فلسطين التاريخ / أعلام بيت المقدس
سلسلة أعلام النساء الفلسطينيات (1)
أ.عوني محمد العلوي
د.عبد الحميد جمال الفراني
المقدمة
شكلت المرأة على مر التاريخ وضعا استثنائيا داخل المجتمع من خلال علاقتها بالرجل، ودورها المؤثر اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وسلوكيا.
وقد تم في ظل الإسلام تكريم وتمكين كبير للمرأة انبثقت أسسه ومبادئه من مصادر التشريع الإسلامي المتمثل في الوحي الرباني، والسنة النبوية المطهرة، والحقيقة أن الحديث عن مكانة المرأة في الإسلام غني عن البيان غير محتاج إلى برهان، وإنما أشرنا إليه هنا من باب التذكير بمقاصد هذا التكريم، ودلالات هذا التشريف.
ومن خلال الاطلاع على سيرة المرأة في الإسلام وخاصة الصحابيات، والتابعيات، وأتباع التابعيات، وعهود الأئمة من النساء، ثم الشهيرات منهن ممن ساهمن بحظ وافر في مجالات متعددة، أبرزها المجال الفكري والعلمي، وكذلك البطولي المتمثل في مقاومة كل أشكال الغزو الثقافي والعسكري بجميع أشكاله، نجد جهدا واضحا ومهما للمرأة المسلمة، خاصة تلك التي عاشت في فلسطين ذات الطابع الخاص، والعبق المميز.
فقد ساهمت المرأة الفلسطينية مع أخيها الرجل في كل الميادين وجنت معه ثمرة تلك المشاركة، كل ذلك بضوابط وآداب الاندماج والاشتراك في أعمال البر والخير، اتباعا لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرته ومنهجه الراشد الذي ينبغي بل يجب اتباعه .
وغني عن البيان أيضا أن المرأة أعطت الدليل على الإنتاج لأنها تمتلك من الطاقة والقدرة ما يجعلها تساهم بدور فعال في بناء المجتمع إذا تهيأ لها المناخ المناسب لاستثمار هذه الطاقة وتشجيعها وتصحيح مفاهيم سبل المشاركة الحقة، وكسر قيود الأغلال التي تحول دون إسهامها في تنمية مجتمعها وتخليقه، ولا عيب أن تستدرك المرأة على الرجال في كثير من الأمور .
ويعد علم الحديث من أكثر العلوم التي عنيت واهتمت بها المرأة الفلسطينية، فقد اهتمت النساء الفلسطينيات بعلم الحديث حفظا ورواية، وكان ذلك نابعا من شعورها بالمسؤولية الفردية أولا، فهي مكلفة بالتعلم والدعوة والإصلاح، وبلغ من عناية المرأة في علم رواية الحديث أن قال الإمام الذهبي في كتابه ميزان الاعتدال في نقد الرجال : "وما علمت في النساء من اتهمت أو من تركوها"[1] . وهذه ميزة امتازت بها النساء عن الرجال في رواية الحديث. مع كثرة الراويات والمحدثات.
ولذلك جاءت النصوص بالحث على تعليم المرأة ، ومن ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) قال : " ثلاثةٌ لهم أجران رجلٌ من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد والعبد المملوك إذا أدى حق الله وحق مواليه ورجلٌ كانت عنده أمةٌ يطؤها فأدبها فأحسن تأديبها وعلمها فأحسن تعليمها ثم أعتقها فتزوجها فله أجران"[2] .
قال ابن حجر: " (( قوله باب تعليم الرجل أمته وأهله ) مطابقة الحديث للترجمة في الأمة بالنص وفي الأهل بالقياس إذ الاعتناء بالأهل الحرائر في تعليم فرائض الله وسنن رسوله آكد من الاعتناء بالإماء "[3].
ومع حرص المرأة المسلمة على تلقي العلم والسؤال عنه كانت أيضا حريصة على تعليمه وتبليغه .
وستتناول هذه الدراسة أبرز أعلام النساء الفلسطينيات ممن كان لهن دور في مختلف جوانب الحياة، وخاصة المحدثات منهن، ممن كان لهن دور بارز في رواية الحديث وتعليمه وتعلمه .
كما تناولت الدراسة أبرز النساء الصحابيات، والتابعيات، والصالحات، وغيرهن ممن كان لهن دور في شتى مجالات الحياة، ممن عشن على أرض فلسطين.
وكانت مصادر التعرف على أعلام النساء الفلسطينيات من المحدثات، والصحابيات، والمجاهدات، وغيرهن، كتب التاريخ والتراجم المختلفة.
آسية بنت عبد الواحد المقدسي (000-640هـ=000-1243م)
محدثة
أخت الحافظ الحجة ضياء الدّين.
