فلسطين التاريخ / الواقع والمأمول

المسجد الأقصى .. والسيادة اليهودية !!

د.عيسى القدومي

لم تعد الاقتحامات اليومية للمسجد الأقصى، ومنع المصلين المسلمين من دخوله، وسحب هوياتهم، واعتقال بعضهم كافية، لذا صعدت شرطة اليهود ومستوطنيهم من ممارساتهم لتصل إلى الضرب بالهراوات، وتصويب الرصاص المطاطي إلى جموع المصلين والمعتكفين، وإطلاق القنابل الغاز المسيلة للدموع في باحات المسجد الأقصى.

تزامنت تلك الممارسات الميدانية من قوات الاحتلال في مدينة القدس مع المحاولات الرسمية اليهودية لتقسيم المسجد الأقصى عبر إجراءاتها المتلاحقة، وتأمين اقتحامات جماعية من المغتصبين والمتطرفين شبه يومية تحت حراسة من قوات الجيش والشرطة، ووصل الأمر بإلقاء منشورات ودروس عن "الهيكل المزعوم".

ودخل على خط سلب المسجد الأقصى من المسلمين البرلمان الصهيوني والذي طُرح فيه مشروع قانون للتصويت يدعو إلى بسط "السيادة" اليهودية على المسجد الأقصى المبارك في مدينة القدس المحتلة. ودعا له وتبناه عضو حزب الليكود النائب "موشيه فيلغين" الذي يعد واحدا من أهم المطالبين بهدم المسجد؛ ويقود فغلين مجموعات استيطانية ويهودية متطرفة تعمل بشكل يومي على اقتحام المسجد الأقصى والتجوال في باحاته وتطالب حكومة الصهيونية ببناء ما يسمى (الهيكل اليهودي) على أنقاض المسجد الأقصى.


حيث طالب فيغلين في كلمة ألقاها في البرلمان بفرض السيادة اليهودية على المسجد بدلا من السيادة الأردنية إضافة إلى السماح لليهود بالدخول إلى "جبل الهيكل" – حسب زعمه - بحرية والصلاة فيه في أي وقت يريدون.


وكان رد البرلمان الأردني سريعاً حيث طالب طرد السفير الإسرائيلي من عمان  وسحب السفير الأردني من إسرائيل، ويبدو أن إسرائيل لم تنزعج كثيرا من تحرك البرلمان الأردني، حيث أنها ليست المرة الأولى، وقد لا تكون الأخيرة التي يصدر فيها هكذا قرار دون أن يجد طريقه للتنفيذ، فمن
المعروف أن قرار سحب السفراء مرهون بقرار من الحكومة حيث هي صاحبة الولاية في مثل هكذا قرارات.

حيث أن الأردن وحسب اتفاق السلام الذي وقعه مع الكيان الصهيوني في وادي عربة في العام 1994 م يقر بإشراف الأردن الكامل على المقدسات، فضلاً عن الاتفاق الموقع بين العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ورئيس السلطة محمود عباس حول الوصاية الهاشمية لتلك الأماكن، ومع ذلك تتعرض المقدسات الفلسطينية ، والمسجد الأقصى على وجه الخصوص من حملة تهويد وتحريف واعتداءات متكررة ومتنامية ، بلا أي رادع قانوني أو دبلوماسي أو أخلاقي.

وجاء هذا الطرح والسعي لفرض السيادة على المسجد الأقصى بعد أن طرح بقوة قبل ذلك مصطلح " يهودية الدولة " والذي يفترض وحدة اليهود في العالم ، وأن هذه الدولة دولتهم التي تعبر عن إرادتهم وتطلعاتهم ، حيث يطمح قادة اليهود واليمين الديني وأتباعهم إلى إسقاط الحق الديني والتاريخي المسلمين بفلسطين، وزعم أن هذا الحق لهم وبمقتضاه أقيمت دولة يهودية دينيه مفتوحة لكل يهود العالم !!

وتعميم مصطلح يهودية الدولة هو الشعار الأنجع لإنهاء السيادة الإسلامية على المساجد والمقابر ، بل وإنهاء حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى وطنهم وتصفية الأساس القانوني لهذا الحق وشطب القرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 11/12/1948، والداعي إلى عودة اللاجئين الفلسطينيين في أقرب فرصة ممكنة والتعويض عن الأضرار التي لحقت بهم جراء اللجوء القسري.

لا شك أن تجرأ دولة الاحتلال على طرح الموضوع في هذا الوقت بالذات له أسبابه ، فالفراق الفلسطيني مستمر، والفوضى القائمة في بلدان العالم العربي تحت مسمى الربيع العربي ما زلنا نعيش فصولها المؤلمة، والصوت الإسلامي والعربي الشاجب لممارسات اليهود لا نكاد نسمعه!! ونحن على يقين أن المشروع اليهودي مشروع متماسك متكامل محدد الأهداف ... أمام لا مشروع عربي أو إسلامي يواجه ولو بالقليل الاندفاع اليهودي لتهويد القدس وأرض فلسطين وما حولها .

فلا بد من التعجيل في مواجهة فكرة السيادة اليهودية على المقدسات الإسلامية وكذلك يهودية الكيان الصهيوني، وما زلنا نملك أدوات يمكننا أن نواجه بها هذه الأطروحات وفي مقدمتها التمسك بثوابتنا الشرعية والتاريخية والقانونية فنحن أصحاب الحق في الأرض والمقدسات!!

فالطريق الذي ينبغي أن يسلك ، هو التمسك بثوابتنا - وإن سلبت وشوهت - التي لا حياد عنها في حقنا بأرضنا ومقدساتنا، ولإسلامية فلسطين أرضاً وشعباً ومقدسات .   

 

              والحمد لله رب العالمين ،،،  

.