فلسطين التاريخ / منتقى الأخبار
تقرير: أنفاق غزة تحتضر!
التاريخ: 7/3/1430 الموافق 04-03-2009
سلسلة ضربات موجعة وجهتها أجهزة الأمن المصرية للأنفاق الحدودية بين مصر وقطاع غزة يؤكد معها عدد من أبناء مدينة رفح الحدودية أن أنشطة تهريب البضائع على جانبي الحدود "تلفظ أنفاسها الأخيرة"، بعد أن كانت أنشطة معتادة تمارس بحرية مستترة بالمنع الرسمي.
وتضيق أجهزة الأمن المصرية الخناق بشدة على المهربين، بفرضها عزلة أمنية على معبر رفح لمنع وصول كل ما يصلح للتهريب إلى أزيد من مليون ونصف المليون فلسطيني في غزة، والذين تحاصرهم إسرائيل منذ يونيو 2007.
بموازاة هذا التضييق على حركة البضائع قرب الحدود، تواصل قوات الأمن إغلاق الأنفاق، فخلال الأسبوعين الأخيرين أغلقت ثلاثة من أهم الشرايين الحيوية في عالم الأنفاق المجهول، كانت تقع على مسافات قريبة في منطقة حي البراهمة شمال معبر رفح الحدودي بين مصر وغزة.
ووفقا لقول مصادر أهلية في رفح المصرية لـ"إسلام أون لاين.نت" فإن الأنفاق الثلاثة كانت تمثل العمود الفقري لتهريب البضائع بكميات وأحجام كبيرة، فأحدها كان مخصصا لتهريب الأجهزة الكهربائية الكبيرة الحجم من ثلاجات وتليفزيونات وغسالات وأفران، وكذلك دراجات نارية، والثاني لتهريب أبقار وأغنام، وغيرها من الحيوانات، أما الثالث فكان مخصصا لتهريب الوقود عبر الأنابيب.
وقال شهود عيان من المنطقة: إن "الأنفاق الثلاثة كانت بين عشرة أنفاق أغلقتها السلطات المصرية خلال حملة مداهمة استعانت فيها بشخص ملثم دل رجال الأمن على فتحة كل نفق"، مضيفين أن أجهزة الأمن لم تتمكن من إلقاء القبض على القائمين على هذه الأنفاق، وهم حاليا على قائمة المطلوبين للتحقيق معهم.
وخلال الحرب الإسرائيلية على غزة ما بين يومي 27 ديسمبر و18 يناير ترددت أقاويل بين أبناء رفح عن أن الطيران الحربي الإسرائيلي قصف نفقا تحت الإنشاء كان يخطط له أن يكون كبيرا بدرجة تسمح بمرور السيارات لتهريب أكبر كمية ممكنة من البضائع من مصر إلى غزة في أقل وقت ممكن.
الطريق الآخر:
ووفقا لرواية أهالي المنطقة، فمن الملاحظ أن الحملة الأمنية على الأنفاق زادت وتيرتها بعد إعلان عدد من الإعلاميين والنشطاء، الذين منعتهم السلطات المصرية من دخول غزة عن طريق معبر رفح، أنهم نجحوا بالفعل في دخول القطاع، مما يعني أنهم استخدموا الأنفاق لدخول القطاع المحاصر.
ومن بين هؤلاء المعارض المصري مجدي أحمد حسين أمين عام حزب العمل (المجمد)، والمدون المصري الشاب أحمد دومة، اللذان يقضيان حاليا عقوبة بالسجن لمدة عامين وعام على التوالي؛ لإدانتهما بدخول غزة بطريقة غير شرعية.
ولم يعلن آخرون أنهم دخولوا غزة عبر الأنفاق إلا بعد مغادرتهم الأراضي المصرية، منهم الإعلامي بفضائية "الجزيرة" القطرية غسان بن جدو، الذي سجل في غزة حلقتين من برنامجه "حوار مفتوح" مع كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، والنائب الكويتي المعارض وليد الطبطبائي.
ذكرى للأجيال:
سخط القاهرة من الطريقة التي دخل بها هؤلاء غزة، وشبكات مراقبة الأنفاق التي نصبتها السلطات المصرية تحت إشراف خبراء أجانب، وحالات الثراء التي ظهرت فجأة بين بعض سكان رفح؛ وما نتج عنها من خلافات وصدامات قبلية، تسببت كلها في ما تمر به الأنفاق حاليا من "حالة احتضار".
ويقول سليمان عيد، من أبناء رفح: إن "عصر الأنفاق ولى.. ربح منه من ربح وخسر من خسر من كل جانب وكل مستوى.. من مواطنين عاديين ومسئولين.. كل ما نتمناه الآن أن تخلد ذكرى الأنفاق ببقاء أجزاء منها لتشاهدها الأجيال القادمة، وترى كيف أن البحث عن الحياة من العدم ليس مستحيلا إذا توفرت العزيمة".
وتصر الحكومة المصرية على أن يكون فتح معبر رفح بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية في رام الله، وأنه بغير ذلك تتعرض حدودها مع غزة لحالة من الفوضى.
ويقبع قطاع غزة في حصار خانق منذ عامين زاد من مأساويته العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع والذي استشهد فيه أكثر من 1400 فلسطيني وأصيب نحو خمسة آلاف آخرين، إضافة إلى تدمير البنية التحتية الفقيرة للقطاع ونحو أربعة آلاف منشأة، فيها منازل ومدارس ومستشفيات ومراكز صحية.
وزعمت إسرائيل أنها تمكنت خلال الحرب من تدمير نحو 60% من الأنفاق الحدودية بين غزة ومصر، وأنها قلصت قوة حماس عسكريا، بينما بدأ الفلسطينيون في ترميم الأنفاق عقب الحرب، وأعلنت حركة حماس من جهتها أنها واثقة من قدرتها على الاستمرار في تطوير قدراتها التسليحية.
المصدر: فلسطين الآن