فلسطين التاريخ / تقارير

سلاحُ المقاومة الفلسطينية.. عقولٌ مدبِّرَةٌ وأيدٍ منتجةٌ

محمد الناجي

مركز بيت المقدس – غزة

 

          اعتمدت المقاومة الفلسطينية في صدِّها للعدوان الصهيوني الغاشم على العديد من الأسلحة المختلفة والمتنوعة، وهذا ليس غريبًا؛ فكل محتلٍّ يواجه بمقاومة متعددة الأشكال والأنواع، ولقد كانت المقاومة الفلسطينية خلال الأعوام السابقة تعتمد في سلاحها على التهريب من الخارج من خلال طرق ملتوية وصعبة، ينجح بعضها، ويفشل البعض الآخر!

ومع مرور الأيام أدركت المقاومة الفلسطينية أهمية أن تُصَنِّع سلاحها بيدها، فصنعت الصواريخ وفق مَدَياتٍ معينة، وفي مراحل زمنيَّةٍ مختلفة فبدأت بالصاروخ الذي يبلغ مداه 1 كيلو، وخلال الأيام تفَوَّقت المقاومة ووصل بها الأمر لتصل صواريخها إلى مدى 160 كيلو!

لقد تميّزت تلك الجولة من الصراع الفلسطيني اليهودي (الحرب على غزة) باستخدام المقاومة الفلسطينية لأنواع متعددة، وأشكال مختلفة من التصنيع الفلسطيني الغزِّي، ولم تستخدم فصائل المقاومة من الصواريخ المصنعة خارج القطاع إلا القليل والقليل جدًّا؛ مما تبقى في مخازنها، والذي تمَّ إدخاله للقطاع قبل أعوام عديدة.

في هذا الشأن صرَّح القيادي في حماس أسامة حمدان بأنَّ المقاومة لا تستعمل إلا الصواريخ المصنَّعة محليًّا، ولم تستعمل في هذه الحرب من الصواريخ المهرَّبة من الخارج إلا صواريخ الغراد الليبية فقط!، وأضاف أن المقاومة تصنع الصاروخ خلال دقائق، وان الصاروخ الذي يطلق تجاه الكيان الصهيوني يتم تصنيع بدلًا عنه فورًا، وأن تكلفة الصاروخ (محلي الصنع) اقل بكثير من الصواريخ التي يتم إدخالها لقطاع غزة عبر الأنفاق سابقًا.

وعليه فإنه لا فضل لأحدٍ بعد الله عز وجل في انتصار المقاومة وإبداعها وتألقها إلا لسواعد مجاهديها الأشاوس الذي أبدعوا وتميزوا، وفاقوا كل التوقعات، وفاجئوا القريب والبعيد بصناعاتهم المحلية التي تعجز عن فعلها دول مستقلة، وحكومات كبيرة!!

والناظر لهذا التطور النوعي والمشهود لفصائل المقاومة الفلسطينية يجب عليه أن يقف عند بعض الدلالات والآثار المترتبة على تصنيع المقاومة لسلاحها بنفسها:

  • 1- إن تصنيع المقاومة في غزة سلاحها بنفسها فيه إشارة إلى فشل الحصار المضروب على قطاع غزة منذ ثمانية أعوام؛ لأن الاحتلال الصهيوني عندما فرض الحصار على القطاع وشدَّده خشية وقوع هذا الأمر، ولكن المقاومة لم تنحسر، وإنما ازدادت نُمُوًّا وتألُّقًا.
  • 2- تصنيع المجاهدين سلاحهم بأيديهم يجعل قرارهم بأيديهم، دون أن تؤثر عليهم الأجندات الخارجية، أو تفرض عليهم الدول الممولة للسلاح رأيًا أو شرطًا، وعليه فإن المقاومة الفلسطينيَّة بذلك تضمن استقلاليتها، وعدم تبعيتها لدولة أو منظمة أو حركة بعينها!
  • 3- إبداع المقاومة في مجال الصناعات العسكرية المختلفة يُبْرز تفوقها، ونجاحها في كسر كل الحواجز، وبفضل الله أصبحت المقاومة في غزة تفوق بعض الدول في بعض الصناعات والإبداعات؛ كصناعة الطائرة بدون طيار، والتي لا تمتلك أي دولة عربية هذا النوع من الطائرات، وكذلك صناعة المقذوفات الصاروخية التي لا تستطيع دول كبرى في المنطقة تصنيعها، وإنما تكتفي بتملكها وحيازتها عن طريق الاستيراد من الدول الأخرى. وبالإمكان الإضافة على هذا بأن صواريخ المجاهدين في غزة تم تطويرها أكثر من تلك الصواريخ التي يتم تهريبها إلى القطاع، بل إنهم نجحوا في اختراع منظومة مضادة لمنظومة القبة الحديدية المخصصة لاعتراض الصواريخ المنطلقة باتجاه الكيان، وهذا اختراع غير مسبوق بفضل الله عز وجل، أدخل العدو في متاهة ودوَّامةٍ اخرى!
  • 4- استطاع المجاهدون –بفضل الله – أن يُصَنِّعوا سلاحهم، ويهدفون من وراء هذا السلاح تحير فلسطين، واستعادة المقدسات، وتخليص الأسرى، والذود عن الدِّيار، في حين أنَّ كثيرا من دولنا تصنع أسلحتها لتباهي بها الدول الأخرى، أو لتكدسها في المخازن، أو لتقتل بها أبناء شعبها. وبعض من الدول تدَّعي زورًا وبهتانا أنها ستزيل الكيان الصهيوني عن الوجود، وقد مضى على قيامها عشرات السنين، ومجهزة بأفضل أنواع الأسلحة إلا أنها لم تطلق صاروخا واحدًا باتجاه الكيان الصهيوني، واكتفت بالجعجعة والتصريحات الخدَّاعة، وحوَّلت وجهتها، وسخَّرت سلاحها لقتل المسلمين واهل السنة في العراق وسوريا.
.