فلسطين التاريخ / منتقى الأخبار

وثائق تفضح تنازلات السلطة في المفاوضات

الاثنين 24 يناير 2011

مفكرة الاسلام: كشفت وثائق مسربة حول جلسات المحادثات بشأن الصراع الفلسطيني "الإسرائيلي"، أن السلطة الفلسطينية عرضت التنازل لـ "إسرائيل" عن مساحات شاسعة من القدس الشرقية المحتلة في عام 1967، وأنها عرضت تقديم تنازلات غير مسبوقة في الحرم الشريف، ليحل الخلاف بشأنه عبر ما وصف بـ "طرق خلاقة".

وأظهرت الوثائق التي كشفت فضائية "الجزيرة" النقاب عنها، أن السلطة تنازلت عن المطالب بإزالة كل المستوطنات "الإسرائيلية" بالقدس الشرقية باستثناء مستوطنة جبل أبوغنيم أو "هارحوما" بحسب التسمية "الإسرائيلية"، وأبدت استعدادها لتقديم تنازلات غير مسبوقة في الحرم الشريف وحييْ الأرمن والشيخ جراح.

وأظهرت محاضر جلسات المحادثات المتعلقة بما بات يعرف بـقضايا الوضع النهائي في المفاوضات الفلسطينية "الإسرائيلية" أن مفاوضي السلطة قبلوا بأن تضم "إسرائيل" كل المستوطنات في القدس الشرقية باستثناء مستوطنة جبل أبوغنيم.

وبحسب محضر اجتماع بتاريخ 15 يونيو 2008 حضره مفاوضون أمريكيون و"إسرائيليون"، قال رئيس طاقم المفاوضات في السلطة الفلسطينية أحمد قريع إن "هذا المقترح الأخير يمكن أن يساعد في عملية التبادل".

وأضاف "اقترحنا أن تضم إسرائيل كل المستوطنات في القدس ما عدا جبل أبوغنيم (هارحوما)". ويتابع "هذه أول مرة في التاريخ نقدم فيها مقترحا كهذا وقد رفضنا أن نفعل ذلك في كامب ديفد".

ومثل حديث قريع هذا خلاصة صريحة وواضحة لما عرضه -بالخرائط- الوفد الفلسطيني المفاوض برئاسته في الرابع من مايو 2008، وهو الاجتماع نفسه الذي قال فيه قريع لـ "الإسرائيليين" إن هناك مصلحة مشتركة في الإبقاء على بعض المستوطنات.

كما كشفت المحاضر السرية لجلسات المحادثات أن السلطة الفلسطينية أبدت استعدادها لتقديم تنازلات غير مسبوقة في الحرم القدسي الشريف.

وبحسب وثيقة من تلك الوثائق، قال رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات -وفقا لمحضر اجتماع مع المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل، والمستشار القانوني في الخارجية الأمريكية جوناثان شوارتز وديفد هيل نائب ميتشل، في 21 أكتوبر 2009- "بالنسبة للمدينة القديمة فإنها تكون تحت السيادة الفلسطينية ما عدا الحي اليهودي وجزءا من الحي الأرمني".

وأضاف عريقات أن "الحرم يمكن تركه للنقاش. هناك طرق خلاقة: تكوين هيئة أو لجنة، أو الحصول على تعهدات مثلاً بعدم الحفر". وشعورا منه بمستوى حجم التنازلات التي قدمها في هذا الصدد، دون مقابل، قال عريقات إن "الشيء الوحيد الذي لا يمكن أن أقوم به هو أن أتحول إلى صهيوني".

وفي اجتماع آخر مع وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيي ليفني بتاريخ 30 يونيو  2008 قال عريقات "ليس سرا أننا عرضنا في خريطتنا أن نمنحكم أكبر أورشاليم (القدس بالتعبير اليهودي) في التاريخ".

وفي اجتماع آخر عقده في التاسع من سبتمبر 2008 مع وحدة دعم المفاوضات، تحدث عريقات عما عرضه رئيس الوزراء "الإسرائيلي" السابق إيهود أولمرت على الجانب الفلسطيني في 31 أغسطس من نفس العام، فقال إن أولمرت "عرض علينا أن تكون منطقة الحرم تحت إشراف هيئة مشتركة"، مكونة من السعودية والأردن ومصر والولايات المتحدة و"إسرائيل" والجانب الفلسطيني.

وبحسب عريقات فإن أولمرت اشترط أن تكون مهمة هذه الهيئة الإدارة وليس السيادة، على أن يتم التفاوض حول السيادة لاحقا بمشاركة الفلسطينيين والإسرائيليين وأطراف الهيئة، من دون أن تكون لهذه الهيئة سلطة لإجبار أي من الطرفين الفلسطيني و"الإسرائيلي" على التوصل لاتفاق. 

وقد تؤدي الوثائق المسربة، وهي محاضر اجتماعات بين مسؤولين فلسطينيين و"إسرائيليين" وأمريكيين التأكد منها بصورة مستقلة، لإضعاف الموقف السياسي لرئيس السلطة محمود عباس، حيث تكشف عن تناقض مواقفه مع تصريحاته العلنية التي أكد فيها مرارًا تمسكه بالثوابت.

وأبدى رئيس السلطة محمود عباس استغرابه مما نشرته "الجزيرة" من وثائق سرية حول الوضع الفلسطيني وعملية السلام.

وقال عباس الذي يزور القاهرة: "لا أعلم من أين جاءت الجزيرة بأشياء سرية، ولا يوجد شيء مخفي على الأشقاء العرب، وعندما يحصل شيء نتصل بعدد من الدول، وبالسيد عمرو موسى (الأمين العام لجامعة الدول العربية) ونطلعهم على ما يجري".

من جانبها، أكدت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أن الوثائق المسربة يكشف تواطؤ السلطة مع "إسرائيل" ويعكس دورها في التورط في محاولات تصفية القضية الفلسطينية.

ونقل "المركز الفلسطيني للإعلام" المقرب للحركة عن، سامي أبو زهري، المتحدث باسم "حماس"، قوله: "الوثائق السرية التي عرضتها الجزيرة حول تواطؤ سلطة فتح في رام الله مع الاحتلال حي، وثائق خطيرة للغاية وتدلل على تورط سلطة "فتح" في محاولات تصفية القضية الفلسطينية".

وعلى الصعيد الأمريكي، قال الناطق باسم الخارجية، فيليب كراولي، في موقع "تويتر" الأحد، إن واشنطن تنظر في تسريبات الجزيرة المزعومة: حكومة الولايات المتحدة تراجع المستندات الفلسطينية المزعومة التي نشرتها الجزيرة.. لا يمكننا أن نشهد على صحتها".

يذكر أن "إسرائيل" احتلال القدس الشرقية في أعقاب حرب 1967، وتعد القدس عاصمة لدولتها، وهي مزاعم يرفضها المجتمع الدولي الذي يصف بناء مستوطنات "إسرائيلية" في القدس الشرقية بأنه غير شرعي، وهي المدينة التي ينظر إليها الفلسطينيون كعاصمة لدولتهم مستقبلاً.

ومن المقرر وكما أعلنت "الجزيرة" أن تكشف قريبًا عن وثائق أخرى تظهر أن المفاوضين الفلسطينيين كانوا على استعداد كذلك لتقديم تنازلات كبيرة بشأن قضية خلافية أخرى المتعلقة بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة.

 

.