فلسطين التاريخ / منتقى الأخبار

تقرير: تهويد القدس: الفرصة سانحة والعقيدة راسخة

 

التاريخ: 28/2/1430 الموافق 24-02-2009

 

في خضم المشاورات التي يجريها زعيم ليكود اليميني بنيامين نتانياهو لتشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، جاءت الفرصة سانحة في الدولة العبرية لقطع خطوة جديدة كبرى على طريق تهويد القدس والتلاعب بطبيعتها الديمغرافية بإجلاء جماعي لـ1500 مقدسي من منازلهم، فضلا عن تواصل عمليات الاستيطان في المدينة المقدسة.

وإمعانا في تطبيق سياسة فرض الأمر الواقع، طلبت إسرائيل من أصحاب نحو 90 منزلا في القدس الشرقية المحتلة إخلاءها بحجة عدم وجود تراخيص لبنائها.

وتقع المنازل المهددة في حي البستان الواقع الى جنوب المسجد الأقصى، ويعود بناؤها الى ما قبل العام 1967 عندما احتلت إسرائيل القطاع الشرقي من المدينة المقدسة.

بيد أن ذلك لا يشكل مصدر قلق لمتخذي هذا القرار مع صعود نتانياهو الذي يتمسك بالقدس "عاصمة أبدية موحدة" لدولة اليهود، في وقت تصل فيه عملية السلام مع الفلسطينيين الى طريق مسدود.

وعلاوة على ذلك فإن هذا الإجراء يشكل انتهاكا إسرائيلياً جديدا للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة الى جانب اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 التي تحظر على السلطات المحتلة القيام بأي عمل قد يشكل تهجيرا قسريا لسكان الأرض المحتلة.

'القدس الموحدة' خط إسرائيلي أحمر

ومن مسلّمات الخطاب السياسي لليمين الإسرائيلي الذي يستعد زعيمه لتشكيل الحكومة الجديدة هي ان القدس "عاصمة موحدة" لا يجوز التخلي عن شبر منها بأي حال من الأحوال.

وتأكيدا على هذا النهج، قال نتانياهو أنه سيكون "وفيا لمدينة القدس ولسيادة إسرائيلية كاملة عليه"، وأنه لا ينبغي وضعها على طاولة المفاوضات مع الفلسطينيين.

وشدد نتانياهو خلال حديثه في "مؤتمر القدس" المنعقد أخيرا في إسرائيل أنه "تصدى لضغوط كبيرة عندما أيد بشدة إقامة الحي الاستيطاني اليهودي 'هار حوماه'" في جبل أبو غنيم قبل عشر سنوات، كما انه استمر في دعم مواصلة البناء في مستوطنة معاليه أدوميمم الى جانب حي استيطاني جديد في جبل الزيتون في المدينة المقدسة لـ"تقوية التواصل الجغرافي بين المستوطنة والقدس".

وأحبط نتانياهو محاولات الفلسطينيين لزعزعة السيادة الإسرائيلية على القدس من خلال فتح مكاتب لمنظمة التحرير "التي قمت بإغلاق معظمها، ولولا تدخل المحكمة لأغلقتها كلها".

وقال في مناسبة أخرى ان "مصالحنا الحيوية تشمل القدس الموحدة، بدون ضم السكان الفلسطينيين، والمحافظة على الحد الأقصى من الأرض مع الحد الأدنى من الفلسطينيين".

الاستيطان جار على قدم وساق

وعلى الأرض، زادت عمليات البناء في مستوطنات الضفة الغربية بنسبة 60 بالمائة، كما بدأت ورش بناء خصوصا في مستوطنات معالي ادوميم وبيتار وجفعات زيف في منطقة القدس خلال الأشهر الستة الأخيرة من العام 2008، على ما ذكرت منظمة اسرائيلية معنية بالاستيطان.

وكشف تقرير لحركة "السلام الآن" عن بناء ما لا يقل عن 1257 منشأة، بما فيها 748 مبنى "دائما" و509 منازل نقالة، ما يمثل زيادة بنسبة 60% مقارنة بالعام 2007.

كما أفاد التقرير انه تم إعداد أراض موجودة داخل المستوطنات "تمهيدا لتشييد 63 منشأة جديدة".

ويشير التقرير الى عدم تفكيك أي مستوطنة "عشوائية" عام 2008. وفي 74 من تلك المستوطنات، أي 75% منها، جرت أعمال بناء أو تطوير عام 2008.

وانشأ المستوطنون حوالي مئة مستوطنة "عشوائية" تعهدت إسرائيل للولايات المتحدة قبل سنوات بتفكيكها، لكنها لم تنفذ ذلك بعد.

تهويد القدس.. في صلب العقيدة السياسية الإسرائيلية

منذ أن قامت إسرائيل باحتلال مدينة القدس عام 1967، وهي تعمل جاهدة للسيطرة عليها وتغيير معالمها بهدف تهويدها وإنهاء الوجود العربي فيها، وقد استخدمت لأجل ذلك الكثير من الوسائل وقامت بالعديد من الإجراءات ضد المدينة وسكانها، حيث كان الاستيطان في المدينة وفي الأراضي التابعة لها أحد أهم الوسائل لتحقيق هدف اليهود الأساسي تجاه مدينة القدس.

وسعت إسرائيل خلال العقود الماضية إلى استكمال مخططها الاستيطاني الهادف للسيطرة الكاملة على مدينة القدس، وعملت على تحقيق ذلك من خلال توسيع ما يسمى بحدود القدس شرقا وشمالا، وذلك بضم مستوطنة معاليه أدوميم التي يقطنها حوالي 20 ألف نسمة، كمستوطنة رئيسية من الشرق، إضافة إلى المستوطنات العسكرية الصغيرة مثل "عنتوت، ميشور، أدوميم، كدار وكفعات بنيامين" من الجهة الشرقية، "وكخان يعقوب، كفعات زئييف، كفعات حدشا، كفعات هاردار" من الشمال.

وقد أدى ذلك إلى مضاعفة عدد المستوطنين وفي نفس الوقت قلت نسبة السكان العرب الفلسطينيين الذين يشكلون ثلث سكان القدس أي حوالي 220 ألف نسمة بما فيها الجزء المضموم 380 ألف نسمة، مع العلم أن عدد المستوطنين في القدس الشرقية يساوي عدد المستوطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة (180 ألف مستوطن).

ويبلغ عدد المستوطنات في القدس 29 مستوطنة، 14 منها في الجزء المضموم من القدس أي ما يسمى حدود القدس الشرقية، وتنتشر هذه المستوطنات في لواء القدس على شكل تجمعات استيطانية مكثفة تتخذ الشكل الدائري حول المدينة وضواحيها ممثلة بمراكز استيطانية كبيرة المساحة.

وتم توسيع حدود البلدية (القدس الغربية) بشكل رسمي ولكن عمليا تم الاستيلاء على 72 كم مربع بقرارات مختلفة وبتقييد التمدد العمراني في القدس وتحويل المناطق إلى مستوطنات يهودية كما حدث مع جبل أبو غنيم.

وتعتبر سياسة تهجير الفلسطينيين من مدينة القدس أحد الوسائل المعتمدة لدى دولة الاحتلال الإسرائيلي من أجل خلق واقع جديد يكون فيه اليهود النسبة الغالبة في مدينة القدس.

المصدر: ميدل ايست اونلاين

 

.