فلسطين التاريخ / الانتفاضة والأسرى والمعتقلين

تقرير: أكثر من ألف أسير مريض يصارعون الموت في سجون الاحتلال الإسرائيلي.

 

 

تقرير: أكثر من ألف أسير مريض يصارعون الموت في سجون الاحتلال الإسرائيلي

 

المركز الفلسطيني للإعلام 3/7/2008م / تستمر معاناة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الصهيوني، بل وتتفاقم وتتدهور بصورة مأساوية، خاصة المرضى منهم، وذلك في ظل اعتماد سياسة الإهمال الطبي التي تمارسها سلطات الاحتلال وإدارات السجون في أكثر من 25 سجناً صهيونياً يقبع خلفها الآلاف من الأسرى.

وزارة الأسرى في حكومة تسيير الأعمال الفلسطينية برئاسة إسماعيل هنية، أصدرت تقريراً وتحذيراً ونداء عاجلاً، طالبت العالم بالتدخل لإنقاذ حياة الأسرى المرضى الذين يموتون كل يوم وكل لحظة، وطالبت فيه المجتمع الدولي التدخل لإنقاذ حياة (1300 أسير) من الأسرى المرضى في السجون، حتى لو كان التدخل خطابياً فهو اقل درجات رفع الظلم.

الاحتلال يمارس سياسة الموت البطيء

وأوضح وزير الأسرى والمحررين في حكومة تسيير الأعمال برئاسة إسماعيل هنية، أن إدارة السجون تمارس سياسة الموت البطيء بحق الأسرى، عبر الاستهتار التام بحياتهم من خلال الاستمرار في الإهمال الطبي المتعمد للحالات المرضية الموجودة داخل السجون.

وأضاف الدكتور أحمد شويدح في تقرير الوزارة  أن أعداد الأسرى المرضى في ارتفاع مستمر نتيجة هذه السياسة الظالمة، التي تترك المرضى فريسة للأمراض الفتاكة التي تنهش أجسادهم دون رحمة، حتى وصل الأمر إلى انتشار جرثومة (مجهولة المصدر) تصيب الأسرى بمرض لم يعرف له علاج حتى الآن.

وأكد أن إدارة السجون الصهيونية لم تتخذ الإجراءات اللازمة لمتابعة هذه القضية، وصد هذا الخطر الجديد الذي يتعرض له الأسرى العزل الذين لا يملكون سوى كرامتهم وعزة أنفسهم.

عشرات الأسرى المرضى يعانون أمراض خطيرة جداً

وبيّن الدكتور شويدح بأن العشرات من الأسرى المرضى يعانون من أمراض خطيرة جداً كأمراض القلب والسرطان والكلى وضغط الدم، مضيفا أنهم لا يجدون اهتماماً من قبل إدارة السجون التي تتعمد عدم إخراج الأسرى للفحص الطبي، والتصوير الإشعاعي، وإجراء التحاليل حتى تستفحل الأمراض في أجسادهم ولا يجدي بعدها العلاج نفعاً.

ونوه أن إدارة السجون الصهيونية تماطل في إخراجهم (الأسرى المرضى) إلى المستشفيات وإجراء العمليات الجراحية اللازمة بالرغم من توصية الأطباء بذلك، مما يؤدى إلى تدهور اكبر في صحة الأسير ويعرض حياته للموت في أي لحظة، وذكر أنه كان قد استشهد (48) أسيراً داخل السجون نتيجة الإهمال الطبي.

وعرّج شويدح على أن سلطات الاحتلال لا تقدم العلاج اللازم للأسرى المرضى، وترفض بشكل قاطع السماح لوفود طبية أو أطباء بشكل فردى بالوصول إلى السجون ومعاينة هؤلاء المرضى، وتقديم العلاج اللازم لهم، مما يؤكد –وفقا لشويدح- بأن الأمر متعمد ومقصود من قبل إدارة السجون لزيادة معاناة الأسرى، والنيل من إرادتهم.

