فلسطين التاريخ / تهويد وتزوير وإجرام
ماذا يريد اليهود ؟!!
" إن النقطة الأساسية في البرنامج الصهيوني هي الحصول على أكبر قدر ممكن من الأرض وأقل عدد ممكن من العرب " .
بهذه الكلمات لخص الرئيس السابق للكيان اليهودي " يتسحاق نافون " البرنامج اليهودي في ترحيل الفلسطينيين من أرضهم والاستيلاء على ممتلكاتهم .
ولهذا كانت المعركة الطويلة والمستمرة ضد الفلسطينيين معركة من أجل " أرض أكثر وعرب أقل " .
فبعد أن ترسخ في التصور اليهودي بأن أراضي فلسطين هي حق يهودي منذ البداية وتعود بصورة حصرية إلى الشعب اليهودي ككل ، ومن ثم فإن العرب الفلسطينيين هم " غرباء " إما أن يقبلوا السيادة اليهودية على البلاد ، وإما أن يرحلوا !!. وأن الفلسطينيين لن يجدوا أي صعوبة في أن يقبلوا الأردن أو العراق أو سوريا كوطن لهم !!!.
شدد دعاة الترحيل على أن الفلسطينيين ليسوا شعباً متميزاً وإنما هم مجرد سكان عرب صودف أن استقروا بأرض إسرائيل !!!.
ففي السابق كتب صحافي يهودي بارز ، وهو " يشعياهو بن بورات" ، تبريراً لهذه الإجراءات في جريدة " يديعوت أحرونوت " " من واجب القيادة الإسرائيلية أن توضح للعموم عدداً من الحقائق ، أحدها أنه لا صهيونية ولا استيطان ولا دولة يهودية من دون إجلاء العرب ومن دون الاستيلاء على الأراضي وتسييجها ".
وفي سنة 1980 أشار الجنرال في الاحتياط "أهارون ياريفي" وهو رئيس سابق لجهاز الاستخبارات العسكرية للجيش إلى أن هنالك رأياً سانداً ، على نطاق واسع يؤيد استغلال حرب تنشب في المستقبل لطرد عدد يراوح بين 700.000 و 800.000 فلسطيني ، وقد نبه إلى وجود هذه الخطة فعلاً ، كما أن وسائل تنفيذها معدة "
وخطب دايان سنة 1969 في معهد التخنيون في حيفا مذكراً اليهود الذين يعارضون المستعمرات اليهودية في رفح والضفة الغربية بما لم يعرفه بعضهم من الجيل الأصغر عمراً قائلاً : " لقد جئنا إلى هذا البلد الذي كان العرب توطنوا فيه ، ونحن نبني دولة يهودية ... لقد أقيمت القرى اليهودية مكان القرى العربية ، أنتم لا تعرفون حتى أسماء هذه القرى وأنا لا ألومكم ، لأن كتب الجغرافيا لم تعد موجودة وليست كتب الجغرافيا هي وحدها التي لم تعد موجودة ، بل القرى العربية نفسها زالت أيضاً ، وما من موضع بني في هذا البلد إلا وكان فيه أصلاً سكان عرب " المصدر صحيفة هارتس 4أبريل 1969 م .
ومن جهة أخرى لا يقتصر طرح موضوع ترحيل الفلسطينيين على الأحزاب والشخصيات السياسية للكيان اليهودي في الوقت الراهن كحل للقضية الفلسطينية بل إن موضوع طرد الفلسطينيين ورد في المشروع الذي ناقشته الحكومة الكيان في أبريل 1989م والذي أعده معهد جافي للدراسات الاستراتيجية التابع لجامعة تل أبيب تحت عنوان " الضفة الغربية وقطاع غزة : خيارات إسرائيل للسلام " : جاء في هذا التقرير " إذا أرادت إسرائيل أن تضم الضفة الغربية وغزة وإزاء تواجد أكثر من مليون ونصف مليون فلسطيني في هذه المناطق وإذا أرادت إسرائيل أن تبقى دولة يهودية الهوية فإنه يجب عليها أن تنكر عليهم أية حقوق في المشاركة السياسية، أو ترحلهم في نهاية المطاف أو ترحل بعضهم من الضفة الغربية وغزة إلى الدول العربية المجاورة .
ويضيف المشروع : " أما إذا أرادت إسرائيل تطبيق خيار الواقع الراهن أي عدم الانسحاب من الضفة الغربية والقطاع والإبقاء على الاحتلال بوضعه الحالي يمكن أن تسعى إسرائيل لشن حرب أو تستغل شن حرب عربية – إسرائيلية لطرد العرب الفلسطينيين كعامل ردع للعرب مستقبلاً ".
ومن هذا ندرك كيف أن قادة اليهود عملوا ويعملون لتنفيذ الطرد الجماعي وكما قال أحدهم تنتهي مشكلتنا بباصات نقل يكتب عليها " النقل مجاناً " !!.
