دراسات وتوثيقات / دراسات وبحوث
صناعة الموت الصهيونية
صناعة الموت الصهيونية
داود الشراد
لاشك أن استهداف المدنين وقتلهم بجانب طردهم من مدنهم وقراهم، كان ولازال هدف الكيان الصهيوني منذ قيامه في أرض فلسطين، ولا يتوانى الصهاينة في سبيل ذلك من إشعال المحارق وارتكاب المجازر وتوسع دوائر الدمار والهلاك.
وتشير الكثير من المعطيات والتحقيقات الدولية على أن هذا الكيان استخدم في كل حروبه مع الدول المحيطة به، احدث ما تنتجه الصناعات العسكرية الأمريكية من أسلحة محرمه دولياً، وبدون أي وازع أو مانع أخلاقي أو إنساني، ولعل حرب 12 يوليو 2006 على لبنان، والهجوم البربري في نهاية 2008 على قطاع غزه، وما خلفاه من دمار هائل وقتل وتشريد لمئات السكان لخير دليل على ذلك العمل الإجرامي. إذ شنت طائرات العدو خلال أسابيع الحرب الثلاثة على القطاع نحو 2500 غاره، وألقت مليون كجم من المتفجرات، بالإضافة إلى كميات كبيرة أخرى أطلقتها الدبابات والمدافع والمدمرات والسفن الحربية.
ولقد أمكن التيقن من العديد من الدلائل على استعمال تلك الأسلحة المحرمة بشكل كبير ومتعمد. فبعد زمن قصير من بدء العمليات العسكرية، ومع تنامي أعداد الشهداء والجرحى، أمكن ملاحظة أنواع من الإصابات غير المعهودة من قبل.
ونحاول فيما يلي بإيجاز رصد عدد من الذخائر والمتفجرات المحرمة التي استخدمها الكيان الصهيوني في حروبه الأخيرة، رغم أن معظمها لا يزال تحت التجارب السرية:
(1) قنبلة دايم:
ظهرت متفجرات المعدن الخامل عالي الكثافة (Dense Inert Metal Explosives) DIME، لأول مرة في مختبرات سلاح الطيران الأمريكي بمشاركة علماء من مختبرات لورنس ليفيرمور، بعد سلسله من التجارب لإنتاج قنابل ضد المناطق المأهولة، قادرة على أحداث ضغط منخفض مع ارتفاع في النبض Impulse، ولها تأثير يقتصر على نطاق محدود، مما يحد من الأضرار الناجمة عنها. وقد اكتملت التجارب عليها في أغسطس 2004، وكانت التجربة النهائية MK-82 في بداية عام 2005 . وقد تمخضت فكرة تطور قنابل عالية الفعالية ضمن مدي قطري صغير، أساساً، نتيجة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، التي ضربت نيويورك.
وتعتبر قنبلة المعدن الخامل الأفضل للاستخدام في المناطق السكنية، لأنها لا تحدث ذات التدمير الذي تشكله القنابل الاعتيادية الأكبر حجماً. لكن تأثيرها يكون مهلكاً لسكان المدن، كما قد تؤدي إلى نتائج سميه وسرطانية.
وفي مقال نشر في أحد الصحف الأمريكية في سبتمبر 2006، تحدث الكاتب عن الدمار المرافق Collateral damege، إذ تسبب مسحوق معدن التنجستن الخامل Inert Tungsten المستخدم في الأبحاث في تنامي معدلات الإصابة بالسرطان عند فئران التجارب.
إن فكرة قنبلة الدايم تعتمد على زيادة نفاذية الأجزاء الناتجة عنها، وذلك لرفع كفاءتها ضمن مدى قطري صغير. ولذلك فهي تتضمن معدن التنجستن الخامل، عوضاً عن المعادن الاعتيادية الأخرى I.M.E، التي تستعمل في القنابل التقليدية مثل الألمونيوم.
