فلسطين التاريخ / تهويد وتزوير وإجرام

وصلت قذائفكم ورسائل أطفالكم !!

 

وصلت قذائفكم ورسائل أطفالكم !!

 

      أطفال يهود صغار يزورون وحدة مدفعية من الجيش اليهودي في الخطوط الأمامية، لم يكتفوا بتقديم الزهور والهدايا للجنود على جبهات القتال في شمال فلسطين، بل هيئوهم وعلموهم أمراً لم تعهده وسائل التربية والتعليم، وذلك بأن كتبوا على القذائف المدفعية بأناملهم الصغيرة كلمات الدعم والتأييد لجيشهم وصواريخه؛ صور تناقلتها وسائل الإعلام في مشهد يعجز وصفه وكأنهم يرسلون الهدايا بأسرع وسائل النقل لأطفال لبنان!!! ولنا مع تلك الصور وقفات سريعة لابد من تبيانها:

 

(1)

 

هكذا يربّون أطفالهم، ليرسخ في أذهانهم أن تلك الصواريخ التي يقذف فيها المدنيين والأطفال والنساء في لبنان وغزة ومدن الضفة هي ضمان استمرار عيشكم وإقامتكم على أراضي فلسطين لحين ما تكبرون وتكملون مسيرة القتل والعدوان للجميع بمن فيهم النساء والأطفال، رسالة أرادوا حفرها في عقول أطفالهم مفادها أن القوة القصوى هي ضمان استمرار عيشكم في المستقبل على أرض فلسطين. فهم يعبّئون أطفالهم منذ نعومة أظفارهم، ويغرسون في نفوسهم قواعد الولاء للكيان الغاصب، وتثبيت فكرة أرض الميعاد في أذهانهم، وأن كل شيء مباح لكم لأنكم شعب الله المختار، وكل الشعوب هي سخرة لخدمتكم!!

 

 (2)

 

      وهكذا يعملون جاهدين ليطمسوا صورة المحتل الذي غزا بقوة السلاح وطن وأرض ليست له، شرد أهله، وسلب ممتلكاته ودنس مقدساته وهدم بنيانه، وقتل رجاله ونسائه، ويبررون لأطفالهم ممارسات كيانهم الاستعماري مهما بلغ ظلمها وجبروتها، لأنهم مدافعون عن أرضهم وحياة أبناءهم!! هذا هو الشيء الأساس الذي يلقنه الصهاينة للأطفال في المدارس ويربونهم على التفاني من أجله.

 

(3)

 

       ولا شك أن التربية العسكرية للنشء عند اليهود لعبت الدور الأشد خطورة في تأسيس الكيان اليهودي الغاصب، وعسكرة ذلك الكيان، ليكون الجميع مهيأً وقادراً على القتال والمواجهة بل والهجوم، ونزع الرحمة والشفقة من قلوبهم، حيث ساهمت بشكل فاعل في بناء الكيان اليهودي وتماسكه لأنها اهتمت ببناء الإنسان اليهودي منذ طفولته وفق القيم اليهودية والنظام العسكري الذي يؤمن روافد بشرية مهيأة للقتال والدفاع عن كيانهم الغاصب، فكانت مناهج التعليم تأخذ الطابع العدائي للعرب والمسلمين، والتربية العسكرية في المراحل الدراسية تنمي فيهم الطابع الإجرامي؛ وكان نتاج ذلك مشاهد تتكرر أمامنا من ممارسات وحشية، وتبريرات ساذجة نسمعها من قادتهم على قنواتنا الفضائية لا تنطلي حتى على السفهاء في العالم أجمع!!

 

(4)

 

يقول الكاتب اليهودي عاموس أيلون موضحاً الكيفية التي تتم بها عملية زرع الروح العسكرية في النشء اليهودي: "تبدأ منذ سنوات مبكرة في حياة الفتى "الإسرائيلي" من خلال اختبارات قاسية لقوة الاحتمال في مناخ وظروف وأرض قاسية جداً أثناء تدريبات "الجدناع" (كتائب الشباب). وكثيرون من مدربي الشباب في إسرائيل لا يزالون يرون رسالتهم الكبرى في تدريب تقوية الفتية والفتيات ليكونوا أفراد كوماندوز ومظليين صالحين، فيرسل الغلمان إلى العراء في ليالي الشتاء الباردة، ويجبرون على السير حفاة على الشاطئ المبلل، وتجبر الفتيات في سن الرابعة عشرة على دخول مقابر المسلمين في الليالي المظلمة واستجماع الشجاعة والرقاد في القبور".

