دراسات وتوثيقات / توثيق

لا وعدَ بعدَ اليومِ ولا وعيد .. فلقد عزمَ العربُ وإنَّ عزْمهم لشديدٌ أكيدٌ




لا وعدَ بعدَ اليومِ ولا وعيد .. فلقد عزمَ العربُ وإنَّ عزْمهم لشديدٌ أكيدٌ*


محمد زياد الناجي-باحث في مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية


فيما يلي قطعةٌ من مقالٍ افتتاحيٍّ لجريدة فلسطين بمناسبة الوعد المشؤوم. يافا-2تشرين ثاني عام 1922م[1]

        في مثلِ هذا اليومِ من عام 1917 كان وعد بلفور، وها قد مرَّت خمس سنين كاملةً والوعْدُ لا يزالُ باقيًا.

إنَّه لكثيرٌ على العربيِّ أن يحْتمِلَ الضَّيْمَ خمس سنين...

ها هم اليهود يأتون أفْواجًا أفواجًا، وها هم ينتزعون الأعمال من أيدينا شيئًا فشيئًا، وها هي أرضُنا تصيرُ إليهم رُويْدًا رويْدًا، وها هي أموالُنا تتسرَّبُ إليهم قَليلًا قليلًا!

وها هم يستحوذون على مرافقِ بلادِنا، وها هي القوانين تُسنُّ لمصلحتهم، وأبناؤُنا يُسخَّرُون لخدمتهم، وأموالُنا تُنْفَقُ على مُهاجرِيهِم، وها هُم يقبضون على مقاليدِ الأمورِ، وأعيُنُنَا تنظرُ، وقلوبُنا تتفطَّرُ جزعًا، وقد مرَّ على هذا خمسُ سنين!

لقد تمَلْمَلْنا من الضَّيْم، وشكوْنا إلى الغرْبِ جور الغرْب، ولبِثْنا على هذا خمس سنين ولا مُجيب!

إنَّنا لبُسَطاء نشكو الظَّالمَ إلى نفسِه! مع أنَّه لا يُنجِّينا ممَّا نزل بساحتِنا إلا أنفسنا، ولقد ناضَلْنا خمس سنين كاملةً، وسُنُواصِلُ نِضالَنا حتى نُحطِّمَ القيودَ، ونُمزِّقَ الوعودَ، ونُقِرَّ الحقَّ في قرارِه.

المصدر: جريدة فلسطين، العدد 207-6754، الأحد 19 ذي الحجة 1366هــ، 2تشرين ثاني 1947



* في ذكرى (تصريح بلفور) التاسعة والتسعين يعود مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقيَّة للماضي، ويُقلِّب صفحات التاريخ، ويبحث في التُّراث، وينشر للقارئ صفحات ممَّا خطَّته أيادي السابقين من أسلافنا حول هذا التَّصريح المشؤوم.

[1] نظرًا لتعذُّر الرُّجوع للعددِ الأصلي الذي صدرت فيه تلك المقالة، آثرْتُ أن أنقلَها عن الجريدةِ نفسِها؛ إذْ أعادت نشرَها بعد سنواتٍ عديدة؛ فالمقالة الأصليَّة نُشِرت في جريدة فلسطين بتاريخ 2 تشرين ثاني عام 1922 –بعد خمس سنوات على تصريح بلفور-والعدد الذي نقلْت منه المقالة صدر بتاريخ 2 تشرين ثاني 1947م أي بعد خمسة وعشرين عامًا من نشرِها. 

.