وتتركب القنبلة من غلاف Casing من ألياف الكربون Carbon Fiber، التي تمتاز بمتانتها وخفة وزنها. وتحوي بداخلها مسحوق عالي الكثافة، يتكون من خليط متجانس من سبيكة معدن التنجستن الثقيل (HMTA)، مع معدن الكوبلت والنيكل أو الحديد، ومواد متفجرة (مثل RDX أو CHMX). وهناك نوعان من سبيكة HMTA الثقيلة: (1) rWNiCo، وتتركب من تنجستن (%93-91)، نيكل (3-5 %)، وكوبلت (2-4 %). (2) rWNiFe، هي تنجستن (%93 - 91)، نيكل (3 - 5 %)، وحديد (2-4 %). ويعمل هذا المسحوق عند الانفجار كشظيات مجهريه Micro-Shrapnel (دقيقة جداً)، ويكون تأثيرها قاتلاً ضمن مدى نحو 4م من موقع الانفجار، وتفقد بعد ذلك عزمها نتيجة مقاومة الهواء، وتتوقف بعد نحو ما يعادل 40 مره من قطر الشحنه، وذلك مما يرفع من قدرتها على قتل الناس، خلال بضع أمتار من موقع الانفجار، والإصابة والتدمير لما وراء ذلك. ولا يتفاعل التنجستن كيميائياً لحظة الانفجار، وبخلاف ذلك تماماً مسحوق الألمونيوم الذي يزيد من قوة الانفجار. ويمتص التنجستن جزء من الطاقة الناتجة من الانفجار. ويعجل ذلك من قدرة الشظايا المجهرية على اختراق الأجسام الحية، فتحدث قطعاً في الأنسجة والعظام وغيرها في الجسم، وبخاصة في الإطراف السفلى، بسبب موقعها في اتجاه سقوط المسحوق المعدني.
وغطاء القنبلة الخارجي، الذي يتركب من ألياف الكربون، سهل الانفجار، إذ يتفتت إلى أجزاء صغيره جداً، تتناثر على شكل غبار. وقد يؤدي استنشاقه إلى الموت المؤكد، مع اندفاع مكونات الخليط المعدني إلى الخارج بسرعة عظيمه، ثم تتباطأ نتيجة المقاومة بشكل كبير، خلال زمن ضئيل، وتهوي إلى الأرض بفعل الجاذبية الأرضية.
وعلاوة على القتل والتشويه والحرق وبتراً الإطراف linbs amputated، فقد أشارت دراسة علميه أعدها معهد عسكري أمريكي في عام 2005، إلى أن الشظايا المجهرية تشكل نوعاً من المواد المتفجرة، يؤدي استقرارها في الأنسجة المصابة، إلى تعرض المصاب لاحقاً إلى نوع نادر من الأورام السرطانية Rhabomyosarcoma، بعد أن تهاجم الحمض النووي، وتسبب تحولاً ورمياً في خلايا التعظم Osteoblast البشرية. والإصابات بهذه القنبلة غير قابلة للعلاج، لتحول المعدن إلى مسحوق دقيق عوضاً عن قطع معدنية يمكن إزالتها بالجراحة.
وقد اظهر تحقيقاً بثه التلفاز الايطالي في 10 أغسطس 2006، عن إصابات وجروح غريبة ظهرت على عدد من المصابين من الفلسطينيين في قطاع عزه، نتيجة الاعتداءات عليهم، وتتمثل هذه الجروح في بتر للرجلين واليدين ووفيات غير مفهومة بعد أن يكون الأطباء قد عالجوا الجروح الظاهرة. وبين التحقيق أن الصهاينة كانوا يختبرون نوعا جديدا من تلك الأسلحة يعتمد على شظايا من الكربون وغبار المعادن الثقيلة لاسيما التنجستن، التي تدخل الجسم ولا يمكن كشفها عبر التصوير بالأشعة السينية. وهي شظايا تستمر بالاحتراق داخل الجسم المصاب وتؤدي إلى الوفاة في النهاية من دون أن تظهر آثار جروح خارجية واضحة بالضرورة.
وفي 13/1/2009 أعلن طبيبان نرويجيان بعد أن امضيا 10 أيام في قطاع غزة أنهما يشتبهان في أن القوات الصهيونية تستخدم سلاح DIME، الذي يسبب انفجارا ضخما في منطقة محدودة.