ليتحقق لهم الأمل " بأرض أكثر وعرب أقل " وفرض السيادة على الأرض المحتلة ، فلن يتخلى اليهود عن حلمهم الذي طال انتظاره ، وأخذ حيزا من تفكيرهم ومخططاتهم والذي يهدف منذ نشأ كيانهم على أرض فلسطين إلى طرد وترحيل سكان فلسطين الأصليين الذين يشغلون الأرض التي سيقام فيها التجمع اليهودي ، وهذا أمر حتمي حتى يتسنى قيام الكيان الغاصب بالصورة التي أرادها قادة اليهود .
وهذا ما ينطبق الآن على أرض الواقع فمشروع تهجير أكبر عدد من الفلسطينيين جبراً ما زال مطروحاً ، لتهيئة الأجواء وتوفير الإمكانات لاستيعاب مستعمرين يهود جدد ، فأرادوا لشارون أن ينفذ ذلك المخطط بقوة السلاح بعد أن عجز باراك في تنفيذ ذلك المخطط بالقهر الأمني والضيق الاقتصادي على أبناء فلسطين !!.
ولتحقيق الحلم اليهودي في إخلاء أرض فلسطين من أهلها ، عمل اليهود في المرحلة الحالية بكل جهد لتطبيق استراتيجية الترانسفير عبر ثلاثة اتجاهات :
أولها: الترانسفير الاقتصادي : وهو تضييق الأحوال الاقتصادية على العاملين في فلسطين ، بكثرة الإغلاقات والتدمير الاقتصادي ليضيق بهم الحال ، فيضطرون طوعاً إلى أن يبحثوا عن عمل لهم بالخارج ، وفتح أبواب وفرص عمل للسفر والهجرة .
ثانياً : الترانسفير الأمني : وذلك بتصعيد الاستفزازات والاعتقالات والإهانات والمداهمات والمطاردات ، حتى يفقدوا الراحة والأمن والأمان ، فيضطروا حفاظاً على حياتهم وراحتهم أن يفكروا بالبديل وهو العمل في الخارج ، والسفارات الأجنبية كانت وما زالت تسهل إعطاءهم الفيز للخروج إلى أوروبا وأمريكا كذلك .
ثالثاً : الترانسفير العسكري : وهو ما ينفذه شارون وقادة اليهود على أرض الواقع من حرب فعلية قائمة ضد شعب أعزل ، فالقتل والتدمير وجرف الأراضي لإجبار الفلسطينيين على الهجرة قسراً .
ولكن ما فاجأ اليهود في تطبيق تلك المراحل الثلاث أن شعب فلسطين لم يسبق له في التاريخ المعاصر أن التصق بأرضه ومقدساته كما هو اليوم ، فمع كثرة المجازر تلك إلا أن الشعب الفلسطيني الذي يعيش تحت وطأة الاحتلال قد وطن نفسه على الصبر والتعايش مع الوضع الراهن ، فتجربة اللجوء منذ عام 1948 م وحتى اللحظة ، والمهانة التي أصابتهم من فقر ومعاناة والتي واجهوها في الشتات ومخيمات اللاجئين ، جعلتهم يفضلون العيش على أرضهم وبيوتهم ولو كانت خياما على أنقاضها .
وما توقعه قادة اليهود من أن تلك المجازر سترعب الفلسطينيين ، وتطلق سيقانهم للريح ، وتضعف ثباتهم على أرضهم ، ولكنهم لم يتوقعوا هذا الثبات على الأرض والمقدسات ، وهذا ما صرح به " يعكوف بيريس "- رئيس المخابرات اليهودية السابق – حيث قال : " لقد قاتلت الفلسطينيين عقوداً من الزمن لم ألحظ خلالها كل هذا العزم الذي يبديه المجتمع الفلسطيني حالياً من استعداد لتقديم التضحيات من أجل التخلص من الاحتلال ، إن هذا وحده يكفي لخسارة إسرائيل المعركة ".
ومع ذلك نقول إن التهجير وارد وممكن في ساعات وخلال أيام قليلة ، وهذا ماحدث فعلا في عامي 48 و 1967 م والثبات الفلسطيني على الأرض له طاقته وحدوده ، والمخططات التي تحبك أكبر من الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية .
ومسلسل الاغتيالات والتصفيات التي قامت بها القوات اليهودية ضد أشخاص معينين في فلسطين المحتلة ، والذي استمر حتى وصل إلى مقتل الشيخ أحمد ياسين رحمه الله تعالى لعمل إجرامي يدمي القلوب ، لما وصل له حال المسلمين ودماؤهم التي تسال على أرض فلسطين .
ومما لاشك فيه أن تلك الممارسات تعمل من أجل إخراج الشعب الفلسطيني من أرضه
ليتحقق : الحصول على أكبر قدر ممكن من الأرض وأقل عدد ممكن من العرب !!! .
فهذا هو المخطط واضحاً جلياً فهل نعي حجم المؤامرة على أهل فلسطين ؟!!.
عيسى قدومي
.