 

(5)

 

ويؤكد  د. "ليف كارنييف" في كتابه اليهود واليهودية في نظر شعوب العالم ذلك بقوله "أظهر الاستبيان الذي أجرته المجلة الأسبوعية الإسرائيلية "هاولام هاري" في تل أبيب بين الطلبة الإسرائيليين، حيث أعلن 95 % منهم أنه يجب قتل كل العرب، وعندما سألوا إحدى أمهات هؤلاء الطلبة من أين لابنك هذا الشعور تجاه العرب؟ أجابت: هكذا علموه في المدرسة"!!

       وتقوم وزارة التربية بدورات عسكرية لأطفال الروضة تتسم بالعنف، حيث اعتادت المدارس في الكيان اليهودي بتعليق لافتات عن "تنظيم دورات عسكرية للأطفال في مرحلة الروضة مع تعويدهم على إرسال الهدايا للجنود وتخصيص الرحلة المدرسية السنوية التي يقوم بها طلاب الصف الخامس إلى مخزن عسكري للذخيرة"، وهذه الزيارة التي قام بها الطلبة اليهود هي ضمن تلك الدورات!!

 

 (6)

 

      هذا المشهد وغيره يجعل من الصعب جداً تحديد حدود المؤسسة العسكرية للكيان اليهودي للتداخل الشديد بين المؤسسات المدنية، جاء في موسوعة اليهود واليهودية "أن إسرائيل دولة تأخذ معظم الأنشطة فيها صفة مدنية/عسكرية في آن واحد، وحيث أن معظم جيشها من قوات الاحتياط يصبح من الصعب التمييز بين المدنيين والعسكريين، وهذا ما أكده شاعر يهودي حيث قال: "كل الشعوب تملك جيش إلا في "إسرائيل" حيث يوجد جيش يملك شعب".

 

(7)

 

       "نحن نحارب فنحن إذن نكون" كلمة قالها علناً رئيس الوزراء اليهودي الأسبق "مناحم بيجن"، تُذَكرنا إن نسينا أو أنسونا حقيقة المشروع اليهودي الذي يعيش في حالة حرب دائمة، وحتى لو لم يكن هناك تهديد جدي لأمنه وهذا ما أكده "دليل إسرائيل العام" في وصفه للمؤسسة العسكرية وماهية علاقتها مع شتات اليهود على أرض فلسطين: "يتميز المجتمع "الإسرائيلي" بصبغة عسكرية شاملة وقوية، وجميع الإسرائيليين رجالاً ونساءً، القادرين على حمل السلاح يؤدون الخدمة الإلزامية، وينطبق على هذا المجتمع وصف المجتمع المسلح، أو "الأمة المسلحة" كما يصف الإسرائيليون أنفسهم فعلاً". فهم محاربون بجميع أفرادهم، وأكبر شاهد على ذلك النسب المرتفعة جداً في الاستبانات التي أجرتها مراكز دراسات يهودية وغربية بعد الهجوم الأخير على لبنان، حيث تصل نسبة تأييدهم للحرب على لبنان والشعب الفلسطيني لأكثر من 90%. 

 

       ومع كل تلك الصور والحقائق فإن الكثيرين منا يخلطون ولا يميزون بين ما هو محارب وغيره – أي بين من هو أهل الحرب ومن هو من غير أهل الحرب من اليهود – كما يحلو للبعض حصر العسكريين باليهود الذين يلبسون الزي العسكري فقط، وفي ذلك تحقيق للأمن والأمان لجميع فئات اليهود الغاصبين، وإبعاد صفة الاغتصاب والاحتلال لأرض فلسطين، وإعطاءهم شرعية الهجرة وإقامة المستعمرات وغصب الأراضي، ومبرر الدفاع وتوجيه السلاح لحماية ممتلكاتهم وأرضهم، والإقرار بأن الكيان اليهودي كيان "مسالم" لا يريد الحرب، ويعمل على تجنب خوضها!!، ونحن الطرف المعتدي!!.

 

 

عيسى القدومي

21/7/2006

.