فلسطين التاريخ / منتقى الأخبار
تقرير: عبث الاحتلال المتكرر بورقة "الرمق الأخير" تقريب لأمد انفجار فكّ الحصار.
المركز الفلسطيني للإعلام / اتبع الكيان الصهيوني سياسة "الرمق الأخير" في الوقود الذي يزود به قطاع غزة، وهو ما يؤدي برأي مراقبين، إلى عجز مستمر في الطاقة، بقصد إبقائه في دوامة من الأزمات المتلاحقة، التي تؤثر على البنى التحتية للخدمات الأساسية، في الجوانب الصحية والبيئية وغيرها، وتؤدي إلى تفاقم الأوضاع المعيشية والإنسانية فيه.
ويعتقد مراقبون؛ أن عبث الاحتلال المتكرر بهذه الورقة، من الخطورة بمكان، لأنها بموازاة الحصار المفروض على قطاع غزة، ستقود إلى الانفجار الشعبي من قبل سكان القطاع لإنهاء معاناتهم الإنسانية المتفاقمة بشكل واضح منذ عام، على أقل تقدير.
عجز الطاقة
وكانت المرافق الأساسية في القطاع قد توقفت بعد انقطاع الوقود لثلاثة أيام متوالية، قبل أن تعاود سلطات الاحتلال الإثنين (12/5) تزويد القطاع بكميات شحيحة جداً منه، مقارنة بالاحتياجات الفعلية، وقد انعكس انقطاع الكهرباء في قطاع غزة على مجمل مناحي الحياة، وكانت المستشفيات الأكثر تضرراً، كما أعلن أصحاب المخابز في قطاع غزة عن توقفهم التام عن العمل.
وكانت محطة كهرباء غزة توقفت عن العمل لمدة يومين بسبب نفاد مخزون الوقود اللازم لتشغليها والذي تتحكم الدولة العبرية بدخوله إليها، واتهم كنعان عبيد نائب رئيس سلطة الطاقة في قطاع غزة سلطات الاحتلال بإتباع سياسة "الرمق الأخير" في تزويد القطاع بالوقود، وأكد قبل يومين أن المحطة لا يوجد لديها أي مخزون احتياطي، محذراً من "كارثة إنسانية تطال جميع مناحي قطاع غزة إذا بقيت الأزمة على ما هي عليه ومنع الاحتلال إدخال الوقود الخاص بالمحطة".
وبيّن عبيد أن "إجمالي عجز الطاقة في محافظات غزة يتراوح بين 30 و35% وأن إجمالي العجز في مدينة غزة بلغ 50%"، مضيفا بأن "توقف المحطة يعني حرمان نصف مليون فلسطيني من الكهرباء لأن المحطة تؤمن 30% من كهرباء قطاع غزة".
وقال عبد الكريم عابدين مدير عام سلطة الطاقة في تصريحات للصحفيين "تحدثنا اليوم (11/5) مع الإسرائيليين وطالبناهم باستئناف تزويدنا بالوقود الخاص بمحطة الكهرباء إلا أنهم يرفضون حتى اللحظة بحجة وجود عوائق أمنية في معبر (ناحل عوز) علي حد زعمهم".
قرار بالإعدام
وهدد انقطاع التيار الكهربائي، بوقف تغذية المستشفيات بالطاقة اللازمة لتشغيل الأجهزة الطبية، ما قد يعني حالات وفاة جماعية للمرضى في أقسام العناية المركّزة، ولأولئك الذين يعتمدون على أجهزة التنفس الاصطناعي وغسيل الكلى، فضلاً عن حاضنات الأطفال.
وقد صدرت تحذيرات كثيرة بسبب انقطاع الكهرباء من جهات محلية ودولية، فقد شدد الناطق باسم وزارة الصحة في الحكومة الشرعية خالد راضي على خطورة انقطاعها عن القطاع، الأمر الذي يؤثر سلبا على مناحي الحياة، وبالأخص الجانب الصحي، مضيفاً: "على العالم كله يجب أن يدرك تماماً أن انقطاع التيار الكهربائي ليس مجرد إطفاء نور، وحياة في ظلام، وإنما قرار بالإعدام تنفذه (إسرائيل) على قطاع غزة، لأن انقطاعه يؤدي إلى شلل كامل في الخدمات في قطاع غزة، وتحديداً الخدمات الصحية، فهو يوقف سيارات الإسعاف عن العمل، وبذلك لا يمكن جلب مرضى الكلى والقلب من منازلهم، أو نقل الجرحى والمصابين، إضافة إلى مرضى السرطان ومرضى الكلى وأقسام الأشعة، وأقسام ثلاجات الموتى، وثلاجات التطعيمات، والمغاسل في المستشفيات، التي يهدد وقوفها بانتشار أوبئة وأمراض بيئية خطيرة جداً".