وقال أحد الطبيبين M. Gilbert «أنه جيل جديد من المتفجرات البالغة القوة ضمن مساحة محدودة والتي تحدث دويا هائلاً مع قوة هائلة في منطقة لا تتعدى 5-10 م».
وأضاف Gilbert: «لم نعاين ضحايا أصيبوا مباشرة بـ (أسلحة DIME)، لأن هؤلاء غالبا ما يتحولون أشلاء أو لا يستطيعون الصمود، لكننا شاهدنا أناساً بترت أعضاؤهم بشكل عنيف من دون أن يصابوا بشظايا، ونشتبه في أن أصاباتهم تسببت بها تلك القذائف.
(2) الفسفور الأبيض:
قنابل الفسفور الأبيض هي عبارة عن سلاح يعمل عبر امتزاج الفسفور فيه مع الأكسجين، ويعتبر مادة شمعية شفافة وبيضاء ومائلة للاصفرار، وله رائحة تشبه رائحة الثوم، وهو يتفاعل مع الأكسجين بسرعة كبيرة منتجا نارا ودخان أبيض كثيف، وفي حالة تعرض منطقة ما بالتلوث بالفسفور الأبيض يترسب في التربة أو قاع الأنهار والبحار أو حتى على أجسام الأسماك، وعند تعرض جسم الإنسان للفسفور الأبيض فأنه يحدث إصابات أو يؤدي إلى الموت وذلك عبر ثلاث طرق: حروق عميقة تصل إلى الأنسجة، أو استنشاق دخانه، أو بابتلاعه، ويسبب الحرق الشديد أو البلع الوفاة.
ويعتبر الفسفور الأبيض White Phosphorus (WP) مادة متوهجه ودخان تنبعث من أداة احتراقه. أو هو وسيلة agent حجب من الدخان، تتركب من شكل متأصل allatrope كيميائياً شائع من عنصر الفسفور (P4). ولعل فائدة ذخيرة الفسفور الأبيض تكمن في تشكيل ساتر دخاني لإخفاء التحركات العسكرية عن العدو، أو لحجب نيرانه.
وحينما يحترق الفسفور الأبيض في الهواء مع الأوكسجين، فأنه يشكل تحت درجة حرارة عالية جداً خامس أكسيد الفسفور (2P2P5)، وهذه المادة ماصه جداً للرطوبة Hygroscopic، وتمتص بسرعة بشكل مطرد أي اثر للرطوبة، مكونة قطرات من حمض الفسفوريك (4H3PO4). ويؤدي وجود مواد أخرى حال احتراق الفسفور الأبيض، وتحديداً المواد المؤكسدة مثل الكبريت إلى حدوث احتراق وانفجار شديدين.
وتختلف ذخائر الدخان smoke عن الأنواع الأخرى، في أن الفسفور الأبيض ينفجر بشكل سريع محدثاً سداً مباشراً من الدخان، وكنتيجة لذلك فأن ذخيرة هذا العنصر شائعة الاستخدام، وبخاصة في تصنيع رمانات grenades المشاة، وتستخدم للدفاع ضد الدبابات والعربات العسكرية المدرعة الأخرى، وقد تستخدم كجزء من الذخيرة المخصصة للمدفعية أو الهاونات Mortars.
وللفسفور الأبيض تأثير ثانوي، وبشكل أدنى فعالية من الشظايا المسببة للإصابات المعتادة، فهو يحرق بشده. ويمكن أن يسبب احتراق الملابس، والوقود، والذخيرة، والمواد الأخرى القابلة للاحتراق. ويمكن أيضاً استغلاله كسلاح ضد الأفراد، بقدرات مضاعفه لعمل الحروق الشديدة، أو قد يسبب الهلاك. ويكون المدى القاتل للقذيفة الواحدة بقطر نحو 150 م.
