فلسطين التاريخ / تاريخ
سلطة الآثار وسرقة التاريخ
سلطة الآثار وسرقة التاريخ
عيسى القدومي
في العدد السابق عرضت بعض الصفحات التي أنشأتها ورعتها وزارة الخارجية الصهيونية في مواقع التواصل كـ "الفيسبوك" و" توتير" في محاولة جديدة للتطبيع مع الشباب العربي من خلال التواصل وتبادل المعلومات . ومن تلك الصفحات "إسرائيل تتكلم بالعربية" وصفحة )إسرائيل في الأردن) وصفحة (إسرائيل في مصر) وصفحة (حضارة إسرائيل القديمة) ، وصفحة ( نبذة طيبة من إسرائيل) .
وأعرض في هذا العدد موقع لسلطة الآثار الإسرائيلية (1) على الشبكة العالمية (الانترنت) ، وهو من ضمن المواقع الصهيونية المترجمة كاملة باللغة العربية ، والذي يعمل على خلق تاريخ جديد لليهود واليهودية على أرض فلسطين من خلال الزعم بأن هناك ما يقارب الثلاثين ألف موقع أثري في ما أسموها "دولة إسرائيل" واعتبار أغلبها تمثل تاريخ اليهود على تلك الأرض .
ويسرد الموقع مسيرة "الجمعية الإسرائيلية للبحث والتنقيب" منذ أن نشأت عام 1921م في عهد الانتداب البريطاني كأول المؤسسات المختصة في التنقيب والآثار ، والتي تحولت بعد قيام الدولة - الكيان الغاصب - إلى دائرة الآثار الإسرائيلية ، وأنها في عام ١٩٩٠ م تحولت إلى سلطة للآثار حيث تعمل بموجب قانون الآثار وقانون سلطة الآثار.
وتحت مدخل ( من نحن ) يكتب المدير العام لسلطة الآثار (شوكه دورفمن) توصيف لمهام موظفي سلطة الآثار : " نحن موظفي سلطة الآثار نرى بحماية آثار هذه البلاد هدفاً سامياً ونعمل دائماً لتحقيق هذا الهدف. وفرع الترميم التابع لسلطتنا هو من أبرز الفروع التي تهتم بترميم المخلفات الأثرية والمعالم المبنية في المدن التاريخية مثل القدس وبيسان وقيساريه بهدف الحفاظ عليها وإمكانية عرضها للجمهور" (2).
وبالتعريف بأهداف وغايات سلطة الآثار كتبوا بأنه : "المعهد الرائد المختص في آثار البلاد والمسؤول عن الأثريات والمواقع الأثرية حفاظاً وتنقيباً وترميماً وتوثيقاً ونشراً ، وإدارة الكنائز الأثرية لدولة إسرائيل" (3).
وأبرزوا في الموقع مقالاً بعنوان نهب الآثار في إسرائيل لـ (أمير جانور) الذي سرد فيه معاناة ذلك الكيان الغاصب من سرقة الآثار اليهودية حيث – يزعم - بأن الباحثين عن الذهب في العصور القديمة, اقتحموا القبور باحثين عن الحلى والمعادن لصياغتها واستعمالها من جديد وهكذا اختفت العشرات من صفحات التاريخ تحت معول سارقي الآثار .. ويضيف (جانور) المتخصص في علم الآثار: "معروف أن لنا في إسرائيل ما يقارب الثلاثين ألف موقع أثري" (4)!!
وبعد أن سرق اليهود وقادتهم الأرض والتاريخ والمقدسات يدعي ذلك المزور للتاريخ بأن مسؤولية سرقة الآثار اليهودية تتحملها عصابات يسكنون خارج الخط الأخضر - ويقصد بذلك الفلسطينيون في مناطق السلطة - وأن التحف المسروقة يتم بيعها إلى تاجر محلي "سمسار" - عربي- الذي غالباً ما يكون من أغنياء القرية ويجري الاتصالات مع تجار من جميع أنحاء البلاد الذين بدورهم وبعد فحص المكتشفات المسروقه يشترونها بطريقة المناقصه . ثم يقدم بعض الاقتراحات للدوائر الرسمية المعنية بالآثار لسن قوانين تحمي الآثار اليهودية من أيدي العابثين من الفلسطينيين !!
وفي موقع سلطة الآثار خبراً مفاده : " العثور في المجدل على كنيس يعتبر من بين أقدم الكنائس في العالم, فيه حجر منحوتة علية أشارة الشمعدان" (5) وأنه خلال الحفريات الأثرية التي تجريها سلطة الآثار بالموقع المعد لبناء فندق على شاطئ المجدل, تم الكشف عن آثار كنيس تاريخه فترة بيت المقدس الثاني (50 ق.م. وحتى
ومن الملفت للنظر في ذلك الموقع تسليط الضوء على دور سلطة الآثار الإسرائيلية في جهدهم وبرامجهم التربوية والتعليمية في ترسيخ موضوع علم الآثار في أذهان الطالب اليهودي ، من منطلق الإيمان بأن الثقافة لن تكتمل طالما لم يتعرف الطالب على ماضية وتاريخ وطنه. لذلك كتبوا بأن من مهامهم جلب الطلبة من كافة القطاعات إلي مواقعنا الأثرية " (6) . على اعتبار أنها تمثل تاريخهم ومواقعهم !!
