فلسطين التاريخ / منتقى الأخبار

وثائق تكشف تنازلات السلطة بشأن اللاجئين وحدود 67

الثلاثاء 25 يناير 2011

مفكرة الاسلام: كشفت وثائق مسربة حول المفاوضات بين السلطة الفلسطينية و"إسرائيل"، أن المفاوضين الفلسطينيين عرضوا تنازلات جوهرية بشأن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي هجروا منها غداة النكبة عام 1948، بأن يتم السماح لعدد محدود بالعودة في إطار اتفاق السلام، كما كشفت عن تنازلات بشأن يهودية "إسرائيل" وحدود الدولة الفلسطينية المفترضة.

وتركزت الوثائق التي بثتها فضائية "الجزيرة" على مناقشات جرت في محادثات سلام سابقة بشأن مستقبل اللاجئين الفلسطينيين الذين يقدر عددهم بنحو ستة ملايين لاجئ فلسطيني كثير منهم من أسلاف الذين فروا أو طردوا خلال الحرب عام 1948.

فقد أظهرت أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قدم عرض متدنيا جدا لعدد اللاجئين العائدين إلى الأراضي المحتلة في عام 48 بعد مضي أسابيع قليلة على بداية العملية التفاوضية، كما نقلت الفضائية القطرية عن مذكرة داخلية لمفاوضي السلطة مؤرخة في 24 يوليو 2008.

وقالت إن المذكرة كانت تشير على ما يبدو إلى ورقة قدمها عباس إلى الطرف "الإسرائيلي" عام 2007 تؤكد أن "الجانب الفلسطيني مستعد للتنازل عن عودة ملايين اللاجئين والاكتفاء بعودة عشرة آلاف لاجئ سنويا لمدة عشر سنوات (أي بما مجموعه مائة ألف لاجئ)، مع إمكانية تجديد هذه الاتفاقية بموافقة الطرفين".

لكن حتى هذا التنازل الكبير رفضته "إسرائيل" كما تكشف الوثائق، فوفق العرض المقدم من رئيس الوزراء "الإسرائيلي" السابق إيهود أولمرت إلى عباس في 31 أغسطس 2008 فإن "إسرائيل ستسمح بعودة ألف لاجئ سنويا لمدة خمسة أعوام، وذلك لدواع إنسانية"، على حد قوله.

وفي اجتماع بتاريخ 15 يناير 2010 مع ديفد هيل نائب المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، قال رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات إن "ما في تلك الورقة يمنحهم أكبر أورشاليم (القدس بالتعبير اليهودي) في التاريخ اليهودي. يعود عدد رمزي من اللاجئين، ودولة منزوعة السلاح... ماذا يمكنني أن أعطي أكثر؟".

وفيما يتعلق برؤية المفاوض الفلسطيني لكيفية حل أزمة اللاجئين، تظهر الوثائق أن تصور السلطة لا يقوم على عودتهم إلى أراضي 48، وهو ما عبر عنه عريقات في اجتماع مع "الإسرائيليين" في 8 أبريل 2008، حيث قال "لقد ذكرت سابقا أن إقامة الدولة الفلسطينية تشكل إجابة لقضية خمسة ملايين لاجئ فلسطيني. وهذا الأمر يعني أنه يجب عليكم ألا تقلصوا حجم هذه الدولة".

وأكد عريقات -إلى جانب ذلك، خلال اجتماع بتاريخ 23 مارس 2007 مع وزير الخارجية البلجيكي آنذاك كاريل دي غوشت- أن السلطة "لن تفرط في اللاجئين قبل مفاوضات الوضع النهائي"، ويشير في نفس الاجتماع إلى أن فلسطينيي الشتات "لن يدلوا بأصواتهم" (بشأن أي اتفاق نهائي مع إسرائيل). "ذلك لن يحدث.

فالاستفتاء سيكون للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية. ولن نستطيع إجراءه في لبنان، كما لن نستطيع إجراءه في الأردن".

وتأتي تلك المواقف، فيما يتركز الطرح "الإسرائيلي" على التخلص من مسألة اللاجئين واعتبار قيام دولة فلسطينية حلا لهذا الملف.

وقالت وزيرة الخارجية "الإسرائيلية" السابقة تسيبي ليفني -أثناء اجتماع مع رئيس طاقم المفاوضات في السلطة الفلسطينية أحمد قريع بتاريخ 22 يناير 2008- "لا أريد أن أخدع أحدا. لن يكون هناك أي مسئول إسرائيلي سواء من الكنيست أو من الحكومة أو حتى من العامة يؤيد عودة اللاجئين إلى إسرائيل. هناك العديد من الشعوب حول العالم مستعدون للمساهمة في قضية اللاجئين".

