فلسطين التاريخ / يهود أسلموا

مع أحبار اليهود .. اسلام ابن سلام

 

 

كان ابن سلام من علماء اليهود، في المدينة المنوّرة ومن أحبارهم، فلما جاء النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة جاء عبداللّه بن سلام إليه يسأله عن أشياء قال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهنّ إلاّ نبي: ما أول أشراط الساعة، وما أول طعام يأكله أهل الجنّة، وما بال الولد ينزع إلى أبيه أو إلى اُمّه؟

 

قال (صلى الله عليه وسلم): أخبرني به جبرائيل آنفاً.

 

قال ابن سلام: ذاك عدو اليهود من الملائكة.

 

قال (صلى الله عليه وسلم): أما أول أشراط الساعة فنار تحشرهم من المشرق إلى المغرب، وأما أول طعام يأكله أهل الجنّة فزيادة كبد الحوت، وأما الولد فإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد إلى أبيه، وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل نزع الولد إلى اُمّه.

 

قال: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّك رسول اللّه، وأنّك جئت بحق، وقد علمت اليهود انّي سيّدهم وابن سيّدهم وعالمهم وابن عالمهم، فادعُهم فاسألهم عني قبل أن يعلموا أني قد أسلمت، فإنهم إن يعلموا أني قد أسلمت قالوا فيّ ما ليس فيَّ.

 

فأرسل نبي اللّه (صلى الله عليه وسلم) إلى اليهود فدخلوا عليه. فقال لهم رسول اللّه (صلى الله عليه وسلم): يا معشر اليهود اتقوا اللّه، فوالذي لا إله إلاّ هو إنكم لتعلمون أنّي رسول اللّه حقّاً وأنّي جئتكم بحق، فأسلموا.

 

قالوا: ما نعلمه، قالوا ذلك للنبي (صلى الله عليه وسلم) ثلاث مرّات.

 

قال (صلى الله عليه وسلم): فأيّ رجل فيكم عبداللّه بن سلام؟

 

قالوا: ذاك خيرنا وابن خيرنا، وسيّدنا وابن سيّدنا، وعالمنا وابن عالمنا.

 

قال: أفرأيتم إن أسلم أتسلمون؟

 

قالوا: حاشا للّه، ما كان ليسلم.

 

قال: أفرأيتم إن أسلم؟

 

قالوا: حاشا للّه ما كان ليسلم.

 

قال: أفرأيتم إن أسلم؟

 

قالوا: حاشا للّه ما كان ليسلم.

 

قال (صلى الله عليه وسلم): يا ابن سلام اخرج عليهم.

 

فخرج إليهم فقال: أشهد أن لاإله إلاّ اللّه، وأشهد أنّ محمّداً رسول اللّه، يا معشر اليهود اتقوا اللّه فو اللّه الذي لا إله إلاّ هو إنكم تعلمون أنه رسول اللّه وأنه جاء بحقّ.

 

فقالوا: كذبت انك أنت شرّنا وابن شرّنا، وجاهلنا وابن جاهلنا ونقصوه.

 

فقال ابن سلام: هذا ما كنت أخاف يا رسول اللّه، فقد أخبرتك أن اليهود قوم بهت.

 

المخيريق يعلن اسلامه

 

وكان الذي تولّى أمر اليهود من بني القينقاع يقال له: (مخيريق)، وكان خيرهم، وكان حبراً عالماً، وكان غنياً كثير الأموال والأملاك، وكان يعرف رسول اللّه (صلى الله عليه وسلم) بصفته وما يجد في علمه، فقال لقومه: تعلمون أنه النبي المبعوث فهلمّوا نؤمن به ونكون قد أدركنا الكتابين.

 

فلم يجبه قينقاع إلى ما دعاهم إليه، وغلب عليه إلف دينه، فلم يزل على ذلك حتى إذا كان يوم اُحد وكان يوم السبت قال: يا معشر اليهود، واللّه إنكم لتعلمون أن نصر محمد عليكم لحق.

 

قالوا: إن اليوم يوم السبت.

 

قال: لا سبت لكم.

 

ثم أخذ سلاحه فخرج حتى أتى رسول اللّه (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه باُحد، وعهد إلى من وراءه من قومه إن قتلت في هذا اليوم فأموالي لمحمد (صلى الله عليه وسلم) يصنع فيها ما أراه اللّه.

 

فلما اقتتل الناس قاتل حتى قُتل، وذلك بعد أن أسلم، فاستلم رسول اللّه (صلى الله عليه وسلم) أمواله ووهبها بأمر من اللّه تعالى للصدّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء رضي الله عنها، وكانت حيطان سبعة.

 

مع ابني أخطب

 

عن صفية بنت حُيي رضي الله عنها أنها قالت: كنت أحب ولد أبي إليه وإلى عمي أبي ياسر، ولم ألقهما قط مع ولد لهما إلا أخذاني دونه.

 

قالت: فلما قدم رسول اللّه (صلى الله عليه وسلم) المدينة ونزل قبا في بني عمرو بن عوف، غدا عليه أبي حُيي بن أخطب وعمي أبو ياسر بن أخطب مغلسين.

 

قالت: فلم يرجعا حتى كان مع غروب الشمس. فأتيا كالّين كسلانين ساقطين يمشيان الهوينا.

 

قالت: فهششت اليهما كما كنت أصنع، فواللّه ما التفت إليّ واحد منهما مع ما بهما من الغم، وسمعت عمي (أبا ياسر) وهو يقول لأبي (حيي) : أهو، هو؟

 

قال: نعم واللّه.

 

قال: تعرفه وتثبته؟

 

قال: نعم.

 

قال: فما في نفسك؟

 

قال: عداوته واللّه ما بقيت.

.