فلسطين التاريخ / تاريخ
فتح بيت المقدس مواقف وعبر
بعد أن أدرك النصارى في بيت المقدس أن لا مَفَرَّ من التسليم طلبوا من أبي عبيدة بن الجراح أن يصالحهم على مثل ما صالح أهل مدن الشام ، وأن يكون المتولي للعقد معهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب نفسه، فأجابهم، وأعطاهم الأمان بما تسمى بالعهدة العمرية والتي فيها : هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان ، أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم ..... وأقام عمر رضي الله عنه في بيت المقدس أياماً خطب خلالها في الناس ، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ، وصلى على النبي – صلى الله عليه وسلم – ثم قال : يا أهل الإسلام ، إن الله تعالى قد صَدَقَكُمُ الوعدَ، ونصركم على الأعداء ، وَوَرَّثكم البلاد، ومكن لكم في الأرض، فلا يكونَنَّ جزاؤُه منكم إلا الشكر ، وإياكم والعمل بالمعاصي ، فإن العمل بالمعاصي كفر النعم . وقلما كفر قومٌ بما أنعم الله عليهم ثم لم يَفْزَعوا إلى التوبة إلا سُلبوا عزهم ، وسلط عليهم عدوَّهم . ثم نزل وحضرت الصلاة، فقال : يا بلال ألا تؤذنُ لنا رحمك الله ؟ قال بلال : يا أمير المؤمنين، والله ما أردت أن أؤذن لأحد بعد رسول الله – صلى الله عليه وسلم، ولك سأطيعك إذا أمرتني في الصلاة وحدها. فلما أذن بلال وسمعت الصحابة صوته ذكروا نبيهم – صلى الله عليه وسلم – فبكوا بكاءً شديداً، ولم يكن من المسلمين يومئذ أطول بكاءً من أبي عبيدة ومعاذ بن جبل ، حتى قال لهما عمر: حسبكما رحمكما الله. فلما قضى صلاته انصرف أمير المؤمنين راجعاً إلى المدينة واجتهد فيما هو بصدده من إقامة شعائر الإسلام، والنظر في مصالح المسلمين، والجهاد في سبيل الله.