وبحسب "الجزيرة" فقد دفعت هذه الأفكار والمواقف "إسرائيل" إلى أن تطرح فكرة الدولة اليهودية، مع ما يعنيه ذلك من حصر حق العودة إلى فلسطين في اليهود. وتشير بعض الوثائق الى أن مفاوضين فلسطينيين شاطروا تل أبيب رؤيتها في القبول بتلك الفكرة

وأكثر من ذلك، سعى "الإسرائيليون" أيضا إلى التحرر من المسؤولية الأخلاقية الناجمة عن تشريد ملايين الفلسطينيين من ديارهم، وما قد ينتج عن ذلك من مطالبة بتعويضات، إذ قالت ليفني لأحمد قريع في اجتماع عقد في 24 مارس 2008 إن "تعويض اللاجئين مسألة دولية، من الخطأ الإشارة إلى المسئولية (الإسرائيلية)".

ورفضت ليفني –بحسب محضر جلسة موسعة بعد أنابوليس بتاريخ 21 يونيو 2008- أي مسئولية لـ "إسرائيل" عن معاناة اللاجئين وبقائهم داخل المخيمات، وقالت إن المسئول عن ذلك هو العالم العربي "ليس فقط عن الحرب ولكن عما وقع فيما بعد، بسبب خلق الآمال الكاذبة".

وهو الموقف ذاته التي تبنته الإدارة الأمريكية، حيث ذهبت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس أثناء اجتماع ثنائي أمريكي فلسطيني في 16 يوليو 2008 إلى أن مشكلة اللاجئين "مسئولية المجتمع الدولي وليس إسرائيل. إن المجتمع الدولي هو الذي أوجد إسرائيل".

وفي ذات السياق، رأى قريع -وفقا لمحضر اجتماعه مع ليفني بتاريخ 27 يناير 2008- أن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين يمكن حلها -كما يفهم من السياق- بسبل أخرى غير العودة، وقال "أما بالنسبة للاجئين، فإذا كان العرب سيكونون جزءا من الحل فلن تكون هناك مشكلة في هذه القضية. علينا أن نشرك الدول التي تستضيف اللاجئين بطريقة مباشرة أو غير مباشرة".

وبخصوص حل مسألة اللاجئين "خارجيا" قالت رايس على هامش لقاء "إسرائيلي" فلسطيني في برلين بتاريخ 24 يونيو 2008، إن دولا أخرى يمكن أن تشارك في حل قضية اللاجئين على أراضيها مثل تشيلي والأرجنتين.

ويبدو أن مسلسل التنازلات لم يقف عند ذلك الحد، وإنما شمل كذلك شكل الدولة الفلسطينية المفترضة وحدودها.

فقد أفادت الوثائق أن السلطة الفلسطينية قبلت مبدأ التنازل عن أجزاء من الضفة الغربية والقدس، مقابل أجزاء من فلسطين 48.

وبحسب محضر لاجتماع رئيس طاقم المفاوضات في السلطة الفلسطينية أحمد قريع مع وزيرة الخارجية "الإسرائيلية" السابقة تسيبي ليفني بتاريخ 22 يناير 2008، قال قريع "أود أن أقترح أن الأساس هو حدود 1967". مضيفا "نحن قبلنا بتعديلها ونحن ملتزمون بهذا".

وقال قريع إن "مساحة الأراضي المقايضة وموقعها هو ما يجب أن يناقش" بعد ذلك. لكن ليفني رفضت أن تكون تلك الحدود "مرجعية"، وقالت "لا أستطيع قبول هذا".

وفي نفس الاجتماع حاول قريع تشجيع محاورته على التنازل بقوله "سنهزم (حركة المقاومة الإسلامية) حماس لو توصلنا إلى اتفاق، وسيكون هذا هو ردنا على دعواهم بأن استعادة أرضنا يمكن أن تتحقق فقط عبر المقاومة".

واعترف الرئيس الفلسطيني -وفقا للوثائق- بأن "هناك مقترحات بتبادل الأرض، وإعطاء نسبة مئوية من الضفة الغربية مقابل نسبة مئوية أقل من أراضي 1948".

وأضاف "نريد قبل كل شيء أن يكون الأساس هو خط 4 يونيو 1967، ثم نبحث تبادلا صغيرا، ونريد ممرا آمنا بين الضفة الغربية وقطاع غزة".

 

.