ويعتبر هذا السلاح من الأسلحة المحرمة ضد المدنيين، إذ تحظر المادة الثالثة من اتفاقيه جنيف والتي تتعلق بالأسلحة التقليدية، استخدام الأسلحة الحارقة ضد الأهداف المدنية. كما تحد من استخدام تلك الأنواع ضد الأهداف العسكرية المتاخمة لمواقع تركز السكان المدنيين. رغم أن اتفاقية الأسلحة الكيميائية cwc، لا تعتبر هذا السلاح كيميائياً، رغم وجود عدد من الملاحظات والاعتبارات المختلفة. ومن المعروف أن الدول المستخدمة لهذا السلاح هي: الولايات المتحدة، والكيان الصهيوني، وروسيا.
وقد استخدمت الولايات المتحدة هذا السلاح في عملياتها أثناء غزو العراق، وتحديدا في مدينة الفلوجه في أبريل 2004، وأعلنت عن ذلك في نوفمبر 2005، بعد طول إنكار. واستعمل الكيان الصهيوني السلاح في حربه ضد لبنان في عام 2006. وفي ضرب قطاع غزه في 2008/2009.
خصائص الساتر الدخاني:
يعتبر الفسفور الأبيض من أكثر عوامل الحجب الدخاني المعروفة كفاءة، وذلك لسببين: الأول: في أنه يمتص معظم كتلة Mass الساتر من الغلاف الجوي المحيط. وثانياً: لأن جسيمات الدخان تكون من الهباء Aerosol، على شكل سديم من قطرات سائله. وتماثل الظاهرة زجاج عازل ذو تركيب ثلاثي الأبعاد، ولا تعيق سحابة الدخان الصور بسلاسة، ولكن من خلال مزج كلاً من الإشعاع المرئي وتحت الأحمر، وبالتداخل Interfering مع البصريات تحت الحمراء وأنظمة تتبع السلاح، فأنها تعمل على حماية القوات العسكرية من الأسلحة الموجهة، مثل الصواريخ المضادة للدبابات.
وفي حرب لبنان 2006، حينما بدأت ترد صور عن حروق غريبة تم رصدها، بدأ أن هناك احتمالا من اثنين: الفوسفور أو النابالم، لكن الأطباء الذي شهدوا اجتياحات صهيونيه سابقة لم ينتظروا طويلا قبل أن يؤكدوا أن هناك استخداما للفوسفور الأبيض الحارق في ضرب المدنيين. إذ يشتعل الفوسفور الأبيض بشكل تلقائي في الجو حينما تبلغ درجة الحرارة 34 درجة سيليزيه. وذلك يتسبب بحروق من الدرجة الثالثة تمتد من الجلد نحو الأعضاء الداخلية، ويصبح من المستحيل علاجها في بعض الأحيان.
وقد تحدث الجيش اللبناني وقوات «اليونيفيل» عن استخدام الصهاينة لهذه القنابل قبل أن تعترف هي بذلك في أكتوبر, وذلك يعني أننا نمتلك دليل على ذلك استخدام الصهاينة لنوعين من الأسلحة غير القانونية هي القنابل العنقودية، نظرا لكونها أسلحة لا تميز بن المدنيين والعسكريين، والقذائف الفسفورية الحارقة وبعد ثلاثة أشهر من ذلك، أورد برنامج الأمم المتحدة للبيئة «يونيب» في تقريره حول التأثيرات البيئية للحرب على لبنان، أنه «وجد أدلة على استخدام ذخائر تحوي الفوسفور الأبيض». وهو ما نقلته لجنة التحقيق حول حقوق الإنسان وانتقدته. لكن اللجنة نفسها أعلنت أنها لم تجد أي دليل على استخدام قذائف حارقة أخرى لاسيما النابالم..
وذكرت صحيفة «تايمز» البريطانية في 8/1/2009, أن الصهاينة استخدموا قذائف الفوسفور الأبيض وهي من الذخائر المثيرة للجدل, منذ أن شنت هجومها على قطاع غزة في 27/12/2008، ناشرة في الوقت ذاته نفيا من ناطقة عسكرية صهيونيه.
وأوضحت الصحيفة أنها تعرفت إلى قذائف الفوسفور الأبيض على صور أوردتها الصحف لمخزونات ذخائر الجيش الصهيوني التقطت في 1/1/2009 عند الحدود مع غزة. وأضافت أنه طبع على هذه القذائف «1A 825 M» مما يشير إلى قنابل بالفوسفور الأبيض أميركية الصنع.