تسمم وانتشار فيروسات خطيرة

من جهته أكد رياض الأشقر مدير الدائرة الإعلامية بالوزارة بأن من بين الأسرى المرضى هناك العديد من الحالات المرضية التي لا تنتظر المماطلات والمراوغات الصهيونية، كحالة الأسير محمد كامل أبو الحيات من نابلس، والقابع في سجن مجدو والذي يعانى من تسمم في الدم سببه فيروس مجهول، وحالته خطيرة جداً.

وبين الأشقر بأنه وعلى الرغم من ذلك فقد قامت إدارة السجن بعزله في سجن مستشفى الرملة بعيداً عن الأسرى، بدعوى أن مرضه معد دون أن تقدم له أي علاج مناسب لحالته الصحية سوى الأكامول، مضيفا أن حالة الأسير منصور محمد عزيز موقده من جنين والذي يلقب "الشهيد الحي" نظراً لخطورة حالته الصحية.

وقال إن الأسير المذكور كان قد أصيب بثلاث رصاصات في البطن والحوض والظهر أثناء اعتقاله، أدت إلى إصابته بشلل نصفى وتهتك شديد في المعدة والأمعاء، الأمر الذي اضطر الأطباء لتركيب أجزاء اصطناعية في المعدة والأمعاء لكي تستمر في العمل بشكل جزئي، وأضاف الأشقر أن الأسير يحتاج إلى أكياس لقضاء الحاجة، ويتحرك على كرسي، في الوقت الذي لا تقدم له إدارة سجن مستشفى الرملة سوى الأدوية المسكنة فقط، ولا يوجد أدنى اهتمام بعلاجه على الرغم من حاجته لإجراء فحوصات دورية باستمرار، كما يحتاج الأسير إلى إجراء عملية جراحية عاجلة، وكشف الأشقر عن وعود إدارة السجون بإجراء هذه العملية بيد أنها تقوم بالتأجيل في كل مرة بدون إبداء الأسباب، مما يشكل خطر حقيقي على حياته.

أورام سرطانية واستئصال الرئة

وبين مدير الدائرة الإعلامية أن الأسير سالم محمد الشاعر من قطاع غزة، ويعانى من وجود ورم سرطاني في الرئتين، استدعى استئصال الرئة اليسر له، وأن هناك خطورة من إمكانية انتشار المرض إلى الرئة اليمنى وباقي الجسم، وهذا حدث بسبب الإهمال الطبي حيث كان الأسير يعانى من ألام شديدة منذ اعتقاله في عام 2003.

وقال الأشقر إنه وعلى الرغم من المناشدات الكثيرة من قبل الأسرى لعرضه على طبيب خاص، وإجراء الفحوصات وصور الأشعة اللازمة له إلا أن إدارة السجون الصهيونية تماطل في الأمر، وبعد 4 سنوات من الاعتقال تدهورت حالته الصحية إلى حد الخطورة، اضطرت إدارة السجن لإجراء فحوصات للأسير وتبين أنه يعانى من ورم سرطاني مستفحل في الرئة، و أن اكتشافه كان متأخراً.

أسيرات مريضات

وأضاف تقرير الوزارة أن الأسيرة أمل جمعة تعاني من نزيف داخلي منذ أكثر من شهر، جعلها تشعر بعدم القدرة على الحركة، وتقوم الأسيرات بمساعدتها بالإضافة إلى مشاكل في الكلى وانتفاخ في البطن، وأوضح التقرير أنه تم نقلها إلى مستشفى الرملة أكثر من مرة ولكن دون جدوى، مبينا أن حالتها في تدهور مستمر وأنها تحتاج إلى فحوصات خاصة وصور أشعة وترفض سلطات الاحتلال إجراءها لها.

