فلسطين التاريخ / منتقى الأخبار
إسرائيل تسرق 300 مخطوط عراقي أثناء الحرب.
إسرائيل تسرق 300 مخطوط عراقي أثناء الحرب
شبكة أخبار العراق / استبعد خبير هولندي سبق له العمل في وزارة الثقافة العراقية، أن تكون الكتب اليهودية العراقية التي ظهرت مؤخراً في إسرائيل، قد جاءت عبر واشنطن. ورجح عالم الانثروبولوجيا وخبير صيانة الأعمال الفنية رينيه تايخلر، في لقاء مع إذاعة هولندا العالمية، رجـّح أنّ هذه المخطوطات والكتب المطبوعة قد سـُرقت من العراق أثناء خزنها بشكل مؤقت في المنطقة الخضراء، لغرض تجميدها قبل نقلها إلى الولايات المتحدة عام 2003.
وكان باحث إسرائيلي قد كشف أواخر شهر يونيو الماضي لصحيفة هآرتس، عن حيازته عدداً من المخطوطات النادرة باللغة العبرية القادمة من العراق. وأثار هذا الخبر استياء عراقياً، وشكوكاً بأن هذه المخطوطات قد وصلت إسرائيل بتعاون أمريكي.
وكان مدير مركز بابل للتراث اليهودي في تل أبيب، مردخاي بن بورات قد أخبر الصحيفة الإسرائيلية إن "المخطوطات تم شراؤها من اللصوص".
وقد اشترى المركز 300 مخطوط تراثي مقابل 25.000 دولار أمريكي في بغداد، ومن ضمن تلك المخطوطات كتاب يحتوي تعليقات على سفر أيوب، يعود إلى القرن الخامس عشر الميلادي ومخطوطة تتكلم عن أنبياء العهد القديم تعود لعام 1617.
وقام بإيصال هذه المخطوطات في البداية ممثل عن المركز من بغداد حتى المركز في إسرائيل.
ويزعم بن بورات -المولود في بغداد- أن المركز اضطر إلى تهريب جزء كبير من تلك المخطوطات بعدما علم الأمريكان بالصفقة ومنعوها آنذاك.
وتعود القصة إلى الأسابيع التي أعقبت سقوط بغداد عام 2003. فقد عـُثر آنذاك على قسم كبير من الأرشيف اليهودي العراقي في حالة سيئة جداً، في قبو تابع لمبنى مديرية الاستخبارات العسكرية. يضم الأرشيف خليطاً من الكتب التاريخية والدينية، ووثائق حكومية ومدنية، تتعلق بالجالية اليهودية في العراق التي كان عددها قبل قيام دولة إسرائيل يقدر بـ 145 ألفاً.
اثر ذلك قامت الجهات الأمريكية بتجميد الكتب والمخطوطات للحفاظ عليها، قبل نقلها لاحقاً عبر الجو إلى واشنطن، حيث أودعت في الأرشيف الوطني هناك.
واكد المسؤولون الأمريكيون في أكثر من مناسبة أن هذا الإرشيف سيعود لاحقاً إلى العراق حين تسمح الأوضاع الأمنية بذلك.
لكن جهات عراقية كثيرة، حكومية وشعبية، اعربت عن شكوكها بالنوايا الأمريكية، وعن خشيتها من انصياع الجهات الأمريكية للمطالب الإسرائيلية بـ "استعادة" ما تعتبره إرثاً يهودياً قبل أن يكون عراقياً.
الخبير الهولندي رينيه تايخلر، المتخصص بصيانة الأعمال الفنية، عمل في عامي 2003 و 2004 مستشاراً في وزارة الثقافة العراقية، وكانت مهامه تشتمل على الإشراف على عمليات استعادة الآثار والتحف الفنية التي سرقت أثناء الفوضى التي أعقبت سقوط العاصمة العراقية.
يؤكد تايخلر أن نقل الأرشيف اليهودي العراقي إلى واشنطن تم بطريقة أمينة.
وأوضح في مقابلة مع إذاعة هولندا العالمية بالقول "أنا على اتصال مستمر بضابط الاحتياط الأمريكية السابقة التي أشرفت على عملية نقل الأرشيف بعد تجميده.
وقد أكدت لي في آخر اتصال قبل أيام، أنها الوحيدة التي تمتلك مفتاح الخزانة التي حـُفظ فيها الأرشيف، وأنها تتأكد يومياً من عدم اختفاء أي شيء."
واستبعدت الضابط السابقة، وهي متخصصة أيضاً بصيانة الأعمال الفنية، احتمال تعرض أجزاء من الإرشيف للسرقة في واشنطن.
مع ذلك فإن السيد تايخلر يرجح أن تكون الكتب التي ظهرت مؤخراً في إسرائيل هي بالفعل جزء من المجموعة نفسها التي عـُثر عليها في قبو الاستخبارات عام 2003. "في الفترة التي تلت العثور على الإرشيف، في أبريل عام 2003، وحتى أنجزت عملية تجميده لغرض نقله،
وقد حـُفظ الإرشيف لمدة ستة أسابيع في مخزن تابع لشركة تجارية في المنطقة الخضراء. وأعتقد أنه في تلك الأسابيع الستة، قد حدثت بعض السرقات."
ويؤكد رينيه تايخلر أهمية الإرث اليهودي بالنسبة للعراق. "تمتلك الثقافة العراقية، إلى جانب جذورها الإسلامية، جذوراً يهودية ومسيحية. ويعود الوجود اليهودي في العراق إلى العصر البابلي."
ويعتبر العراقيون، كما يؤكد تايخلر، الإرث اليهودي العراقي جزءاً من تراثهم الثقافي الوطني.
يـُذكر أن الجالية اليهودية قد عاشت في العراق منذ أكثر من خمسة وعشرين قرناً، وكانت، حتى قيام دولة إسرائيل، جزءاً حيوياً من المجتمع العراقي، وخاصة في العاصمة بغداد، والمدن الكبرى.
وفي عام 1945 كان عدد اليهود في العراق يـُقدّر بـ 145 ألفاً، لكن معظمهم هاجروا في العقود التالية، حيث توجه جزء كبير منهم إلى إسرائيل، بينما هاجر آخرون إلى أوربا وأمريكا الشمالية. وتقدر بعض المصادر عدد اليهود الذين لا يزالون في العراق حتى الآن، ببضع عشرات فقط.
ويرى تايخلر أن ما قام به مركز بابل للإرث اليهودي في تل أبيب، عمل لا يمكن تبريره على الإطلاق، ويتناقض مع الأعراف والقوانين الدولية. ويضيف إن المشكلة تكمن في أن إسرائيل تتفرد بقوانين تتعلق بالمحافظة على التراث، لا نظير لها في أي بلد آخر. "تعتمد إسرائيل قوانين لا توفر أي حماية للمادة التراثية، كما إنها لا تأبه أبداً بالتشريعات الدولية في هذا المجال".