وتابعت أن «الجيش يستخدم هذه القنابل لإثارة ستارة من الدخان في ميدان المعركة»، كما ذكرت أن لديها «أدلة على أن مدنيين فلسطينيين أصيبوا بهذه القنابل التي تتسبب بحروق بالغة».
وقد اعترفت قوات الكيان الصهيوني أخيراً في يناير 2009 باستخدام قذائف فوسفورية في قطاع غزة، وذلك بعد احتجاجات وشكاوي عديدة فلسطينية ودولية منذ الأيام الأولى للحرب على غزة.
وأفادت صحيفة «معاريف الصهيونيه» بأن الجيش اعترف بإطلاق قذائف مدفعية اشتملت على قطع قماش مشبعة بالفوسفور بادعاء «إنشاء ستار دخاني»، وكانت هذه القذائف هي التي كانت تفجر قبل وصولها إلى الأرض وتشكل هيئة تشبه قنديل البحر.
وبحسب الصحيفة، فإن الجيش أدعى أنه استخدم هذا النوع من القذائف في مناطق مفتوحة، علما بأن المشاهد التي تم نقلها عبر شاشات التلفاز طوال الأيام الثلاثة والعشرين للحرب، أظهرت إطلاق هذه القذائف في المناطق المأهولة بالسكان وأنه تم استخدامها بشكل مكثف للغاية.
وأعلنت منظمة العفو الدولية أن بحوزتها أدلة دامغة حول استخدام الصهاينة القنابل الفسفورية في القطاع. كما واتهمت منظمة الصليب الأحمر الدولي الصهاينة باستخدام هذه القنابل، طوال فترة الحرب.
(3) القنابل العنقودية:
تتكون القنبلة من عبوات صغيره، ويفترض أنها تنفتح في الجو، وتقذف بنحو 650 قنبلة صغيرة، تنفجر بالارتطام وتنثر شظايا معدنية في محيطها، وغالباً ما يفشل بعضها في الانفجار، وهو ما يعادل نحو 10 % إلى 30 % أو أكثر.
وقد قتلت القنابل العنقودية عشرات الآلاف من المدنيين الأبرياء منذ استخدامها لأول مرة في الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945). وتستخدم المئات من القنابل العنقودية في القصف المدفعي أو الصاروخي أو من الجو لتنتشر عبر مساحات واسعة. ويمكن أن تبقى القنابل التي لم تنفجر خامدة لسنوات قبل أن تنفجر.
لعل هذه القنابل هي إحدى أكثر الأسلحة التي يمكن أن تقتل وتجرح الفلسطينيين واللبنانيين بعد انتهاء الحرب، لكنها أيضاً كانت السلاح الأول الذي برز خلال العمليات العسكرية وبعدها نظراً لصعوبة إخفائه أو إخفاء نتائجه. وقد حدد تقرير أصدره برنامج البيئة في الأمم المتحدة عن حرب لبنان حجم المشكلة بمليون قنبلة عنقودية غير منفجرة موزعة على 813 موقعا في الجنوب. واعترف الكيان الصهيوني بأنه ألقى معظم تلك القنابل في الـ 72 ساعة الأخيرة من الحرب.
ومن المعروف أن 111 دولة قد وقعت اتفاقاً في 3/12/2008 في أوسلو، وبعد مفاوضات عسيرة على مسودة معاهدة تحظر استخدام القنابل العنقودية في العالم، كما تحظر إنتاجها وامتلاكها وتخزينها ونقلها إلى أي طرف بشكل مباشر أو غير مباشر. وقد رفض التوقيع كل من: الولايات المتحدة (تمتلك نحو 730 مليون قنبلة) والصين وروسيا (ذات الكمية تقريباً).