أما موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية باللغة العربية فقد خصص مدخلاً وباباً لعلم الآثار حيث جاء في التعريف بأهمية ومكانة علم الآثار عند اليهود بأنه : " يؤكد الصلة التاريخية بين الشعب اليهودي والتوراة وأرض إسرائيل من خلال اكتشاف آثار التراث الثقافي للشعب اليهودي في وطنه، وتشكل هذه البقايا الأثرية المدفونة في الأرض الصلة الطبيعية بين ماضي الشعب اليهودي وحاضره حاليًا ومستقبله. ويمكن مشاهدة هذه السلسلة غير المقطوعة للتأريخ في جميع المواقع الأثرية في البلاد" (7)
وتحت عنوان الآثار القديمة كتب في الموقع : " أن هذا العلم يكشف الصلة التاريخية القائمة بين الشعب اليهودي والتوراة وارض إسرائيل، حيث يكشف عن أثار التراث الثقافي للشعب اليهودي في وطنه الأم، إذ تجسد هذه الآثار المرئية المدفونة في التراب الصلة المادية بين ماضي وحاضر ومستقبل الشعب اليهودي في بلاده" (8)
وبتناقض واضح بين ما جاء في موقع وزارة الخارجية الصهيونية وموقع سلطة الآثار بأن عدد المواقع الأثرية المثبتة في إسرائيل يبلغ حوالي 20 ألف موقع وسلطة الآثار تدعي أنها بلغت 30 ألف موقع .
وفي صفحة ( نبذة طيبة من إسرائيل) عبر الموقع الاجتماعي الشهير "الفيسبوك" والذي يسوق له كذلك موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية عرض بعض الصور تحت عنوان ( من آثار أرضنا الحبيبة ) على أنها آثار يهودية في فلسطين ، ولا يعرفون بها ولا بتاريخها وأماكن وجودها !! ولا يعرف ماهيتها وحقيقتها ، وفي الصفحة نفسها وأعلى لوحة من الفسيفساء مجهولة الهوية كتبوا عبارة (حضارة إسرائيل القديمة) ، ولا يعرف لها تاريخ وإلى أي عهد تنتمي !! وأرفقوا صورة لقبر زعموا أنه قبر الملك هيردوس الكبير !! وصور أخرى متنوعة على أنها من حضارة إسرائيل القديمة!!
نعم أراد قادة اليهود وباحثيهم اختراع شعب وتلفيق تاريخ عبر الآثار المزعومة ، بداية دعموا أسطورة النفي والاضطهاد ثم الخلاص والعودة بنصوص توراتية محرفة وتفسيرات تلمودية مخرفة ، وحينما وجدوها لا تستند إلا إلى النزر القليل من الأدلة المتضاربة التي يعثر عليها في المدونات أو التنقيبات الأثرية، وغير كافية لصناعة تاريخ لليهود ، وارتباطهم في أرض فلسطين ، جعلوا من علم الآثار ملاذاً لعلهم يجدون فيه ما يحقق لهم أهدافهم ، ويجمع لهم حلقاتهم المفقودة ... والتي قال عنها البروفسور اليهودي (شلومو زاند) في كتابة (اختراع الشعب اليهودي) - ترجم للعربية في عام 2010م – إن أراد اليهود البحث في تاريخهم عبر الحفريات والتنقيبات فعليهم أن يتوجهوا لروسيا ويبحثوا في حقيقة اليهود الأشكناز وأصولهم وآثارهم هناك ... ولترفع الصهيونية وقادتها أيديهم الساعية لتلفيق أسطورة الأصل المشترك لليهود ، فقد آن الأوان لنقض تلك المعتقدات الشائعة بشأن التاريخ اليهودي الذي لا أساس له من الصحة .
شهادة نقدمها من (شلومو زاند) لمن يشكك في تاريخنا وحقوقنا من اليهود ومن دار في دائرتهم .
1 - وعنوانه على الشبكة العالمية ( الإنترنت ) :
http://www.antiquities.org.il/arabic
2 - النص كاملاً : http://www.antiquities.org.il/arabic/about-arb.aspx
3 - النص كاملاً : http://www.antiquities.org.il/arabic/hazon.aspx
4 - أنظر المقال كاملاً : http://www.antiquities.org.il/arabic/shod.aspx
5 - http://www.antiquities.org.il/arabic/migdal.aspx
6 - http://www.antiquities.org.il/arabic/hazon_edu.aspx
7 - للاستزادة أنظر :
http://www.altawasul.com/MFAAR/this+is+israel
/history/historical+overview/historical+highlights.htm
8 - www.altawasul.com/MFAAR/this+is+israel
/tourism+and+historical+and+archeological+sites/archeology.htm[8] -