وبين التقرير أن الأسير زهير لبادة (54 عاما) يعاني داخل مستشفى سجن الرملة من فشل كلوي حاد و يعاني من التهاب بالكبد جعله في وضع صحي صعب للغاية حيث تم وضعه في المستشفى بعد استجوابه مباشرة نظراً لسوء حالته الصحية، ولا يأخذ أي علاج له سوى بعض المسكنات.

كما يعانى الأسير أيوب مازن شحادة من رام الله، -بحسب تقرير الوزارة- من تضخم بالكلية اليسرى، وضعف عام في الكلى، وعلى الرغم من ذلك يقبع في العزل الانفرادي منذ شهرين دون سبب.

وأوضح التقرير أن صحة الأسير محمد بشير موسى من بيت جالا جنوب الضفة الغربية تدهورت، حيث أصيب بتسمم في الدم بالإضافة إلى نقص في إحدى قدميه وتشوهات في الساق من خلال فتحات كبيرة، وذلك جراء إصابته  بالرصاص في قديمه أثناء الاعتقال، وتم إهمال علاجه، وترفض إدارة سجن عوفر إخراجه إلى المستشفى للعلاج.

وكشف التقرير عن تدهور صحة الأسير إبراهيم عبد الله أبو مصطفى من غزة، في سجن إيشل الذي يعانى من قرحة بالمعدة منذ سنتين ويعاني من ورم بالطحال ومرض بالكلى منذ ست سنوات، مبينا أنه كان قد أصيب بها نتيجة الضرب الذي تعرض له أثناء مرحلة الاعتقال.

وأشار إلى معاناة الأسير جهاد إبراهيم العجوة من مخيم عسكر من ضعف عضلة القلب وضيق وأزمة تنفس وشقيقة في الرأس، وأن وضعه الصحي صعب، وقال التقرير أن قائمة الأسرى المرضى تطول وترتفع يومياً بفعل الإهمال الطبي.

مسلخ الرملة

وأشار الأشقر إلى الأوضاع المأساوية التي يعانيها الأسرى الموجودين في سجن مستشفى الرملة أو كما يطلق عليه الأسرى مسلخ الرملة من هول الانتهاكات التي يلاقيها المرضى في تلك المستشفى، حيث يقبع فيه ما يزيد عن (40) أسير دائمين هم أصحاب اخطر الإصابات والأمراض من الأسرى، وعلى الرغم من ذلك يعيشون ظروف سيئة وغير صحية ويمرون برحلة عذاب مريرة بين الصبر على الألم ومقاومة المرض والأمل بالعلاج وتحسن أوضاعهم الصحية، وتتعامل معهم إدارة المستشفى بكل استهتار ولا مبالاة، ولا تجرى لهم الفحوصات الطبية اللازمة، والمتابعة المطلوبة، وتنتشر الفيروسات المعدية في المستشفى دون أن تتخذ الإدارة أي إجراءات حماية أو عزل للمصابين لعدم انتشار العدوى.

وبين التقرير أن بعض الأسرى لا يجد سريراً للنوم ويضطر إلى النوم على الأرض ولا تقدم لهم سلطات الاحتلال أي نظام غذائي يتناسب مع أوضاعهم الصحية، مما يضطرهم للاعتماد على شراء المعلبات الغذائية من الكانتين وبأسعار باهظة.

وقال التقرير إن هذه الممارسات تعرض حياة الأسرى للخطر الشديد ويزيد من احتمالات وفاتهم في أي لحظة، حيث إدارة السجن بنقل بعض الأسرى المرضى إلى سجون أخرى نظراً لضيق القسم والازدحام الشديد فيه، على الرغم من أن حالاتهم الصحية لا تسمح بذلك.

