ويذكر المؤرخ أيضاً أنه بعدما قامت قوات محمد علي الذي حكم مصر في الفترة بين عامي 1805 و1848م بفتح بلاد الشام ودخول بيت المقدس، اتبع سياسة التسامح مع أهلها وحصل اليهود على الأمن لدرجة أعربوا فيها عن سعادتهم بعدالة الدولة المصرية، وقد حاول اليهود في هذا الجو استغلال الظروف المواتية في تلك الفترة للحصول على مزيد من المزايا وطالبوا بالسماح لهم بشراء الأملاك والأراضي الزراعية إلا أن محمد علي رفض ذلك وأصدر قرار بحظره.
وجاء إبراهيم باشا ابن محمد علي باشا فسمح لليهود بالاقتراب من الحائط الغربي من المسجد الأقصى والبكاء عنده مقابل 300 جنيه انجليزي كانوا يسددونها سنوياً لوكيل وقف أبو مدين ((وقف أبو مدين هو أرض مجاورة للحائط الغربي وقفها الملك الأفضل بن صلاح الدين عام 1192م على الحجاج المغاربة حيث تم بناء منازل لهم فيما عرفت باسم حي المغاربة ثم أطلق عليها فيما بعد اسم (أبي مدين الغوث) وتم توثيق الوقفية عام 1630 ميلادية)) .
وأخيراً ...
حائط البراق لا خلاف أنه جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى وعندما حدث خلاف على ملكيته بين المسلمين واليهود أقرت عصبة الأمم المتحدة في ذلك الوقت على أن للمسلمين وحدهم تعود ملكية الحائط الغربي وهو جزء لا يتجزأ من ساحة المسجد الأقصى المبارك التي هي من أملاك الوقف الإسلامي).
وأثبتت الحفريات التي تمت من قبل اليهود تحت حائط البراق والمسجد الأقصى على أن الآثار الموجودة جميعها آثار إسلامية وليس هناك أي أثر للحضارة اليهودية المزعومة ولا هيكلهم الذي يزعمون أن هذا الحائط بقية من آثاره.
ويشير غنيم إلى أن اليهود لم يدّعوا ملكيتهم للحائط أمام اللجنة لكنهم طالبوا بحقهم في الدعاء أمامه وإلى أن كتاب الدولة اليهودية لتيودور هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية الذي يتحدث فيه بالتفصيل عن كل النقاط المتعلقة بالدولة اليهودية المرتقبة لم يذكر كلمة واحدة عن الحائط ويقول غنيم ((ولوكان للحائط عندهم هذه الأهمية التي يتغنون بها الآن لأشار إليها هرتزل ولو مجرد إشارة )).
عبد الرقيب العزاني
.