كَانَتْ دينة، خَيْرَةَ، كثيرة الصلاة والصيام، حافظة لكتاب اللَّه، وكانت تلقن النساء.
روت بالإجازة عن أَبِي الفتح بْن شاتيل، وأبي السعادات القزاز. وولدت سنة سبعٍ وسبعين. وهي والدة الحافظ الزاهد سيف الدين أحمد ابن المجد.
وقرأت بخط ابْن الحاجب قالَ: قالَ الضياء: توصف بالدين والخير وما في زمانها مثلها، لا تكاد تخلي قيام الليل.
روى عنها الشمس ابن الكمال، وعائشة بِنْت المجد - وهي أمها - وبالإجازة القاضي تقي الدين سُلَيْمَان، وغيره. توفيت سنة 640هـ([4]).
أصفهان شاه بنت الأمير قازان شاه (كانت حية في سنة 782هـ-1380م)
أكملت عمَارَة الْمدرسَة الخاتونية بِبَاب الْحَدِيد في القدس، ووقفت عَلَيْهَا فِي الْعشْر الآخر من جمادي الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة([5]).
أصفهان شاه خاتون (كانت حية في سنة 840هـ-1436م)
أصفهان شاه خاتون امْرَأَة من أكَابِر الرّوم وتدعى خانم، وقفت الْمدرسَة العثمانية بِبَاب المتوضأ، وَعَلَيْهَا أوقاف بِبِلَاد الرّوم وَغَيرهَا فِي هَذِه الْبِلَاد، وعَلى بَابهَا تاريخها فِي سنة أربعين وَثَمَانمِائَة، ودفنت الواقفة لَهَا بالتربة الْمُجَاورَة لسور الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف([6]).
أغل خاتون القازانية (كانت حية في سنة 755هـ-1354م)
أغل خاتون بنت شمس الدّين مُحَمَّد بن سيف الدّين القازانية البغدادية، واقفة الْمدرسَة الخاتونية بِبَاب الْحَدِيد في القدس، وقد وقفت عَلَيْهِا المزرعة الْمَعْرُوفَة بِظهْر الْجمل، فِي خَامِس ربيع الآخر سنة خمس وَخمسين وَسَبْعمائة([7])
أمة اللَّطِيف ابْنة مُحَمَّد المقدسى (ت:840ه-1436م)
أمة اللَّطِيف ابْنة الامام الشَّمْس مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْمُحب عبد الله بن أَحْمد بن مُحَمَّد ابن إبراهيم بن أَحْمد السعدى المقدسى الأَصْل الصالحى ، أُخْت الشَّمْس مُحَمَّد الماضي ، ووالدة الشهَاب أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن سُلَيْمَان بن حَمْزَة الْمَعْرُوف بِابْن زُرَيْق وَيعرف أَبوهَا بِابْن الْمُحب سَمِعت من والدها فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ الدُّعَاء للمحاملى ، وَمن مُحَمَّد بن الرشيد عبد الرَّحْمَن المقدسى ، وَأَجَازَ لَهَا أَبُو الهول والمحب الصَّامِت وناصر الدّين بن دَاوُد والكمال بن النّحاس وَغَيرهم ، وَحدثت وَكَانَت خيرة أصيلة ، مَاتَت فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثمانمائة و أَرْبَعِينَ([8]).
) 1) (ميزان الاعتدال في نقد الرجال، تأليف/ الإمام الحافظ شمس الدين بن محمد بن أحمد الذهبي،الجزء الأول ص17، دار الكتب العلمية /تحقيق أ د/عبد الفتاح أبو سنة .
(2) أخرجه البخاري في صحيحه(97) كتاب: العلم، باب: تعليم الرجل أمته وأهله،بنحوه.
وكذا في(2544)3/149، كتاب: العتق،باب: فضل من أدب جاريته وعلمها، وأيضًا في(2547)،باب: العبد إذا أحسن عبادة ربه ونصح سيده. وفي (2551)3/150، باب: كراهية التطاول على الرقيق، وقوله: عبدي أو أمتي،بمعناه، وفي (3011)4/60، كتاب: الجهاد والسير، باب: فضل من أسلم من أهل الكتابين، بنحوه، وكذلك في (3446)4/167، كتاب: أحاديث الأنبياء ، باب: قول الله {واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها} [مريم: 16] "،بمعناه، وفي (5083)7/6،كتاب النكاح،باب: اتخاذ السراري، ومن أعتق جاريته ثم تزوجها، بمعناه.
وأخرجه مسلم في صحيحه (153**)كتاب: الإيمان، باب: وجوب إيمان أهل الكتاب برسالة الإسلام،بلفظه، ومختصرًا. (3) (فتح الباري في صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، الجزء الأول ص170
([4])تاريخ الإسلام تحقيق تدمري (46/ 431)