4 - أسلحة الطاقة المباشرة (نظام الصد الفعال):
هي إطلاق شعاع حراري من هوائي مستطيل بطاقة عاليه بتردد 95 جيجا هيرتز أو أكثر وبطول موجي 3 مم، ويعمل الشعاع غير المرئي (الميكروويف Mircowave) والمركز على إصابة الهدف بدقه، ويخترق جلد المصاب إلى عمق 0.4 مم بحرارة نحو 54 درجة س. ويبلغ تردد فرن الميكروويف نحو 2.45 جيجا هيرتز وبطول موجي 12سم.
وقد كانت طبيعة التشوهات والإصابات التي رصدت لدى الجرحى والشهداء هي ما دفع إلى الشك في إمكانية أن يكون الصهاينة قد استخدموا هذا النوع من الأسلحة. وتتلخص تلك الأعراض بتشويهات غير طبيعية للجثث وسيطرة اللون الأسود على جلد الشهداء، بحيث بدوا محروقين من دون أن يكونوا كذلك بالفعل. كما أن وفاة بعض الشهداء جاءت سريعة جدا رافقها انبعاث روائح غريبة منهم لم يستطع الأطباء تفسيرها. وظهر تجلط سريع للدم في الجسم كما لم تكتشف أي شظايا فيه. وبدا أيضا تكرار أشكال محددة من الإصابات في العيون لدى عدد كبير من الجرحى.
ومما يدعم تلك الشواهد تقرير بثته قناة إيطالية في مايو 2006 أعده صحافيون في العراق، ويتحدث عن استخدام القوات الأميركية نوعا جديدا من الأسلحة، هو عبارة عن شعاع من الموجات الكهرومغناطيسية القصيرة جدا، أي ما يشبه الأشعة التي تطلقها أجهزة المايكروويف المنزلية. ويتم تصويب هذا السلاح على الهدف فتكون مهمته الدخول تحت الجلد وإصابة الأطراف العصبية بحيث يشل الجهاز العصبي، ويرفع حرارة الجسم من خلال تسخين الغدد العرقيه الموجودة داخل الخلايا. وأشار التقرير إلى أن استخدام هذا النوع من الأسلحة تسبب في تقطيع أوصال الأشخاص المستهدفين، وظهور ما يشبه الحروق في أجزاء مختلفة من أجسادهم، من دون أن يجد الأطباء أي أثار لشظايا قذائف تقليدية. وتحدث التقرير عن انكماش في حجم الجثث نتيجة السلاح وهو ما أمكن ملاحظته أيضا في عدد من الشهداء.
5 - القنبلة الفراغية:
القنبلة الفراغية Thermobaric، هي الأشد من نوعها في العالم، وتصنع في كلا من الولايات المتحدة وروسيا. وتعرف أيضا بالقنبلة الحرارية الضغطية، أو سلاح الباريوم الحراري عالي النبض (HITs)، أو متفجرات الوقود الجوي (FAX أو FAE)، أو أسلحة الحرارة والضغط.
وتعمل هذه القنبلة بوجود غاز الأوكسجين الجوي، عوضاً على احتوائها على المؤكسد في متفجراتها. وهي تستخدم الغازات المتولدة (الهيدروجين، البخار، أول وثاني أكسيد الكربون) من الانفجار الأولي للاحتراق بقايا المواد الصلبة المتفاعلة، لأن تفاعلها مع الأكسيد الجوي يولد فقط مؤكسدات صلبه. وتتولد موجة الانفجار أساساً نتيجة حرارة الاحتراق، بجانب تمدد غازات الانفجار. ولهذا فأن هذه القنابل فعاله في البيئات متدنية الأوكسجين مثل: الأنفاق، والكهوف، والخنادق الأرضية.
وتتركب القنبلة من وعاء يحوي مسحوق ناعم لوقود صلب له مقاسات دقيقة مختلفة، وهو مخلوط مع نسبة منخفضة من مادة مؤكسدة مع مادة رابطه. وقد يكون الوقود الصلب مسحوق معدن قابل للانفجار، أو مواد فعاله عضوية Organic، وفي مركز الخليط يكون هناك شحنه عالية الانفجار.