وأوضح الأشقر بأن ممثل الأسرى المرضى في المستشفى الأسير عصام أبو جندل، بحاجة إلى عملية جراحيه في عينيه وتماطل إدارة المستشفى في إجرائها له، كذلك الأسير ناهض الأقرع الذي يعاني من بتر في رجله اليمنى وإصابة في رجله اليسرى سببت له عجز بنسبة 90%، لا توفر له الإدارة أي رعاية صحية مناسبة، وكذلك الأسير جمعه إسماعيل وهو من الأسرى المرضى القدامى في مستشفى الرملة، ويعاني من أزمة حادة وضغط وسكري ومشاكل في الكلى والكبد ولم تتحسن حالته الصحية منذ أن دخل المستشفى منذ عدة سنين، بل وازدادت سوء.

احتياجات خاصة

وبين الأشقر بأن إدارة السجون وفى إطار سياسة الإهمال لم تسعَ لتوفير أطباء اختصاصين لمعاينة المرضى واكتشاف ما يعانونه من أمراض مبكراً، منوها أنها لا زالت ترفض إحضار طبيبة نساء للأسيرات متخصصة في الأمراض النسائية، وتكتفي بإحضار طبيب وغير متخصص يشرف بدوره على الوضع الصحي للأسيرات، كذلك لا توفر إدارة السجون طبيب أسنان مختص لمعالجة الآم الأسنان التي يعانى منها عدد كبير من الأسرى، وتكتفي بطبيب عام، لا يعرف سوى الخلع علاجا وحيداً للأسنان.

وقال التقرير أن السجون تفتقر إلى العيادات المناسبة والمجهزة للعلاج، وأن ما يوجد في السجون هو غرف عادية يطلق عليها عيادات لا يوجد بها أدوية أو أجهزة طبية أو مخبرية، وهى خالية أيضاً من الأجهزة اللازمة لذوي الاحتياجات الخاصة كالكراسي المتحركة والأطراف الصناعية، والنظارات الطبية.

إحصائيات مقلقة

وكشف الأشقر أن من بين الأسرى المرضى هناك أكثر من (500) أسير يحتاجون إلى عمليات وعلاج عاجل، ومنهم (150) أسير مريض يعانون من أمراض خطيرة وصعبة، كذلك يوجد هناك (18) أسير يستخدمون الكرسي المتحرك والعصي في حركتهم وتنقلهم، وذلك نتيجة إصابتهم بالإعاقة إثر تدهور أوضاعهم الصحية داخل السجون وعدم تلقيهم العلاج المناسب لحالاتهم المرضية.

وبين أن هناك (3) أسرى يعانون من فقد البصر بالكامل، وعشرات آخرين مهددين بفقد البصر إن لم يقدم لهم العلاج اللازم، بينهم الأسير علاء معروف من نابلس، ويقضي حكما بالسجن لمدة 10 سنوات ويعاني من مشاكل بالعين جراء إصابته بالرصاص، وهو بحاجة إلى زراعة للقرنية.

إضافة إلى أن هناك أكثر من (45) أسير مصابين بالرصاص والشظايا أثناء الاعتقال وقبله، وهناك أكثر من (100) أسير بحاجة إلى عمليات جراحية في الجيوب الأنفية، لم تجر منها إلا عملية واحدة فقط، وأن هناك (40) أسير هم نزلاء دائمين في مستشفى سجن الرملة، ومنهم من أمضى عدة سنوات داخل المستشفى دون أن يطرأ أي تحسن على حالته الصحية بل على العكس هناك تدهور كبير في الحالات المرضية داخل المستشفى.

مناشدة عاجلة

ووجهت وزارة الأسرى نداء استغاثة باسم الأسرى المرضى في سجون الاحتلال وذويهم إلى كافة المؤسسات والهيئات الدولية وخاصة منظمة الصحة العالمية، بضرورة إرسال لجان طبية بشكل عاجل لزيارة السجون وعلى وجه الخصوص سجن مستشفى الرملة، لوقف القتل اليومي بحق الأسرى المرضى قبل أن يخرجوا من السجون محمولين على الأكتاف شهداء.

 

.