فلسطين التاريخ / تهويد وتزوير وإجرام

عبرنة مسميات متاجر القدس

 

 

 

 

 

عبرنة مسميات متاجر القدس

 

عيسى القدومي

 

 

بلدية القدس يبدو أنها تسابق الزمن في مشروع تهويد القدس، ومن القرارات التي فرضتها لجنة اللافتات في بلدية القدس إجبار التجار الفلسطينيين المقدسيين نصب لافتات باللغة العبرية على متاجرهم، بعدما أقرت قانوناً محلياً يلزمهم بذلك ويمنع كتابة اسم أي متجر بلغة أخرى إذا لم تحتل الكتابة العبرية نصف اللافتة.

ذلك القرار اتخذ بعد النجاحات التي حققتها سلطة بلدية القدس ووزارة السياحة التابعة للاحتلال الصهيوني في استبدال الكثير من أسماء الشوارع والأحياء والأماكن والمنشآت الإسلامية والتاريخية في القدس، وذلك ضمن مؤامرة التهويد؛ حيث أبدلت به أسماء عبرية لتكون في إطار سياسة التهويد، فباب الخليل أطلقوا عليه عودة صهيون، و(تل المشارف) أسموه (موشي حاييم شابير)؛ و(طريق البراق) الواقع داخل السور بدلوه إلى (يهودا هاليفي)، وباب المغاربة أضحى (رحوب بيت محسي)، وحارة الشرف تلك الحارة الوقفية التي هدموها حينما أحكموا سيطرتهم على القدس عام 1967م بدلوا اسمها بعدما طمسوا رسمها إلى مسمى (بسفات لمدخ)، و(هضبة الشيخ جراح) إلى (حي أشكول)، و(المتحف الفلسطيني) إلى (متحف روكفلر)، و(مطار القدس) إلى (مطار عطاروت).  وما سبق يعد إشارة فقط إلى تغيير المسميات  التي قامت السلطات اليهودية باستبدال أسماء عبرية بها.

فقد طال التزوير كل ما هو إسلامي وعربي في بيت المقدس، والأسماء نالها من التزييف والتحريف ما يندى له الجبين؛ فتهويد المسميات عملية منظمة تستهدف التزوير، وتتم عن طريق «سلطة تسمية الأماكن» الإسرائيلية وهي الهيئة الوحيدة المناط بها هذا العمل، التي تتعمد التحريف للأسماء بعدة طرق منها ترجمة الاسم إلى العبرية - العبرنة - مثل جبل الزيتون إلى هار هزيتم، وجبل الرادار إلى هار دار شمال غرب القدس وغيرهما، وتحريف الاسم العربي ليلائم اسماً عبرياً مثل كسلا أصبحت كسلون والجيب جبعون والتحريف يتراوح بين استبدال حرف بآخر، إضافة أو حذفاً.

ولا شك أن المؤسسات اليهودية تعتمد أكثر من نمط لطمس وتزوير المعالم الإسلامية في المدينة بالتعاون مع حكومة الاحتلال كنمط الإزالة كما حدث لدى حارة المغاربة ومسجد حي الشرف في 10/6/1967م، وقد يعمدون إلى تحويل المسجد إلى كنيس يهودي كما في مسجد النبي داود؛ حيث أقدمت السلطات اليهودية على إحداث تغيير في معالم المسجد، بعد إزالتها للكتابات القرآنية وما يوحي بأنه كان في الأصل مسجداً. وقد يعمد إلى تحويل جزء من المسجد إلى كنيس كما حدث في مسجد النبي صموائيل شمال غرب القدس.

ونجحت الحركة الصهيونية والكيان الغاصب في « عَبْرَنة» أكثر من 7000 اسم لمواقع فلسطينية، منها أكثر من 5000 موقع جغرافي، ومئات عدة من الأسماء التاريخية، وأكثر من 1000 اسم لمغتصبة يهودية.

وهذا مثال حي لتعي الأمة حجم المؤامرة التي مازالت مستمرة لسلب فلسطين والقدس من أصحابها تاريخاً وتراثاً مثلما سلبت منهم حساً وواقعاً.. فاللص المغتصب كعادته يسيئه التذكير بما سلبه وتنعم به، يعمل جاهداً على طمس كل الحقائق حول ما تم اغتصابه والكيفية التي سلكها في عملية السرقة!!

لتبقى الجموع العربية على جهلها بما حدث فعلاً على حد قول الباحثة البريطانية روز ماري - في كتابها (من الاقتلاع إلى الثورة): «لقد أدى الافتقار إلى تاريخ عربي صحيح لعملية الاقتلاع التي لم تذكر إلا مجزأة  بالجمهور العربي إلى البقاء على جهله بما حدث فعلاً».

 

.