ويحدث إشعال القنبلة بواسطة مصهر Fuse، يتم ضبطه لإشعال الشحنة في الوعاء، وذلك على ارتفاع 9م من الأرض، مما يؤدي إلى تهشم الوعاء وفتحه، وانبعاث الوقود، الذي ينتشر في الهواء، ويشكل غيمه قطرها نحو 18م، وسمكها 2.4م.
وذخيرة الوقود الصلب تحترق متسامية بسرعة هائلة، متحولة إلى غاز أو رذاذ ملتهب، ينفجر متصاعداً إلى الأعلى، ومحدثاً تخلخلاً شديداً في ضغط الهواء في موقع الانفجار. وتعمل الشحنة الأساسية على تفجير الخليط المنتشر، وذلك يحدث انفجارا ينتشر بسرعة تفوق سرعة الصوت، تبلغ نحو 3كم/ث، إذ يحترق خليط الوقود والهواء عند درجة حرارة 2700 درجة س، وترفع هذه بعد ثوان لتبلغ 4000 درجة س. وقد يكون انفجار القنابل التقليدية اشد، إلا إن القنابل الفراغية أطول زمناً، وأكثر دماراً بالمنشآت وتحديداً المناطق المأهولة.
وتولد القنبلة الفراغية ضغط سلبي (تفريغ)، في موقع الانفجار يدوم لبعض أجزاء من الثانية، ويسبب ذلك تفريغاً أولياً يتبعه اندفاع للضغط الجوي من كل الاتجاهات، لتعويض الضغط السلبي الناتج عن الانفجار، ومما يضاعف التدمير، ويبلغ النتاتج عن الانفجار نحو 30 كجم/ سم2.
والقنبلة فعاله في مداخل ومخارج الإنفاق، فتحدث انفجارات ثانوية بداخلها، نتيجة تفريغ ضغط الهواء وتعويضه بشكل سريع، وكامل التدمير. ومن المعروف أن كل وعاء في القنبلة يحتوي على نحو 32 كم من وقود أكسيد الاثيلين Ethylene oxide عالي القدرة الحرارية.
إن توقف الأداء التكتيكي يعتمد على بنية النفق أو التركيب تحت الأرض بعد التفجير الفراغي، أو ما يعرف بالقتل الوظيفي Functional Kill، ويكون هذا القتل دائماً تماماً كالقتل الهيكلي Structural Kill، الذي يتحقق مع التفجيرات التقليدية، تبعاً لدور المنشآة العسكرية. ومقدار التدمير الحادث بها. وتعتبر القنبلة BLu-188 أولى القنابل الفراغية، التي كشفت عنها الحكومة الأمريكية، وذلك ديسمبر 2001، حينما استخدمت في الحرب التي شنتها أمريكا على أفغانستان. ولا تماثل هذه القنبلة BUL - 18500 LB الحارقة، التي استخدمتها أمريكا في حربها ضد فيتنام. ويلحق الرأس الحربي في القنبلة BLU - 118/8 الفراغية عادة بمنظومة توجيه ليزرية نوع GBU، أو GBU - 24، لكي تتحول إلى قنبلة جو/أرض ذكيه ودقيقة الإصابة، أو إلى صاروخ حامل نوع 130-AGM، حينما يتطلب توجيهها إلى مناطق نائية.
أن سحابة البخار يمكن أن تبلغ أماكن يصعب الهجوم عليها بالقنابل الأكثر تقليدية، وإذا انخفضت نسبة الوقود في الهواء في الخليط أكثر مما هو مطلوب، فإن الوقود لا يشتعل، إلا أن السحابة تكون سامة في حد ذاتها، وعلاوة على كون «أكسيد الأثلين» قابلا للاشتعال فإنه شديد التفاعل حتى مع الأنسجة الحية؛ فالتعرض له قد يسبب التلف في الرئتين والصداع والغثيان والقيء والإسهال وضيق التنفس، وحتى السرطان، والعيوب الخلقية.
كما يتعرض من لا يحترق بالقنبلة الرذاذية للإصابة بسبب الانفجار الكبير أو الفراغ الناتج عنه بإصابات بالغة تشمل عادة:
1 - ارتجاج الدماغ أو العمى. 2 - انسداد المجاري الهوائية وانهيار الرئتين.
