فلسطين التاريخ / تاريخ
مذابح صبرا وشاتيلا.
مذابح صبرا وشاتيلا
مفكرة الإسلام: تبدأ فصول هذه المأساة الإنسانية التي تقشعر من هولها الجمادات قبل الأبدان، بالاكتساح الصهيوني للبنان من أجل القضاء على العمل الفدائي في لبنان وإخراج منظمة التحرير وحركة فتح من لبنان، ومع ضخامة الهجوم الإسرائيلي على لبنان وكثافته انهارت المقاومة الفلسطينية وأجبرت منظمة التحرير وجناحها العسكري «فتح» على مغادرة لبنان، وبالتالي أصبحت المخيمات الفلسطينية الكبيرة في لبنان بلا حراسة تدافع عنها، وكانت هذه المخيمات مكتظة باللاجئين وفي حالة مزرية جدًا من الناحية الصحية والبيئية، وسعة المخيم الواحد من 20 ـ 30 ألف لاجئ.
استغل الصهاينة هذا الفراغ الأمني الحادث بعد خروج حركة فتح واتفقت مع حزب الكتائب الماروني الصليبي شديد العداوة للمسلمين والفلسطينيين خصوصًا على اجتياح المخيمات، على أن تقوم القوات الصهيونية بمهمة محاصرة المخيمات، في حين تدخل مليشيات الكتائب المخيمات وتقتل كل من تقدر على قتله، وبالفعل ضربت القوات الصهيونية حصارًا محكمًا على مخيم «صبرا وشاتيلا» منعت به أي شخص من الدخول أو الخروج، وكان السفاح «شارون» وزير الدفاع الصهيوني يشرف بنفسه على الحصار.
وفي يوم 28 من ذي القعدة 1402هـ ـ 16 سبتمبر 1982م قامت مليشيات الكتائب بزعامة بيير الجميل باقتحام مخيم صبرا وشاتيلا حيث استمرت داخل المخيم قرابة الأربعين ساعة، قامت خلالها بمجزرة هائلة تم فيها ذبح وجرح قرابة الثلاث آلاف فلسطيني من غير تفريق بين رجال ونساء أو كبار وصغار، وتم التمثيل بجثث القتلى واغتصاب النساء والفتيات، في حين القوات الصهيونية تقدم الدعم المادي للسفاحين من على أبواب المخيم، فتقدم الطعام والمؤن والذخيرة وتطلق القنابل المضيئة ليلاً لتسهيل مهمة السفاحين الصليبيين الذين كانوا ينفذون جريمتهم تحت شعار «بدون عواطف أو رحمة» وكان القتل يتم بالفئوس والسكاكين، وتدفن الناس أحياء بالجرافات، وهجموا على المستشفيات وذبحوا المرضى ومعهم الأطباء، وكانوا يتفننون في تقطيع أوصال المسلمين.
اهتز العالم لهذه المذابح المروعة وشاهدها الكثير من المراسلين الأجانب، وكان رد الصهاينة على هذه العملية متمثلاً في قول «بيجن» رئيس وزراء الكيان الغاصب: «إنهم حيوانات تسير على ساقين»، وقال بيير الجميل: «لقد انتظرنا سنوات طويلة كي نتمكن من اقتحام مخيمات بيروت الغربية، ولقد اختارنا الإسرائيليون لأننا الأفضل في هذا النوع من العمليات».