انهيار وشيك لمنظومة الخدمات الصحية
وقالت وزارة الصحة في بيان صحفي الاثنين (12/5): "إن الوضع الصحي ومنظومة الخدمات الصحية داخل القطاع مهددة بالانهيار خاصة في ظل العدوان الصهيوني والحصار المفروض على الشعب الفلسطيني الذي أجهز على الإمكانيات المتواضعة لوزارة الصحة الفلسطينية".
وناشدت الصحة منظمة الصحة العالمية والمنظمات والمؤسسات الحقوقية والإنسانية من أجل الضغط على سلطات الاحتلال لإنهاء هذه المشكلة وليس الحد منها.
توقف المخابر
وفي جانب القوت الأساسي للمواطن الفلسطيني (الخبز) ، فقد أدى نفاذ الوقود والغاز والكهرباء إلى توقف مخابز الخبز في قطاع غزة بشكل كامل.
وقال أصحاب المخابز في مؤتمر صحفي في غزة يوم (11/5): "إن مخابزهم والبالغ عددها خمسون مخبزاً في قطاع غزة ستغلق أبوابها وتتوقف عن العمل".
ودعا أصحاب المخابز كافة الأطراف بالوقوف إلى جانبهم في هذه الظروف الصعبة، ووضع آليات منتظمة وثابتة لوصول الوقود للمخابز، بما يضمن استمرار تقديم الخبز لمواطني القطاع.
كارثة بيئية
وعلى نحو متصل؛ تم التحذير من كارثة بيئية وصحية أيضاً، بسبب أن آبار المياه ومضخات الصرف الصحي ستتوقف عن العمل بشكل تام، في حال انقطع التيار الكهربائي.
وذكر رئيس مصلحة مياه بلديات الساحل، المهندس منذر شبلاق، في مؤتمر صحفي عقده للتحذير من مخاطر نفاذ الوقود بغزة نهاية الشهر الماضي: "إن استمرار وقف تزويد الوقود لقطاع غزة يعني توقف معظم آبار المياه عن عملها ومضخات الصرف الصحي، ما يعني أزمة صحية وبيئية على المدى القريب والبعيد".
وبرأي مراقبين؛ فإن سياسة "الرمق الأخير" التي تتبعها سلطات الاحتلال بهدف تركيع الشعب الفلسطيني، ودفعه للانقلاب على حكومته الشرعية، قد تنقلب لعنة عليها، لأن لصبر الشعب الفلسطيني المحاصر حدود، وهو سيضطره لكسر الحصار على طريقته، إن لم تفتح له طوعا وبشكل رسمي.
صبر شارف على النفاذ
وقد حذّر قيادي بحركة "حماس" من أن استمرار الحصار على المفروض على قطاع غزة، سيدفع بالشعب الفلسطيني إلى كسره بكل الوسائل، مؤكدا أن صبر الشعب على هذا الحصار الظالم والعدوان الغاشم لن يستمر طويلا.
وقال إسماعيل رضوان في تصريح له: "إن الشعب الفلسطيني لا يقبل أن يستمر الحصار بأي حال من الأحوال، وصبر حركة حماس لن يدوم طويلاً إزاء هذا الحصار، مضيفا: "نحن الآن نعيش في مرحلة وصلت إلى مرحلة الاحتقان الشديد في الشارع الفلسطيني، بالإضافة لنقص المستلزمات الأساسية، التي نفذت الأمر الذي يهدد بوقوع كارثة صحية وبيئية وتعليمية".
وبرأي مراقبين؛ فإن ما يمنع الانفجار الشعبي الكبير لكسر الحصار عن غزة من قبل المواطنين الفلسطينيين، أو يؤخره لبعض الوقت، هو انتظار نتائج زيارة مدير المخابرات المصرية عمر سليمان اليوم (12/5) إلى الكيان الصهيوني، وما ستبلغ حركة حماس بشأنها، اليوم الثلاثاء (13/5) على الأرجح، فما سيمنعه هو قبول الاحتلال بشروط التهدئة التي قبلتها الفصائل الفلسطينية، الشهر الماضي (نيسان/إبريل) وهو ما يعني فتح المعابر بشكل تلقائي، أو قيام مصر بفتح معبر رفح بشكل دائم في ما لو رفض ذلك، كما وعدت.
ما إذا لم يحدث هذا ولا ذاك؛ فإن ساعة الانفجار ستكون وشيكة، بحسب القاعدة الفيزيائية التي تؤكد على أن "كثرة الضغط تولد الانفجار".