3 - تمزق طبلتي الأذن. 4 - الإصابة من الأجسام الصلبة المتطايرة.
5 - نزيف داخلي متعدد، وإزاحة الأعضاء الداخلية أو تمزقها.
وفي حرب لبنان 2006 دفعت نتائج الفحوصات أحد الخبراء إلى ترجيح احتمال أن تكون وفاتهم قد نتجت عن استخدام القنابل الفراغية، من النوع الذي يستخدم الوقود من أجل امتصاص الأوكسجين. إذا أن الشهادات التي جمعت من الأطباء بينت إمكان أن يكون الصهاينة قد استخدموا هذا النوع من الأسلحة. وكانت أولى بوادر ذلك قد ظهرت في منطقة النبطية في 22/7/2006 مع تسجيل حالات وفاة لم تظهر عليها أي عوارض أو جراح خارجية، مع احتمال حدوث انهيار في الرئتين وتوقف في القلب من دون أسباب واضحة، بالإضافة إلى نزيف في الدماغ.
ولقد ثبت لعدد من الخبراء الغربيين من خلال القصف في الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت، وبمعاينة لطبيعة التدمير الذي طال عددا من البنايات إلى استنتاجات إمكانية أن يكون الصهاينة قد استخدموا قذائف فراغية، والتي يمكن في بعض أنواعها أن تحمل عنصر اليورانيوم.
إن الجيل الجديد من القنابل الفراغية يتم توقيته وتوجيهه قبل إطلاقه من الطائرة المغيرة بحيث لا ينفجر إلا عند بلوغه الطابق المستهدف. وذلك يعني أنها قادرة على اختراق طابق أو اثنين أو ثلاثة أو أربعة.. الخ حتى بلوغ الهدف. عندها تنفجر محدثة الضرر الأكبر عند مستوى الهدف وفي الطوابق الأعلى منه.
ونجد أن موقع المبنى الذي كان يضم المركز الإعلامي لحزب الله. أخترق صاروخا طوابقه العشرة قبل أن ينفجر في مخزن للسيراميك تحت الأرض، محدثا حريقا ومسويا المبنى بالأرض. وهذه الحالة بالذات قد تكون نموذجية فيما خص القنابل الموجهة العالية القدرة على الاختراق، والفراغية التي يمكن أن تحمل يورانيوم في رؤوسها. وهذه الفرضية عززتها معلومات حصل عليها، منسق برنامج اليورانيوم المنضب في هولندا، إذ ذكر أن الصهاينة استخدموا هذا النوع من القنابل بالإضافة إلى قنابل للتحصينات (الخنادق) Bunkers Buster في قصف الجسور، وإن لم يتم تأكيد هذه المعلومات من مصدر آخر.
6 - اليورانيوم المستنزف DU:
مصدر هذه المادة هو المفاعلات النووية، وهي مادة شديدة الصلابة، ويتم استخدامها في صناعة القذائف المختلفة لرفع قدرتها على الاختراق، وتدريع الدبابات. وتشير الدراسات العلمية والطبية إلى أن التعرض لها يمكن أن يسبب السرطان، وإصابة الخلايا الحية بأضرار وراثية. وقد شاع استخدام هذه المادة كثيراً في حربي الخليج الأولى (1991)، والثانية (2003)، وسبب الكثير من المعانات والأمراض للسكان العراقيين في المناطق المستهدفة. ويستخدمها الصهاينة كثيراً في حروبهم، وقد أمكن ملاحظه ذلك في حرب غزه 2008 .
وأخيراً من الواضح أن الصهاينة قد حولوا قطاع غزه بعد الحرب الأخيرة عليه إلى «حقل تجارب» لأسلحة وذخائر جديدة، تندرج في إطار برنامج يهدف إلى القتل والتدمير الأكيد، وذلك مما يعزز نظرية تواصل بقاء ذلك الكيان المسموم.
أهم المصادر:
1 - الموسوعة البريطانية B. E.
2 - موقع موسوعة ويكبديا.
3 - الموسوعة العسكرية.
4 - الصحف المحلية.
.